توفي صباح أمس الجمعة، السوسيولوجي والقيادي الاتحادي محمد جسوس، بالرباط عن عمر يناهز 75 سنة، بعد معاناة طويلة مع المرض. ويعد الراحل محمد جسوس، الذي كان أحد رجالات حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مدرسة لعلم الاجتماع في المغرب، أشرف على تكوين أجيال من الباحثين في هذا المجال. ازداد جسوس بفاس سنة 1938، وحصل على شهادة علم الاجتماع من جامعة "لافال" الكندية سنة 1960، وحصل على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة برينستون سنة 1968، وبعدها التحق ببلده المغرب سنة 1969، ليعمل أستاذا لعلم الاجتماع بجامعة محمد الخامس بالرباط، عين بها أستاذا مدى الحياة سنة 2004، حيث ظل يشرف على عدد من الدراسات والبحوث الجامعية. وكان بيت الراحل، في حي أكدال بالرباط، مفتوحا في وجه الطلبة والباحثين، الذين تتلمذوا وتخرجوا على يديه. وشكل محمد جسوس علامة فارقة في تاريخ السوسيولوجيا المغربية، بالنظر إلى الدور المتميز الذي لعبه منذ نهاية ستينيات القرن الماضي في تكوين أجيال عديدة من السوسيولوجيين. ويعرف عن الراحل أنه لم يكن يلهث وراء المناصب أو الأجر المرتفع، بل كان يربط السياسة بالاعتبارات الأخلاقية والفكرية، التي بإمكانها تحقيق التغيير وإصلاح المجتمع، وهذا ما جعل منه رجلا سياسيا يحظى بالاحترام من الخصوم قبل الرفاق. ناضل في صفوف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية منذ سن مبكرة، ووصل إلى عضوية المكتب السياسي، وكان له الفضل، عندما كان عضوا بمجلس جماعة الرباط، في إعادة تأهيل مجموعة من الدواوير المهمشة. كان رجلا جريئا في طرح الأسئلة المقلقة عن الانتقال الديمقراطي وعن التغيير الحقيقي، ومثقفا يمارس السياسة بشكل مختلف، ويدعو الجميع لربط السياسة بالقضايا الكبرى، ولم ينج بيت الاتحاديين من انتقاداته في محاولة لوضع الأصبع على مكمن الخلل، وحلم بمغرب ينعم فيه الجميع بالكرامة والحرية والمواطنة. أسست كتاباته خطابا سوسيولوجيا يتميز بالعقلانية والحس النقدي، ومن أبرز كتاباته "تحديات السوسيولوجيا بالمغرب"، و"رهانات الفكر السوسيولوجي بالمغرب، طروحات حول المسألة الاجتماعية"، و"طروحات حول الثقافة والتربية والتعليم". وهو الذي بلور نظرية "العلاقات الزبونية" ودورها وتأثيرها في المجتمع المغربي. ورغم المرض، ظل الراحل يحافظ على حماسه وإيمانه بالتغيير، من خلال الانخراط في العمل السياسي، وكان قدوة لشباب الجامعة المهتمين بدراسة السوسيولوجيا.