ترامب يسعى لتنفيذ مخطط "الشتات" للغزيين وتوطينهم في دول أخرى    أولمبيك آسفي يتمسك بمدربه أمين الكرمة بعد فترة توتر    بوانو يرد على الطالبي بعد تصريحه حول "خيانة الانسحاب" من التصويت على قانون الإضراب    انتحار ستيني في ظروف غامضة بحي الديزة بمرتيل    بلقاسمي: ملعب الرباط سيدخل كتاب " غينيس"    ميلان يعلن تعاقده مع جواو فيلكس على سبيل الإعارة    تنقيط لا يليق بالحارس الرجاوي أنس الزنيتي في مباراته الأولى مع الوصل    مجلس النواب يمرر بالأغلبية قانون الاضراب    "كاف" يعلن مواعيد قرعة ربع نهائي أبطال أفريقيا والكونفدرالية    اتفاقية إطار بين جامعة عبد الملك السعدي والوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي    الداخلية الفرنسية تكشف ازدياد عمليات ترحيل المهاجرين المغاربة    عمال النظافة بتطوان ينضمون للإضراب العام    الارتفاع يستهل تداولات بورصة الدار البيضاء    الريفي يستعرض بباريس الأهمية الاستراتيجية للفلاحة بالمغرب ودورها الاقتصادي والاجتماعي    فورد تعلن عن عودتها إلى الفئة الملكية لسباقات التحمل    طنجة.. تفاصيل توقيف شخص بحوزته 942 وثيقة مزورة وجوازات سفر    أسعار الذهب ترتفع إلى مستوى تاريخي جديد    البريد بنك يحصد 3 ألقاب في Les Impériales 2025    النصب على ضحايا زلزال الحوز يُورّط مقاول ونائب رئيس جماعة وموظف    نقطة نظام.. المغرب إلى أين؟    الغلوسي يستغرب من تأخر تنفيذ قرار القضاء في ملف "كازينو السعدي"    كيوسك الأربعاء | إطلاق الدعم لفائدة المقاولات المستفيدة من "صندوق التحدي 2"    حرب الطرق تواصل حصد أرواح المغاربة    الرباط.. العرض ما قبل الأول لفيلم "الوصايا" لسناء عكرود    الولايات المتحدة.. مجلس الشيوخ يؤكد تعيين بام بوندي في منصب وزيرة العدل    بلغ عددهم 67.. فرق الإنقاذ تعثر على جثث جميع ضحايا تحطم طائرة واشنطن    باحثون ومهتمون يناقشون "القضية الفلسطينية" عند رواد في الفكر المغربي المعاصر    حزب "التقدم والاشتراكية" ينتقد سياسات الحكومة ويؤيد الإضراب الوطني العام    أجواء باردة في توقعات طقس الأربعاء    سياسات ترامب الحمائية هل ستؤدي إلى حرب تجارية جديدة؟    الحكومة حريصة على توفير المواد الاستهلاكية بوفرة خلال شهر رمضان المبارك    ترامب يوقع على أمر تنفيذي بانسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان    ترامب: "أمريكا ستسيطر على غزة"    لقجع يكشف ارتفاع مداخيل الضريبة    وصلة إشهارية تضع "وفاكاش" في مرمى انتقادات التجار والمهنيين    بحضور وهبي وبنسعيد.. "وصايا عكرود" تخوض في تعديلات مدونة الأسرة    خلال جلسة مساءلة أخنوش في المستشارين... حزب الاستقلال يؤكد على وفائه لحلفائه في الحكومة    إصابة تبعد نجم الوداد عن الملاعب أسبوعين    لسعد الشابي يصل إلى الدار البيضاء لتوقيع عقده مع الرجاء    10 قتلى في هجوم على مدرسة بالسويد    تهجير الفلسطينيين من أرضهم.. خط أحمر لا يقبل التفاوض أو المساومة    أخبار الساحة    خبراء يؤكدون أن جرعة واحدة من لقاح "بوحمرون" لا تكفي للحماية    محامي بلجيكي: إصلاح مدونة الأسرة متوازن يثبت قدرة المغرب على التحديث دون التنازل عن قيمه    بعد غياب لسنوات.. "الشرقي والغربي" يعيد حنان الابراهيمي إلى التلفزيون    الصحة العالمية : إطلاق أول تجربة لقاح ضد إيبولا في أوغندا    الصناعة السينمائية المغربية تحقق أرقامًا قياسية في 2024    بنسعيد يعلن عن تقييد مآثر جديدة    جولييت بينوش تترأس لجنة التحكيم في "مهرجان كان"    التقلبات الجوية الحادة تؤثر على الصحة العقلية للمراهقين    تنظيف الأسنان بالخيط الطبي يقلل خطر السكتات الدماغية    عقاقير تخفيض الوزن .. منافع مرغوبة ومخاطر مرصودة    الرباط: تنصيب الأعضاء السبعة الجدد بأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ سيدي أحمد بن موسى؟ -23- في استقرره

وتسبب عامي 926ه/1519 و927ه/1520 في ما سماه صاحب الاستقصا ب»الغلاء الكبير» حتى كادت مراكش تفرغ من السكان عام 929ه/1522م وتعاقب عليها الأوبئة ما بين عامي 927ه/1520م و930ه/1523م، وقد سمى صاحب «مرآة المحاسن»« سنة 927ه هذه بسنة »»الجوع الكبير»« وهي السنة التي ربط بها رجوع الشيخ النهائي.
