نظمت مؤسسة فكر للتنمية والثقافة و العلوم يوم الثلاثاء 29 أبريل 2014 بمدرج الشريف الادريسي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط ندوة وطنية حول «موضوع المجتمع المغربي بين الثوابت والمتغيرات : تحاليل ورؤى»، ساهم في أشغالها أساندة باحثون سوسيولوجيون واجتماعيون واقتصاديون وسياسيون كما عرفت حضور ومساهمة المندوبية السامية للتخطيط وكذا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. ما التحولات التي عرفها المجتمع المغربي؟ ما طبيعتها؟ ما شروط إنتاجها، ارتباطا بالتغيرات المتسارعة؟ هل يتعلق الأمر فعلا بتحولات عميقة المبنى والمعنى أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تغير في ظل الاستمرارية مما يكرس نفس البنى ويعيد إنتاجها بصيغ مختلفة في الدرجة لا في النوع ؟ وفي مقابل ذلك كله ماذا عن الثابت الذي حافظ على حضوره وقوته الرمزيين ضدا على منطق التحول المجتمعي؟ وما علاقة مجمل هذه التحولات بالسياقات المحلية والإقليمية والعالمية؟ إن الراهن المغربي يدفع إلى شحذ كل إمكانات التساؤل من أجل فهم طبيعة التحولات التي تعصف بالقيم و العلاقات والرموز والتصورات، والتي تحسم الحال والمآل، وتؤثر في صياغة مختلف التوترات والتسويات والتوافقات. فالراهن المغربي يتم توصيفه حينا بأنه في مفترق الطرق، وحينا آخر بأنه مغرب المرحلة الانتقالية، أو يشار إليه في قراءات أخرى بمغرب الهشاشة والاحتقان، وهذا ما يطرح إشكالا جوهريا على مستوى النمذجة التي تقطع مع الاختزال أو التعميم. فثمة تحولات عديدة عرفها المجتمع المغربي منذ القرن التاسع عشر إلى اليوم، و هي تحولات جوهرية مست البنيات الديموغرافية والمجالية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، كما همت نسق القيم والتصورات والأسس الرمزية التي يدبر بواسطتها الأفراد علاقاتهم وتفاعلاتهم. والواقع أن المدن والبوادي المغربية كانت الأكثر تعرضا لهذه التحولات التي تتخذ أحيانا طابع الهزات والرجات، بسبب ما تثيره من إشكالات على مستوى إنتاج وتوزيع السلط والقيم وباقي الخيرات الرمزية والمادية. إلا أنه وبالرغم من هذه التحولات/الهزات، فثمة ممارسات وخطابات تحافظ على استمراريتها إنتاجا وإعادة، فالتحول الاجتماعي مغربيا لا يعني القطيعة التامة، بل إنه يضمر الاتصال لا الانفصال. افتتح اللقاء و ترأس جلسته الأولى الأستاذ محمد الدرويش الكاتب العام لمؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم بالترحيب بكل الحاضرين مشيرا إلى أهمية ودلالات عقد هاته الندوة من حيث موضوعها وتوقيتها ومكان انعقادها وطبيعة المساهمين في أشغالها مذكرا «بالأدوار الهامة التي قام بها أساتذة الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس في تكوين طلاب جامعة الأمس في إعداد المواطن المتشبع بقيم الحرية والتعايش والحوار، مواطن الحقوق والواجبات بخلاف ما نعيشه اليوم من تحولات في المجتمع المغربي خصوصا والعالمي عموما . تحولات مست البنيات الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية، تحولات تمس كل لحظة منظومة القيم لدى الفرد في تدبيره لعلاقته مع الآخر أسرة، وعشيرة و قبيلة وجماعات سواء في حياته