أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، المرشح الجمهوري، فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بعد توقع وسائل إعلامية عديدة، أبرزها محطة "فوكس نيوز"، حسمه السباق لصالحه في ولايات حاسمة، كبنسيلفانيا وويسكنسن. وفي وقت لاحق، اليوم الأربعاء، تأكد رسميا أن ترامب تخطى عتبة 270 صوتا في "المجمع الانتخابي"، ما أكد التوقعات السابقة بفوز مرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدةالأمريكية. قال تاج الدين الحسيني، خبير في العلاقات الدولية، إن فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية كان مفاجأة للجميع، إذ كانت التوقعات تشير إلى توازن غير مسبوق في الحظوظ حتى اللحظات الأخيرة؛ لكن بعد ظهور النتائج، لا سيما في الولايات الحاسمة، أبانت مؤشرات قوية لتفوق ترامب، خاصة في جورجيا وبنسلفانيا. وأضاف الحسيني، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن أهمية الانتخابات لا تكمن فقط في فوز ترامب بالرئاسة؛ بل أيضًا في هيمنة الجمهوريين على الكونغرس، في مجلس النواب ومجلس الشيوخ، مما سيعطي ترامب سلطة واسعة لتطبيق سياساته بمرونة غير مسبوقة. ومن المنظور المغربي، حدث الحسيني عن كون فوز ترامب "قد يعزز مصالح المغرب، خصوصًا فيما يتعلق بقضية وحدته الترابية، وسيعيد عقارب الساعة حيث توقفت بعد مغادرته سدة الرئاسة". وتوقع خبير العلاقات الدولية إمكانية أن يعيد ترامب تفعيل قنصلية الولاياتالمتحدة في الداخلة، ويدعم استثمارات وكالة التنمية الأمريكية التي وعدت بخمسة مليارات دولار لتعزيز الوجود الأمريكي في منطقة إفريقيا الغربية، وتقديم الدعم في مكافحة الإرهاب والتنمية الاقتصادية. أما إدريس لكريني، خبير في العلاقات الدولية أيضا، فيرى أنه "لا يمكن إنكار الموقف المهم والمتميز الذي اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال ولايته الأولى، خصوصًا فيما يتعلق بقضية الوحدة الترابية للمغرب". وذكر لكريني، ضمن تصريح لهسبريس، بأن "موقف ترامب كان داعمًا بشكل واضح، ولم تتراجع عنه الإدارة الأمريكية التي جاءت بعده. ويرجع ذلك إلى وجود ثوابت في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، خاصة أن المغرب يتمتع بعلاقات استراتيجية مع واشنطن على مستويات عديدة؛ أمنية واقتصادية وسياسية". وتابع المتحدث: "صحيح أن العلاقات الاقتصادية لم تشهد الوتيرة السريعة نفسها من التطور مقارنةً بالعلاقات الدبلوماسية والأمنية، لا سيما في مجالات التعاون الأمني والعسكري؛ غير أن إطلاق المغرب لمشاريع كبرى، مثل مشروع الواجهة الأطلسية الإفريقية، قد يعزز هذه العلاقات بشكل أكبر". واعتبر لكريني أن هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز التعاون مع عدد من الدول الإفريقية، وتوطيد الشراكة بين ضفتي المحيط الأطلسي، إضافةً إلى التعاون الاقتصادي والسعي إلى إرساء الأمن في هذا المجال البحري. من جهة أخرى، توقع لكريني "أن تؤدي عودة ترامب إلى البيت الأبيض إلى تعزيز الخطوات التي سبق أن اتخذها خلال ولايته السابقة، لاسيما مع الزخم الذي تشهده قضية الصحراء المغربية، خاصةً بعد الموقف الفرنسي الأخير الإيجابي"، مذكرا بأن فرنسا عضو دائم