وجه الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، عدة أسئلة كتابية ما بين الدورتين إلى قطاعات حكومية مختلفة، محملا من خلالها مسؤولية وفاة الطالب مصطفى مزياني للحكومة، الذي ووري جثمانه الثرى بمقبرة تانديت صبيحة يوم الجمعة المنصرم، مطالبا في نفس الوقت من خلالها العمل على تحديد المسؤوليات، استنادا إلى مقتضيات دستور 2011 الذي أكد على أن المرافق العمومية تخضع لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية. قطاع التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر في سؤال كتابي وجه إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر حول حق الطالب مصطفى مزياني في الدراسة والحياة، أوضح من خلاله الفريق الاشتراكي أنه ( أي الطالب) دخل في اعتصام وإضراب عن الطعام منذ الأسبوع الأول من شهر يونيو في الحرم الجامعي برحاب إدارة كلية العلوم التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله، ظهر المهراز، فاس تحت شعار « الدراسة أو الموت» مطالبا بحقه الدستوري الرامي إلى إعادة تسجيله بالكلية، إلى أن تم اعتقاله من مكان الاعتصام يوم 11 يوليوز، وأصدر بشأنه قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بفاس الأمر بالإيداع في السجن، واستمر في مطالبته بحقه هذا إلى أن فارق الحياة يوم الأربعاء 13 غشت في الساعة الخامسة مساء، بعد 72 يوما من الإضراب عن الطعام، مذكرا وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر بمقتضيات الفصل 20 من الدستور التي تؤكد على أن الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان، ويحمي القانون هذا الحق، والفصل 31 على أنه تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة من الحق في الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة، والفصل 33 على السلطات العمومية اتخاذ التدابير الملائمة لتحقيق تيسير ولوج الشباب للثقافة والعلم والتكنولوجية،...مع توفير الظروف المواتية لتفتق طاقاتهم الخلاقة والابداعية في كل هذه المجالات، هذا إضافة إلى تأكيد الفقرة الثالثة من الفصل 32 على أن التعليم الأساسي حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة. كما ذكر الفريق الاشتراكي أيضا وزير التعليم العالي بالبرنامج الحكومي الذي جاء فيه بأنه يهدف إلى بناء مجتمع المعرفة، وتنمية اقتصاد المعرفة من خلال استعادة ريادة الجامعة المغربية في التكوين والاشعاع والبحث العلمي وتوفير الشروط اللازمة لجودته بالاعتناء بالأستاذ الباحث وضمان كرامة الطالب وتشجيع التكوين، من خلال عدة محاور أهمها ايجاد إطار محفز للطالب خصوصا في التخصصات ذات الأولية، وإرساء آليات حوار وشراكة فعالة مع المنظمات التمثيلية للأساتذة والطلبة وحماية الحريات النقابية والثقافية وصيانة حرمة الفضاء الجامعي، إضافة إلى تذكيره بالعنوان العريض الذي تضمنته الحصيلة. ومما جاء في السؤال أنه حتى ما سمي بحصيلة العمل الحكومي خلال نصف الولاية، تضمن عنوانا فضفاضا يتعلق بدعم جودة التعليم العالي وتأهيل الجامعة المغربية، والحال موجها خطابه للحكومة « أنكم سمحتم بتنظيم ندوة في مكان وقوع الجريمة ومن طرف جهة لاتزال موضوع تشكك وأبحاث من أجل ارتكاب جناية من عدمها، مما يجعلكم المسؤولين عن الاحتقان الذي تعيشه الجامعة المغربية اليوم، وضربتم كرامة الطلبة المغاربة عرض الحائط واسترخصتم حياتهم بعد توالي وفياتهم ( ثلاث حالات بفاس، وأخرى بمراكش « سجن ورزازات»)، وجعلتم من مجرد تسجيل واحد في