الخاصة أو في عمله، تحولات همت القرى و المدن على السواء بدرجات متفاوتة وبآثار متغيرة. إن التحولات التي تمس المجتمع المغربي بكل طبقاته تتم عبر مسار ثنائية الاتصال و الانفصال في حياة الفرد / الجماعة وهذ ا ما يترجمه أن تجد مواطنا يعيش بأقنعة تختلف حسب المواقع التي يتواجد فيها، إذ تجده حداثيا أحيانا و محافظا أحيانا أخرى، ديمقراطيا هنا ومتسلطا هناك، محاورا الآن، ورافضا لذلك بعد حين، هاته الثنائيات في شخصية الفرد تعبير على ازدواجية فيها وتناقضاتها واضطرابها لأن التحولات لم تكن طبيعية بسبب عوامل خارجية كتأثير العولمة ومقتضياتها في إطار عالم مبتدل متغير بسرعات الصوت وبسبب نتائج الاختلالات التي تعرفها منظومة التربية والتكوين والحياة والأسرية والمجتمع بأغلب مؤسساته، مما يدفعنا إلى القول إن المجتمع يعيش أزمة قيم اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وسياسيا.» وبعد أن عرج على قيمة وأهمية المساهمين في أشغال هاته الندوة من حيث رمزية المؤسسات المشاركة في أشغالها والأدوار التي تقدم بها هاته المؤسسات في تحليل المعطيات وتقديم تصورات لإيجاد الحلول المناسبة لإشكالاتها والمشاكل التي تطرحها و الاستشارات التي تقوم بها والالتحاق بالمواطن أيا كان وكيف ما كان وكدا القيمة العلمية والمجتمعية للأساتذة الباحثين المساهمين في فقرات هدا اللقاء الهام. ومن جهته كشف عمر بنعياش أستاذ علم الاجتماع أنه قد كان الاتفاق المبدئي مع رئيس مؤسسة «فكر» الدكتور محمد درويش عندما اتصل بي أول مرة قبل بضعة شهور من الآن هو أن يلقي رئيس الجمعية المغربية لعلم الاجتماع الدكتور محمد جسوس كلمة مقتضبة في هذه الندوة، تكون عبارة عن رسالة أو وصية أو نداء موجه إلى المشتغلين بالعلم والفكر والثقافة بصفة عامة، وبعلم الاجتماع بصفة خاصة، لكن شاءت الأقدار أن يرحل عنا الدكتور محمد جسوس على بعد أسابيع من انعقاد هذه الندوة الفكرية الهامة. وقد أصر الإخوة في مؤسسة فكر وفاء للرجل وتكريما لروحه، ألا يغيب صوت الجمعية بغيابه، وأن يتم الاحتفاظ بكلمتها، مهما كانت الظروف التنظيمية التي تمر بها، باعتبارها إطارا ضروريا لتنظيم وتوحيد وتنسيق جهود الباحثين المشتغلين في الحقل السوسيولوجي، وأصروا على رفضهم السماح باندثار أي إطار تنظيمي من شأنه أن يجمع شمل الباحثين في علم الاجتماع، ويوحد كلمتهم. وفي تصور إخوتنا في مؤسسة فكر أن هناك حاجة قصوى اليوم إلى فكر سوسيولوجي منظم ومنتج، لمواكبة التحولات الكبرى التي يعرفها المجتمع المغربي، والمساعدة على فهمها وتفسيرها. تأسست الجمعية المغربية لعلم الاجتماع في سبعينيات القرن الماضي على يد أسماء مشهود لها بالكفاءة والعلم، غير أن ظروفا ذاتية وموضوعية ساهمت في تعثر عملها خلال سنين عديدة، وكان كل أملنا وأمل فقيدنا العزيز الدكتور محمد جسوس خلال العقود الثلاثة الماضية أن تتقد الرغبة من جديد في إحياء الجمعية وإعطائها انطلاقة جديدة ونفسا جديدا. وفي اعتقادنا أن هناك فعلا حاجة كبيرة لهذا العلم لتفسير التحولات الكبيرة التي يشهدها المجتمع المغربي اليوم سواء على مستوى العلاقات والبنيات أو على مستوى القيم، لكن الحاجة هنا لا تعني الطلب، ولا تعني أن علم