بمناسبة الذكرى 39 للمسيرة الخضراء المظفرة نظمت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير تظاهرة خطابية شارك في أشغالها أحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني وممثلو شباب التغيير وقد امتدت أشغال التظاهرة طيلة صباح يوم الخميس 6 نونبر 2014 بكلمات السيد المندوب السامي الدكتور مصطفى لكثير والسيد الوزير الأول السابق أحمد عصمان وممثلي حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال والتقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية. نورد في هذا العدد كلمة الأستاذ محمد الدرويش عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. قبل الدخول في جوهر كلمة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في هذا المهرجان الخطابي اسمحوا لي أن أدعوكم لقراءة الفاتحة على الأرواح الطاهرة لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وشهداء الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة المغربية وأمن مواطنيها بالأمس واليوم وغدا. السيدات والسادة، اتناول الكلمة اليوم أمامكم باسم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أجهزة وطنية وجهوية وإقليمية ومحلية بمناسبة الذكرى التاسعة والثلاثين للمسيرة الخضراء المظفرة في المهرجان الخطابي الذي تنظمه المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وهي المناسبة التي دأبت المندوبية السامية على تنظيمها بشكل منتظم وفعال يربط الماضي بالحاضر من أجل المستقبل. إن الاحتفال بالذكرى 39 للمسيرة الخضراء يتم اليوم 6 نونبر 2014 في سياقات وطنية ودولية متعددة نذكر منها : - الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها دول من هنا وهناك. - الوضع السياسي والاجتماعي المتأزم الذي تعيشه الجارة الشقيقة الجزائر وليبيا بالخصوص. - اللحظة الديمقراطية التي يعيشها الشعب التونسي والمتوجهة نحو المجتمع الحداثي الرافض للتوجه الرجعي في بناء الدولة التونسية المعاصرة والتي تشكل جزءا مهما من الذات المغاربية. وبالمناسبة ننوه بهاته اللحظة التي شكل التوافق إحدى عصبها الأساس بما في ذلك هيأة الاشراف على الانتخابات. - دقة المرحلة التي يعيشها المغرب سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وتنمويا والأفاق الواعدة التي تنفتح أمام طاقاته الوطنية الحقيقية في كل المستويات حتى يقوم بدوره التاريخي الريادي إقليميا وجهويا ودوليا شريطة توفير الظروف الديمقراطية المناسبة من أجل استعادة المبادرة. - الضياع الفكري وتشتت القيم بين الديني والاجتماعي والثقافي والمؤديان إلى حد أزمة قيم في جل بلدان العالم. - الرغبة المعبر عنها وطنيا وإقليميا وجهويا ودوليا في ضرورة تقوية التواصل وتسهيله اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا بمبادرات ملكية. - المبادرات الرصينة والواعدة التي يقوم بها المغرب في شخص ملك البلاد تجاه الدول الإفريقية والإشارات القوية والصريحة المعبر عنها في اتجاه أمريكا وروسيا والصين والدول العربية. إن التخليد السنوي لذكرى المسيرة الخضراء المظفرة والتي يسجلها تاريخ البشرية ضمن المعجزات العالمية نظرا لتوقيتها وحجم المشاركين فيها والظروف الدولية التي نظمت في إطارها. وإن الذكرى تجديد للتأكيد على وحدة صف المغاربة جنوبا وشمالا، شرقا وغربا على اختلاف انتماءاتهم السياسية وعدمها، وطبقاتهم الاجتماعية والاقتصادية وتنوعهم الثقافي على الاختلاف والاتفاق إن وحدة المغرب خط أحمر لدى المغاربة وهذا هو مغزى الاحتفال السنوي بذكرى المسيرة الخضراء. كما أن تخليد الذكرى تجديد