هددت الحركة الاحتجاجية بفرنسا، والتي تطلق على نفسها «السترات الصفراء»، بالزحف على باريس ونقل الاحتجاجات إلى وسط العاصمة يوم السبت المقبل، وهو ما جعل الحكومة تقدم على تمنع الولوج إلى ساحة لاكنكورد إحدى أكبر ساحات العاصمة. وقد دعت مجموعة من مكونات السترات الصفراء، التي مازالت احتجاجاتها مستمرة بمختلف المدن الفرنسية، الفرنسيين، إلى التوجه إلى قلب العاصمة الفرنسية، من أجل إسماع صوت هذه الفئات التي تحس بالظلم والتهميش في القرارات التي تتخذ من طرف النخبة دون أخذ وضعيتها بعين الاعتبار. هذه الاحتجاجات، التي انطلقت السبت الماضي، قتيلين و528 جريحا منهم حالات في وضعية خطيرة. كما أفضت إلى شلل في عدد من مخازن الوقود وبعض الطرق السيارة والمقاطع الكبرى حول المدن أو محطات الأداء بالطرق السيارة حول المدن. وتعتبر احتجاجات «السترات الصفراء» فريدة من نوعها، إذ بدأت عبر دعوات على شبكات التواصل الاجتماعي. وتجد الحكومة الفرنسية اليوم نفسها أمام احتجاجات ليس لها زعامات، كا أن دور الأحزاب فيها شبه منعدم، باستثناء بعض المبادرات الشخصية لبعض المنخرطين في الأحزاب والنقابات، لكن الأغلبية الساحقة لهؤلاء الغاضبين من الحكومة، من غير المسيسين وغير المنقبين بفرنسا، حيث وصل عدد المشاركين فيها، يوم السبت 19 نونبر، حوالي 300 ألف شخص في مختلف التراب الفرنسي. وتعتبر حركة «السترات الصفراء» ارتفاع الضرائب حول الوقود خاصة «الديزيل « ظلما وحيفا، خاصة أن الحكومات السابقة شجعت على هذا الوقود، كما شجعت شراء السيارات والآليات التي تستعمله، وهو ما جعل عددا كبيرا من الفرنسيين يعتمدون على هذا الوقود في تنقلهم وفي عملهم خاصة في ضواحي المدن والقرى التي لا تتوفر على النقل العمومي. لهذا تركزت الاحتجاجات حول ارتفاع الضرائب وتراجع القدرة الشرائية بصفة عامة. وقد دعا الرئيس الفرنسي ايمانييل ماكرون، الذي يوجد في زيارة رسمية إلى بلجيكا، في ندوة صحفية، إلى «الحوار والنقاش البناء، لإنهاء احتجاجات « «السترات الصفراء» وإيجاد الحلول الميدانية. كما طالب أعضاء حكومته بشرح الإجراءات الضريبية التي يتم تطبيقها. مضيفا أن الانتقال البيئي يفترض تغيير العادات. وهذا ليس سهلا على الإطلاق. رئيس الحكومة من جهته، عبر هو الآخر عن تفهمه للغضب والمعاناة التي يعيشها بعض الفرنسيين. وقد تسببت هذه الاحتجاجات في فوضى بالعديد من المناطق وبمدن عديدة، سواء حول باريس أو بوردو. كما لم تسلم منها حتى الجزر الفرنسية مثل جزيرة لارينيون في المحيط الهادئ، والتي فرض في أجزاء كبيرة منها حظر التجول، كما مست بعض التظاهرات أعمال تخريب واصطدامات مع الشرطة أدت للعديد من الجرحى بعضها خطير. وإذا كان الرئيس الفرنسي ورئيس الحكمة يدعوان للحوار وتفهم الغضب الذي عبرت عنه هذه التظاهرات دون التراجع عن القرارات المتخذة، وهي ارتفاع الضرائب على الوقود، فإن وزير الداخلية كريستوف كاستنير، كان خطابه شديد اللهجة مع متظاهري السترات الصفراء، الذي صرح للقناة الثانية أنه بعد انطلاق التظاهرات بشكل هادئ يوم السبت سجلت نزعة «نحو التطرف» وبسقوط «عدد كبير من الجرحى».