الاجتماع المغربي في وضعه الحالي له ما يكفي من الإمكانيات والقدرات والطاقات للجواب على الأسئلة الكبرى التي يطرحها المجتمع المغربي، بما فيها مصير ومآل آلاف الطلبة الذين يتخرجون سنويا من مختلف الجامعات المغربية بشهادات في علم الاجتماع. هناك إذن في تقديرنا حاجة قوية و واضحة لعلم الاجتماع من جهة، يقابله طلب مؤسسي محدود على هذا العلم من جهة ثانية، وتشتت لمجهودات العاملين فيه من جهة ثالثة. لكن الخطر الذي يتهدده أكثر فأكثر هو فقدان هويته العلمية بسبب الطلب المتنامي عليه خاصة من طرف الصحافة المكتوبة والمسموعة. إن الميزة الأساسية التي تطبع ممارسة علم الاجتماع اليوم في المغرب أنها متمردة في جزء منها على الضوابط الأكاديمية، وأن ما أفلح فيه آل علم الاجتماع هو التحرر من «الرقيب الجمعي» الذي يزن أعمال الباحثين ويجادلهم ويناقشهم فيها، وقد يضع حدا لتجاوزاتهم غير العلمية، وشاهد ذلك أن عددا من الزملاء ينشطون في حقل علم الاجتماع كما لو أنهم عبارة عن جزر معزولة عن بعضها البعض. ويبدو أن في الأمر جزءا من التفسير للفشل في تنظيم الباحثين في علم الاجتماع داخل هيئة منظمة ينصاع فيها الجميع لضغوطات العمل الجماعي وتوافقاته. أختم كلمتي المتواضعة هاته بالقول أن السوسيولوجيا لم تكن دائما موجودة على الصورة التي توجد بها اليوم، ولن تكون موجودة غدا بالصورة نفسها والشكل نفسه، ولذلك فنحن مطالبون بابتكار أساليب وأشكال جديدة تضمن استمرارها في المستقبل. كيف؟ وبأية أساليب وإمكانيات؟ ومن جانبه تناول الكلمة الأستاذ محمد الصالحي عميد كلية الآداب أكدال مرحبا بضيوف مؤسسة فكر برحاب الكلية و نوه بمبادرات هاته المؤسسة في ملامسة المواضيع الجادة والمهمة في حياة المؤسسات الاجتماعية و الثقافية و العلمية كما شدد على أهمية عقد هذا النوع من اللقاءات في ظرف خاص تمر به الشعوب العربية خصوصا والمجتمع المغربي بوجه أخص مذكرا ببعض التحولات التي نعيشها اليوم في الجلسة العلمية الأولى التي ترأس أشغالها الأستاذ محمد الداهي عضو المكتب التنفيذي لمؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم تناول الكلمة ممثل المندوبية السامية للتخطيط ليقدم نظرة موجزة عن المندوبية والأدوار التي تقوم بها رصدا لكل الظواهر التي يعرفها المجتمع المغربي من تحولات دمغرافية واقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية ومؤسساتية، وكذا التغيرات التي همت البنيات الاقتصادية والظروف المعيشة لساكنة المغرب الحضري والقروية، وقبل ذلك قدم اعتذار السيد المندوب السامي الأستاذ أحمد لحليمي لمؤسسة فكر للتنمية و الثقافة والعلوم وللحاضرين عن عدم تمكنه من حضور هذا اللقاء الهام نظرا لانشغالات طارئة لمهام إدارية مرتبطة بعمليات الإحصاء العام. أما ممثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وبعد أن اعتذر باسم نزار بركة رئيس المجلس عن عدم تمكنه من متابعة أشغال هذا اللقاء الوطني الهام لتواجده خارج المغرب في مهمة رسمية، قدم هو كذلك المجلس الاقتصادي والاجتماعي و البيئي كما حدده التشريع المغربي بعد دستور 2011، مذكرا بأدواره الطلائعية وبطرق اشتغال فرق أعماله والمرتكزة أساسا على التشاور والتفاعل