أدت احتياجات التجارة الدولية إلى تطور سريع وكبير في النقل البحري في السنوات الأخيرة، بحيث دفع هذا التطور الموانئ والمحطات إلى تحسين عملياتها لتصبح أكثر كفاءة وأكثر قدرة على المنافسة وكذلك أكثر استدامة. في الوقت الحاضر، تتحمل الموانئ مسؤولية حصة من الأضرار البيئية الناجمة عن التجارة والعمليات البحرية، بحيث يساهم قطاع الشحن البحري بنسبة 3% تقريبا من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون (CO2) العالمية، بحيث تولد السفن حوالي 1 مليار طن من (CO2) سنويًا. تنتج الموانئ بشكل رئيسي الغازات المسببة للاحتباس الحراري مثل ثاني أكسيد الكربون (CO2) وثاني أكسيد النيتروجين (N2O) والميثان (CH4) أثناء عملياتها اليومية، تلعب الموانئ دورا حاسما في التنمية الخارجية لأي بلد باعتبارها حلقة أساسية في سلسلة التوريد العالمية. لا يمكن إنكار أن انبعاثات الكربون الناتجة عن أنشطة الموانئ لها تأثير على المجتمع البشري وكذلك لها عواقب سلبية على الهواء والماء والتربة المحيطة، فضلا عن نوعية حياة السكان والتنمية الاقتصادية. تقدير انبعاثات الكربون في الموانئ بدأت العديد من الموانئ حول العالم بتقييم وإبلاغ انبعاثاتها الكربونية في العقود الأخيرة، بحيث إن تحديد كمية الانبعاثات الناتجة عن أنشطة الموانئ هو الخطوة الأولى نحو فهم أفضل للتأثير البيئي لعمليات الموانئ والعمليات البحرية. من خلال تطوير مخزون الانبعاثات، يمكن لمشغلي الموانئ تحديد مصادر الانبعاثات، وتتبع انبعاثات الكربون واستهلاك الطاقة بصريًا في أنشطة الموانئ اليومية، وتحليل انبعاثات الكربون من عمليات الموانئ الحالية. يوفر تقدير الانبعاثات الكربونية الأساس لمزيد من البحوث الرامية إلى الحد من انبعاثات الموانئ وتحسين الأداء البيئي للموانئ. علاوة على ذلك، فهو يشجع المنظمات الوطنية والدولية على التحرك نحو مستقبل أكثر استدامة للموانئ العالمية. لتسهيل تقدير الغازات المسببة للاحتباس الحراري، قام الباحثون بتصنيف انبعاثات النقل البحري بين انبعاثات أنشطة الموانئ وانبعاثات النقل البحري، بحيث تم تقسيم انبعاثات الكربون من الموانئ إلى عنصرين تخص الانبعاثات من السفن الراسية والانبعاثات من أنشطة منطقة الميناء. رسو السفن يعد النقل البحري الوسيلة الرئيسية للتجارة الدولية، حيث يمثل أكثر من 80% من التجارة العالمية بحسب تقرير صادر عن المنظمة البحرية الدولية فإن الشحن الدولي أنتج 79.6 ملايير طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في عام 2012، وهو ما يمثل 2.2% من إجمالي الانبعاثات في ذلك العام، بحيث من المتوقع أن تصل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الشحن إلى نحو 15% بحلول عام 2050، في غياب تدخل المنظمات البحرية ذات الصلة (المنظمة البحرية الدولية، 2014). تعد الموانئ مراكز أساسية للنقل البحري، حيث تلتقي فيها الطرق البحرية ومن ثمة، تواجه مدن الموانئ تحديا مزدوجا يتعلق بالانبعاثات الناجمة عن البنية التحتية ورسو السفن. إن التأثير البيئي لانبعاثات السفن على مدن الموانئ أعظم حتى من تلوث الهواء الناتج عن أعالي البحار، بحيث يعتبر الميناء المنطقة الأكثر تضررا، لذلك تستخدم الموانئ الذكية حاليا تقنيات خاصة بالكهرباء على الرصيف (Shore Power) لتقليل تشغيل