بمناسبة الذكرى الخمسين لإحداث البرلمان بالمغرب، (المجلس الوطني الاستشاري)، نظم البرلمان المغربي ندوة دولية، حضرها ضيوف وأساتذة أجانب وغاب برلمانيون مغاربة. كان الاحتفال بالشهيد المهدي بنبركة ضدا على حكومة عبد الإله بنكيران، وضدا أيضا على الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان، الذي أراد هدم الذاكرة المغربية، بتزويره تاريخ تأسيس البرلمان، ليبدأ عنده من سنة 1963 مع الدكتور عبد الكريم الخطيب، وأقصى أول رئيس للمجلس سنة 1956 الذي ترأسه الشهيد المهدي بنبركة. بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس البرلمان بالمغرب وجه جلالة الملك محمد السادس رسالة إلى البرلمان، أكد فيها على أن هذه الذكرى، تعد «بناء تاريخيا» في مسار التطور السياسي في المغرب الذي مكن المملكة من ترسيخ أسس الديمقراطية التمثيلية... وأشار جلالته إلى أن دستور 2011 بوأ البرلمان المغربي مكانة متميزة في البناء المؤسسي الوطني، حيث أصبح بالفعل، سلطة تشريعية قائمة الذات... وأوضح جلالة الملك أن هذا الدستور جعل هذه الولاية التشريعية ولاية تأسيسية بامتياز... كما دعا إلى الخروج من المرحلة الدستورية الانتقالية، وفتح الحديث عن تجديد الغرفة الثانية. ومن جهة أخرى أثار عبد الواحد الراضي الرئيس السابق لمجلس النواب في كلمته، مسألة البتر التي عرفها تخليد الذكرى 50 لإحداث البرلمان في المغرب، من خلال الندوة الدولية التي نظمها البرلمان المغربي يوم 25 نونبر 2013، حيث تم بتر الشريط الوثائقي عن تلك الفترة التاريخية، وهي محطة من الحياة السياسية في المغرب.. والتي ترجع إلى قبل سنة 1963، حين كان المغرب يتوفر على مجلس وطني استشاري ترأسه الشهيد المهدي بنبركة من سنة 1956 إلى 1959، حيث قام مقام البرلمان بمباركة من القوى السياسية الوطنية وتحت القيادة الفعلية للمغفور له محمد الخامس. كما شدد أحمد الزايدي رئيس الفريق الاشتراكي في كلمته على أن أي تجاهل لمرحلة بهذا الحجم يعتبر بترا للتاريخ. ولهذا نتأسف عن عدم ذكر محطة تاريخية من تاريخ المغرب، كما نتأسف عن عدم بث كلمة المهدي في أول مجلس وطني استشاري، والتصريح الصوتي للفقيد، الذي لازال تسجيله متوفرا في أرشيف الاذاعة... فالمجلس الوطني الاستشاري تأسس لأول مرة في نونبر 1956، بعد تسعة أشهر على استقلال المغرب، وبعد ثلاثة أسابيع من تكوين الحكومة الثانية. كانت أول تجربة للمجلس الوطني الاستشاري بالمغرب، تهدف إلى بناء مجتمع ديمقراطي. كان المهدي بنبركة رئيسا للمجلس والمحجوب بن الصديق والتهامي عمار نائبين له، والدكتور بناني والهاشمي بناني أمينين، والحاج أحمد المذكوري، والفقيه الحاج محمد داود، وأحمد أولحاج مستشارين، وأحمد مكوار رئيس اللجنة السياسية، والطيب بن بوعزة رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية ومحمد العراقي رئيس لجنة الميزانية وبنسالم جسوس رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية. كان عدد أعضاء المجلس الوطني الاستشاري يتكون من 76 عضوا، يمثلون الأحزاب السياسية والنقابية ومختلف المنظمات الوطنية والمهنية والثقافية. من بينهم 10 أعضاء من حزب الاستقلال، و 6 أعضاء من حزب الشورى والاستقلال، و 6 أعضاء من المستقلين، و 10 أعضاء من الاتحاد المغربي للشغل، و 9 أعضاء من التجار والصناع، و 18 عضوا من الفلاحين. أما باقي الأعضاء وعددهم 17 عضوا، فيمثلون العلماء والأطباء والشباب والمهندسين وغيرهم، وكان عدد اليهود أربعة: سلومون بن سباط يمثل الأحبار، ولوسيان بن سيمون شخصية سياسية مستقلة، وجو أوحنا، وداود بن ازراف يمثلان التجارة والصناعة. للتذكير فإن جو أوحنا كانت له علاقة بالمهدي بنبركة وهو مغربي يهودي (كان من آخر الذين رأوا المهدي قبل اختطافه في 29 أكتوبر 1965، قيل أن المهدي ترك حقائبه في منزله قبل التوجه إلى مقهى ليب. سيصبح جو أوحنا فيما بعد أحد قياديي حزب الاتحاد الدستوري الذي أسسه الراحل المعطي بوعبيد سنة 1983). افتتح المجلس الوطني الاستشاري يوم 12 نونبر 1956، وأشرف على افتتاحه المغفور له محمد الخامس بخطاب جاء فيه: « تأسيس هذا المجلس حدث عظيم بالنسبة لبلادنا, بل إنه من أهم الأحداث التي تمت في عهد الإستقلال، ونحن لا ندعي أنه أكثر من كونه خطوة أولى نحو الهدف المنشود، أما الهدف الذي لن ندخر جهدا في العمل على إبلاغ شعبنا إليه فهو حياة نيابية بالمعنى الصحيح، تمكن الشعب من تدبير الشؤون العامة، في دائرة ملكية دستورية، تضمن المساواة والحرية والعدل للأمة أفرادا وجماعات، حتى يتم بذلك خلق ديمقراطية مغربية بناءة»، وأضاف جلالة الملك «إننا نرجو مراعاة المرحلة التي تجتازها بلادنا ومعرفة ما يمكن تنفيذه وما يتعذر تحقيقه من الرغبات، فإن ذلك ضروري لعدم إضاعة الوقت في دراسة مسائل لم يحن إبانها، أو لا يمكن في الوقت الحاضر إنجازها». بعد أربعة أيام من تدشين المجلس الوطني الاستشاري، كانت الاحتفالات بالذكرى الأولى لعودة المغفور له محمد الخامس من المنفى. كان المغرب رسميا طيلة نهاية الخمسينات وإلى حدود وفاة محمد الخامس في نهاية فبراير 1961، يحتفل بما يسمى بالأيام المجيدة الثلاثة: 16 نونبر اليوم الذي عاد فيه محمد الخامس من المنفى، و17 نونبر اليوم الذي سمي بعيد الانبعاث، و18 نونبر يوم عيد العرش الذي كان يخلد ذكرى جلوس محمد الخامس على العرش. كما ظل المغرب طيلة نفس الفترة يحتفل بعيد الاستقلال في 2 مارس من كل سنة. بعد أربع أيام أيضا على الافتتاح، ألقى المهدي بنبركة رئيس المجلس الوطني الاستشاري خطابه يوم 16 نونبر 1956 بقصر المامونية أمام محمد الخامس، جاء فيه: « إننا نحن الذين تشرفنا بثقة جلالتكم فاخترتمونا لنكون الناطقين الأمناء باسم شعبكم المجيد, لنشعر بعظمة الفخر وكبير الغبطة بحلول هذه الذكريات التي علمت بداية نهضة الوطن واستقلاله وانطلاقه في سبيل البناء والعمل لربط ماضيه النبيل بمستقبله الذي سيكون بإذن الله كذلك عظيم. ولقد رأينا في هذه السنة من آثار النصر والتحرر ما قرت به أعيننا، حيث أن بلادنا حصلت على استقلالها ووحدة أراضيها وأصبح لديها بفضل جلالتكم حكومة عصرية وجيش منظم وأمن وطني وتمثيل خارجي وغير ذلك من المنشئات العظيمة التي تحققت في مدة قصيرة والتي تستحق أن ينظر إليها بعين التقدير والاعجاب، وقد توجتم ذلك كله بانشائكم لهذا المجلس، الذي قصدتم به توجيه شعبكم إلى المشاركة في الحكم تدرجا إلى ما تريدون تحقيقه من ديموقراطية قائمة على أسس النضج السياسي والتهذيب الوطني والوعي الاجتماعي...». في سنة 1958 استقبل المهدي بنبركة من طرف محمد الخامس بالقصر الملكي كرئيس للبرلمان، وذلك في إطار الاستشارات لمعالجة أزمة وزارية، وبعد ذلك أدلى المهدي بتصريح للاذاعة الوطنية جاء فيه: «سألني صاحب الجلالة حول رأيي بصفتي رئيسا للمجلس الوطني الإستشاري في الأزمة الحاضرة وفي كيفية حلها. وقبل التوجه إلى القصر الملكي العامر، كان المجلس قد عقد إجتماعا عاما من أجل مناقشة الميزانية واقترح علي أحد أعضاء المجلس أن يتصل بي رؤساء الهيئات الممثلة في المجلس قبل أن أتوجه إلى القصر حتى يمكنني أن أحمل معي صورة كاملة عن التيارات الفكرية الموجودة في المجلس. وفعلا عندما حظيت بالمثول بين يدي الملك، أمكنني أن أعطي لجلالته نظرة كاملة عن اتجاهات الرأي العام في الأزمة الحاضرة. وقد قلت لصاحب الجلالة:»إن الحالة في المغرب دقيقة وأن الظروف التي تجتازها البلاد ظروف حيوية ويجب أن نواجهها بكل حزم بعد الاستفادة من التجربة السابقة,وسألني