1 في التدريس. عرف الشيخ سيدي احماد أوموسى ب: قطب سوس الأول في علم الباطن، ورغم ذلك سارع الى تأسيس مدرسة في زاويته لازالت عاملة إلى الآن فجعلها مستقلة، تعني وتهتم بعلم الظاهر، عين لها من يقومون بها تدريساً وخدمة. وقد فعل ذلك ليس لجهله بعلم الظاهر ومبادئه، وإنما احتراما للتراتبية في المعرفة واحتراماً لتخصصه، أسوة بما فعله قرينه عند شيخهما التباع، الشيخ سيدي سعيد بن عبد المنعم الذي كان »يدلّ عليه« ويرسل إليه من يتسم فيهم خيراً في هذا الباب (علم الباطن) من طلبة ومريدين، رغم علمه المتين بالعلمين معاً (الظاهر والباطن).. فعل ذلك لعلمه ووعيه أن لا علم باطن بدون علم ظاهر، كما أوردنا حين الحديث عن الشروط التي يجب أن تتوفر في شيخ الطريقة.. وفعل ذلك أيضاً وتواضعاً لأنه كان يوثر غيره ليقوم بهذا العمل إن كان متمكناً وما أكثرهم، ويتفرغ هو إلى أعمال أخرى ليست أقل شأناً، بل وتعتبر مكملة للعمل الأول: كتدبير وتسيير شؤون الزاوية المتعاظم (ة) ثم ليتفرغ لوظيفته الأخرى: تعليم وتربية المريدين، وإرشادهم وتوجيههم.. بعد ذلك، وقبل أن نتحدث عن علم الباطن، ارتأينا أن نتطرق إلى الحديث عن فضاءات التدريس ومنهجيته ونماذج لبعض المواضيع المدرّسة. أ فضاءات التدريس إلى جانب المدرسة التي ذكرناها، والتي جعلها تهتم بعلم الظاهر من لغة ونحو وفقه، وذلك بعد حفظ القرآن الكريم الذي جعله شيوخ الطريقة أوجب الواجبات، فإن الفضاءات الأخرى التي حصرتها النصوص التي تحدثت عنها، أو أوردتها عرضاً هي: المسجد، حيث كانت تعقد الحلقات »قال شيخنا أو عبد الله محمد بن مبارك: أتيته يوماً أريد موادعته... فلما قربت حلقته...«. بالإضافة إلى حلقات المسجد، كان هناك فضاء أوسع وأشمل من الحلقات هو مجلسه الذي كان في البدء »عريشه«، حيث كان يستقبل المريدين والفقراء والزوار عامة، أفراداً وجماعات ومنهم العلماء والفقهاء ثم الفضاءات العامة، حيث يتم الجواب عن الاستشارات الخاصة ثم مجالس الذكر، التي يمكن أن تكون في المكانين معا: المجلس والمسجد. ب المواضيع المتناولة: لم تفصل الكتابات المتحدثة عن ذلك في طبيعة المواضيع التي تدرس في المجلس أو المسجد، وإنما يظهر أنها نفس المواضيع، إلا أنها من حيث التعمق والطريقة تختلف فميا بينها، على اعتبار أن حلقات المسجد ربما كانت خاصة بالمريدين، بينما المجلس يكون عاماً يشمل جميع الزوار والسائلين بما فيهم شيوخ الطريقة والفقهاء والعلماء، إضافة الى أن الحلقات يحاضر بها بعض الزوار الشيوخ، كما رأينا في مواعيظ الشيخ محمد ابراهيم التمنارتي الذي كان يلقي مواعظه غير دار بوجود الشيخ سيدي احماد أوموسى.. أما المواضيع فتتراوح بين مسائل التوحيد التي كانت تهتم بها الطريقة الجزولية كثيراً وكمثال لذلك: »[...] ومنها لمن سأله معرفة الله: »ماؤك في رحلك وكنزك تحت جدارك: قلت (صاحب الفوائد): أشار به لقوله تعالى: »وفي أنفسكم أفلا تبصرون«. وكذلك: »[...] ومنها لفقيه جزولة أبي عبد الله محمد بن ابراهيم التامنارتي يدم الدنيا: المذموم ما ذمه الشرع، والمحمود ما حمده الشرع، فأكب عليه يقبل رجليهس. وحلقاته ومجالسه لا تخلو، كما يظهر من نقاش ومطارحة، كما رأينا في المثال السابق، وكما يؤكد المثال التالي: » [...] ومنها للذي سأل في مجلسه عن الإيمان، فقال له بعض من في المجلس: هو التصديق، فحنا في بعض خواصه فقال له: هو