هذه الظروف بتلخيص شديد (والتي سترى مفصلة في أماكن من هذا الكتاب) هي التي جعلت الزوايا تنفتح في سوس، وربما هي من أذن بفتحها بدل الشيخ أو الشيوخ، وقد عدت الأستاذة الراجي أكثر من عشرة في الجنوب الغربي فقط، حصرت منها زوايا كل من الشيخ سعيد بن عبد المنعم، وابنه الشيخ عبد الله بن سعيد، وسيدي محمد اوبراهيم الشيخ التمنارتي، ومحمد أو يعقوب الباعقيلي، والشيخ عبد الرحمان بن علي الحامدي، ومحمد بن يعقوب الصنهاجي السكتاني وعبد الكريم الفلاح، وغيرهم كثير. والذي يجمع كل هؤلاء أخذهم عن الشيخ التابع.
ومن هذه الزوايا زاوية سيدي احماد اوموسى. قد يتساءل سائل ويقول لم كل هذا التقديم والطريقة، أي طريقة صوفية توجب ايجاد وسائل تمرير تعاليمها حتما، والزاوية تحصيل حاصل، إذ هي الأداة، والأداة الأكثر نجاعة لذلك، وقد سبق للشيخ المؤسس للطريقة والمجدد للشادلية سيدي محمد بن سليمان الجزولي أن فتح - كما رأينا - عشر زوايا بالاضافة الى الزاوية المركزية ب «»أفوغال»« التي استشهد بها مسموما. نقول نعم هو كذلك، بل وأكيد، ولكن ما شوش علينا رؤيتنا هذه، وشوش في نفس الوقت على السياق العام المذكور، هو ورود كلام نسب للشيخ خلق مفارقة غريبة لم نستطع حلها إلا إن كان لكلامه تأويل آخر، يذهب بعيدا في الظن الى مفهوم الزوايا خوفا من أن تكون غاية لا وسيلة من وسائل التجمع للتحصيل والعبادة والتوجيه... وما خلقت له أصلا.
وهذا كلامه كما أورده صاحب الفوائد: [...] ومنها في التحذير من البدع والأهواء للذي سأله بناء الزاوية: قام سلطان الهوى مستندا الى ظلمة الغي، بمقتضى الشهوة، عن عدل وفق الطبع، بعدول العدول، بتعاطي أنواع الفضول، فذهبت الأوقات في نيل تلك اللذات على بساط الغفلات، ولا يثبت في هذا الموطن مع الحق إلا من ثبته الله، والحق واحد، ولو لا قصور الإفهام لكثر الكلام، والجاهل أعمى، والمعاند محروم، والحسود مفسود. يا أخي لا تغبن اتستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، لا تبع الحق بالغي، ولا تتعلل ولا تستعذر، التعلل هنا لا يفيد، والعذر لا يقبل، وإياك وتوبة الكذابين، وهي نطق باللسان وتكميش بالعينين، وإباية النفس، ولابد من لقاء ما عملت بين يدي من لابد من لقائه. فاتق الله و»لتنظر نفس ما قدمت لغد«، وكن عبد رب واحد لا عبد أرباب، «»تعيس عبد الدنيا والدره««، «الله يقول الحق وهو يهدي السبيل«.
وقد علق صاحب »»الفوائد»« التامنارتي على هذا الكلام قائلا: «قلت: وأظن هذا الكلام في قطب العارفين، وهو أبغ في نصح السائل، وتم لإرشاده«.
ويظهر من السؤال والجواب أن الزاوية لم تكن موجودة آنذاك، وعلى كل وتجاوزا لهذا الكلام لأننا سنجد في موضع آخر من كلام أدفال الدرعي: و»سمعت عنه ر ضي الله عنه أنه قال: أقدر من نرفع الزاوية بربع مد لكن أردت بهذا الكسب نفع الفقراء. إنها الضرورة، ألس كذلك؟؟ فإن الزاوية موجودة الآن، وهو من أوجدها، وفتحها وفعلها، وجعل صيتها عاليا لتلعب أدورا كبيرة، لم يخب توسمه وتفرسه في المكان الذي اختاره لها لتقوم بما قامت به في حياته من »نفع الفقراء« الذي أراده ومن أشياء أخرى...
