أحمد الزيدي: أي تجاهل لمرحلة المجلس الوطني الاستشاري يعتبر بترا للتاريخ وهي مساهمة غير ذات جدوى في جعل الشعب المغربي ينسى جريمة اختطاف واغتيال الشهيد المهدي بنبركة أثار عبد الواحد الراضي وهو يقدم شهادته كرئيس سابق لمجلس النواب المغربي، مسألة البتر التي عرفها تخليد الذكرى 50 لإحداث البرلمان في المغرب، من خلال الندوة الدولية التي نظمها البرلمان المغربي يوم الاثنين الماضي، إذ أكد الراضي أنه قبل سنة 1963 وغداة الاستقلال أتيح للمغرب أن يتوفر على مجلس وطني استشاري ترأسه الشهيد المهدي بن بركة من سنة 1956 الى 1959 ، حيث قام مقام البرلمان بمباركة من القوى السياسية الوطنية وتحت القيادة الفعلية للمغفور له الملك محمد الخامس. وقد أشار الفيلم الوثائقي، يقول الراضي الى هذا التفصيل التاريخي، إلا أنه تم بتر هذه المحطة من الحياة السياسية في المغرب من الندوة الدولية. ورأى عبد الواحد الراضي أن هذه الملاحظة لها أهميتها، وكشف أن الحياة البرلمانية والديمقراطية في بلادنا نشأت في حضن الصراع والاختطاف والمواجهة التي دامت مدة عقود، إذ كانت الخلافات عميقة، وكانت تتعلق أساسا بمضمون الدستور الذي لم يكن ديمقراطيا في رأي المعارضة سواء في صيغة إعداده أو مضمونه وكذا بالقوانين الانتخابية التي لم تكن تقدم أي ضمانة لانتخابات حرة وسليمة، وكذا بدور الإدارة الذي لم يكن محايدا. كما كشف أن البرلمان لم يكن مرحبا به في البداية. إذ لم يكن له مقر خاص به، بل كان يحتضنه مدرج كلية العلوم والأروقة المجاورة. وبالتالي فإن أول برلمان لم يكن له أي نشاط دولي يذكر. ورغم كل المعيقات يقول عبد الواحد الراضي في شهادته التي شدت انتباه الجميع، كان هذا البرلمان يزعج كثيرا. خصوصا بتشكيلته حيث كان يضم كلا من علال الفاسي، عبد الخالق الطريس، المهدي بنبركة. عبد الرحيم بوعبيد، الذين كلهم كانوا في المعارضة. وحده محمد بالحسن الوزاني الذي كان ضمن الاغلبية. وهذا البرلمان لم يعش سوى سنة ونصف ليترك الفرصة لحالة الاستثناء التي ستدوم 12 سنة. المهدي بنبركة كان حاضرا في النقاش الذي عرفته هذه الندوة الدولية. حيث أكد أحمد الزيدي رئيس الفريق الاشتراكي أن الاتحاد الاشتراكي وأحزاب الحركة الوطنية والديمقراطية بمعية الشعب المغربي تعتبر أن من أهم محطات التجربة تبقى هي مرحلة المجلس الوطني الاستشاري 1956 و1959 التي وإن لم يكن المجلس فيها منتخبا فقد ضم نخبة وطنية ذات كفاءات وأنتج الكثير، وهيأ الأرضية اللازمة لاستقبال ما سيأتي في مجتمع حديث العهد بالاستقلال. وشدد الزيدي في كلمته على أن أي تجاهل لمرحلة بهذا الحجم يعتبر بترا للتاريخ، وهي مساهمة غير ذات جدوى في جعل الشعب المغربي ينسى جريمة اختطاف واغتيال الشهيد المهدي بنبركة أول رئيس للمجلس الوطني الاستشاري. ويضيف الزيدي «إنها قضية مركزية بالنسبة إلينا. قضية لا يطالها التقادم. وزاد قائلا: إن أية قراءة سياسية أو حزبية تحاول اختزال تاريخ البرلمان المغربي وحصره في محطة 1963 والمحطة الحالية. هي قراءة مرفوضة لا من وجهة النظر الاكاديمية ولا السياسية ولا الحزبية، وحتى بمنطق الذاكرة. وأوضح رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب. إننا في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لا يمكن أن نقبل باختزال تاريخ البرلمان المغربي مثلا في تجربة أسست للقمع. ولميلاد الحزب الاداري الذي جر على البلاد قمعا شرسا امتد من 1965 ولم ينته في 1977 مع استئناف ما سمي أنذاك بالمسلسل الديمقراطي، برلمان تم حله بعد أن فقدت ما كانت تعرف بجبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية FDIC أغلبيتها. بعد أن هز أركانها ملتمس الرقابة الذي قدمته المعارضة الاتحادية في يونيو 1964..