أجرت جريدة ال+اتحاد الاشتراكي حوارا مطولا مع الدكتور عمر حلي, رئيس جامعة ابن زهر باكادير,في محاولة لتشخيص واقع التعليم العالي بالمنطقة ،والتعرف على أهم الإجراءات والتدابير المتخذة من طرف رئاسة الجامعة لتطوير خدمات التعليم العالي وتجاوز مختلف الاكراهات والصعوبات . للتخفيف من حدة الضغط الكبير التي تعرفه جامعة ابن زهر لارتفاع عدد طلابها،قمتم بمجموعة من المجهودات من بينها خلق ملحقة بجوار كلية العلوم الاقتصادية والاجتماعية،هل فعلا خففت من هذا الضغط؟ تعرفون أن ما يرتبط بموضوع الضغط على الجامعات بصفة عامة والجامعات الكبرى مثل جامعة ابن زهر باكادير،او جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس او جامعة وجدة ،او جامعة القاضي عياض بمراكش هي جامعات تعرف تدفقا كبيرا للطلاب, نظرا لأن جهات الاستقطاب فيها متعددة, الشيء الذي يتطلب سرعة كبيرة في البناءات من اجل مواجهة هذا الضغط وتدارك ومحاولة تعويض ما فات، وفي هذا الباب فقد قمنا ببناء مدرجين و22 قاعة بكلية العلوم في سنة 2011 ثم شيدنا ملحقة متكاملة عبارة عن قطب جامعي جديد قرب كلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية وهي عبارة عن 4 مدرجات و 56 قاعة كلها بمواصفات حديثة تستوعب 8130 مقعدا وقد تم استغلال هذا الموسم 46 في المائة من طاقتها الاستيعابية على ان يتم استغلال ما تبقى خلال الموسم القادم. لقد قمنا أيضا باتخاذ إجراءات أخرى تتمثل في خلق بعض الكليات وتوسيعها لاستيعاب عدد اكبر من الطلبة ،كالكلية المتعددة التخصصات بكل من تارودانت وورززات وفتح شعبة للاقتصاد بكلميم وصل عدد طلابها الى 2500 طالب. اليوم نحن بصدد اطلاق مشروع كبير بايت ملول, يتمثل في بناء ملحقة والتي وصلت بها الاشغال الى مرحلة جد متقدمة ،وتضم ما يزيد عن 7 مدرجات كبرى و 80 قاعة, حيث سيتم هذه السنة بناء 4 مدرجات و 40 قاعة هل ستكون الملحقة جاهزة الموسم المقبل؟ نعمل جاهدين على ان تكون جاهزة خلال شهر نونبر المقبل, على ان يكون الإنجاز بمواصفات جيدة،و سنطلق هذا الأسبوع بناء مدرجين اثنين و20 قاعة ،فضلا عن ذلك نعمل على بناء مدرسة جديدة للمهندسين, كما تمت برمجة بناء كلية الطب والصيدلة ،الشيء الذي يعني ان الجامعة تتوسع. كذلك انشأنا بكلية الاداب والعلوم الإنسانية فضاء للإنسانيات يتكون من قاعتين للمحاضرات و مكاتب وقاعات للاجتماعات وقاعة للسلك الثالث ،أما بكلية العلوم فنحن بصدد اللمسات الأخيرة لإطلاق مشروع البهو العلمي،نفس الشيء بالنسبة للمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير التي قمنا بتأهيلها ببناء مجموعة من القاعات على ان يتم في غضون هذا الشهر الانتهاء من انجاز مشروع مركز الأعمال. في نفس الموضوع دائما، ألا ترون أن هذا الضغط الكبير الذي تعيشه جامعة ابن زهر يؤثر على ما هو بيداغوجي،كما أنه يشكل عبئا على الموظفين والأساتذة ؟ بالنسبة للأعباء الكبرى على الموظفين فقد حاولنا التخفيف منها من خلال عدة سبل من أهمها «بطاقة منحتي» التي أصبحت تمنح مرة واحدة للطالب في مساره الجامعي, في حين كانت توزع المنحة 3 مرات في السنة ،كذلك بالنسبة لعملية تسجيل الطلبة فقد أصبحت آلية عن بعد،وهو ما خفف على شبابيك الكليات التي يلجأ اليها الطلاب لتتبع العديد من المشاكل والقضايا البيداغوجية ،غير اننا نقر بان هناك ضغطا كبيرا خصوصا أوقات الامتحانات, خاصة بكلية الحقوق وكلية الاداب على عكس كلية العلوم التي تعاني مشكلا آخر يتجلى في الدروس التطبيقية والتوجيهية ,حيث يضطر الأساتذة الى العمل في مجموعات صغرى. تقومون بمجهودات لتوفير مناصب مالية لتغطية الخصاص من الأساتذة؟ هل توفقتم في ذلك؟ |إلى حد ما ،فنحن نرى أن التأطير ما زال يعتريه النقصان ،ولكننا مررنا من 600 أستاذ الى 830 أستاذا ،أي أننا خلال ثلاث سنوات توفقنا في رفع عدد الأساتذة بنسبة الربع من العدد الإجمالي ،وهذا لا يعني أننا راضون كل الرضى خصوصا على مستوى نسب التأطير التي نعتبرها مازالت ضعيفة ببعض المؤسسات التي تعرف عددا كبيرا من الطلاب. قمتم بمبادرة تتمثل في عقد اتفاقية شراكة مع المجلس الثقافي البريطاني لتدريس اللغة الإنجليزية عن بعد. ما هو تقييمكم لهذه التجربة؟ وهل سيتم تعميمها على باقي الأسلاك؟ نحن نجتهد من أجل فتح نوافذ جديدة لشبابنا ،فإيماننا راسخ بأن اللغات الأجنبية هي بوابة أساسية لتسهيل الاندماج في المحيط ،واللغة الإنجليزية الى جانب لغات أخرى تعتبر هامة في جميع المجالات ،فهذه التجربة الجديدة قد ساعدت في تحقيق عدة اهداف من بينها تدريب الطالب الاعتماد على النفس عبر أداة جديدة هي التعليم عن بعد ،كذلك ان يتعلم ان الحصول على شهادة موازية سيمكنه لا محالة من تقوية حظوظه للاندماج في سوق الشغل, بالإضافة الى اننا قد ربحنا شريكا جديدا سيكون لا محالة إضافة نوعية للجامعة الا وهو المجلس الثقافي البريطاني. وبلغة الأرقام فلدينا الآن 1800 طالب مستفيد من هذه العملية ونعمل على تعميمها ليستفيد منها طلبة الكليات المتواجدة بتارودانتوورزازات وكذلك طلبة الماستر والدكتوراه لنصل على الأقل في السنة القادمة الى 4000 او 5000 طالب . بالنسبة لظاهرة العنف التي كثر الحديث عنها مؤخرا،حيث هناك من يصنف جامعة ابن زهر من أكثر الجامعات التي تعرف هذه الظاهرة؟ هناك احداث ومناوشات معزولة تحدث بين الفينة والأخرى لعل آخرها المشادة التي وقعت بين قوات الامن والطلبة امام كلية الاداب والعلوم الإنسانية والتي دامت مدة نصف ساعة, نتيجة لتضامن هؤلاء الطلبة مع ذويهم واسرهم بزاكورة ،فالامر ليس بالصورة او بالحدة التي يصورها البعض ،فالدراسة تسير بشكل عاد جدا كما ان طلبتنا ينظمون وبشكل يومي أنشطة واعمالا اجتماعية كثيرة جدا ، صحيح ان الكليات تعرف تواجد فصائل وحساسيات كبرى تحترم بعضها البعض والتي اعتبرها شخصيا غنى وتنوعا فكريا وثقافيا للجامعة وللمنطقة . ان مقاربة هذه الظاهرة المجتمعية التي لا تقتصر على الجامعة فقط ،تتطلب العمل على عدة مداخل منها المدخل القانوني من خلال متابعة كل من يعتدي على موظفي او مرتفقي الكليات, بالإضافة الى المدخل التربوي, حيث اننا مقبلون السنة القادمة على تنظيم حملة تحسيسية ضد العنف للتعريف باخطاره ،هذا دون ان ننسى ما قام به مجموعة من الأساتذة من بحوث سوسيولوجية ميدانية حول ظاهرة العنف والتي بينت نتائجها ان من يؤمنون بالعنف من الطلبة لا يتجاوز 2 في المائة. بالنسة لمشكل السكن الذي يعاني منه الطلبة؟ قمنا بمجهودات في هذا المجال رغم ان الطريق ما زال شاقا ويتطلب المزيد من العمل ،فقد كنا نتوفر في الحي الجامعي على 1100 سرير ,فاضفنا اليها 600 سرير ،كما ان القطاع الخاص وشبه العمومي أضاف اسرة جديدة كما هو الحال بالنسبة لاقامة سوس العالمة التي توفر السكن ل 1500 طالب،بالإضافة الى 200 سرير التي اضافتها الجهة هذه السنة, وذلك في اطار انفتاحنا وبحثنا عن مبادرات وشراكات تؤمن المزيد من السكن للطلبة .اننا نأمل ابتداء من هذا الأسبوع ان تنطلق اشغال بناء الحي الجامعي الجديد الذي سيساعد على استيعاب عدد كبير من الطلاب . بخصوص المطعم الجامعي ،هل من توضيحات حول عدم افتتاحه لحد الآن في وجه الطلبة؟ المطعم لا يديره رئيس الجامعة وإنما مكتب الاعمال الاجتماعية ،ولكن حسب علمنا وتتبعنا فسيتم فتحه خلال بداية السنة المقبلة للقاطنين بالحي الجامعي ودار الطالبة ودار الجهة في بداية الامر, والذين يبلغ عددهم اكثر من 4000 طالب, على ان تتم دراسة إمكانية توسيع دائرة المستفيدات والمستفيدين. في ما يتعلق بالبحث العلمي, قمتم بإحداث جائزة خاصة به،لكن هناك من يرى بأن الاعتمادات المالية المخصصة له غير كافية ؟ البحث العلمي يتطلب شروطا بعينها ويجب ان نميز بين جميع ميادينه ومجالاته ،فهناك بحث علمي في العلوم وبحث علمي في العلوم الإنسانية والاجتماعية الذي يستلزم حركية للباحثين والتي نعمل على تشجيعها ودعمها،يستلزم كذلك منشورات ،وسنحتل هذه السنة على ما اظن المرتبة الأولى على الصعيد الوطني من حيث عدد المنشورات في المجال الاجتماعي والادبي . بالنسبة للمشاريع الاوربية الداعمة كانت لدينا ثلاث مشاريع فقط،وفي ظرف ثلاث سنوات استطعنا ان نرفع هذا العدد الى 15 مشروعا, لنتمكن من احتلال المرتبة الثالثة بين الجامعات المغربية, بعد ان كنا نحتل مرتبة جد متأخرة .كذلك أولينا أهمية للبنايات المتعلقة بتحفيز البحث العلمي كفضاءات وقاعات توفر ظروفا جيدة للمناقشات ،هذا دون ان نغفل تشجيع طلبتنا على البحث العلمي, حيث نظم مؤخرا لقاء كان جد متميز بكلية العلوم حول موضوع التنوع البيولوجي باسهام وشراكة مع احدى الجامعات الفرنسة ومجموعة من الخواص. اما فيما يهم البحث العلمي في مجال العلوم الحقة ،فهو يتطلب ميزانيات ضخمة ،مما دفع بنا الى برمجة و رسم استراتيجية تقوم على توفير مختلف التجهيزات على فترات, حيث تمكنا من تجهيز كل من مدرسة المهندسين واستوديو ورزازات للطاقات المتجددة على أساس ان نؤهل كلا من كلية العلوم والكلية المتعددة التخصصات بتارودانت التي تعرف بعض النقص في هذا الجانب ماذا عن انفتاح واندماج الجامعة في محيطها الاقتصادي ؟ إن الأنشطة التي نقوم بها, إن على صعيد البحث العلمي او التربوي, تتم مع شركائنا, وذلك ايمانا منا بأهمية الشراكات في الارتقاء بمستوى منظومتنا التعليمية ،فخلال الأسبوع الماضي فقط انجزنا ستة أنشطة نوعية منها نشاط «جاهزون من اجل المستقبل» بتعاون وشراكة مع البنوك ومع المقاولين ،شراكات كلها تسير في اطار انفتاح واندماج الجامعة في محيطها. سؤال آخر يتمحور حول الكليات التي تم خلقها بكلميم ،ورززات،وتارودانت . هل استطاعت تحقيق المأمول من بنائها؟ نسبيا،فهي كليات متميزة توفر للطلبة تكوينات ممهننة ،فكلية ورزازات مثلا تقدم تكوينات في مجالات متنوعة: السينما، السمعي البصري ،الطاقات المتجددة ،اللغات المطبقة ،السياحة وسنحاول هذه السنة ان شاء الله فتح شعب أخرى كالجغرافيا والتهيئة . اما بالنسبة لكلية كلميم والتي تتوفر على شعبة للاقتصاد وعلى المدرسة العليا للتكنولوجيا, فهي تسير بخطى ثابتة. كذلك نفس الشيء بالنسبة لتارودانت التي تقدم تكوينات في العمل الاجتماعي ،في الصناعات الغذائية،في اللغات المطبقة ،في الاقتصاد،في الجيولوجيا . علما اننا بالإضافة الى هذه الكليات سنفتتح خلال الموسم المقبل المدرسة العليا للتكنولوجيا بمدينة العيون والتي انتهت اشغال بنائها . ما هي المشاريع المستقبلية التي تخططون لها لتطوير الجامعة؟ كلية للطب مدرسة وطنية للتجارة والتسيير مدرسة جديدة للمهندسين قطب جامعي متكامل بمدينة ايت ملول كما اننا سنبحث في توسيع الجامعة في مدارات أخرى ان شاء الله. كلمة أخيرة اننا لا نحاول التغطية على بعض النقائص التي نرى انها تحتاج الى مزيد من الجهد ،لكننا مؤمنون حتى النخاع بالجامعة العمومية بعيدا عن أي خطاب تيئيسي لا يرى في الجامعة سوى مكان لا يتحدث فيه الا عن العنف ،فمثل هؤلاء لا يريدون الا ان يقتلوا في هذه الامة روح شبابها،فبتظافر جهود جميع مكونات الجامعة يمكن لنا ان نحقق لابناء هذا الوطن تعليما جيدا يؤهلهم لخوض غمار الحياة وخوض غمار سوق الشغل.