وقبل الحديث عن الأدوار التي قامت بها زاوية سيدي احماد أوموسى، لابد أن نشير الى أنه لا يمكن الفصل بتاتاً بين عمل الشيخ وعمل الزاوية، إذ وصلت العلاقة ليس في عملها فقط، بل في أذهان الناس حد التماهي: »زاوية سيدي احماد أوموسى«، فهو منار الزاوية وفنارها، وأصلا هذا هو الغالب في الزوايا، فما إن يختفي شيخ الزاوية إلا ويقل إشعاعها تدريجيا الى أن يخبو خصوصاً إن ساعدت ظروف أخرى خارجية كالبعد، وتوجيه الأنظار الى جهة أخري، ويكفي أن نذكر ما قاله الشيخ سيدي احماد أوموسى حين توفي شيخ تمنارت سيدي محمد أوبراهيم الشيخ صديقه وحبيبه: »وداعا يا تمنارت يا صاحبة الحريرة والرداء والخلق، والحجارة فما خلا منه حبيبك فليخل منك، في »سجع شلحي لطيف حلو« لازالت السن ساكنة المنطقة تحفظه وتصرفه الى الآن«.
وكغيرها من زوايا المنطقة، بل والمغرب الجزولي ككل، توزعت وظائفها بين الأعمال الخيرية والاجتماعية والاهتمام بالشؤون العامة بشكل متواز، لعب فيها الشيخ، كما قلنا بقوة شخصه وما أعطاه الله من هيبة، وتيسير، ويد في قضاء الحوائج، دوراً كبيراً يستحيل وصفه، كل ذلك في بيئة ذات شح ونذرة، كما لعب على المستوى الوطني دوراً لا يقوم به إلا ذوو الهمم العالية من الرجال الذين أوتوا هبة وهيبة كما رأينا وسنرى:
أولا: في الأعمال الخيرية والاجتماعية
أ الإطعام ومحاربة الفقر
كل الزوايا في المغرب، ومنذ نشوئها في العهد المريني، قامت في الأساس على الإطعام وإيواء الفقراء والمشردين وعابري السبيل، ومن لا مكان له، لكن الزوايا الجزولية أخذت هذا المعطى ووظفته بحيث سارع المؤسسون الى استقطاب من يمر منها، وبث رسالتهم وتعاليم طريقتهم، خاصة والزمن بصعوبته يفرض ذلك، كما رأينا في أمكنة أخرى، ولم تخرج زاوية سيدي أحماد أوموسى عن ذلك رغم ما عرفته في أول أمرها، أثناء اشتغال الشيخ بالاستقرار والتأسيس، من مصاعب وشح في الموارد لكن »بركة« الشيخ وحنكته في التدبير لم تجعله يقفل أبوابه خصوصاً والمريدين والأتباع يتكاثرون منذ مرحلة »بومروان« الى أن وصلت الزاوية الى مرحلة »فاضت فيها عليه الأسباب«، فوسع زاويته وبنى »حوانيت« لاستقبال الزائرين بكل أنواعهم، ولاشك أنه ولي إدارة عهد إليها بتنظيم هؤلاء وفرزهم حسب المراد من الزيارة، فقد كان »يضع الناس في منازلهم«.
خلاصة القول، فإن شعاره يغني عن أية مساءلة في هذا الباب، فقد كان مقتنعاً كل الاقتناع بفائدة الإطعام، إطعام الجائع، والفقير والمحروم... أليس هو القائل: »كيف أستحق المقامات عند الله إن دخل ضيفي بجوع وخرج بجوع«.
وقد لخصت الأستاذة الراجي المرحلة التي فاضت فيها الأسباب كالتالي:
»اقترنت بتنامي مداخيل الزاوية من هبات وصدقات، فبعد أن كانت موارد الزاوية تقاس لقلتها بالأصوع: »صاعين من قمح، صاعين من شعير، صاعين من الجلبان«. أصحبت تقاس بأحمال الدواب، ولم تعد الغلال المنتجة محلياً تشمل المواد الضرورية فحسب، بل أصبحت تضم الفواكه من عنب، فقوس وغيرها«. ولكن لتعدد الزوار وتكاثرهم المستمر مع ضعف الإمكانيات الطبيعية للمنطقة عمل الشيخ احماد أوموسى لضمان استمرار الزاوية في أدائها لوظيفتي الإطعام والإنفاق على أحسن وجه، على سن إجراء ثالث يعتبر في نظرنا أساس عمله الصوفي، ونعني بذلك حثه المستمر للمريدين والزوار على السواء على الاقتصاد وعدم الإسراف«.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.