من هم أغنياء المغرب؟ الجواب على هذا السؤال، سيمنح للرأي العام، صورة عن الوسيلة التي راكمت بها طبقة الأغنياء ثروات فاحشة، و حول النظام الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي، الذي سمح لأفراد هذه الطبقة بالوصول إلى ما وصلوا إليه الآن. و من حق الشباب، على الخصوص، أن يتساءل عن النموذج الناجح في مغرب اليوم، لأنه يبحث عن المثال. فمن سيجد؟ هل سيجد أغلبية أفراد هذه الطبقة مستثمرين في الصناعات و مبتكرين في قطاعات التكنولوجيات الحديثة و الطاقات المتجددة و القطاعات المنتجة؟ أم سيجد أن أغلبيتهم الساحقة، هم أصحاب شركات تأمين و بنوك أو مستثمرين في العقار أو أصحاب امتيازات في توزيع الماء المعدني، و المواد البترولية، أو محتكرين في استيراد مواد استهلاكية، أو أصحاب ضيعات فلاحية استحوذوا عليها في ظروف مشبوهة، أو مالكين لامتيازات في المقالع و المناجم و في النقل البري أو الصيد البحري...؟ حتما إن النموذج «الناجح» في المغرب، ليس هو ذلك المبتكر، المعتمد على كفاءاته، بل هو ذلك الذي فتحت أمامه أبواب الريع، بشكل أو بآخر، و هو ذلك الذي استغل المواطنين، و استفاد من غياب المراقبة و تطبيق القوانين بشكل صارم، و هو الذي تمكن من نسج علاقات مع أصحاب النفوذ، و هو الذي دفع الرشاوى و تلقاها، و هو الذي زور وثائق أو نصب على آخرين، و هو الذي اشترى أراضي و عقارات بأثمنة بخسة، بطرق غير قانونية، و هو الذي انتفع من وجوده أو علاقاته في أجهزة الدولة أو في الجماعات المنتخبة... و ما نسجله في الشهور الأخيرة، هو تكاثر أخبار غير سارة عن أصحاب الثروات في المغرب، تتراوح ما بين إفلاس شركات، أو تهرب ضريبي أو تهريب أموال أو اختلاسات في مؤسسات وطنية كبرى... و غيرها من القضايا التي تؤكد مرة أخرى، أننا أمام نموذج فاسد، لتراكم ريعي للغنى، لا يخدم النمو الاقتصادي، و لا يمكنه أن يكون الطريق الأسلم لتوزيع عادل للثروة. المسألة، ليست أخلاقية، بل سياسية، حيث أن اتساع الفوارق الاجتماعية، يضر بانسجام النسيج الوطني، و يهدد الاستقرار. لذلك عندما ترفض الحكومة الحالية، مقترح الضريبة على الثروة، فإنها تزكي الغنى الفاحش، و عندما تحارب الحق النقابي، فإنها تنزع من أيدي الشغيلة سلاح مواجهة الظلم و الاستغلال، و عندما تبحث عن حلول للمشاكل من جيوب المواطنين، وعبر التراجع عن المكتسبات الاجتماعية، فإنها تتواطؤ بشكل جلي مع أغنياء الريع والامتيازات، على حساب الشعب.