أبرز توصيات المشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بطنجة    مرحلة مفصلية لشراكة استراتيجية مرجعية بين المغرب والاتحاد الأوروبي    ابتداء من غد الثلاثاء.. أطباء القطاع العام يضربون ل3 أيام    حقي بالقانون.. شنو هي جريمة الاتجار بالبشر؟ أنواعها والعقوبات المترتبة عنها؟ (فيديو)    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    ذكر وأنثى فقط.. ترامب يتعهد بوقف جنون التحول الجنسي    الإيليزي يستعد للإعلان عن الحكومة الجديدة    الكرملين ينفي صحة تقارير إعلامية تركية عن حياة الأسد وزوجته بموسكو    الشرع يتعهد حل الفصائل المسلحة وإنشاء جيش سوري موحد    تنظيم كأس العالم 2030 رافعة قوية نحو المجد المغربي.. بقلم / / عبده حقي        شكاية ضد منتحل صفة يفرض إتاوات على تجار سوق الجملة بالبيضاء    الحلم الأوروبي يدفع شبابا للمخاطرة بحياتهم..    أسرة المدرسة العليا للتربية والتكوين بجامعة ابن طفيل تستنكر "المس بالأعراض" الذي يتعرض له بعض أطر المؤسسة    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    تصعيد خطير.. تقارير عن توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا    من يحمي ادريس الراضي من محاكمته؟        الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    "إسرائيليون" حضروا مؤتمر الأممية الاشتراكية في الرباط.. هل حلت بالمغرب عائلات أسرى الحرب أيضا؟    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير        تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النص الفائز بجائزة المقهى الإسباني للقصة القصيرة 2019 .. هتلر في طنجة
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 18 - 10 - 2019

فاز الكاتب والصحفي الإسباني خابير بالينثويلا (Javier Valenzuela) بجائزة المقهى الإسباني للقصة القصيرة لسنة 2019 بنص يحمل عنوان «هتلر في طنجة». وذلك حسب ما أعلنت عنه رسميّاً الجهةُ المنظِّمة للجائزة على مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لها في أواخر يوليوز الماضي، حسب ما نقلته الصحيفة الإلكترونية الإسبانية (info Libre).
وتسرد القصةُ الفائزة، من خلال حوار يدور بين شخصيتين (ليلى وجدّها رشيد)، تفاصيل عن احتلال المنطقة الدولية في طنجة من طرف جيوش الدكتاتور الإسباني فرانكو في يونيو 1940. ويؤكِّد رشيد أنّ الزعيم النازي هتلر قد حلّ بالمدينة شهوراً بعد ذلك الاجتياح. وبخصوص كون هذه الزيارة لا تَرِدُ في كتب التاريخ، تُوضِّح الشخصية: «في ذلك اليوم من عام 1941 اتفقنا نحن الطنجاويون على أنْ لا تبقى أيُّ ذكرى، مهما كانت صغيرة، تُذكِّر بأنّ الشيطان كان قد وضع قدميه هنا. حتى أنّ والدتي قامت بتعزيمات لكي تأخذه «عيشة قنديشة» وتُعيده إلى الجحيم». وقد حصل نص «هتلر في طنجة» على أحسن تنقيط من لدن لجنة التحكيم متفوِّقاً على ما مجموعه 104 مشاركة قصصية، وهو رقم «مفاجئ» حسب تعبير الجهة المنظمة باعتبار أنّ الجائزة لم تنطلق نسختها الأولى إلا في السنة الماضية (2018). وجاءت جائزة المقهى الإسباني نتيجة لمجهودات 12 شخصا لهم ارتباط بعالم الأدب والذين قرّروا تأسيسها بناءً على طلب من عائلة روسابلانكا (مالك المقهى). وتستمدُّ الجائزة اسمها من “المقهى الإسباني” العريق وهو مقهى أدبي يُعَدُّ بؤرة العوالم الأدبية في العاصمة الإسبانية مدريد والذي سيحتفل في العام المقبل (2020) بمرور 130 سنة على وجوده. وقد ترأّس لجنةَ تحكيم الجائزة الكاتبُ ألفريدو كوندي ثيد، الفائز بالجائزة الوطنية للأدب وبجائزة نادال؛ بالإضافة إلى بقية الأعضاء الآخرين: مانويل آنخيل باربيرو، الفائز بجائزة دائرة القراء لعام 2017؛ والشاعر رودولفو سيرّانو؛ والصحفي فرانثيسكو لويس كوردوبا؛ والصحفي الآخر خوسيه ماريّا نوغيرول وهو شاعر أيضاً وهو الفائز بجائزة المقهى الإسباني للقصة القصيرة في نسختها السابقة.