للتأكيد على أن المغرب ملكا وشعبا وحكومة بلد السلم والسلام والتعايش على الاتفاق والاختلاف والمتشبث بالوحدة المغاربية بكل معانيها وبالسلم في العالم المتعدد والمختلف. إن المغرب وهو يتشبث بالشرعية الدولية والتي أقرت مرات عديدة بضرورة إيجاد الحل السياسي المتفاوض عليه بين الأطراف المعنية مباشرة بالملف والمتوافق عليه بينها على أساس الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية. إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وهو يساهم في احتفالات الذكرى 39 للمسيرة الخضراء المظفرة يذكر ب : - الدور الرائد والطلائعي الذي قام به المرحوم جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه من أجل إنهاء عهد الحجر والحماية وتحرير التراب الوطني من قبضة الإسبان والفرنسيين تحقيقا للحرية والاستقلال والوحدة المغربية. - الأدوار الأساس التي قام بها المرحوم الحسن الثاني بمعية الأحزاب الوطنية في بناء مغرب المؤسسات واستكمال الوحدة الترابية من طنجة إلى الكويرة. - الالتزام بصيانة الوحدة الترابية والدفاع عنها في كل المنابر الإقليمية والجهوية والدولية والمساهمة في مواصلة بناء المغرب الديمقراطي الحداثي المعاصر المتطور والذي يرقى إلى مصاف الدول المتقدمة في كل المستويات والذي جسد تحركات ومواقف جلالة الملك محمد السادس في المحافل الوطنية والدولية مؤكدا على ضرورة الإسراع في بناء المغرب الحديث بكل تجلياته والذي يجعل قضية الوحدة الترابية وهي جزء من قضايا الوطن ذات الأولوية إلى جانب التربية والتكوين والتنمية والعدالة الاجتماعية مسؤولية كل المغاربة وقضاياهم الوطنية وأمانة في أعناقهم وهذا ما تجسده المسيرة التنموية الكبرى الذي دشنها جلالته منذ سنوات في شمال المغرب وجنوبه، شرقه وغربه. ونعتقد أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يوجد دائما في موقع المؤهل في طرح كل القضايا المرتبطة بقضية الصحراء المغربية وعلاقات الجوار والوحدة المغاربية من أجل مغرب عربي متقدم ومتطور ومتضامن ومتكامل، ومن ثم تشكيل وحدة اقتصادية واجتماعية متماسكة وقوية لما تتوفر عليه المنطقة المغاربية من مؤهلات اجتماعية واقتصادية وجغرافية وثقافية، إن ما يجمع شعوب المنطقة المغاربية أكثر مما يفرقها، ما يجمعها هو الوحدة الثقافية والتاريخ والجغرافية والدين والتقاليد الاجتماعية وغيرها أما ما يفرقنا فهو اختلاف بين أمزجة ومصالح مرتبطة بأفراد لا بمجتمع وبهاته المناسبة يجدد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية دعوته لعقلاء الجزائر الشقيقة لاستخدام العقل والمنطق في العلاقة مع المغرب ملكا وشعبا، ونقول لهم كفى من هدر الزمن والطاقات. ولنتعبأ جميعا من أجل القوة الاقتصادية والمعرفية والاجتماعية والثقافية في المنطقة المغاربية. وبهاته المناسبة نذكر بموقف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المدين للمواقف غير الموضوعية واللامعقولة لبعض التنظيمات المعادية للمغرب في تقاريرها ورصدها كما يدين الاتحاد الاشتراكي المواقف المعادية للوحدة المغاربية بأهداف اقتصادية وسياسية وأحيانا عنصرية وبالمناسبة فإن الاتحاد الاشتراكي سجل إدانته للاعتداءات التي قام بها بعض عناصر الجيش الجزائري على مدنيين مغاربة فوق التراب الوطني المغربي معلنا رفعه لدرجات القلق إزاء كل الاستفزازات عبر المواقف الجزائرية الرسمية وبعض الجهات الشعبية الصادرة ضد المغرب والتي من شأنها أن تزيد من تأزم العلاقات بين البلدين الشقيقين. كما نذكر بمواقف الاتحاد المتابعة لكل الخروقات الحقوقية والاجتماعية والسياسية التي تمارس ضد أبناء