أعلنت مصالح وزارة الصحة عن تسجيل 32 حالة وفاة جديدة مساء الأربعاء، بعد أن كانت قد أعلنت مساء الثلاثاء عن رقم قياسي في صفوف الضحايا الذين فارقوا الحياة بسبب فيروس كوفيد 19، المتمثل في 43 حالة، الذي شكّل صدمة بالنظر إلى أن الأمر يتعلق برقم غير مسبوق، خلال مدة 24 ساعة، منذ بداية الجائحة الوبائية، مما ينذر بسيناريوهات قاتمة، خاصة وأن معدل الإماتة أو ما يعرف بنسبة الفتك قد بلغت 1.9 في المئة. وتم، أول أمس الأربعاء، تسجيل 1972 حالة مؤكدة جديدة على الصعيد الوطني، وتصدّرت جهة الدارالبيضاء- سطات قائمة الإصابات، جريا على عادتها منذ رفع الحجر الصحي وتخفيف حالة الطوارئ الصحية، حيث توزعت الإصابات الجديدة ما بين 536 إصابة بالعاصمة الاقتصادية، 39 بالجديدة، 28 بالمحمدية، 18 بسطات، 13 بالنواصر، 11 ببرشيد، 4 بمديونة، و 2 ببنسليمان. ارتفاع الإصابات الجديد ومعه بكل أسف معدل الوفيات، رافقه ارتفاع من نوع آخر، ويتعلق الأمر بأصوات الاحتجاج والانتقادات التي تصدر عن المواطنين، سواء المرضى أو المخالطين والمشكوك في وضعهم الصحي، على امتداد مجموعة من المناطق، وهو الأمر الذي وثقته صور وتسجيلات بالفيديو كما وقع بمستشفى ابن باجة بتازة، حين عبّر عدد من المرضى المصابين بالفيروس الذين يتواجدون قيد الاستشفاء، عن غضبهم وسخطهم من تهميشهم وإهمالهم دون تمكينهم من الأدوية ومن المتابعة الصحية، بل إن عددا من التسجيلات أبرزت أن هناك مرضى في وضعية خطيرة يوجدون بين الحياة والموت. مشهد يكاد يكون عاما، إذ تؤكد العديد من الشهادات التي استقتها «الاتحاد الاشتراكي»، من مجموعة من المواطنين، وجود حالة تراخي في التعاطي مع الوضع الوبائي من طرف ممثلي السلطات الصحية والترابية في عدد من المناطق، إذ ظلت العديد من الأسر لأكثر من أسبوع تنتظر إجراء اختبارات الكشف عن الفيروس بعد تأكد إصابة جيران لها في نفس المنزل، دون أن يتأتى ذلك، كما أن تدبير عملية التكفل بالمرضى المحتملين تعتريها العديد من النقائص، ولا أدل على ذلك واقعة معلمّة تعاني من داء السكري التي ظهرت عليها كل الأعراض المرتبطة بالفيروس باستثناء ارتفاع درجة الحرارة، فتوجهت إلى المستشفى الإقليمي بالجديدة، وعرضت نفسها على المهنيين مخبرة إياهم بوضعها، فتمت إحالتها على مؤسسة صحية بالقرب من الملعب البلدي التي انتقلت إليها على متن سيارة أجرة، باتخاذ التدابير الوقائية لكي لا تنقل العدوى المحتملة لغيرها، وهناك لم تجد آذانا صاغية بل تم طردها إلى خارج أسوار المؤسسة في مشهد مرعب، وفقا لشهادتها، أحسّت معه بأنها منبوذة وتشكل خطرا، فما كان منها إلا أن عادت إلى المستشفى، وهناك اضطرت للاحتجاج خاصة وأنها مطالبة بالانتقال إلى الدارالبيضاء في اليوم الموالي للتوقيع على محضر الالتحاق بالعمل، مع ما يعني ذلك من خطورة محتملة لنشر العدوى في صفوف نساء ورجال التعليم، لأنه لم يتم الترخيص لها بالغياب إلى حين إجراء الاختبار وإعلان نتيجته، وهي نفس العدوى التي يمكن أن تطال التلاميذ في القسم وغيره. احتجاج وغضب، تضيف المعلمة، في تصريح ل «الاتحاد الاشتراكي»، أثمر في نهاية المطاف تدخلا لما استوعب من كانوا يحيطون بها وضعها وتبعاته المحتملة، فخضعت للاختبار، لكنها وعوض أن تضع نفسها في الحجر إلى غاية صدور نتيجته، تمت مطالبتها من طرف مسؤول الموارد البشرية بالحي الحسني بالالتحاق بمؤسستها التعليمية، مهما كان وضعها الصحي، ما دامت ليست هناك نتيجة تؤكد إصابتها، فما كان منها إلا أن حجزت مقعدا على القطار وتوجهت إلى العاصمة الاقتصادية مقدمة على مغامرة لا تُعرف طبيعة نهايتها. مثال، من بين أمثلة عديدة، التي تؤكد أن مواجهة الجائحة الوبائية أصبحت تتخذ طابعا انتقائيا ومزاجيا، سواء من طرف بعض مقدمي العلاجات، الذين قد يكونوا بلغوا وضعية الانهيار التام بسبب الضغط المرتفع، وظروف العمل الشاقة وغيرها من العوامل الأخرى، أو من طرف مسؤولين إداريين في مؤسسات عمومية وأخرى تنتمي للقطاع الخاص، يقع على عاتقهم تدبير العنصر البشري من موظفين وعاملين، وضبط العلاقة بالمرتفقين، لكنهم يكونون في وضعية شرود، لها كلفة باهظة، على الزمن الصحي والاقتصادي والاجتماعي، لأنهم عوض أن يتخذوا تدابير وإجراءات مسؤولة في بعدها الإيجابي لتحصين تلك الفضاءات المشتركة من العدوى، فإنهم يفتحون لها الباب على مصراعيه لكي ترتمي في أحضان الجميع!