أما في ما يخصُّ القاص خابيير بالينثويلا الفائز بنسخة هذا العام من الجائزة، فهو كاتب وصحفي إسباني من مواليد غرناطة عام 1954. اشتغل لمدة 30 سنة في صحيفة “إلباييس” كمدير مساعد وقبلها كمراسل لذات الصحيفة في الرباط وبيروت وباريس وواشنطن. وفي سنة 2013 أسّس مجلة شهرية أسماها “مدادٌ حرّ”. صدرت له تسعة كتب ذات مواضيع صحفية عامة بالإضافة إلى ثلاث روايات تتّخذ من طنجة مسرحاً لأحداثها وهي: “طنجاوية” (2015)؛ “ليمون أسود” (2017) و “بارودٌ وتبغٌ وجِلْد” (2019). بالإضافة إلى جائزة المقهى الإسباني للقصة القصيرة، فاز خابيير بالينثويلا أيضاً بعدة جوائز في مجال الإعلام كان آخرها جائزة الصحافة الخاصة في بلنسية سنة 2018. وفي ما يلي ترجمتنا للقصة الفائزة:
– تذكّرتُ، ليلة أمس في منامي، اليومَ الذي دخل فيه هتلر إلى طنجة.
قاطعَتْ ليلى الحوار الذي كان يدور بينها وبين أُمِّها ونظرت إلى جدِّها رشيد في حيرة، حيرة مضاعفة. أولاً، لأنّ الجدّ كان قد أمضى سنوات لم ينطق خلالها جملة طويلة كهذه؛ وكان يقضي يومه صامتاً أمام جهاز التلفاز وحين يُحرِّك شفتيه كان يفعل ذلك فقط لطلب إيصاله إلى الحمام أو السرير. ثانياً، لأنّ ليلى لم يسبق لها أبداً أن سمعت بأنّ هتلر قد زار طنجة.
– بّا سِيدِي، هتلر لم يكن هنا أبداً –قالت له بكلِّ لطف. ورغم أنّها لم تكن متديِّنة، أضافت العبارة التي يشكر بها المسلمون ربّهم–: الحمد لله.
ودون أنْ يُزيح نظره عن التلفاز الذي كانت تُنقل عبره إحدى مباريات عصبة الأبطال الأوروبية بين برشلونة ميسي ومانشستر يونايتد، ردّ عليها الجدُّ رشيد:
– بل كان هنا طبعاً! وبدعوة من فرانكو، لا أقلَّ ولا أكثر. كان ذلك ذات يوم من شهر مارس عام 1941 حين ذهبتُ إلى “السوق الخارجي” لأشتري بيضاً كانت والدتي تحتاجه. لكنّني لم أستطع شراءه: كان الإسبان قد أغلقوا السوق وكان الجنود ورجال كتائب فرانكو يملؤون كلّ مكان. لقد تذكّرتُ جيّداً، ليلة أمس، كيف عرضوا الأسلحة حين رُفعت راية هتلر في “المندوبية”.
ولم يفتح الجدُّ فمه بعدها إلا حين أراد أنْ يذهب إلى النوم.
في تلك الليلة وبعد المضاجعة، حكت ليلى لسيبولبيدا ما قاله الجدُّ رشيد.
