رأى خبراء أن تسليح اوكرانيا في محاولة لصد الهجوم الذي يشنه الانفصاليون الموالون لروسيا ممكن, لكنه قد يجر الولاياتالمتحدة وحلف شمال الأطلسي إلى ورطة لا يمكن لأحد أن يتوقع كيفية الخروج منها. وأمام متمردين تدعمهم موسكو بقوة بحسب الغربيين (وهو ما ينفيه الكرملين على الرغم من مؤشرات عدة على الارض), تبين ان قوات كييف وخصوصا مع فقدانها السيطرة على مطار دونيتسك وتراجعها على جبهات اخرى, لا تملك الامكانات العسكرية لمواجهة حركة تمرد مجهزة على غرار جيش عصري. رأى خبراء أن تسليح اوكرانيا في محاولة لصد الهجوم الذي يشنه الانفصاليون الموالون لروسيا ممكن, لكنه قد يجر الولاياتالمتحدة وحلف شمال الأطلسي إلى ورطة لا يمكن لأحد أن يتوقع كيفية الخروج منها. وأمام متمردين تدعمهم موسكو بقوة بحسب الغربيين (وهو ما ينفيه الكرملين على الرغم من مؤشرات عدة على الارض), تبين ان قوات كييف وخصوصا مع فقدانها السيطرة على مطار دونيتسك وتراجعها على جبهات اخرى, لا تملك الامكانات العسكرية لمواجهة حركة تمرد مجهزة على غرار جيش عصري. وقال رئيس جهاز استخبارات فرنسي سابق رفض الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس «لا تحلموا!». واضاف «يتعين علينا ان لا نعتقد ان بامكاننا تجهيز الجيش الاوكراني بكل ما يحتاجه لتحقيق التوازن مع متمردين تدعمهم موسكو الى هذا الحد. سيكون بحاجة الى منظومة كاملة من التسلح والاسلحة المضادة للدبابات وصواريخ ارض-جو محمولة حتى الاسلحة الثقيلة. يتعين ايضا توفير مروحيات هجومية نظرا الى المنحى الذي تتخذه هذه المعارك». وتابع يقول «وينبغي ايضا ان يكون هناك الرجال الذين يواكبون ذلك». وقال «الجنود يجب تدريبهم. المحاربون هم الذين يصنعون الحرب لا الاسلحة. في التاريخ كلما ساعدت قوة دولة ما في هذا النوع من الأزمات, تعين إرسال مدربين. وبالنسبة إلى بعض الأسلحة, يتطلب هذا الأمر وقتا. انظروا ماذا حصل في العراق, في الموصل: الجيش العراقي كان مسلحا بشكل جيد وتشتت أمام بضعة الاف عنصر من تنظيم الدولة الاسلامية». وفي 29 يناير، اعلن الجنرال بن هودجس قائد القوات الاميركية في اوروبا للصحافيين ان العسكريين الاوكرانيين مصابون بالصم والعمى امام المتمردين بسبب "القدرة الاستثنائية" التي يملكها هؤلاء للتشويش على نظام اتصالاتهم. واكد ايضا ان المعلومات التي تقدمها الطائرات الروسية من دون طيار للمتمردين تسمح لهم باستهداف مواقع كييف بدقة متناهية. وفي مواجهة مثل هذا العدو, يعتزم الحلف الاطلسي اكثر فاكثر ارسال اسلحة هجومية الى القوات الاوكرانية, والتوقف عن ارسال تجهيزات للدفاع السلبي مثل السترات الواقية من الرصاص, كما كتبت صحيفة نيويورك تايمز الاحد, موضحة ان القرار لم يتخذه الرئيس الاميركي باراك اوباما بعد. واوضح اندرو ولسون من المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية وصاحب كتاب «الازمة الاوكرانية: ماذا تعني للغرب» الذي صدر اخيرا, ان «احد اسباب تكثيف المتمردين لهجومهم هو انهم ياملون في تسجيل مكاسب عسكرية قبل الوصول المحتمل لاسلحة اميركية». وقال «بالتالي, الولاياتالمتحدة تواجه مأزقا اخلاقيا: اذا لم تتدخل الان, يمكن ان يتفاقم النزاع». وفي تقرير نشر الاثنين في واشنطن, قال مسؤولون اميركيون سابقون ان «الروس والقوات الانفصالية قادرون بوضوح على مواصلة الهجوم, سواء للسيطرة على كل منطقة الدونباس (شرق), او، وهذا سيكون الاسوأ، لشق ممر بري بين روسيا والقرم عبر السيطرة الفعلية على جنوب شرق اوكرانيا». لكن تورطا عسكريا متزايدا الى جانب كييف قد يؤدي بالغربيين الى الذهاب ابعد مما يريدون, كما حذر المتخصصون. واعتبر الباحث بالاز جارابيك من مجموعة كارنيجي اندومنت للابحاث حول السلام الدولي ان «انصار هذا