جلالة الملك في موضوع الانتخابات فكان رأيي: هو أن الانتخابات البلدية المقبلة هي أهم البنود التي يتكون منها برنامج المغرب الجديد واننا نرى جميعا أن بناء الديمقراطية في المغرب ينبغي أن يكون من الأساس على مستوى البلديات والجماعات القروية التي يجب أن تمكن الشعب من مباشرة شؤونه بصفة علمية. وطبيعي أن الديمقراطية تقتضي الحرية الصادقة، الحرية السليمة، يعني الحرية البنائية». في ماي 1960 وبعد إقالة حكومة عبد الله ابراهيم، وتشكل حكومة من الأمير (الحسن الثاني)، كان قد طلب من عبد الرحيم بوعبيد المشاركة فيها، لكن عبد الرحيم اعتذر، وقال بما معناه أنه سيكون مستعدا لتحمل المسؤولية، عندما تقرر الدولة الانتقال إلى حياة ديمقراطية، فكان جواب الأمير بأن المغاربة ليسوا بعد مؤهلين للحياة الديمقراطية، وأنهم يحتاجون إلى بعض السنوات يعيشون خلالها في ظل حكم قوي ليتعلموا ما هو الحكم الديمقراطي، ود عليه بوعبيد، بأن أي شعب لا يتعلم الديمقراطية، ويتعود على تقاليدها إلا إذا ما رسها. وهذا هو السبب الذي جعل المغرب يتأخر خمس سنوات إلى أن جاء دستور سنة 1962. التجربة البرلمانية المغربية 1956 - 2013 * - 1956 - 1959 المجلس الوطني الاستشاري الأول بعد استقلال المغرب، ترأسه المهدي بنبركة. وهو محاولة لملء الفراغ في انتظار أن يهيأ الدستور، وتوقف هذا المجلس بعد سنتين، أي سنة 1958. * - 1963 - 1965 برلمان بغرفتين، ترأس الغرفة الأولى عبد الكريم الخطيب، كان برلمان نونبر 1963 طبخه أحمد رضا اكديرة، الفريق الاتحادي في البرلمان في الغرفة الأولى قدم في 25 يونيو 1964 ملتمس رقابة ضد حكومة باحنيني. كان البرلمان في تلك الحقبة يزعج النظام، كان يضم رجال السياسة، ومؤسسي الحركة الوطنية، كان فيه علال الفاسي، بلحسن الوزاني، عبد الخالق طريس، المهدي بنبركة، عبد الرحيم بوعبيد.... هذا البرلمان لم يعش سوى سنة ونصف ليترك الفرصة لحالة الاستثناء التي ستدوم 12 سنة. حيث تم حله من طرف الملك الراحل الحسن الثاني. أما الغرفة الثانية كان قد ترأسها مهدي بن بوشتة. * - 1970 - 1971 برلمان بغرفة واحدة، ترأسه عبد الهادي بوطالب، أشرف عليه وطبخه محمد أوفقير لم تكن فيه انتخابات حقيقية، كانت مجرد تعيينات من طرف وزير الداخلية آنذاك أوفقير. وقاطعته المعارضة الاتحادية والاستقلالية، كان أردأ وأضعف برلمان في تاريخ المغرب. هذا البرلمان المعين استمر سنتين. وتم حله بعد أحداث الصخيرات. * - 1977 - 1983 برلمان بغرفة واحدة، ترأسه الداي ولد سيدي بابا، أشرف عليه وطبخه إدريس البصري، النواب الاتحاديون بمجلس النواب يصدرون بيانا بتاريخ 20 أكتوبر 1981 يؤكدون فيه أن موقفهم من استفتاء 30 ماي 1980، هو موقف الاتحاد الاشتراكي الذي قاطعه. فهم يعتبرون أن مهمتهم النيابية قد انتهت بمجرد انتهاء المدة القانونية المحددة في أربع سنوات (8 أكتوبر 1981). * - 1984 - 1992 برلمان بغرفة واحدة، ترأسه أحمد عصمان، قدم فيه ملتمس الرقابة في ماي 1990 ضد السياسة الحكومية,تقدم به الفريق الاتحادي. * - 1992 - 1997 برلمان بغرفة واحدة، ترأسه محمد جلال السعيد، * - 1997 - 2002 برلمان بغرفتين ترأس الغرفة الأولى عبد الواحد الراضي، والثانية مصطفى عكاشة عن مجلس المستشارين (1997 - 2009)، * - 2002 - 2007 برلمان بغرفتين ترأس الغرفة الأولى عبد الواحد الراضي، * - 2007 - 2010 الولاية التشريعية الثامنة برلمان بغرفتين، ترأس الغرفة الأولى مصطفى المنصوري، والثانية المعطي بنقدور. * - 2010 - 2011 عبد الواحد الراضي الغرفة الأولى، ومحمد الشيخ بيد الله الغرفة الثانية المجلس المستشاري (2011-......برلمان بغرفتين، يترأس الغرفة الأولى كريم غلاب، والثانية محمد الشيخ بيد الله عن المجلس المستشاري.