الذوق«. بالإضافة إلى مواضيع زخرى يتسقيها من أسئلة الزوار ومن مشاكلهم وهمومهم مواضيع تتعلق بالتوجيه والإرشاد كالتحذير من الغيبة »ليس منا من يقص أظفاره بالمقص«. كذلك كان يوجه وينصح: »انصفوا، انصفوا« أو »انصحوا، انصحوا« أو »اعفو، اعفوا« أو »حذار عليك بالميزان« إلخ... ج منهجه وطريقته في التدريس: 1 بشكل عام، كان الاعتدال والتيسير يطبعان منهجه عكس الشيخ الغزواني قرينه عند الشيخ التباع الذي كان مضيقاً وعنيفا ومكثرا«، وهذا ما أضافه سيدي احماد أوموسى إلى الطريقة: أضاف الاقتصاد والتبيئة بعدم التشدد والتضييق وتلك خصوصيته. وقد جسد كل هذا في منهجه وطريقته في التدريس، فقد كان يوصي بعدم الاكثار من الاوراد. يقول ادفال:»وكان رضي الله عنه لا يحمل اصحابه على التعب، كذا قال لي: وحدثني بذلك غيري كذلك ايضا عنه، قال: قال له: لا تصحب المضيق، ولا تنكح المطلق، ولا تحرث في المعلق، وفسر له المضيق بالشيخ الذي يدل اصحابه على التعب.. الخ. تقول الاستاذة الراجي في ذلك:»تقوم التربية عند الشيخ على الارشاد والنصح المستمر ولا يقتصر الامر على المريدين بل تشمل باقي الشيوخ الذين يفدون عليه. ولعل ابرز ما واضب الشيخ على حث المريدين عليه هو الاقتصاد وعدم الافراط ومبدأه هذا يقتصر على الاقتصاد في الامور الدنيوية بل يتعداها الى ادوار أخرى دينية كالحث على الاقلال من الاوراد وعدم الاسراف في المحبة، ومن ثمة الاستفادة من اقل الاشياء وابسطها للتقرب الى الله. اذن كما رأينا هو أميل الى التيسير والاعتدال وليس مع الشيخ المضيق. وقد كان ينشد هذا البيت كثيرا: عليك بأوسط الامور فإنها نجاة ولا تركب ذلولا ولا صعبا ويظهر ان ذلك هو سند الشيخ في هذا النهج والذي عكسه على سلوكه العام ومنه طريقته ونهجه في التدريس. وطريقته في مجلسه او عريشه حيث يكون الحضور عاما فانه اما ان يسأل فيكون موضوع حديثه مبنيا على ذلك السؤال والامثلة متعددة. كالذي سأله معرفة الله او الذي سأله معنى يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا. وإما انه كان يكشف ويحزر ما تمور به اذهان زائريه فيحدث في مواضيع تهم الجميع يراها موضوع الوقت، والناس في حاجة الى تفصيلها وتبيان خفاياها كموقف الشرع من بعض التعاملات التي تحلها او تحرمها بعض الاعراف التي مازالت سائدة في ذلك الوقت وتحكم حياتهم اليومية. وكذلك كان يعمد الى التوجيه والارشاد والنصيحة متى اقتضى المراد ذلك. ميله ككل اقرانه لدى الشيخ التباع الى السجال والمناظرة بل والسير اليها ان اقتضت الضرورة ذلك خوفا من خروج داعية مهرطق او فقيه معارض للطريقة او مثل ذلك: قال للفقيه الصوفي مريده ادفال حين اشتكى اليه كثرة الدعاة والدعاوي: كل من قال لك انا فوق الناس فاتني به، يعطيني علامة ذلك، فلكل شيء علامة. ثم قال لي: اعيينا من ذلك: يقولون كنا حتى نصلهم فيسكتون يعني فيعجزون اما طريقته ومنهجه مع العامة فيختلف عما ذكرناه اذ يعمد بذكاء الى استخدامهم هم انفسهم كوسيلة لنقل ما اخذوه لغيرهم، فيخبر الحاضر الغائب. لتعم الفائدة، ولكي تلتصق تلك الفائدة بالذاكرة اكثر، وبالذاكرة الجمعية لجأ الى استخدام الحكم والامثلة المعبرة السيارة، والى الان فكثيرا ما نسمع في اللقاءت والتجمعات المرتبطة بمواسمه وبزاويته وبغيرها حكما وامثلة متواترة تنسب اليه كالمثل المعروف والمذكور المتعلق باحترام النفس، ومن امثلة حكمه: