تشكل العلاقات بين المغرب والولاياتالمتحدة نموذجًا يحتذى به في السياسة الدولية. ومنذ تولي دونالد ترامب منصب الرئيس الأمريكي في 2017، شهدت هذه العلاقات مرحلة مميزة من التقارب والتعاون الاستراتيجي على مختلف الأصعدة. القرار التاريخي الذي اتخذته إدارة ترامب في ديسمبر 2020 باعتراف الولاياتالمتحدة بسيادة المغرب على الصحراء المغربية كان بمثابة نقطة تحول رئيسية في هذه العلاقات، خاصة أنه أتى في آخر أيام ولاية ترامب الأولى، ليعزز الروابط بين البلدين ويضع مسارًا جديدًا لمستقبل هذه القضية. في خطوة غير مسبوقة، أعلنت الولاياتالمتحدة في 10 ديسمبر 2020 اعترافها الرسمي بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وهو قرار اعتبره الكثيرون بمثابة "إغلاق للملف" من قبل القوى الكبرى. هذا القرار لاقى ترحيبًا واسعًا في الرباط، حيث اعتبره ثمرة للجهود الدبلوماسية المكثفة التي بذلها المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس، والذي سعى جاهداً لتحسين موقف بلاده على الساحة الدولية. إلى جانب الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، تم التوقيع على اتفاقيات اعادة العلاقات بين المغرب وإسرائيل، وهو ما أضاف أبعادًا استراتيجية جديدة للتعاون بين الأطراف الثلاثة، المغرب، الولاياتالمتحدة، وإسرائيل. هذه الاتفاقيات أكسبت المغرب دورًا محوريًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مما يعكس تغيرًا كبيرًا في سياسة الولاياتالمتحدة تجاه المنطقة. طوال فترة ولاية ترامب، تحسنت العلاقات الاقتصادية والأمنية بين الولاياتالمتحدة والمغرب. تم توقيع اتفاقيات تجارية واستثمارية، بما في ذلك اتفاقيات بشأن التجارة الحرة بين البلدين، مما ساهم في تعزيز الشراكة الاقتصادية. كما تعاون البلدان في مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الإقليمي، حيث يعتبر المغرب حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف في منطقة شمال إفريقيا. بعد اعلان دونالد ترامب فائزا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية ليعود مجددا للبيض الأبيض لولاية جديدة، سكون عودة ترامب فرصة لتوطيد وتعميق العلاقات بين المغرب والولاياتالمتحدة. ترامب لطالما كان داعمًا قويًا لمواقف المغرب في قضية الصحراء، وبدت سياسته تجاه المنطقة متوافقة مع مصالح المغرب. وبالتالي، فان عودة ترامب إلى منصبه، من المؤكد جدا أن يتواصل الدعم الأمريكي لسيادة المغرب على الصحراء الغربية، بل قد يتخذ خطوات إضافية لتشجيع دول أخرى على الاعتراف بذلك، خاصة مع تطور العلاقات بين المغرب وإسرائيل في إطار "اتفاقات أبراهام". بفوز ترامب بولاية ثانية، سيسعى إلى تعزيز موقفه من خلال الاعتراف بسيادة المغرب بشكل أكثر رسمية على الصحراء الغربية، ويُحتمل أن يضغط على الأممالمتحدة لتسريع الحل النهائي لهذه القضية. إذ يعتبر ترامب أن قضية الصحراء هي قضية سيادة وطنية، وأن المغرب قد قدم العديد من المبادرات للتوصل إلى حل سياسي، بما في ذلك مشروع الحكم الذاتي الذي سيحصل على دعم أكبر من واشنطن بعودة ترامب للرئاسة. إن الموقف الأمريكي الذي يساند سيادة المغرب على الصحراء سيضع الجبهة الانفصالية "بوليساريو" في موقف أصعب. فقد شهدت السنوات الأخيرة تراجعًا كبيرًا في دعم بعض الدول لجبهة البوليساريو، خاصة بعد قرارات دولية مهمة، مثل اعترافات الولاياتالمتحدة والإمارات العربية المتحدة والبحرين….. وفرنسا وإسبانيا، إضافة إلى دعم الدول التي أقدمت على فتح قنصليات في الصحراء المغربية. في هذا السياق، يبدو أن الجزائر، التي تُعتبر داعمًا رئيسيًا لجبهة البوليساريو، ستجد نفسها معزولة دوليًا بشكل أكبر مع استمرار الدعم الأمريكي لموقف المغرب. وقد يزيد هذا الضغط على الجزائر للبحث عن حلول سلمية لهذه القضية، خاصة مع تغير معادلات القوة في المنطقة. سيبقى ملف الصحراء المغربية في قلب العلاقات بين الولاياتالمتحدة والمغرب مع عودة ترامب الى البيت الأبيض، وربما يشهد تطورات حاسمة تُفضي إلى تسوية نهائية لقضية الصحراء المغربية وإغلاق هذا الملف بشكل نهائي ودائم…