لم تكن عضوتا المجلس الوطني لحقوق الإنسان، نبيلة التبر ومريم بوعياد، تدركان أن رحلتهما إلى العاصمة البوركينابية واغادوغو لتأطير ملتقى لحقوق الإنسان ستطول أكثر من المقرر، بل وستضع أمنهما وسلامتهما على المحك. فخلال إقامتهما في الفندق الذي يحتضن الملتقى، تمت محاصرة المكان من طرف حشود من البوركينابيين الغاضبين واقتحام الغرف واقتياد جميع الحاضرين إلى الخارج، غير أن من حسن حظ التبر وبوعياد أنهما تمكنتا من الاتصال بمسؤولي المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذين اتصلوا بدورهم بوزارة الخارجية التي ربطت الاتصال مع السفارة المغربية بواغادوغو، لتم إيفاد مسؤول دبلوماسي إلى عين المكان، حيث تمكن هذا الأخير من إخراج المواطنتين المغربيتين بسلام من بين الحشود الغاضبة. في اتصال هاتفي لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» مع نبيلة التبر إطار بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان التي مازالت تتواجد الآن رفقة مريم بوعياد إطار بنفس المجلس بدولة بوركينا فاصو التي شهدت أعمال شغب مساء الخميس الماضي، أكدت أنها بخير رفقة زميلتها وفي أمان ويستقران الآن بإقامة السفير المغربي. وأضافت نبيلة بخصوص رجوعها رفقة مريم بوعياد إلى المغرب، أن ذلك مرتبط باستقرار الأوضاع الأمنية في هذا البلد، والإجراءات كلها قد اتخذت من أجل أن نرجع إلى المغرب عبر رحلة طائرة تابعة للخطوط الملكية الجوية سيتم برمجتها سواء يوم الجمعة أو يومه السبت لكن كل ذلك رهين باستقرار الوضع الأمني والسياسي بهذه البلاد. وفي هذا السياق، كشف مصدر من داخل «الخطوط الملكية المغربية» أن إدارة المؤسسة تعقد اجتماعا لتتبع الأوضاع عن قرب قبل اتخاذ قرار بإرسال طائرة مغربية ضمن رحلة كانت مبرمجة سلفا، إذ أن حالة الطوارئ المعلنة في شوارع واغادوغو تقضي بحظر التجول، مما من شأنه أن يشكل خطرا على زبناء الشركة عند وصولهم إلى واغادوغو، كما سيحول دون وصول الركاب الذين سيستقلونها في رحلة العودة إلى المغرب، بمن فيهم عضوتا مجلس حقوق الإنسان. وأكد ذات المصدر أن إدارة «الخطوط الملكية المغربية» متمسكة بموقفها التضامني تجاه الدول الإفريقية من خلال عدم وقف رحلاتها المنتظمة إلى بلدان القارة كيفما كانت الظروف. وفي سؤال لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» إن كان المتظاهرون الذين اقتحموا الفندق الذي كان محل اشتغال بوعياد والتبر، قد أصابوهما بأي سوء، نفت نبيلة نفيا قاطعا تعرضها هي أو زميلتها بوعياد لأية معاملة سيئة وعلى أن كل حاجياتهما قد استلموها وموجودة في حوزتهما. وتريد نبيلة التبر من خلال جريدة «الاتحاد الاشتراكي» أن تطمئن عائلتها على أنها بخير وفي أمان رفقة زميلتها في العمل مريم بوعياد بمحل إقامة السفير المغربي ببوركينا فاصو ،وتفند كل الشائعات أو الأخبار التي تناقلتها بعض الصحف أو المواقع الالكترونية التي حاولت أن توهم أسرهما على أنها في خطر كبير. وحول كيفية انتقالهما إلى مقر إقامة السفير المغربي، أوضحت نبيلة أنه كانت لهما اتصالات بالمجلس الوطني لحقوق الانسان والسفارة المغربية ببوركينافاصو ثم وزارة الخارجية والذين كانوا يتابعون الوضع وبعد استقرار مؤقت للوضع جاءت سيارة تابعة للسفارة المغربية وبها ديبلوماسي مغربي وحملتنا إلى إقامة السفير المغربي دون صعوبات أو خطر يذكر». وحول الوضعية النفسية التي كانتا عليها على إثر اقتحام الفندق ومحاصرته من طرف المتظاهرين، أفصحت نبيلة أن الأمر كانت مفاجأة كبرى لدينا وذهلنا من هذا الوضع، واختصرت كلام بالتوجه إلينا : تخيلوا ذلك وضع مكانك مكاننا في تلك اللحظة وستعرف الجواب الحقيقي.» وكانت نبيلة التبر ومريم بوعياد قد ذهبا إلى بوركينافاصو من أجل تأطير أحد التكوينات التي تندرج في إطار حقوق الإنسان بالدول الإفريقية الفرنكوفونية، وبعد أن عرفت أحداث شغب من طرف متظاهرين بهذه الدولة تم اقتحام الفندق الذي كانت تتواجد به كل من نبيلة التبر ومريم بوعياد. وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن أحد قادة المعارضة في بوركينا فاسو أعلن أن أعمال الشغب التي شهدتها البلاد الخميس احتجاجا على عزم الرئيس بليز كومباوري البقاء في السلطة، أوقعت حوالى 30 قتيلا وأكثر من 100 جريح. من جهته أعلن كومباوري أنه لن يتنحى ولكنه مستعد لإجراء «محادثات» حول «مرحلة انتقالية»، مضيفا في خطاب تلفزي مساء الخميس «لقد سمعت الرسالة. لقد فهمتها واتخذت الإجراء الملائم للتطلعات القوية إلى التغيير...أنا على استعداد لأن أطلق معكم محادثات من أجل مرحلة انتقالية أسلم في نهايتها السلطة إلى الرئيس المنتخب ديموقراطيا». كما أعلن كومباوري عن إلغاء حالة الطوارئ التي كان فرضها قبل ساعات إثر أعمال الشغب، مضيفا أنه أصدر أيضا قرارا بحل الحكومة وهو ما كان الجيش قد سبقه إلى إعلانه.