النمو الأخضر سيرفع القدرة الشرائية للمواطنين ويحسن تنافسية الصناعات ويقلص الفاتورة الطاقية للبلاد
قال المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إن بإمكان المغرب تقليص تبعيته للمنتجات البترولية وجعل حصة الإنتاج المحلي من الطاقات المتجددة تصل إلى 80٪ على الأقل من القدرة المركبة. واعتبر رئيس المجلس أحمد رضا الشامي، أن المغرب يتوفر على إمكانات مهمة في الطاقات المتجددة، وهو ما من شأن تثمينها أن يعود بالنفع على البلاد والمواطنين، والمقاولات والبيئة. حيث أن انخفاض أسعار الطاقات المتجددة ينطوي على فرص كبيرة تفضي إلى إحداث تغييرات عميقة في النماذج الطاقية كما تدعو إلى تسريع تجسيد رؤية جلالة الملك في اعتماد مقاربة متجددة لتنزيل الاستراتيجية الطاقية الوطنية. وبذلك، تصبح الطاقة محفزا حقيقيا لإقلاع أخضر جديد في المغرب. وأوضح الشامي، خلال لقاء تواصلي لمناقشة الدراسة- الرأي التي أنجزها المجلس حول " "تسريع الانتقال الطاقي من أجل وضع المغرب على مسار النمو الأخضر" أن الاستراتيجية الطاقية الوطنية، التي تم إطلاقها سنة 2009، قد ساهمت إلى حد كبير في تأمين الإمدادات وتعزيز موقع المغرب في صدارة الأجندة الدولية الخاصة بالمناخ. غير أنها تحتاج إلى أن تجديد في ضوء الفرص الجديدة والرهانات الدولية. وسيمكن استغلال هذا المخزون من تقليص معدل التبعية الطاقية بشكل كبير، وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين وتحقيق تنافسية الصناعات والحسابات العامة بل وتعزيز موقع بلادنا على الصعيد الدولي. واعتمد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في دراسته على 3 سيناريوهات استشرافية لسنوات 2030 و 2040 و 2050 من أجل توضيح وتحديد الاتجاهات الاستراتيجية وتقديم دعامات لاتخاذ قرارات رئيسية يمكن الشروع في تنفيذها على المدى القصير. وخلصت هذه السيناريوهات، بدرجات متفاوتة، إلى تقليص التبعية للمنتجات البترولية. وفي ضوء هذا التحليل، يعتبر المجلس أن بإمكان المغرب، من خلال الطاقة الخضراء، أن يصبح في نهاية المطاف رائدا عالميا في مجال الطاقة. وهو ما من شأنه أن يعكس نموذج الطاقة الحالي حيث ستنخفض نسبة التبعية الطاقية من 88 في المائة اليوم، إلى 35 في المائة بحلول 2040 وإلى أقل من 17 في المائة بحلول 2050. وسيمكن إدخال الطاقات المتجددة أيضا من خفض الفاتورة الطاقية بنسبة 12٪ بينما سيتضاعف استهلاك الطاقة ثلاث مرات. وسيساهم في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 30٪ وانبعاثات الجزيئات بحوالي 50٪. ولإنجاح هذه الاستراتيجية، يقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سلسلة من التدابير العملية التي تهم اختيار مصادر الطاقة ، وحكامة القطاع والتملك التكنولوجي، عبر تطوير محطات المعالجة والتخزين (STEP) وتخصيص القدرات الكهربائية بشكل شبه حصري مستقبلا، للموارد المتجددة (محطات نقل الطاقة عبر الضخ و البطاريات، والتكنولوجيات التي هي قيد التطور). كما دعا المجلس إلى تثمين الإنتاج الكهربائي اللامركزي على مستوى المنازل والصناعات والجماعات والمشاريع الزراعية والتعاونيات، و التحويل التدريجي للتنقل الذي يمثل 40 في المائة من إجمالي الاستهلاك الطاقي الحالي من أجل تثمين اللجوء إلى النقل المشترك المستدام والسيارات الكهربائية، و تنزيل سياسة متناسقة للنجاعة الطاقية، والاستثمار في تحلية المياه بواسطة الطاقات المتجددة التي تشهد كلفتها انخفاضا من أجل التعاطي مع إشكالية الإجهاد المائي. هذا بالاضافة إلى ضرورة مواكبة ثورة الهيدروجين ( Power-to-X ) حيث تعتبر المميزات التنافسية للمغرب كبيرة، و دعا المجلس إلى تعزيز الانتقال الطاقي باندماج صناعي ترابي حقيقي عبر السهر، خلال تطوير وتنفيذ المشاريع الصناعية، على ضمان التملك التكنولوجي وإبراز الخبرة والمحتويات المحلية . وعلى مستوى الحكامة، طالب المجلس بضرورة إعادة تنظيم سلسلة القيمة والتنظيم من خلال توسيع نطاق اختصاصات الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء إلى هيئة تنظيم الطاقة بجميع مكوناتها. وكذا تعديل القانون 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العمومية وكذا القانون 86.12 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص كما تم تغييره وتتميمه، من أجل تأطير أكثر صرامة لتمديد هذه العقود وترسيخ مبادئ المستحقات العادلة للخدمات والهوامش المعقولة والتوازن المالي للعقود. مع الحرص على حماية الموزعين الصغار والمستهلكين عن طريق تنظيم أنشطة الاستيراد والتخزين حتى يتمكن جميع موزعي الهيدروكربورات من الاستفادة من نفس شروط البيع. وأوصى المجلس بالاعتماد على انخراط مواطن موسع في هذه الاستراتيجية بإشراك المواطنين والمجالات الترابية لربط الانتقال الطاقي برهانات التنمية المحلية وتنظيم ذلك من خلال بوضع ميثاق شامل للانتقال الطاقي. والحرص على إدراج التزامات الأطراف المعنية سواء الدولة أو المجتمع المدني أو المجالات الترابية أو القطاع الخاص، ضمن هذا الميثاق، والذي يجب أن يتم إعداده من خلال مشاورات موسعة مع جميع الأطراف المعنية.