صاحب عيد الأضحى لهذه السنة ظاهرة تلون ذبيحة العيد إلى الأخضر والأزرق بعد ساعات من ذبحها رغم المحافظة عليها واحترام سلسلة التبريد، وفقا لتأكيدات العديد من المواطنين، الأمر الذي ولّد لديهم جملة من الأسئلة التي تم تداولها فيما بين فئات عريضة من المستهلكين وأسرهم ومحيطهم، المرفوقة بتعاليق عن الأسباب المحتملة التي لم تتطرق لها بلاغات بعض الجهات المختصة، في حين وجدت حضورا قويا بينهم، والتي كالت الاتهامات لنوعية وطبيعة العلف الذي جرى تقديمه للأغنام المعنية، والذي يروم من خلاله بعض المتاجرين تسمين الخروف بطرق غير صحية، المتمثلة في إطعامها بواسطة مخلّفات الدجاج الممزوجة بالعلف، فضلا عن استعمال نوع خاص من الحقن التي تقوم بالزيادة في الوزن، وغيرها من الأساليب التي يرددها المستهلكون والتي يرون أنها كانت سببا مباشرا في حرمانهم من أضحية العيد، في حين يرى مختصون في المجال أن السبب قد يكون أيضا بفعل عدم احترام التدابير الوقائية والتعقيمية واستعمال أدوات الذبح بدون الحفاظ على نظافتها، خاصة إذا استعملت عدة مرات مما يسهل تسرب الميكروبات إلى جسم الذبيحة، أو ترك الأضحية معلقة في الشمس لعدة ساعات قبل تقطيعها وتبريدها . الحديث عن فساد اللحوم يدفعنا للتذكير بأن هناك معايير للوقوف على عدم سلامة اللحم، التي لاتقف عند حدود اللون بل تشمل الرائحة والملمس وغيرها، إذ يكون لون اللحوم الفاسدة داكنا، مائلا إلى السواد في بعض أجزائها، وتصدر عنها رائحة كريهة منفّرة، وعند الملمس يتبيّن على أنها «طريّة» غير متماسكة، إذا قام الشخص بالضغط عليها بواسطة الأصبع، فإن مكانه يبقى مجوّفا ولا يعود إلى شكله الطبيعي، كما أن قطعة اللحم الفاسدة يكون ملمسها لزجا جدا، ويخرج منها دم مخلوط بالماء في كثير من الأحيان. وبعيدا عن ذبائح عيد الأضحى فإن معيارا آخرا يتم اعتماده عند اقتناء اللحم لمعرفة جودته من عدمها، والذي يتمثل في الختم الطبي البيطري، لأنه متى تم وضع ختم على اللحوم المحلية والمستوردة فإن ذلك يدل على أنها ذبحت بإشراف طبي. ويشير الختم الأحمر على أن هذه اللحوم ذبحت محليا وهي صغيرة في السن، أما الأختام البنفسجية، فإنها تدل على أن هذه اللحوم هي مستوردة من الخارج وذبحت في الأماكن المخصصة للاستيراد، ووجود الختم يدلّ على سلامتها خلال عملية الذبح، أما في حالة غيابه فإن ذلك يدل على أنها تكون لحوما فاسدة أو مجهولة المصدر. لقد تتبعنا كيف تخلًّص عدد من المواطنين من لحوم الأضاحي الفاسدة، لكن بالمقابل وبكل أسف تعمل بعض الأسر على محاولة تجزيء تلك اللحوم بعدم التخلص من بعضها الذي لم يطله الاخضرار أو الزرقة، في حين يغض البعض الآخر الطرف ويعمل على طبخ تلك اللحوم بالاعتماد على النار سعيا لتركها عليها مدة طويلة على أمل القضاء على الجراثيم التي بها، والحال انه يتعين وجوبا على المواطنين الذين تضرروا من تعفن الأضحية إتلافها كليا لأنها يمكن أن تسبب لهم مضاعفات صحية خطيرة، كما هو الشأن بالنسبة للتسممات، التهاب المعدة والأمعاء، السالمونيلا، فضلا عن أنه يمكن أن تتسرب بين أنسجتها ميكروبات وفيروسات وديدان دقيقة جدا، ضررها يطال المعدة والقولون، كما أنه يمكن أن تتحول في مرحلة لاحقة إلى أورام، إما كيسة كبدية، أو كيسية رئوية التي تكون قابلة لأن تنتقل إلى جميع أعضاء الجسم، وهنا يجب ألا نغفل أن الماشية التي تتغذى في مطارح النفايات بالاعتماد على القمامة فإنها تصاب ب «البروسيللا»، والحمى القلاعية التي تنقلها إلى الإنسان . إن ظاهرة تعفن اللحوم وتغير لونها هي غير صحية، وتشير إلى أن هناك خللا وضعفا، بشكل أو بآخر، في المراقبة البيطرية لقطعان الأغنام من لدن المصالح المختصة، وعليه فإنه يتعين على الجهات المسؤولة أن تقوم ببحث جدي، خاصة في ظل تضارب المواقف، حول ظروف علف الماشية، وماهي الوسائل غير الشرعية التي تستعمل في تسمين الأغنام، والظروف التي ساعدت على تسريب البكتيريا إلى الأضاحي، وإيلاء ملف السلامة الغذائية العناية التي يستحقها.