تمكنت السلطة الفلسطينية من تحقيق انتصار على إسرائيل، بانضمامها للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية، رغم كل الجهود والعراقيل التي قامت بها كل من تل أبيب وواشنطن، للحيلولة دون ذلك، غير أن فلسطين حازت النصاب الكافي من الأصوات التي جعلتها عضواً في أكبر منظمة للشرطة الدولية، تضم 190 بلداً، وسط شعور إسرائيلي بخيبة الأمل، عبرت عنها مختلف وسائل الإعلام التابعة للكيان الصهيوني. وتكمن أهمية هذا الانتماء في كونه يتيح للفلسطينيين تقديم مذكرات اعتقال في حق الضباط الإسرائيليين المتهمين بارتكاب جرائم في حق الشعب الفلسطيني، والحصول على معلومات حساسة في مجال الجريمة المنظمة والإرهاب، لكن الأهم من كل هذا، هو نجاح فلسطين في الانتساب إلى منظمات دولية مثل اليونسكو والمحكمة الجنائية الدولية، للاعتراف بها دولة مستقلة، والضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها. وتشير المعطيات إلى أن سعي الفلسطينيين إلى الخروج عن الأسلوب الكلاسيكي الذي كان متبعاً، والذي كان يعزلهم عن الحضور بقوة في هيئات المنتظم الدولي، قد بدأ يعطي ثماره، لأنه يكرس عملياً الاعتراف بحقوقهم للعيش في دولة مستقلة عن الاحتلال الصهيوني. غير أنه بالموازاة لهذه الخطة، فإن الضغط على إسرائيل ككيان عنصري، يغتصب أراضي شعب آخر، مسألة مازالت في حاجة إلى مجهود كبير، لأن سلاح المقاطعة أثبت نجاعته في تجارب أخرى، وينبغي أن يكون من بين وسائل المقاومة للقضاء على الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. ولا يمكن للفلسطينيين وحدهم القيام بهذا المجهود، بل من الضروري أن تتظافر الجهود السياسية والديبلوماسية والمالية، من مختلف الأطراف المساندة للقضية الفلسطينية، لعزل إسرائيل وتشديد الخناق عليها. ويمكن لهذا السلاح السلمي أن يساهم، إلى جانب كل أشكال المقاومة الأخرى، في تقوية جبهة الفلسطينيين، والحصول على دعم أكبر من طرف العديد من شعوب العالم، في عمل ملموس، وليس عن طريق التعبير عن التعاطف فقط. ويمكن القول إن الفلسطينيين يسيرون في الطريق الصحيح، وهم يسعون إلى حيازة مكانة أكبر في المنتظم الدولي، لفضح وعزل الكيان الصهيوني، غير أنه مازالت هناك صعوبات من الضروري تجاوزها، أهمها توحيد الصفوف والتقدم في مشروع المصالحة بين مختلف الفصائل الفلسطينية.