اختتمت أول أمس السبت، فعاليات الدورة ال13 من مهرجان موازين الغنائي، الدولي الذي أقيم بالرباط، حيث أحيا حفل الختام كل من الفنان السعودي الكبير محمد عبده، والمطربة الأمريكية الشابة اليشيا كيز. وقد بدأ محمد عبده حفله في التاسعة مساء، على مسرح منصة النهضة، وسط حضور جماهيري كبير وصل إلى 50 ألف متفرج. وقد توالت القطع الذائعة الصيت التى آداها، بين قصائد فصيحة معتقة وزجل خليجي راق، من "شبيه الريح" التي دشن بها الحفل وصولا الى رائعته "الأماكن" التي ارتفعت بها حرارة التفاعل بين الفنان وجمهوره، مرورا ب «اختلفنا» و«لنا الله» و «بنت النور». وكان مثيرا للانتباه أن محمد عبده أحيى حفله مرفوقا بفرقة موسيقية مغربية بقيادة المايسترو عبد الرحيم منتصر، المعروف في الوسط الموسيقي الخليجي، مع انضمام عناصر موسيقية سعودية، خصوصا على الإيقاع وفي الكورال. ولم يفت الفنان السعودي المخضرم أن يؤدي من جديد، ملتحفا بالعلم المغربي، القطعة المعروفة التي تمجد أرض المغرب وحضارته ومعالمه، بمطلعها العاشق «ودع اليأس وسافر واغرب، واشتر الحسن بأرض المغرب». وكان الفنان السعودي قد أعلن في ندوة صحافية قبيل الحفل عن مشروع مشترك مع عميد الأغنية المغربية عبد الوهاب الدكالي، لإصدار عمل غنائي ذي طابع روحي. وذكر بأنه تم الاتفاق مع الدكالي على هذا المشروع بمناسبة مهرجان فاس للموسيقى الروحية ولو أنه تأجل لدواعي صحية لكنه أكد العزم على استئناف العمل فيه مستقبلا. أما النجمة العالمية أليشيا كيز، فقد حبست بصوتها العذب وكلمات أغانيها الرومانسية أنفاس الجمهور. واستقبلت ابنة مدينة نيويورك، بقميصها الأسود المكتوب عليه اسم مدينتها بالأبيض، بوابل من التصفيقات، لتنطلق فصول أمسية استثنائية بدأتها النجمة الأمريكية بأغنية "نيويورك"، التي واكب أداءها عرض شريط فيديو تجول بجمهور موازين في حي "مانهاتن" انطلاقا من جسر بروكلين الشهير. وسافرت كيز بالجماهير الغفيرة التي حجت إلى منصة السويسي، في عوالم الرومانسية، بباقة من أغانيها الناجحة من قبيل "كارما"، و"يو دونت نو ماي نايم"، التي بدأتها بتجسيد مكالمة هاتفية مع حبيبها الذي لا يعرف حتى اسمها وأخبرته بتواجدها في المغرب وتطلعها لرؤيته في حفلها، مواصلة تألقها بأداء أغاني «ليسن تو يور هارت»، و"تراي سليبين ويذ أبروكن هارت»، و«ليميتدلس». وبدهاء جميل، أخرت الفنانة المتوجة ب12 جائزة غرامي المرموقة، أجمل أغانيها إلى الربع ساعة الأخير من الحفل، حيث أهدت الجمهور المتعطش للإيقاع الهادئ والكلمة المعبرة أغنيتها المفضلة "هاو كام يو دونت كول مي"، والتي انتهى أداؤها بارتفاع أضواء الهواتف النقالة منيرة سماء منصة السويسي، قبل أن تبشر بيوم جديد من الاحتفال مع أغنيتها "نيو داي"، وأغنيتها الأشهر "غورل أون فاير"، قبل أن تنهي عرضها بالطريقة ذاتها التي بدأت بها الحفل مع استبدال مدينة "نيويورك" أكثر من مرة ب "المغرب". وكان مهرجان «موازين» قد احتُي مساء الجمعة، بالأغنية المغربية في أمسية أحيتها الفنانات لطيفة رأفت ورشيدة طلال وسعيدة شرف. وعبر الوصلات الثلاث، تألقت الأغنية المغربية بإيقاعاتها وألوانها المختلفة، العصرية والشعبية والصحراوية، أمام جمهور متعطش لتجديد الصلة بالإبداع الموسيقي والغنائي الوطني. وبرهنت رشيدة طلال عن قدرتها على أداء أساليب مختلفة عصرية وشعبية فضلا عن طابعها الصحراوي الأصيل. وتوجت لطيفة رأفت عودتها القوية الى الساحة بمشهد غنائي وطني، حيث أدت أغنيتها الأخيرة "سأكتبها" التي سجلتها ببيروت، صادحة بمحبة الوطن، ممسكة بالنجمة الخماسية التي تتوسط علم المملكة. أما سعيدة شرف، فرفعت حرارة الحفل بتفاعلها الإيقاعي المعهود مع الجمهور، الذي أمتعته باختيارات متنوعة، صحراوية مغربية ولبنانية. ودشن بينحاس سهرته بأغنية تحت عنوان "بلادي"، قبل أن يلهب حماس الحضور بنخبة من أشهر أغاني هذا الرصيد الفني من قبيل "الزين اللي عطاك الله" و "العطار" و"اديني معاك" وغيرها. برانس كولوني ينشد كفاح المستعبدين السابقين في الأمازون من أجل الحياة والكرامة والحرية كما أنشد برانس كولوني، يوم الجمعة بالرباط، كفاح شعب "المارون"، في منطقة غابات الأمازون على الحدود بين غويانا وسورينام، وهم المستعبدون السابقون الذي آثروا مواجهة مستعبديهم بالقوة عوض الخضوع للاستغلال البشع. وغنى برانس كولوني، واسمه الحقيقي أومييل سيوو، الذي ازداد على ضفة نهر ماروني، في موقع شالة الأثري المشرف على نهر أبي رقراق، عن الجذور الإفريقية لشعبه، كما غنى للحب والحياة، مازجا بين التقاليد الموسيقية العريقة وأصناف موسيقية أخرى كالريغي. ويعد برانس كالوني سيد موسيقى الأليكي، التي انبثقت من تزاوج الريغي والكاسيكو، والتي تعتمد أساسا على قرع الطبول والصناجات، وتعبر عن واقع وأحلام شباب المدن في غويانا وسورينام في جزر الكرايبي. وتألقت ماجدة كعادتها،في مساء اليوم نفسه الجمعة) بقاعة النهضة، في اداء قصائد الملحون بصوتها القوي وحساسيتها الأنثوية التي تجعلها تلميذة جديرة بالانتماء الى مدارس الشيوخ الكبار. حيث بدا الجمهور مبتهجا بالتفاتة "موازين" لتخصيص أمسية ملحونية خاصة تلبي انتظار شرائح واسعة من محبي هذا اللون التراثي العريق الذي يعد، فضلا عن قيمته الموسيقية، وثيقة تاريخية شفوية توثق جوانب حياتية مختلفة. فبين قطع دينية مشبعة بالاتجاه الروحي الصوفي، وأخرى عاطفية في صيغة قصائد شهيرة للغزل تستحضر "شمعة" العاشق الساهر و"غيتة" المرأة السالبة لعقل المؤلف، انتقت ماجدة اليحياوي أكثر قطع الملحون تداولا لدى عموم الجمهور المغربي مما سهل صنع أجواء مثالية للتفاعل بين الفنانة وجمهورها.