وطننا من قبل ميلشيات المسمى البوليساريو على أرض جزائرية وأمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي. إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وهو يجدد تنويهه بتنظيم هذا المهرجان الخطابي بمناسبة الذكرى 39 للمسيرة الخضراء يعلن عن استعداده للانخراط في كل المبادرات الوطنية الحية للتحقيق الشامل والشمولي لمشروع الحكم الذاتي بالجهة الصحراوية خصوصا وفي تنمية وتطور المجتمع المغربي بكل مكوناته ومستوياته وجهاته على أساس ديمقراطي حداثي متطور يضمن تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية وحرية الفرد والجماعة. وبالمناسبة نقدر عاليا كل مبادرات المجتمع المدني والسياسي بكل مستوياته وتمظهراته والتي تجدد التواصل والاتصال خدمة للقضايا الوطنية وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية . وبهاته المناسبة فإننا نجدد الدعوة إلى : - التسريع بتطبيق مقتضيات الجهوية الموسعة كما أقرها دستور المملكة. - دعم وتطوير مراكز ومؤسسات البحث في كل ما يتعلق بالقضايا الثقافية والاجتماعية في كل الجهات. - حفظ كل مقومات الثقافة الشعبية وتاريخ الذاكرة تأريخا وعلما وثقافة وفكرا. - استنهاض كل القوى الحية السياسية والثقافية والفكرية والتربوية من أجل التأطير الجيد للمواطن حتى ينخرط بكل طواعية في المشروع المغاربي الديمقراطي الحداثي المتطور لأن عدم تحقق الوحدة المغاربية ضياع لنقطتين من الناتج الداخلي الخام المغاربي وفي المقابل فإن الوحدة المغاربية تجعل المنطقة قوة اقتصادية واجتماعية وثقافية في علاقاتها بالجهات الأخرى كما أنها فرصة لتقليص أعداد البطالة في بلدان المنطقة وتكثيف وتقوية التبادل بكل أنواعه ومستوياته. أيها الحضور الكريم، إن المغرب وهو يجدد تأكيده عبر القنوات الدبلوماسية الرسمية والشعبية وعبر هيآته الوطنية السياسية والنقابية ومنظمات المجتمع المدني بكل مستوياتها وأنواعها لمشروع الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية تمكينا لجميع المواطنات والمواطنين من التدبير الديمقراطي للشؤون المحلية كما في كل جهات المملكة يسجل التزامه وانخراطه في مقتضيات احترام حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا ويكرسها دستور 2011 ، كما أكد جلالة الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى 34 للمسيرة الخضراء على ضرورة : « نهوض الهيآت السياسية والنقابية والجمعوية والإعلامية والقوى المنتخبة والمبدعة بواجبها في تأطير المواطنين، وترسيخ قيم الغيرة الوطنية والمواطنة الحقة. ذلك أن تفعيل هذه الاستراتيجية، لا ينحصر في عمل الدولة وأجهزتها، وإنما يقتضي تعبئة شاملة لكل الفعاليات الوطنية والمحلية» انتهى كلام صاحب الجلالة. وقبل الختم أود أن أجدد الشكر الصادق للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وشهداء الدفاع عن حبات التربة المغربية شمالا وجنوبا وشرقا وغربا عسكريين ومدنيين سواء تعلق الأمر بالقضايا المادية أو المعنوية دفاعا عن وطن حر منفتح متقدم متطور يرقى إلى مصاف الدول المتقدمة، وطن المجتمع الديمقراطي الحداثي، كما أن شكرنا ممدود لكل الهيآت الحية الوطنية التي تعمل على استعادة المبادرة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا من أجل تجاوز الخنق الذي نعيشه اليوم بأسباب داخلية وخارجية. فشكرا لكم جميعا واحدا واحدة، مجددا الدعوة من أجل الاتحاد لأن في الاتحاد قوة وقوتنا في استقرارنا ووحدتنا على الاتفاق والاختلاف من أجل المغرب الديمقراطي الحداثي المتطور. والتحية والشكر لكم جميعا على حسن استمتاعكم وتتبعكم.