سيبقى يوم 12 فبراير 2020 يوما مشؤوما، في تاريخ كرة القدم المغربية. يوم يفرض على المسؤولين عن الشأن الكروي في بلدنا، والأمن الوطني خاصة، إعادة النظر في تصورهم لتنقلات جماهير كرة القدم، وفي التعامل مع بعض المباريات بالجدية المطلوبة، وباستراتيجية قادرة على تجنيب االمتفرجين والمواطنين ورجال الأمن أضا، أخطار محذقة تهدد السلم والأمن العام، وقد تكون سببا في إزهاق الأرواح أو تكبيد الأبرياء خسارات مادية جسيمة، قد يضطرون معها إلى قضاء ما تبقى من عمرهم حاملين ندوب جرح، أو عاهة مستديمة. وسيتذكر كل من قاده قدره إلى المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط، لمشاهدة مباراة «الكلاسيكو» التي جمعت الجيش الملكي بالرجاء الرياضي، يوما عرف مشاهد لا يمكن أن تراها إلا في الحراكات العنيفة التي عاشتها بعض الدول، ولن يصدق أحد أبدا أنه كان داخل ملعب لكرة القدم. لقد انطلقت أحداث الشغب خلال المباراة، وأثناء «كراكاج» الجماهير بعد تسجيل الفريق العسكري الهدف الوحيد في المباراة، حيث تقاطرت شهب «الفيموجين « فوق رؤوس رجال الأمن والوقاية المدينة والقوات المساعدة، كما قطعت «الشماريخ» الملعب طولا وعرضا، معرضة المتفرجين لخطرها. وبعدها استعملت الحجارة ليصاب الزميل عبد المجيد بزيوات، مصور يومية الصباح بجرح غائر في رأسه، تطلب نقله إلى المستعجلات بمستشفى السويسي، وبعدها بدأت لعبة المراوغات بين بعض المتفرجين الذين اخترقوا الملعب، كما شوهد رجال الأمن وهم ينقلون مصابين من جماهير الجيش الملكي، بعد أن سقطوا من المدرجات. وأدى سوء تقدير المنظمين والساهرين على الجانب الأمني إلى السماح لجماهير الجيش الملكي، التي قدرت ب 20 ألف متفرج، بمغادرة المدرجات في نفس الوقت الذي كانت فيه الجماهير الرجاوية، وعددها حوالي 4000، تهم بمغادرة محيط الملعب، الشيء الذي أدى إلى اندلاع مواجهات عنيفة بين الطرفين، طالت أيضا الشوارع المحيطة بالملعب. وأرغمت قوة المواجهات إلى استعمال رجال الأمن لخراطيم المياه، بعد أن أصبحوا هم أيضا مستهدفين. وقد عاينت جريدة «الاتحاد الإشتراكي» مجموعة منهم ساقطين على الأرض، ومنهم من يعاني من إصابات نتجت عن تبادل الرشق بالحجارة بين جماهير الفريقين، أو بإصابتهم بالسياجات الحديدية التي استعملت كذلك في المواجهة. وتحول بعض مشجعي الجيش الملكي إلى سيول بشرية خربت كل من وجدته أمامها من سيارات وسياجات حديدية. ولم تنج سيارة عميد ممتاز، تابع لخلية محاربة العصابات، من التخريب، حيث تم قلبها وتكسيرها وسرقة محتوياتها، وكانوا يهمون بحرقها لولا تدخل رجال الأمن بقوة عددية كبيرة، حيث حالوا دون ذلك. كما تعرضت سيارة بعض أفراد المنتخب الوطني لكرة القدم لقصار القامة، الذين جاؤوا للفرجة فإذا بهم أصبحوا «فراجة» بعد أن كسر جمهور الرجاء زجاج سيارتهم الأمامي والخلفي. وفي محيط مجمع الأمير مولاي عبد الله، شوهدت العديد من السيارات المملوكة للخواص وقد تعرضت للتخريب، كما أجبرت العديد من العائلات على التحصن بداخل الملعب حتى هدوء الأوضاع، بعد تفريق المشاغبين، بل المجرمين، من جماهير الفريقين. وطالت أعمال العنف أيضا الحافلات، التي لم يسلم ركابها من الرشق بالحجارة عند الطريق السيار، كما تعرض بعض الخواص للاعتداء. وتحركت العديد من سيارات الإسعاف لنقل المصابين إلى المستشفيات، كما تحركت سيارات رجال الأمن لنقل العديد من العتقلين إلى مراكز الأمن. وقد حاولنا الاتصال ببعض المسؤولين الأمنيين للوقوف على عدد المعتقلين والإصابات، لكننا لم نتلق جواب، لكننا علمنا بأن هناك العشرات قد تم اعتقالهم حيث سيحالون على القضاء بعد التحقيق معهم. وعاينت»الاتحاد الاشتراكي» بعض آثار التخريب بالممر المؤدي إلى مستودع الملابس، حيث تناثر الزجاج المهشم والدماء حوله، الشيء الذي يؤكد بأنه تعرض للتخريب أيضا بواسطة الركل.