الجامعة صورة المغرب في مجال حقوق الانسان تدنس وتتراجع بشكل خطير على المستوى الدولي، إضافة كذلك إلى مسؤوليتكم في ما يمكن أن يقع من اضطراب وتعثر عند بداية الموسم الجامعي المقبل». وتساءل عن التزام الصمت هذه المرة من طرف الحكومة ، عكس الحالة السابقة التي هرول لها رئيس الحكومة على نفقة ميزانية الدولة، وتحول رفقة وزير التعليم العالي أنذاك إلى خصم وحكم في نفس الوقت في خرق سافر لشروط المحاكمة العادلة، ونزاهة القضاء عبر التأثير المسبق على قراراته، وهو ما أظهر حقا أنها حكومة أقلية وليست حكومة كل المغاربة، وفق ما تضمنه السؤال. مضيفا أيضا أسئلة في هذا المجال تتعلق بمسؤولية إدارة الكلية على حماية حق الطالب مصطفى مزياني في الحياة، عبر الاستجابة لطلب إعادة تسجيله، معتبرا أن ذلك يدخل في إطار جناية الإمساك عمدا عن تقديم مساعدة لشخص في خطر. وفي نفس الصدد تساءل مع الحكومة حول إدراكها الآن حقيقة الحصيلة الفعلية لأدائها في هذا القطاع، والتي لا تتماشى إطلاقا مع الدستور والبرنامج الحكومي ولا مع ما تسميه تجاوزا بالحصيلة، وحتى مع وعود وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر بفتح المجال أمام متابعة الدراسة لمختلف الأعمار ومدى الحياة، وكذا عن طريقة تنزيل دستور 2011 الذي جعل التعليم حقا للجميع، وما إن كانت الوزارة قد أنجزت بحثا في الموضوع أم لا وهل عملت على تطبيق معايير المحاسبة والمسؤولية التي أقرها الدستور؟. قطاع العدل والحريات السؤال الموجه إلى وزير العدل والحريات تمحور حول احترام شروط المحاكمة العادلة في قضية الطالب مصطفى مزياني، موضحا أنه اعتقل يوم 11 يوليوز 2014، وهو في وضعية إضراب عن الطعام، الذي دخل فيه بداية شهر يونيو في الحرم الجامعي مطالبا بحقه الدستوري الرامي إلى إعادة تسجيله بالكلية، وقرار توقيفه واعتقاله جاء بعد حوالي 40 يوما من الاعتصام والإضراب عن الطعام في مكان معروف لدى المصالح الأمنية والنيابة العامة منذ أول يوم دخل في تنفيذ قراره الاحتجاجي، مذكرا الوزير بأن ضرورة البحث، تطلبت الاستماع للطالب في محاضر قانونية وإبقائه رهن الحراسة النظرية بمخافر الشرطة، وبعد ذلك قدم أمام النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف، التي عملت بعد استنطاقه على المطالبة بإجراء تحقيق في حقه وإيداعه السجن، وهو الاتجاه الذي سايره قضاء التحقيق بنفس المحكمة حيث أمر بإيداعه في سجن عين قادوس، وهذه الإجراءات تمت برمتها دون الانتباه إلى وضعية الطالب الذي يوجد في حالة إضراب عن الطعام، ومساءلته عن أسباب قراره هذا، وإمكانية إحالته على طبيب. ويضيف في صلب نفس السؤال - تذكيرا للوزير- بأن ضمان شروط المحاكمة العادلة من أهم مقومات النظام الجنائي بأكمله، ومن أجل ذلك أقر المشرع المغربي بمبدأي قرينة البراءة وتفسير الشك لفائدة المتهم، كما أنها وصلت إلى حد دسترتها في الفقرة الرابعة من الفصل 23 من الدستور التي نصت على أن قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة مضمونان، والفقرة الخامسة منه أكدت على أنه يتمتع كل شخص معتقل بحقوق أساسية، وبظروف اعتقال إنسانية، هذا إضافة إلى تأكيد الفصل 20 منه على أن الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان، ويحمي القانون هذا الحق، متسائلا عن أسباب عدم توقيف الطالب من طرف الضابطة القضائية منذ أول يوم من اعتصامه خصوصا أن مكان تواجده كان محددا وبدقة، وما إن كان هذا التوقيف المتأخر مجرد خطة لثنيه عن قرار الاعتصام والإضراب عن الطعام وليس من أجل مواجهته بالاتهام المعتقل من أجله، ولماذا لم يسأل عن أسباب إضرابه عن الطعام؟ ولم يحل على الطبيب خلال هذه المرحلة الحساسة من البحث؟ مضيفا كيف يا ترى تم الاستماع للطالب من طرف الضابطة القضائية والنيابة العامة وقضاء التحقيق وهو مضرب عن الطعام لمدة حوالي 40 يوما، وفاقدا لكل قواه البدنية والعقلية؟ ولماذا لم يحل على المستشفى بدل إيداعه في السجن؟ وهل بهذه الطريقة سيتم تأمين حياة الأشخاص، وترسيخ الحقوق والحريات، وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، وتجريم كل الأفعال الماسة بكرامة الشخص وكل الممارسات المهينة أو الحاطة بالكرامة، ومواصلة نشر ثقافة حقوق الانسان والتربية والتكوين عليها؟ فأين هي إذن شروط المحاكمة العادلة في هذه النازلة؟ كسؤال عريض اختتمت به المراسلة الموجهة في الموضوع، والتي ينتظر من خلالها الفريق الاشتراكي جواب وزير العدل والحريات. قطاع الصحة في قطاع الصحة، وجه الفريق الاشتراكي سؤاله إلى وزير الصحة حول أسباب الفشل في إنقاذ حياة الطالب مصطفى مزياني، مبرزا له أنه دخل في الإضراب عن الطعام منذ الأسبوع الأول من شهر يونيو، ونقل إلى مستشفى ابن الخطيب بفاس يوم 16 يوليوز وهو رهن الاعتقال الاحتياطي، ثم عاد إليه ثانية يوم 19 يوليوز ليرقد به إلى غاية يوم 04 غشت، حيث أحيل بعد ذلك على مصلحة الجهاز العصبي بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني ليفارق به الحياة يوم الأربعاء 13 غشت في الساعة الخامسة مساء، جراء التهاب دماغي ناتج عن نقص فيتاميني حاد على مستوى الرأس، وذلك بعد 72 يوما من الإضراب عن الطعام، مذكرا إياه بمقتضيات الدستور خاصة الفصل 20 الذي يؤكد على الحق في الحياة والفصل 31 منه، على أنه تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة من الحق في العلاج والعناية الصحية، إلى جانب البرنامج الحكومي الذي ركز على تعزيز ثقة المواطن المغربي في منظومته الصحية، وعلى تجويد القطاع وتحسين الاستقبال وتوفير الخدمات الصحية اللازمة للعموم بشكل عادل يضمن الولوج المتكافئ إلى الخدمات الصحية الأساسية. وأوضح الفريق الاشتراكي من خلال سؤاله أن الإضراب عن الطعام على المستوى الدولي يصل إلى مدد جد طويلة تمتد لشهور وشهور، نتيجة العناية الطبية التي يحظى بها المضربون عن الطعام من أجل ضمان وحماية حقهم في الحياة، وهو الأمر الذي لم يقع بشأن الوضعية الصحية لهذا الطالب، الذي مكث في مستشفى ابن الخطيب لمدة 15 يوما دون أن يحال مباشرة على المركز الاستشفائي الجامعي مما ساهم في تعقيد وخطورة ظروفه الصحية، إضافة إلى قصور التجهيزات الطبية والخبرات في هذا المجال مما عجل برحيله، خصوصا أن بلاغ المندوبية الجهوية لإدارة السجون وإعادة الإدماج يبرئ ذمتها ويلقي بالمسؤولية على عاتق وزارة الصحة، متسائلا عن الطريقة التي سيتم العمل من خلالها على تعزيز ثقة المواطن المغربي في منظومته الصحية، وعن تجليات تجويد القطاع وتحسين الاستقبال وتوفير الخدمات الصحية اللازمة للعموم بشكل عادل يضمن الولوج المتكافئ إلى الخدمات الصحية الأساسية ارتباطا بقضية هذا الطالب. وطالب بالكشف عن أسباب تأخر إدارة مستشفى ابن الخطيب عن إحالته على المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني في إطار تنقيل المرضى بين شبكة العلاجات الأساسية، وعن أسباب ضعف وهزالة التجهيزات والخبرات المغربية المخصصة لهذا النوع من التدخلات؟ مطالبا وبإلحاح من الوزير الوصي على القطاع بأن يعمل على فتح تحقيق وبحث بشأن الإهمال الطبي الذي طال الطالب مصطفى مزياني، وتذييع نتائجه، وتحديد المسؤوليات المرتبطة بهذا الاهمال. قطاع إدارة السجون وإعادة الإدماج السؤال الذي وجهه الفريق إلى الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني تمحور حول مسؤولية المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في وفاة الطالب مصطفى مزياني، موضحا من خلاله أنه قد اعتقل يوم 11 يوليوز 2014، وأصدر بشأنه قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بفاس الأمر بالإيداع في سجن عين قادوس، وهو في وضعية إضراب عن الطعام، الذي دخل فيه بداية شهر يونيو ، وإن إدارة السجن أشرفت على زيارته لمستشفى ابن الخطيب يوم 16 يوليوز، ثم أثناء عودته إليه ثانية يوم 19 يوليوز ليرقد به إلى غاية يوم 04 غشت، حيث أحيل بعد ذلك على المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني ليفارق به الحياة يوم الأربعاء 13 غشت على الساعة الخامسة مساء، بعد 72 يوما من الإضراب عن الطعام، متطرقا للمقتضيات الدستورية والقانونية المرتبطة بهذا المجال، وتحديدا الفصل 20 من الدستور الذي يؤكد على أن الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان، ويحمي القانون هذا الحق، والفقرة الخامسة من الفصل 23 على أنه يتمتع كل شخص معتقل بحقوق أساسية، وبظروف اعتقال إنسانية، والمادة 129 من القانون رقم 98.23 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية تنص على أنه يجب أن يقوم طبيب المؤسسة، المكلف بالسهر على صحة المعتقلين البدنية والعقلية بفحص يشمل المعتقلين الجدد بالمؤسسة، وطبقا للمادة 134 منه يكون الطبيب الملف الطبي للمعتقلين من أجل تصنفيهم وتوزيعهم، في حين تنص الفقرة الثانية من المادة 131 من نفس القانون على أنه يمكن إجبار المعتقل على التغذية إذا أصبحت حياته معرضة للخطر وذلك بناء على تعليمات الطبيب وتحت مراقبته، مضيفا في نفس السياق أن البلاغ الذي أصدرته المندوبية الجهوية لإدارة السجون وإعادة الإدماج أشار إلى أن إدارة السجن استعملت كل وسائل الإقناع من أجل ثنيه عن قرار مواصلة الاضراب، خاصة بعد إشعاره باتخاذ قرار إعادة تسجيله بالجامعة. وتساءل الفريق عن توفر المؤسسة السجنية أصلا على طبيب من عدمه، وإن وجد هل قام بفحص الطالب أثناء ولوجه للمؤسسة في إطار الفحوصات التي تجرى للمعتقلين الجدد؟ وما هي نتائجه؟ ولماذا لم يحل على المستشفى إلا بعد مضي 48 ساعة عن ولوجه للمؤسسة السجنية؟ ولماذا لم تعمل إدارة المؤسسة السجنية على توجيهه مباشرة إلى المركز الاستشفائي الجامعي منذ أول مرة بدل ضياع الوقت في مستشفى أقل درجة منه، خصوصا أن القانون يحيله على مكان توفر العلاجات الضرورية؟ وأين هي الحقوق الأساسية والظروف الإنسانية المتطلبة دستوريا للمعتقل في هذه الحالة؟ ويتساءل في نفس السياق عن أسباب عدم قيام إدارة المؤسسة السجنية بحماية حق الطالب في الحياة، عبر تطبيق إمكانية إجباره على التغذية بعدما أصبحت حياته معرضة للخطر بدل فقط ما عبرت عنه في البلاغ بوسائل الإقناع من أجل ثنيه عن قرار مواصلة الإضراب؟ ولماذا لم تمده بوصل التسجيل في الجامعة عوض الاقتصار على إشعاره باتخاذ قرار إعادة تسجيله؟ ألا يعتبر هذا بالإمساك عمدا عن تقديم مساعدة لشخص في خطر؟ واختتم الفريق سؤاله بمطالبته للوزير الوصي بفتح تحقيق دقيق ومعمق لتحديد الأسباب التي جعلت إدارة سجن عين قادوس بفاس تهمل الطالب مصطفى مزياني وكشف نتائجه، وترتيب القرارات بعد تحديد المسؤوليات المرتبطة بهذا الاهمال.