الأستاذ الفاضل الأخضر الإبراهيمي المحترم، تحية مغاربية أخوية، وبعد.. أتوجه إليكم، بهذه الرسالة المفتوحة، وأنت من أنت من القوم في بلاد المغرب الكبير، وليس فقط في الشقيقة الجزائر، لأطلب منك، أن تتقبل مني كواحد من أبناء منطقتنا المغاربية، بعض سؤال وبعض عتاب وكثير قلق. لقد تتبعت مثل الكثيرين، لقاءكم الصحفي القصير مع القناة التركية بالعربية ( (RT، الذي بث منذ أيام قليلة، ووجدتني في حيرة من أمري أتساءل: لم كلما تعلق الأمر بحقوق بلدي المغرب في استكمال وحدته الترابية، التي كم تعرفون حقيقة واقعها وما جرى لنا بخصوصها منذ نهاية القرن 19 بسبب تكالب قوى استعمارية دولية متعددة توزعت أراضينا من الشمال إلى الجنوب.. أقول، لم كلما تعلق الأمر بحقوقنا المشروعة تلك، يتغير طعم الكلام في ألسنة بعض نخبة الجزائر الشقيقة؟. سيدي الكريم، تعرفون أن الجغرافية لن تتغير، لأن التاريخ لا يتغير. وإذ أخاطبكم هنا، فأنا أخاطب فيكم رجل الوطنية الجزائرية، ورجل المبدأ المغاربي، ورفيق جيل من الوطنيين المغاربة الأصلاء الكبار. أليس من عندك ركب الشهيد المهدي بنبركة الطائرة صوب الإستشهاد، من مطار القاهرة صوب جنيف، ومنها إلى باريس؟. أليس العشاء المغاربي الأخير له، والبوح الأخير، والنجوى الأخيرة من القلق على الآتي، قد كانت معك، في بيتك وأنت سفير الجزائربالقاهرة؟. أليس عبد الرحمن اليوسفي، الذي منه ومعه تعلمت دوما كيف أحترمك أكثر، وأنا أتتبع بتواتر الكثير من لقاءاتي معه، في شقته بالدار البيضاء، كيف كنت وبقيت دوما، عنوان أخ له لم تلده أمه. أليس هو ذات عبد الرحمن اليوسفي، الذي ظل يدافع عن حقنا كمغاربة في استكمال وحدتنا الترابية؟ وهو الذي ظل، أيضا، من أكثرنا في المغرب، دفاعا عن قادة الجزائر الوطنيين الكبار، منذ لقاءات مدريد، ومنذ وقف محاميا يدافع عن قادة التحرير الجزائري في قلب السجون الفرنسية، وأنه اعتقل بسبب ذلك وطرد إلى إسبانيا؟. أليس الباب ظل دوما مفتوحا أمام هامتك في أرض المغرب، وعلى كافة المستويات، من سويقة الرباط العتيقة إلى باب السفراء، إلى قلوب الناس الطيبين من إخوتك المغاربة؟. اسمح لي سيدي الكريم، نعم، لقد آلمني، مثلما آلم أكيد الكثير من إخوتك هنا، رنين كلماتك المحايدة، حين سئلت عن بلدي وعن صحرائه وعن وحدته الترابية. نعم، أنت رجل سياسة، لكنك أيضا رجل مبدأ. والكبار في كثير من المرات تكون مجرد تلويحة يد منهم رسالة. ليس المغرب هو المشكل، أستاذي الكريم، حتى تضعه في نفس مرتبة الإتهام مع من ظل يضع الحصى في مشيتنا التنموية المغاربية المتعثرة أصلا منذ 45 سنة. ليس المغرب من لم يبذل جهدا لإنقاذ أمن منطقتنا، كل منطقتنا. بدليل أنك حين لمحت إلى أن على المغرب لو بذل «بسخاء» (وفي التعبير الذي اخترته ما فيه) ذات المجهود الذي بذله في تفاوضه لسنتين مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مع ما أسميته «الطرف الآخر»، الذي حددته في «حركة البوليزاريو»، حين لمحت إلى ذلك تجنيت، للأسف ،على الحقيقة التي أنت تعرفها أكثر من غيرك. أليس المغرب من طالب، رسميا، أكثر من مرة بفتح الحدود المغلقة بين البلدين؟ أليس المغرب، من خلال خطاب رسمي لعاهله، من قدم يدا ممدودة بسخاء حقيقي إلى الجزائر الشقيقة من أجل الجلوس إلى طاولة الحوار، بدون أجندة قبلية وبدون أية شروط مسبقة، لإيقاف نزيفنا المغاربي، خاصة وأن منطقتنا بشمال إفريقيا الغربية وحدها التي بقيت معطوبة في كامل قارتنا، التي تأسست بها تكتلات جهوية ناجحة في كل جهاتها؟ هل علينا مغربيا أن ننتظر حتى ينتصر التعقل ذات يوم في الطرف الآخر عندكم، أم علينا أن نركب الصعب أحيانا حتى نقتنص من «سوق» اصطخاب المصالح العالمية بعضا من الممكن لحماية حقوقنا في الأمن والتقدم والنماء؟. أليس غياب السخاء، إنما هو في مكان آخر هناك، في الجزائر الشقيقة للأسف؟. سيدي الكريم، لي اليقين، أنك واحد من العقلاء في الجزائر الشقيقة، (وفيها الكثير منهم فعلا)، مثلما أن ثمة الكثير من العقلاء في بلدنا المغرب. ولي اليقين، أيضا، أنك من القادة الذين يمتلكون ما يكفي من الشجاعة الأدبية لتقول الحقيقة التي آن الأوان لنقولها لأنفسنا جميعا، بدلا من «السخاء» في إضاعة الوقت والطاقات والأمل للأجيال الجديدة من بلداننا المغاربية. ولست أظن أنك قد لا تتفق مع حكمة مثلنا الأمازيغي المغربي القديم الذي يعلمنا أنه «من الداخل يسد الحوض» (آكنس آغا دي تقن تافراوت). لن يفيض ماؤنا المغاربي، أستاذي الكريم، بدون إغلاق لمشكلنا من الداخل.