الرأي لديهم افضل النوايا», »لكنهم لا يفهمون الى اي حد تكتسي اوكرانيا اهمية بالنسبة الى الروس. يعتبرون انها ارضهم وشعبهم. والتزامهم العاطفي والبنيوي يفوق بكثير ما يمكن ان يكون عليه الالتزام الاميركي في المعسكر الاخر». ولفت رئيس جهاز الاستخبارات الفرنسي السابق نفسه الى انه «سيتعين ارسال مدربين مع الاسلحة, وسيتعين دمجهم الزاميا في صفوف الوحدات الاوكرانية. بالتالي, وفي الاجمال, يعني شن الحرب على روسيا. ولهذا السبب يلعب بوتين لعبة سهلة لا تتطلب جهدا, انه يعرف ذلك جيدا, وسيواصل اللعب. ولن تلتزم اي دولة, بدءا من الولاياتالمتحدة, بطريقة كافية لتشكل تهديدا في الجهة المقابلة. الاوراق مكشوفة منذ البداية». الغرب يبحث عن بدائل بعدما دعت هيلاري كلينتون روسيا عام 2009 الى الانطلاق بالعلاقات بين البلدين من الصفر لبدء حقبة جديدة, لم يتم إحراز الكثير من التقدم, وهو ما يشهد عليه الفتور المخيم بين موسكو والغرب الذي لم يعد يدري كيف يتعامل مع فلاديمير بوتين. وترى الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي خلف النزاع في اوكرانيا الذي تسبب بسقوط 5100 قتيل خلال تسعة اشهر, عودة للنزعة الامبريالية الروسية التي تبعث لدى البعض مخاوف من اشتعال الوضع في هذا البلد الذي يعتبر مفصلا بين روسيا وباقي اوروبا. وتتهم واشنطن وحلفاؤها موسكو بتأجيج الوضع في اوكرانيا من خلال تجهيز ودعم الانفصاليين الموالين لروسيا, وبالتالي فإن التوصل الى توافق مع اكبر بلد في العالم يطرح معضلة حقيقية. وما يزيد من صعوبة التحدي بحسب ما اوضح وزير الخارجية السابق هنري كيسنجر الاسبوع الماضي, انه يتحتم على الولاياتالمتحدة ان تترك لروسيا امكانية لايجاد مكانة لها "بشكل مستديم" في صفوف الاسرة الدولية حيث هي "مدعوة للعب دور اساسي". والواقع ان موسكو تبقى في عالم متعدد الاقطاب لاعبا من الصف الاول وهي تقيم علاقات مميزة, سواء مع دول من الشرق الاوسط او مع بلدان ناشئة من اميركا اللاتينية. وقال نائب رئيس الوزراء السلوفاكي ميروسلاف لايكاك الجمعة امام مركز دراسات في واشنطن "اننا بنظر البعض عند مشارف حقبة جديدة يطلقون عليها اسم حقبة "ما بعد" الحرب الباردة". ومن الاساسي برأيه التفكير مليا في "هذه الحقبة الجديدة ومكانة روسيا ومكانتنا في هذه الحقبة الجديدة, وخصوصا ما سنفعله من اجل الوصول اليها". ويراهن الغرب في الوقت الحاضر على العقوبات الاقتصادية على امل ان يثير تدهور الروبل وهروب الرساميل نقمة على السلطة. وقالت فيكتوريا نولاند مساعدة وزير الخارجية الاميركي للشؤون الاوروبية مؤخرا "تجري تساؤلات مرة جديدة حول جميع الطاولات في روسيا حول ما يجعل الحكومة (الروسية) تفضل المغامرات في الخارج على رفاهية مواطنيها ومستوى معيشتهم". لكن فيونا هيل مديرة قسم الولاياتالمتحدة واوروبا في معهد بروكينغز ترى ان الغرب يخطئ ان كان يعتبر الاستراتيجية الامثل تقضي بالانتظار الى ان تأتي العقوبات بمفعولها. وقالت لوكالة فرانس برس انه بين موسكو والغرب "نشهد منازلة لمعرفة من سيصمد اطول, هذا كل ما في الامر. وبوتين لن يتراجع". واضافت ان "المعضلة الحقيقية تكمن في وقف النزاع الجاري في اوكرانيا مع تفادي الدخول في علاقة خلافية بشكل متزايد مع بوتين". وفي هذا السياق يتم طرح بوادر سياسات كتلك التي اقترحتها وزيرة الخارجية الاوروبية فيديريكا موغيريني في وثيقة تمهيدية تم "تسريبها" في الصحافة وشرحت فيها قبل عشرة ايام انه ينبغي طرح مسألة القرم جانبا والتفكير في شكل الحوار الذي ينبغي اعتماده مع موسكو. وقالت خلال زيارة لواشنطن في نهاية يناير "ان سياستنا القائمة على عدم الاقرار بضم القرم ثابتة. لا ننسى ذلك في اي من الاحوال". لكنها اقرت في المقابل بانه "من السذاجة ان نعتبر ان روسيا ستختفي بكل بساطة عن الساحة". واوضحت ان "روسيا جارتنا لانه لا يسعنا شيئا حيال الجغرافيا. كيف نتعامل اليوم مع هذا الجار في وقت نواجه نزاعا وماذا نفعل بعد سنتين, خمس سنوات, عشر سنوات" ويلتقي وزير الخارجية جون كيري نظيره الروسي سيرغي لافروف في نهاية الاسبوع المقبل على هامش مؤتمر الامن في ميونيخ بعد محطة الخميس في كييف. وفي مؤشر الى التوتر بين الوزيرين نفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جنيفر بساكي معلومات اوردتها صحيفة كومرسانت الروسية تفيد عن زيارة لكيري الى روسيا قبل التوجه الى كييف. دبلوماسية يلجأ رئيس الوزراء المجري فيكتور اوربان الذي يثير استياء الاتحاد الاوروبي وواشنطن بتطويره علاقات وثيقة مع فلاديمير بوتين, الى اعتماد دبلوماسية مزدوجة باستقباله خلال اسبوعين المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ثم الرئيس الروسي. ويفترض ان تصل ميركل التي لم تزر قط الزعيم المحافظ منذ توليه مهامه في 2010 الاثنين الى بودابست في وقت جددت العقوبات الاوروبية على موسكو بسبب الازمة في اوكرانيا. ويصل الرئيس الروسي الى العاصمة المجرية في 17 فبراير, في اول زيارة له الى بلد في الاتحاد الاوروبي منذ اكتوبر. وقال وزير الخارجية المجري السابق بيتر بالاز لوكالة فرانس برس "من اولويات ميركل ايجاد حل للتوسع الروسي وتدهور العلاقات بين الاتحاد الاوروبي وموسكو. والمجر حالة نموذجية مع اعتمادها الكبير في مجال الطاقة على روسيا وتواطؤها" مع موسكو. ولم يتردد اوربان في الاشهر الماضية في ان يعلن بان مجتمعه "منغلق" وشن هجوما على المنظمات غير الحكومية. وكانت المجر التي تعتمد الى حد كبير على الغاز الروسي وكانت من الدول الرائدة في اوروبا لمشروع ساوث ستريم لانبوب الغاز الذي تخلت عنه موسكو لاحقا, ابرمت العام الماضي عقدا بقيمة 12,5 مليار يورو لبناء مفاعلين نوويين روسيين قرب بودابست. لكن اوربان لم يهاجم ابدا الى هذا اليوم الاتحاد الاوروبي وبلاده العضو فيه منذ 2004 من ابرز المستفيدين من الاموال الاوروبية لتطوير البنى التحتية. وقال بالاز "يريد اوربان ان يستمر في الحصول على اقصى ما يمكن من الاتحاد الاوروبي وتقديم اقل قدر من التنازلات. وبالتالي سيبتسم لميركل ويقبل انتقاداتها برحابة صدر ثم سيستمر في انتهاج اسلوبه الخاص". من جهتها ميركل ستحاول الا تجعل رئيس الوزراء المجري يخسر ماء الوجه, فالمانيا تعد الشريك التجاري الرئيسي للمجر وحزبها كحزب اوربان ضمن الكتلة المحافظة في البرلمان الاوروبي. ويرى دانيال هيغيدوس من المجلس الالماني للعلاقات الدولية في برلين ان ميركل "ستقوم بكل ما في وسعها لكي لا تضعف المجر موقف الاتحاد الاوروبي وبرلين بخصوص النزاع بين اوكرانياوروسيا". وقال سابا توت من معهد ريبوبليكون ان المستشارة الالمانية "ستسعى ايضا الى تهدئة تصريحاته اوربان وكذلك خوفه من العلاقات الدولية". واضاف "ان رسالة ميركل واضحة: على المجر الا تخلق مشاكل. لبرلين الكثير من المشاكل مع اوكرانياوروسيا واليونان ولا تريد ان تهدر وقتها في تأديب بلد صغير في الاتحاد الاوروبي". والمؤشر على ذلك هو ان جدول اعمال المباحثات بين المسؤولين الاثنين لم يكشف ومن المستبعد ان يكشفا علنا عن خلافاتهما. واوضح هيغيدوس "ان ميركل لن تنتقد علنا اوربان. ستكتفي بتصريحات مقتضبة ستمنع الحكومة المجرية من تحقيق نجاح تام". وقال اندراس بيرو-ناغي من معهد بوليسي سولوشنز ان "اوربان متهم بفرض عزلة دبلوماسية على المجر لكن زيارة ميركل ستسمح له بتكذيب هذه الصورة. وان لم تنتقده ميركل علنا فيكون بذلك حقق نجاحا". وبشأن زيارة بوتين اعلن اوربان انه سيستفيد منها لابرام صفقة جديدة مع روسيا طويلة الاجل للحصول على الغاز.