في إطار الأيام الإعلامية التي تنظمها المديرية الجهوية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وبتنسيق مع المديرية الجهوية للتشغيل والإدماج المهني بجهة الشرق، احتضنت قاعة الاجتماعات بالمديرية الجهوية للضمان الاجتماعي بوجدة مؤخرا، لقاء تواصليا مع جمعيات المجتمع المدني للتعريف بالقانون 12-19 المتعلق بالتغطية الصحية والاجتماعية لعمال وعاملات المنازل الذي دخل حيز التنفيذ شهر أكتوبر من سنة 2018. افتتح اللقاء بعرض لرئيس مصلحة العلاقات مع الزبناء بالمديرية الجهوية للضمان الاجتماعية أحمد قبابو، قدم خلاله قراءة في القانون 12-19، مبرزا بأن هذا الأخير «جاء لسد الفراغ التشريعي ولوضع حد للتجاوزات التي كانت تطال شريحة من العمال» «وذلك من خلال تحديد علاقة الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين، التي كانت إلى حد قريب فوضوية وتحكمها علاقات التسلط والتجبر في بعض الأحيان». وتطرق العرض إلى شروط تشغيل العاملات والعمال المنزليين التي وردت في القانون 12-19، مشيرا إلى أن المادة الثالثة منه نصت على وجوب تشغيلهم بموجب عقد عمل «يمكن أن يكون محدد المدة أو غير ذلك وفق نموذج يحدد بنص تنظيمي، شريطة مراعاة شروط التراضي بين الطرفين وبأهليتهما للتعاقد وبمحل العقد وبسببه كما حددها قانون الالتزامات والعقود». وأكد القانون إلزامية عقود الشغل ووضع نسخة منها لدى مصالح مفتشية الشغل، حتى يتمكن مفتشو الشغل من الاطلاع على جميع بنود العقد بشكل مسبق والإلمام بكافة البنود لمعرفة مدى ملاءمتها للمقتضيات. وفي ما يخص الوساطة في تشغيل العاملات والعمال المنزليين، أوضح العرض بأن المادة الرابعة من القانون المذكور ألغت هذا النوع من التعامل، و»جعلته حكرا على وكالات التشغيل الخصوصية المحدثة طبقا لأحكام مدونة الشغل في كتابها الرابع المعنون بالوساطة في الاستخدام وتشغيل الأجراء». كما تحدث عن التزامات أطراف العلاقة الشغلية وكذا السن الأدنى لتشغيل الأشخاص بصفتهم عمالا وعاملات بالمنازل، حيث أبرز بأن المادة السادسة حددت هذا السن في 18 سنة «غير أنه خلال الفترة الانتقالية التي تمتد لخمس سنوات من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ، يمكن تشغيل الأشخاص المتراوحة أعمارهم ما بين 16 و18 سنة، شريطة أن يكونوا حاصلين على إذن مكتوب مصادق على صحة إمضائه من أولياء أمورهم». وذكر العرض أيضا بأن القانون 12-19 حدد ساعات العمل والراحة الأسبوعية والعطلة السنوية، حيث حدد مدة العمل في الأشغال المنزلية في 48 ساعة أسبوعيا يتم توزيعها على أيام الأسبوع باتفاق طرفي العلاقة الشغلية، فيما حددت مدة العمل الأسبوعية بالنسبة للمتراوحة أعمارهم بين 16 و18 سنة في 40 ساعة أسبوعيا مع الاستفادة من راحة أسبوعية مدتها 24 ساعة متصلة «يمكن الاتفاق على تأجيلها لأجل لا يتعدى 3 أشهر». وفي ما يتعلق بالأجر، ذكر المتدخل بأن المادة 19 من هذا القانون نصت على عدم إمكانية أن يقل الأجر الخاص بالعاملة أو العامل المنزلي عن 60% من الحد الأدنى القانوني للأجر… وفي حال فصل العامل من عمله بعض قضائه سنة متواصلة من العمل لدى نفس المشغل، فإنه يستحق تعويضا عن الفصل يحدد بنفس الطريقة المنصوص عليها في المادة 53 من مدونة الشغل. العرض تطرق أيضا إلى المراقبة والعقوبات من خلال تعامل مفتشي الشغل مع الشكايات التي ترد عليهم سواء في مواجهة المشغل أو في مواجهة العاملة أو العامل المنزلي، بخصوص كل ما يتعلق بتنفيذ عقد العمل المبرم بينهما. وقد أجمع المتدخلون في اللقاء التواصلي، سواء من مفتشية الشغل بوجدة أو فعاليات المجتمع المدني، على أهمية القانون 12-19 المتعلق بعمال وعاملات المنازل، وهي أهمية تتجلى في تأطير وهيكلة مجال كان يعد من الطابوهات بحكم أن العمل المنجز يتم في إطار «حرمات المنازل»، كما تتجلى في عقلنة وتقنين هذا المجال وإبعاده عن الوساطة والسمسرة التي كانت سائدة، زيادة على أنه جاء في مسار استكمال تدعيم الترسانة القانونية للحقل الاجتماعي…واعتبر هذا القانون مرحلة تأسيسية وتأطيرية مهمة أحاطت بكافة الأمور المتعلقة بالأجيرة، حيث أعاد تدقيق المصطلحات بما يضمن كرامتها وضمن لها مجموعة من الحقوق كما ألزمها بمجموعة من الالتزامات. هذا، وخلص الجميع إلى أن القانون المذكور، والذي يؤطر مجالا اجتماعيا، هو اليوم في مرحلة انتقالية تأسيسية جديدة بحاجة إلى وقت لتنزيله على أرض الواقع بمساهمة الجميع كل من دائرة اختصاصه «لأن الأمر يتعلق بمجال مرتبط بحركية المجتمع وكلما تطور المجتمع تظهر مستجدات أخرى»، كما أن إرساء علاقة شغلية بالرغم من أي محاولة للمشرع في هذا المجال «ستكون عاجزة عن تأطيرها وتنزيها إذا لم يتم استحضار المعطى الإنساني، الديني والاجتماعي»، مع التأكيد أيضا على تدخل النيابة العامة لتشكيل خلية لمتابعة وأجرأة تنزيل هذا القانون، خاصة وأنه يعتمد على مسطرتين الأولى إدارية قانونية تقوم بها مفتشية الشغل، والمسطرة الثانية زجرية قضائية تتطلب تدخل النيابة العامة.