تصدى بنك المغرب لأول هجوم للمضاربة على قيمة الدرهم، والذي كلف احتياطات الصرف من العملات الأجنبية 10 في المائة من قيمتها مند بداية شهر مايو. وعرفت احتياطات بنك المغرب انخفاضا متواصلا مند بداية مايو، ونزلت خلال هذه الفترة من 22.8 مليار دولار إلى 22.4 مليار دولار. ويرجع سبب هذا الانخفاض أساسا إلى إضطرار بنك المغرب لشراء المعروض من الدرهم مقابل العملات الصعبة دفاعا عن قيمة الدرهم. ومع اقتراب موعد الشروع في تعويم الدرهم يراهن المضاربون على انخفاض قيمته كما بينت ذلك مختلف تجارب الدول الصاعدة والنامية التي اختارت الانتقال من السعر الثابث لعملتها الوطنية إلى السعر الحر الذي يتحدد وفق قوانين العرض والطلب، أي أن العملة الوطنية تصبح "سلعة" قابلة للتداول في سوق حرة، وبالتالي فسعر تداولها يخضع لقوانين العرض والطلب. وسيكون على بنك المغرب أن يواجه الطلب المتزايد على العملات الأجنبية مقابل الدرهم المغربي، والذي يتقلب حسب تكهنات المضاربين الذين يسعون إلى تحقيق مكاسب مالية عن طريق بيع الدرهم مقابل العملات بسعر عال ثم يعد انخفاضه يعيود بيع العملات مقابل الدرهم. وبسبب تهافت المضاربين على بيع الدرهم فإن قيمته لن تصمد إلا بقدرما استطاع بنك المغرب الاستجابة للطلب على العملات مقابل الدرهم. غير أن هذه القدرة محدودة نتيجة الرصيد المتوفر من العملات، والذي سيتعرض للاستنزاف. ويجد بنك المغرب في هذه المعركة غير المتكافئة نفسه في وضعية صعبة. فبقدرما دافع على قيمة الدرهم بقدرما ازداد شره المضاربين، لأنهم يذركون أنه طالما يقاوم بنك المغرب فبإمكانهم تحقيق فوائد أكبر عندما يرضخ ويسمح بانخفاض قيمة الدرهم. غير أن بنك المغرب لا يزال يتوفر في جعبته على أسلحة تقليدية، منها رقابته على العمليات البنكية، وعلى الخصوص عمليات الصرف التي لا زالت لم تحرر بعد. كما يتحكم في مسلسل تحرير الدرهم وأجندته السرية. ومند بداية مايو انخفضت قيمة الدرهم مقابل اليورو نحو 1.4 في المائة من قيمته، قبل أن يستقر في الأيام الأخيرة في حوالي 92 يورو مقابل ألف درهم. أما بالنسبة للدولار، فقد ارتفعت قيمة الدرهم مند بداية مايو بنسبة 0.7 في المائة، قبل أن تستقر في مسنوى 103 دولار مقابل ألف درهم.