وإنجاز الدراسات والآراء حول كل القضايا التي تمس المجتمع المغربي اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا و غيرها. تم تناول الكلمة الأستاذ عبد السلام الرجواني، الباحث المختص في قضايا الهجرة المختص في قضايا الهجرة، مسألة تحولات الهجرة الدولية المغربية وجه آخر للعلاقات المغربية الأوربية. وأبرز أن الهجرة المغربية نحو أوربا الغربية تعود أساسا إلى أزمنة بعيدة، غير أن العقد السادس من القرن العشرين كانت البداية الحقيقية لهجرة مكثفة ومنظمة ومؤطرة، حكمتها اتفاقيات ثنائية بين الحكومة المغربية ودول أوربية تتقدمها فرنسا. وقد تميزت الهجرات المغربية في مرحلتها الأولى باستهدافها مغاربة ذكورا، دوي أصول بدوية (سوس والريف في مرحلة أولى قبل أن تعم كل مناطق المغرب)، أغلبهم أميون وغير مؤهلين مهنيا. هجروا وفق استراتيجية محكمة قوامها العمل في القطاع الفلاحي والمعدني والصناعي في ظروف بئيسة وقاسية أحيانا، بعيدا عن أسرهم وفي ظل عزلة ثقافية واجتماعية لم تكن لتخفف من عذاباتها سوى العودة الموسمية لأرض الميلاد والطفولة والذكريات البعيدة إلى جانب الاحتماء بالانصهار في حشود أقرانه من العمال المغاربة المهاجرين المنتمين لنفس المجموعة الاثنية أو اللغوية بالبلد الأصلي. ساهمت الفواج الأولى من المهاجرين المغاربة في بناء الاقتصاد الأوربي عامة والفرنسي خاصة، كما ساهموا في تنمية المغرب من خلال التحولات المالية واستثمار مدخراتهم جمعيات تنموية محلية مولت بدورها مشاريع تنموية لفائدة الساكنة المحلية في العالم القروي. لاعتبارات اجتماعية و ثقافية و قيمية، ظل المهاجرون الأوائل على ارتباط وثيق بالمغرب رغم تواضع وسائل التواصل في تلك الحقبة، يسكنهم العودة الظافرة بعد تحقيق المنى (منزل ودخل قار يبوآن المهاجر مكانة اجتماعية مرموقة بين أهله وعشيرته ليس في إستراتيجية دول الاستقبال، ولا في إستراتيجية المغرب بلد الانطلاق، ما يمكنه اعتباره اعترافا باسهامات الجيل الأولى من المهاجرين، في الدينامية الاقتصادية بدول الاستقبال، و في التنمية المحلية و السيولة المالية للبلد الأصلي. ولعل وضعية المهاجرين المتقاعدين والمسنين الذين اضطر أغلبهم للعيش «هنا» و «هناك» والانتقال القسري و المنهك بين الفضاءين، حفاظا على حقوقهم الاجتماعية المشروعة (تعويضات التطبيب والتعويضات العائلية وغيرها) دليل كاف على الغبن الذي يعيشه الجيل لأول من المهاجرين المغاربة نحو أوربا. انطلاقا من أواسط الثمانينات، ولأسباب اقتصادية وجيوسياسية، تغيرت رهانات دول الاستقبال اتجاه الهجرة عموما والهجرة المغربية خاصة. سنت أوربا الموحدة وشجعت المهاجرين على العودة ومارست انتقائية صارخة اتجاه طلبات الهجرة (هجرة الكفاءات). في ذاك الوقت عرفت الهجرات الإفريقية انطلاقا من منطقة الساحل ومناطق جنوب الصحراء في اتجاه أوربا عبر المغرب انفجارا حقيقيا بسبب المآسي التي عاشتها المنطقة جراء الجفاف و الحروب الأهلية و المجاعات وانتشار الأوبئة. ضمن هذا السياق عاشت الهجرة الدولية المغربية تحولات عميقة من أبرزها : - الانتقال من هجرة عمالية منظمة وشبه رسمية إلى هجرات فردية لأغراض شتى منها التجارة والدراسة و العمل الموسمي، التحول من هجرة ذكورية بامتياز إلى هجرة الجنسين معا، الانتقال من هجرة قانونية وآمنة إلى هجرة سرية عبر محفوفة بالمخاطر والانتقال من هجرة مؤقتة في انتظار العودة للبلد الأصلي إلى هجرة نحو المجهول. هذه التحولات وغيرها جعلت المغرب ليس فقط بلدا مصدرا للهجرات، أو مجرد جسر للعبور نحو الحلم الأوربي بالنسبة للأفارقة و إنما أصبح يتحول تدريجيا إلى بلد مستقبل للهجرة لاسيما الإفريقية. والواقع أن مشكل الهجرة الدولية ليس مشكلا مغربيا صرفا ولا إسبانيا أو فرنسا بحتا، وإنما هو مشكل عبر وطني وعبر قاري، ولا يمكن حله إلا في إطار استراتيجية تشاركية غايتها تنمية المناطق المصدرة للهجرة وفق مقاربة تضامنية، انسجاما مع مبدأ الحق في التنمية الذي يعتبر من حقوق الإنسان الأساسية. 82 % من الشباب المتمدرس يعتمد على الانترنيت كمصدر وحيد للمعرفة.كما تؤكد المعطيات أيضا ارتفاع كبير في مؤشرات الغش بجميع أشكاله (Plagiat، الغش في الامتحانات) ف57 % من التلاميذ في أسلاك الثانوي يعتبرون الغش مسألة طبيعية ومحبذة أحيانا. كما يعرف الشباب اليوم حسب المتدخل نسبة تدين أكبر ويعطي أهمية أكبر للأسرة حسب عدد من الدراسات المنجزة حديثا مقابل قلة في الحوار والتواصل وزيادة في معدلات العنف والإحباط. وفي الجلسة العلمية الثانية التي ترأسها الأستاذ عبد الرحمان طنكول رئيس جامعة ابن طفيل قبلا تناول الكلمة الأستاذ الباحث عبد الفتاح الزين المتخصص في السوسيولوجيا ليقدم عرضا حول التحولات التي يعرفها جسم الشباب المغربي الحضري والقروي من خلال التأثيرات الخارجية و الداخلية و الناتجة عن السياسات العمومية المطبقة على هاته الشريحة من المجتمع والتي صاح بخصوصها المرحوم محمد جسوس منبها إلى خطورة «خلق جيل من الضباع « ولم يفت الأستاذ الباحث عبد الفتاح الزين التذكير بأسباب التناقضات التي يعيشها شباب اليوم بسبب السعي إلى التحديث دون الحداثة وبالحديث عن المسالة اللغوية في تكوين وإعداد الشباب. وخلص عبد الفتاح الزين في عرضه الى ضرورة القيام بعمل تقييمي للوضعية السوسيولوجيا بالمغرب وجبر الأضرار التي تعاني منها إلى جانب العلوم الإنسانية الأخرى (من وسائل الوقاية من التطرف بكل أشكاله)، ثم العمل على تأهيل السوسيولوجيا وتعميم تلقينها إلى جانب العلوم الإنسانية الأخرى في صفوف الثانوي التأهيلي وإدراجها في برامج تكوين المهندس (وضعية الباكلوريا العلمية بالمغرب) ثم تشجيع البحث العلمي وجعله في خدمة المشروع المجتمعي الحداثي الديموقراطي، ومكانة الشباب لا كموضوع سوسيولوجي ولكن أيضا كفاعل (الاهتمام بالباحثين الشباب، تمكين الشباب ...) أما الأستاذ الباحث عبد الرحيم المصلوحي الأستاذ بكلية الحقوق أكدال بالرباط فقد عد في عرضه أن الدولة المغربية لم تكن لها هوية ثابتة بل إنها نسجتها تبعا لحضها المفترض فلما يكن يساريا تتحول إلى التقليد وحينما يكن تقليديا سلفيا ماضويا تتحول إلى الحداثة منتهيا إلى أن دلك ما يتسبب في خلق توترات قيمية في مغرب اليوم. وأما المحور الثاني من الجلسة الثانية فقد أدار أشغالها الأستاذ الباحث الموساوي العجلاوي الأستاذ بمعهد الدراسات الإفريقية فقد عرف مشاركة الأستاذة الباحثة و الوزيرة السابقة