محركات السفن أثناء الرسو، مما يخفض التلوث الجوي بنسبة تصل إلى 95%.. استراتيجيات الحد من انبعاثات الكربون من الموانئ أصبحت فكرة ضرورة قيام الحضارات بمكافحة تغير المناخ معترف بها على نطاق واسع ومهم بحيث أصبحت الحكومات والشركات مطالبة بشكل متزايد ببذل الجهود لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، نظرا لأن حصة قطاع النقل من بصمة ثاني أكسيد الكربون آخذة في التزايد بينما تتناقص حصة القطاعات الأخرى، لذلك أصبح الهدف الرئيسي الحالي هو تحديد أفضل السبل لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وفي ضوء هذه النتائج، تم تقديم اقتراحات ملموسة لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في موانئ الحاويات في العديد من الموانئ حول العالم، وخاصة في الصين، تم بالفعل استبدال رافعات الحاويات الجسرية ذات الإطارات المطاطية (RTGs) إلى حد كبير برافعات الحاويات الجسرية ذات الإطارات المطاطية الكهربائية (ERTGs). الوقود البديل.. الغاز الطبيعي المسال (GNL) من أجل تحقيق أهداف إزالة الكربون، يعتمد القطاع البحري على حلول مبتكرة بحيث يعد اعتماد الوقود البديل استراتيجية فعالة للقطاع وتشمل الحلول الأخرى لتقليل انبعاثات الكربون من الموانئ حلول الطاقة، بما في ذلك الطاقة الهجينة، وتكنولوجيا الكهرباء، والوقود البديل، والتي تحمل إمكانات كبيرة للحد من انبعاثات الكربون في صناعة الموانئ. يمكن أن يساعد الوقود النظيف أو المتجدد في تقليل انبعاثات الكربون في الموانئ بشكل كبير بحيث يعد التحول من الوقود الأحفوري إلى الوقود الحيوي خطوة مهمة في تقنيات الحفاظ على الطاقة. علاوة على ذلك، فإن الجمع بين الوقود والكهرباء واعد، إذ سيتم استبدال السفن التقليدية التي تعمل بالديزل بسفن تعمل بالدفع الهجين الذي يجمع بين الديزل والكهرباء بحيث يمكن للسفن الهجينة العاملة بالديزل والكهرباء تحقيق كفاءة طاقة أعلى بنسبة 12%. تحسين مشترك لمسارات السفن وسرعاتها إن تحسين الملاحة البحرية يمكن أن يقلل من انبعاثات السفن بنسبة تصل إلى 30% أثناء العواصف الشديدة في الرحلات الطويلة، ومع ذلك، فإن جميع الحالات التي تم فحصها تظهر انخفاضًا في الانبعاثات عند تطبيق تحسين مسار السفن. كذلك تؤثر سرعة إبحار السفن بشكل مباشر على استهلاك الوقود بمعنى آخر، أدت الزيادة في السرعة إلى زيادة التكاليف واستهلاك الوقود بحيث تشير الدراسات إلى أن تقليل سرعة السفن بنسبة 10% يمكن أن يخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة تصل إلى 19%. كهربة أسطول السفن أظهر تحليل إمكانات كهربة الأسطول أنها ستخفض إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من 495.42 طنًا إلى 277.32 طنًا سنويًا بحيث هناك ثلاث تقنيات رئيسية لكهربة السفن منها كهربة السفن بصفة كاملة (Fully Electric Ships) تعمل ببطاريات كبيرة قابلة لإعادة الشحن ويتم استخدامها في الرحلات القصيرة، مثل عبّارات الموانئ والبحيرات هناك أيضا السفن الهجينة (Hybrid Ships)التي تجمع بين محركات الوقود التقليدي والكهرباء، بحيث تُقلل استهلاك الوقود بنسبة تصل إلى .50% أخيرا هناك السفن التي تعتمد على الهيدروجين الأخضر (Hydrogen-Powered Ships) والتي تعتمد على خلايا وقود الهيدروجين لإنتاج الكهرباء.