في مجلس الأمن، إضافةً إلى المواقف الإيجابية من دول أوروبية أخرى مثل إسبانيا والدنمارك وألمانيا. وذكر أيضا: "من المحتمل أن يستمر ترامب في دعم قضية الوحدة الترابية المغربية عبر اتخاذ مواقف أكثر قوة، سواء من خلال إنشاء قنصلية أمريكية في الأقاليم الجنوبية أو دعم الموقف المغربي في مجلس الأمن بصورة قد تؤدي إلى تغيرات واضحة في قرارات المجلس، مع الأخذ في الاعتبار الدينامية التي شهدتها القضية مؤخرًا". واعتبر لكريني أن "هناك إمكانية لتطوير العلاقات الاقتصادية بشكل أكبر، بالنظر إلى الفرص الاستثمارية التي يقدمها المغرب، خاصةً بعد إطلاق مشروع الواجهة الأطلسية الإفريقية"، الذي يسعى المغرب من خلاله إلى إرساء علاقات اقتصادية ليس فقط على مستوى ثنائي، بل أيضًا عبر إشراك الدول الإفريقية في هذه المبادرة". وذكر لكريني أيضا بمشروع أنبوب الغاز "نيجيريا-المغرب" الذي يسعى المغرب من خلاله إلى فتح شراكات ودعم لهذا المشروع، بما في ذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية؛ قائلا: "كما يمكن للولايات المتحدة تعزيز استثماراتها في الأقاليم الجنوبية للمغرب، وهي مناطق تزخر بفرص واعدة في مجالات عديدة؛ ما قد يسهم في دعم أدوار هذه الأقاليم الطلائعية في تعزيز العلاقات المغربية الإفريقية". على صعيد آخر، تحدث خبير العلاقات الدولية عن إمكانية لتطوير العلاقات الأمنية والعسكرية، مع وجود تنسيق وثيق بين المغرب والولاياتالمتحدة في هذا المجال، وتنفيذ مناورات عسكرية مشتركة مثل "مناورات الأسد الإفريقي" التي تُجرى بانتظام على الأراضي المغربية. وفي الوقت الذي قد يعتبر الخبراء فوز ترامب قد يجلب منافع شتى للمغرب، "فهناك قلق بشأن مواقف ترامب في الشرق الأوسط"، حسب ما أكده الحسيني. وقال الحسيني لهسبريس: "لا ننسى أنه اعترف بضم مرتفعات الجولان لإسرائيل، واعترف بالقدس عاصمة أبدية لها، ونقل السفارة الأمريكية إليها، واتخذ مواقف متشددة ضد الفلسطينيين، وربما يؤدي هذا إلى تحولات خطيرة في توازن القوى في منطقة الشرق الأوسط، حيث قد تزداد التوترات بعودة بعض الفلسطينيين إلى غزة، أو بقيام ترامب بدعم المستوطنات اليهودية المتطرفة". وأبرز الحسيني إنه "قد تكون لترامب حسابات أخرى في المنطقة خاصة مع إيران، إذ قد يسعى إلى إبرام اتفاق مع بوتين بشأن أوكرانيا؛ لكن على حساب المصالح الأوكرانية، ما سيؤثر سلبًا على علاقات الولاياتالمتحدة مع أوروبا وحلف الناتو"، مواصلا: "الحلف الأطلسي، الذي ترأسه الولاياتالمتحدة، يعرف صراعا خفيا مع الأوروبيين؛ وهذا سينعكس بشكل سلبي على الوضع في المنطقة". الأخطر من كل ذلك، حسب الحسيني هو أن "هناك إمكانية أن يفاوض ترامب بوتين بعدم التدخل في ما يجري في إيران وإطلاق يد إسرائيل لضرب المفاعلات النووية الإيرانية بدعم أمريكي. وهذا بطبيعة الحال سوف لن يلقى أية معارضة إذا تم التوافق مع بوتين؛ لأن الصين نفسها غير مستعدة لدخول حرب جديدة مع الولاياتالمتحدة بهذا الخصوص". وقال الخبير إن "كل هذه التحولات الدولية قد تؤدي إلى أوضاع معقدة لا تصبّ بالضرورة في مصلحة الدول العربية والإسلامية، رغم أن علاقات ترامب مع المغرب تتميز بنوع من الاستثناء الذي رسمه سنة 2020 قبل أن يغادر الحكم".