عائشة بلعربي والتي تناولت في عرضها «المسألة النسائية من زاوية الثوابت و المتغيرات»، تم تناول الكلمة الأستاذ الباحث عالم الاجتماع إدريس بنسعيد ليقدم خلاله عرضا حديثا دقيقا حول «القيم الاجتماعية ومرجعياتها في مغرب ما بعد الاستقلال - محاولة توصيف» أما بالنسبة ذ الهراس المختار فقد قدم مداخلة بالمناسبة حول «العلاقة شاب -أسرة محددات وانعكاسات التحول» سيتم الرجوع إليهما بعد التوصل بنص المداخلتين. وفي مداخلة لعبد اللطيف كداي حول «التحولات الاجتماعية القيمية للشباب المغربي محاولة للرصد والفهم»، حاول الباحث تحديد وضبط مفهومي التحولات الاجتماعية والقيم، حيث اعتبر الأول هو تلك التغيرات الواسعة والكبيرة في البنى الاجتماعية للمجتمع المغربي، وتتميز بكونها متداخلة ومتشابكة جدا اختلط فيها العامل السياسي بالاقتصادي بالاجتماعي بالثقافي، كما أن هذه التحولات لا تسير على خطى ثابتة وواضحة يمكن التنبؤ علميا بمسارها واتجاهاتها في ضوء ما تراكم من دراسات وأبحاث. أما مفهوم القيم فقد أشار الباحث إلى ضرورة ضبط هذا المفهوم سوسيولوجيا في المجتمع المغربي لاختلاطه بكثير من المفاهيم من قبيل (المعتقد، الاتجاه، السلوك، الدافع، الحاجة...) وفيما يتعلق بالتحولات القيمية لدى الشباب المغربي تطرق كداي إلى تناقص الإحساس اليوم لدى الشباب بجدوى الدبلوم في مع ما صاحبه من ارتفاع واضح في القيم المشجعة على الوساطة والزبونية والمحسوبية. وأيضا ما اعتبره تعقدا في طقوسية الانتقال إلى مؤسسة الزواج، فالشباب اليوم له تصوره الخاص للانتقال نحو مؤسسة الأسرة في ظل ازدياد في معدلات العنوسة لاسيما وسط الإناث من 0,8 سنة 1994 إلى 6,8 سنة 2012، وهذا له انعكاس واضح على تصور الشباب للعلاقات بين الجنسين عموما. كما أشار أيضا إلى أنه بالقدر الذي تتزايد فيه أفواج المتعلمين من الشباب تتناقص معدلات القراءة، ففي سنة 1963 كان قرابة 93 % من شباب الثانويات يقرؤون بشكل منتظم خارج المقررات الدراسية، 23 % يلتهمون كتابين في الشهر، وفي سنة 2011 حوالي 7 % من عينة تضم 1365 شاب من 13 مدينة مغربية لم تقرأ إلا كتابا واحدا خلال 5 سنوات الأخيرة. في مقابل انخراط واسع للشباب في الشبكة العنكبوتية 82 % من الشباب المتمدرس يعتمد على الانترنيت كمصدر وحيد للمعرفة. كما تؤكد المعطيات أيضا ارتفاع كبير في مؤشرات الغش بجميع أشكاله (Plagiat، الغش في الامتحانات) ف57 % من التلاميذ في أسلاك الثانوي يعتبرون الغش مسألة طبيعية ومحبذة أحيانا. كما يعرف الشباب اليوم حسب المتدخل نسبة تدين أكبر ويعطي أهمية أكبر للأسرة حسب عدد من الدراسات المنجزة حديثا مقابل قلة في الحوار والتواصل وزيادة في معدلات العنف والإحباط. وقد عرفت كل الجلسات مناقشات جديدة مهمة طرح من خلالها الطلبة والأساتذة والمهتمون مجموعة من القضايا التي تمس المستويات الاجتماعية بكل تجلياتها وآفاق إيجاد حلول مناسبة لها باعتبار دلك اقتراحات مفكرين طلابا وأساتذة، كما طالب المتدخلون من مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم بتنظيم لقاءات أخرى تتناول قضايا المغرب الراهن وكذا تنظيم لقاء خاص بحركة 20 فبراير يتم خلاله تقديم التحاليل والرؤى اللازمة.