تستعد الجامعات والمدارس العليا بفرنسا إلى استقبال الطلبة الأجانب برسم الموسم الجديد. وحسب الحي الجامعي الدولي لجامعة باريس، الذي يضم العديد من الدور الجامعية منها دار المغرب، فإن عدد الطلبة الأجانب وصل في الموسم الماضي إلى 289274 طالبا منهم 56000 فقط بباريس. وحسب نفس المصدر، فإن الطلبة المغاربة مازالوا هم أول جالية طلابية أجنبية بفرنسا، يليهم في الصف الثاني الطلبة الصينيون، ثم الجزائريون، التونسيون، السنغاليون.. أما الطلبة الألمان فيأتون في الصف السادس. وهذه الرتبة الأولى من حيث عدد الطلبة الأجانب بفرنسا يحتلها المغاربة منذ عدة سنوات. وإذا كانت نسبتهم مهمة بباريس وناحيتها 4384 طالبا ، فإن تواجدهم يشمل كل المدن الفرنسية وكذلك مختلف التخصصات بمختلف المدارس العليا والجامعات. وإذا كانت فرنسا مازالت هي الوجهة الأساسية للطلبة المغاربة نحو الخارج، فإن عددا منهم أصبح اليوم يتجه إلى بلدان أخرى خاصة إسبانيا. وحسب التقديرات الرسمية المغربية، ففي كل سنة يغادر المغرب 60 ألف طالب من أجل إتمام الدراسة بالخارج، ونصفهم بفرنسا 32504 حسب إحصاء 2012 . وقد تم بالحي الجامعي الدولي لجامعة باريس فتح مكتب لاستقبال الطلبة الأجانب من 16 شتنبر حتى 22 نوفمبر، وذلك من أجل تسهيل الإجراءات الإدارية للأجانب، خاصة الذين يصلون لأول مرة، هذه العملية التي تمولها مدينة باريس، تسعى إلى تسهيل الإجراءات الإدارية من خلال «شباك موحد « يمكن الطلبة من القيام بجميع الإجراءات الإدارية بنفس المكتب بدل التنقل بين مختلف الإدارات في مختلف أطراف المدينة كما كان الوضع سابقا. طبعا الفرنسيون من خلال هذه الإجراءات المتخذة والتسهيلات يسعون إلى جلب الطلبة الأجانب نحو جامعاتهم ومدارسهم بعد أن تراجع عددهم في السنوات الأخيرة، حيث تراجعت فرنسا نحو الصف الخامس في السلم العالمي للبلدان المستقبلة للطلبة الأجانب، وهو ما دفع وزير الداخلية مانييل فالس ووزيرة التعليم العالي جونفييف فورازو في شهر أبريل الماضي إلى اتخاذ العديد من الإجراءات من أجل تسهيل المسطرة الإدارية لتسجيل الطلبة الأجانب، كما تم حذف قانون غييون، وزير الداخلية السابق، الذي كان يعرقل ولوج الطلبة الأجانب إلى التداريب المهنية والعمل بالمقاولات الفرنسية. وبالنسبة لجمعية «كوليكتيف» للطلبة الأجانب والفرنسيين، والتي أسست بالمناسبة، «فإن حذف هذا القانون غير كاف، بل لا بد من تغيير القانون برمته والذي ينظم ولوج الطلبة الأجانب إلى عالم الشغل». طبعا، العديد من العراقيل مازالت تحول دون وصول الطلبة إلى فرنسا، المصالح الثقافية للسفارات الفرنسية بالخارج تطالب بوضع مصاريف سنة دراسية في حساب بنكي . حسب كمال وحيد الذي مر من هذه التجربة ،» من أجل متابعة الدراسة بفرنسا، كان على والدي وضع ضمانة مالية شهرية ب 615 أورو شهريا ولمدة ثمانية أشهر» . وأضاف أ والديه اللذين يعتبران موظفين متوسطين، اضطرا إلى الحصول على قروض من أجل ذلك، وهو الأمر الذي ليس في متناول جميع الطلبة من أجل إتمام دراستهم بفرنسا». لكن مشاكل الضمانة والتحويل المالي يتجدد كل سنة عندما يرغب الطلبة في تجديد بطاقة الإقامة «عندما تطلب بطاقة الإقامة أو تجديدها يطلب منك شهادة بنكية بأنك توصلت بالتحويل شهريا ب 615 أورو، وهذه الشهادة يمنحها لك البنك، وفي حالة عدم الحصول عليها لا يمكنك تجديد بطاقة الاقامة» يضيف كمال. طبعا، العديد من الطلبة يتعرضون لضياع الوقت وإلى العراقيل، خاصة أن بعض الأبناك المغربية تحتفظ بالأموال ولا تقوم بالتحويل شهريا، كما