– يبدو أنّ هذا يوحي لي بشيء –قال سيبولبيدا. أشعل سيجارة وسحب منها نفساً طويلاً، اجترّ بعض الأفكار ثم أردف قائلاً–: كم عمرُ جدِّك؟
– تسعون سنة تقريباً.
– إذن لا بُدّ أنّه يتذكّر حين قام فرانكو باحتلال مدينة طنجة الدولية. فعل اللعين ذلك في نفس اليوم الذي قام فيه النازيون بغزو باريس. حتى لا يستطيع الفرنسيون ولا الإنجليز الردّ عليه. –كانت ليلى تنظر إليه والانتظار المُتشوِّق يلمع في عينيها ذواتي اللون الأسود الكهرماني–. لقد حكى لي صديقي بيرنابي لوبيث في إحدى المرات أنّ رجال فرانكو طردوا “المندوب” في الحال وحوّلوا إقامته إلى قنصلية للرايخ الثالث. لا بُدّ أنّ جدّكِ يتذكّر ذلك الاحتفال الجبان.
– ربّما. كان في عمره حينئذٍ ثمان أو تسع سنوات.
كانت قد اكتسحت طنجةَ في تلك الجمعة رياحُ “الشرقي” في غير وقتها، لكنّ ليلى حافظت على عادتها بالذهاب في ذلك اليوم من الأسبوع لتناول الغذاء في منزل والديها. لم يكن الجدُّ رشيد يجلس مع بقية العائلة ليشاركهم الكسكس. إنه كان يأكل في صحنٕ موضوعٍ على صينية، وُضعت بدورها فوق ركبتيه، بينما يُتابع نشرة الأخبار وتعابيرُ وجهه غائبة.
انتبهت حفيدته إلى أنّ بعض حبّات السميذ قد تبعثرت على لحيته الثلجيّة فقامت لتُنظِّفها له.
– بّا سِيدِي –قالت له–، هل تتذكّر كيف كانت تلك الراية التي وُضعت فوق “المندوبية” في ذلك اليوم الذي لم تستطع فيه شراء البيض من “السوق الخارجي”؟
– طبعاً أتذكّر ذلك! كانت كما تظهر في الأفلام: حمراء، وفي وسطها دائرة بيضاء وفي داخل الدائرة صليبٌ أسودٌ معقوف.
– وهل أنت متأكِّدٌ من أنّ هتلر كان هناك؟
– ولِمَنْ غيرُه كانت ستُخصَّص كلُّ تلك التشريفات؟
وبنبرة انتصار، كمن ربح نقاشاً بحُجّةٍ لا تقبل الدّحض، قالت ليلى:
– إذان، لماذا لا تَرِدُ تلك الزيارة في أيٍّ من كتب التاريخ؟
أزاغ رشيد نظرته من على شاشة التلفاز إلى وجه حفيدته. ورأت ليلى في عينيه، الخافتتين عموماً هذه المرّة، ضوءاً صغيراً يلمع في مكر؛ ولو بطريقة متردِّدة، كمصباحٕ يتلألأ:
– يا ابنتي، إنّ مدينتنا مدينةٌ بهيجةٌ ومُطْمَئِنّة؛ لقد أردنا دائماً أنْ تكون كذلك –قال هو–. في ذلك اليوم من عام 1941 اتفقنا نحن الطّنْجَاوِيُّون على أنْ لا تبقى أيُّ ذكرى، مهما كانت صغيرة، تُذكِّر بأنّ الشيطان كان قد وضع قدميه هنا. حتى أنّ والدتي قامت بتعزيماتٕ لكي تأخُذَه “عيشة قنديشة” وتُعيدَه إلى الجحيم.
– ولكي تمسح تلك الساحرةُ آثارَهُ كُلَّها أيضاً؟
– وهذا أيضاً!
قبّلتْه ليلى في صلعته ثم عادت إلى المائدة.
* مترجم وباحث
في الأدب الإسباني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.