تتفق مع زبنائها، وهذا ما وقع لهند « فقد وضع والدي بالبنك الأموال المتفق عليها من أجل التحويل والتي طالب بها «كامبيس فرانس»، لكن في عين المكان، لم أتوصل بالتحويلات شهريا، وهو ما خلق لي عدة مشاكل، منها اللجوء إلى العائلة والأصدقاء للحصول على الحل». وتضيف أنه عندما أرادت تجديد بطاقة الإقامة تمت مطالبتي بورقة بنكية تثبت كل التحويلات السابقة خلال السنة، وهو ما لم تتمكن من إثباته ورفض البنك الفرنسي تسليمها الشهادة المطلوبة، مما أجبرها على الانتظار من أجل تجديد بطاقة الإقامة. وزير الداخلية الفرنسي مانييل فالس وعد بحل هذا المشكل في أبريل الماضي عند زيارته للحي الجامعي الدولي من خلال منح الطلبة بطاقة إقامة تشمل كل سنوات الدراسة، وهو ما سيمكن الطلبة من ربح وقت كبير وتجنب المعاناة مع الإدراة بمختلف أشكالها البيروقراطية. هذا دون الحديث عن باقي المشاكل التي تعترض الطلبة الأجانب، خاصة الجدد، أهمها مسألة السكن خاصة بباريس ونواحيها، حيث أن العرض نادر ومرتفع الثمن، مما يدفع بعض الطلبة إلى البحث عن حلول أخرى، السكن مع طلبة آخرين، أو اللجوء إلى العائلة إن كانت لهم عائلات بفرنسا أو أصدقاء. كما أن العديد من الطلبة يلجأون إلى العمل، وهو ما يؤثر، أحيانا، على مسارهم الدراسي. كما أن عددا كبيرا من الطلبة ليس لهم الحق في المنحة، ومنهم من يلجأ إلى المساعدة الاجتماعية بالجامعة من أجل إعطائهم حوالي 150 أورو شهريا كمساعدة. وخلال الدخول الجامعي هناك مصاريف إضافية مثلا التسجيل والتأمين في شعبة الهندسة الإلكترونية يكلف كل طالب 399 أورو منها 200 أورو للتأمين الصحي و199 أورو كمصاريف التسجيل بالجامعة، وهي إجراءات، يقول وحيد، يتم إعفاء الطلبة الحاصلين على المنحة من أدائها. وتعتبر فرنسا هي أول وجهة للطلبة في العالم غير الناطق بالإنجليزية وتستقبل الطلبة الفرنكوفونيين على الخصوص من منطقة المغرب العربي، وأفريقيا جنوب الصحراء والذين يشكلون 44 في المائة من مجموع الطلبة الأجانب والذين يتصدرهم على الخصوص الطلبة القادمون من المغرب، الجزائر، تونس، السنغال والكامرون. ورغم ذلك فرنسا تراجعت من حيث استقطاب الطلبة الأجانب من الرتبة الثالثة إلى الرتبة الخامسة عالميا، خاصة في عهد حكومة ساركوزي، التي عالجت موضوع الطلبة الأجانب من زاوية الهجرة، وهو ما اعتبره العديد من المتتبعين خطأ جسيما أثر بشكل كبير على قدرة فرنسا على استقطاب طاقات جديدة لاقتصادها، كما تطالب بذلك المقاولات الكبرى . الحكومة الحالية لفرنسوا هولند تحاول إصلاح هذه الأخطاء التي ورثتها عن الفريق السابق، ولم تتردد وزيرة التعلم العالي، خلال زيارتها للحي الجامعي الدولير في التصريح أن « فرنسا في وضع هش من حيث استقطاب وجذب الطلبة الأجانب». ولتجاوز هذا التراجع، تم اتخاذ العديد من الإجراءات في الشهور الأخيرة، أهمها إلغاء قانون غييون وزير الداخلية السابق، فتح شباك الوحيد حيث تستقبل جميع الإدارات الطلبة الأجانب بفضاء الحي الجامعي الدولي بباريس، وأهم الإجراءات، اتخذها وزير الداخلية، أيضا، إعطاؤه بطاقة إقامة تشمل جميع سنوات الدراسة التي يتطلبها الدبلوم بدل تجديد الإقامة كل سنة، كما كان يحصل في السابق، وعدم اشتراط اللغة الفرنسية كما كان الوضع في السابق، حيث بدأ مبدأ قبول الطلبة الناطقين بالإنجليزية. لكن رغم ذلك فإن المنافسة العالمية هي شرسة لاستقطاب الطلبة الأجانب، إذ مازالت الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا هما الوجهتان العالميتان الأولى للطلبة الأجانب.