د - المراقبة وهي حفظ الروح من ارتكاب الاثم، ويسمى الجزولي هذا المقام مقام الحياء والامتنان، وهو مقام المتوسطين. ه - المشاهدة: عبارة عن وجود الحق من غير ريبة ولا تهمة و هي لأرباب التمكين ويعتبرها الجزولي مقام المنتهين، وهي جذب ليس للعبد فيه اكتساب وهي ما يدعوه الصوفية ب»الحال» اي هبة الهية يهبها الله لعبيده تتخذ اشكالا بوسع السالك، وحده احصاءها ووصفها. تلكم باختصار شديد هي تعاليم الطريقة الجزولية و كما استقاها الدكتور حسن جلاب من مجموع مؤلفات الجزولي المذكورة. ويبقى علينا ان نتساءل عما اضافته هذه التعاليم الى الشاذلية وبم امتازت عنها؟ يبدو وكما رأى غيرنا ان ما أوردناه يصب في عمق الشاذلية وان ما اضافة الشيخ الجزولي ليس الا ما فرضته عليه اسئلة عصره. وما سؤال عصره الا الجهاد فلذلك نلاحظ ان طريقته فرضت ضرورة وجود الشيخ، فالشيخ بالاضافة الى دوره في المجاهدة وهي عملية ذاتية محض، فان الظروف الموضوعية التي عاشها الشيخ كانت تفرض وجوده لمركزة القرار، وجمع شمل المسلمين المغاربة ضد الغزو كما ر أينا في مكان سابق بالاضافة الى أن «الجزولي (كان) يعيش احداث عصره فأسهم في صنع تاريخه، اذ لم تكن قضايا الطريقة لتحلو بينه وبين ذلك، فربد الجسور بين مجاهدة النفس والجهاد في سبيل الله، والواحد منهما مكمل للاخر، وان كان جهاد النفس اكبر وأعظم فدعا مريديه الى مناهضة الاستعمار الذي كان يعيث فسادا في منطقة سوس، ويحتل بلاد الاندلس وقد عبر عن ذلك في كتاباته عندما قال: »دولتنا دولة المجتهدين المجاهدين في سبيل الله المقاتلين اعداء الله. وعن دلائل الخيرات يقول د. حسن جلاب عن دلائل الخيرات «تتفق المصادر على أن الجزولي قد الف كتابه دلائل الخيرات بفاس من كتب جامع القرويين. ولا يمكن تحديد تاريخ التأليف لان الوثائق لا تسعفنا وبذلك وان كنا متأكدين من ان ذلك تم في فترة شباب الجزولي، وقبل ان يشتهر امره في الطريقة، وككل عمل قيم جليل حكيت حول الكتاب قصص اسطورية عن سبب تأليفه، وكرامات قراءاته او حمله.. فقد ردوا سبب التأليف إلى واقعة بسيطة بطلتها صبية (او امرأة) تتمكن من اخراج الماء من عمق البئر الى سطحه بكثرة الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، في الوقت الذي لم يجد فيه الجزولي سبيلا للحصول على ماء يتوضأ به. ويشتمل دلائل الخيرات على: مدخل وثلاثة فصول المدخل حدد فيه الغرض من التأليف (فالغرض من هذا الكتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وفضائلها، محذوفة الاسانيد ليسهل حفظها على القارئ وهي من اهم المهمات لمن يريد القرب من رب الارباب وسميته بكتاب (دلائل الخيرات) وشوارق الانوار في ذكر الصلاة على النبي المختار، ابتغاء لمرضاة تعالى ومحبة رسوله الكريم وهكذا فان الجزولي: أ - يعتبر الصلاة على النبي وسيلة من وسائل القرب من الخالق وابتغاء مرضاته ومحبة رسوله. ب - ان ما أخذ عليه لم يكن سهوا، وانما قصده قصدا، اي تجريد التصليات من اسانيدها تسهيلا لحفظها، وهذه الملاحظة الاخيرة اذا اضيفت الى ما ذكر عن تأليفه للكتاب من كتب خزانة القرويين تبين ان اغلب التصليات لم تكن من انشاء الجزولي وانما جمعها من كتب الحديث والاذكار والدعوات الفصل الاول: في فضل الصلاة على النبي عرض فيه المؤلف ثلاثا وثلاثين حديثا نبويا في فضل الصلاة على النبي والتحريض عليها، والتنديد بالغافل والمغرض عنها. وتدور معانيها حول المحاور التالية أ - جزاء المصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم ب - عقاب الغافل عن الصلاة عليه، وهو عكس ما يكتسبه المصلي على الرسول، اي النسيان والابتعاد عن الله ورحمته. ج - ربط الايمان الحقيقي بالصلاة على الرسول ومحبته اكثر من محبة الانسان لنفسه وأهله د - وصف مجلس الذكر وما يغشاه بفضل الصلوات المترددة فيه من روائح المسك التي تبلغ عنان السماء. الفصل الثاني: في اسماء الرسول، وصفة الروضة الشريفة استعرض فيه الجزولي مائتي اسم واسم واحد. بعضها مما شرف به تعالى رسوله بما سماه به من اسمائه الحسنى، ووصفه به من صفاته العليا. منه ماهو مفرد مثل: محمد، احمد، ماحي، حاشر. او مركب مثل: عروة وثقى، صراط مستقيم، نجم ثاقب، وماهو مضاف مثل، عبد الله، نبي الرحمة، هدية الله، دليل الخيرات الفصل الثالث: في كيفية الصلاة على النبي هو الغرض من التأليف، وأخر فصول الكتاب واهمها. اورد فيه الجزولي سبعا وثلاثين واربعمائة تصلية مقسمة الى سبعة احزاب على عدد ايام الاسبوع، ابتداء من يوم الاثنين، وانتهاء بيوم الاحد، مع اختلاف عدد تصليات كل حزب، وتسهيلات لحفظ الكتاب يقسمه المؤلف الى أربعة ارباع، وثلاثة اثلاث. وفي البدء بيوم الاثنين تبرك بهذا اليوم الذي شهد ميلاد الرسول موضوع الكتاب، وبالرغم من كثرة تصليات يوم الثلاثاء. فان اهم التصليات هي الواردة يوم الجمعة اليوم الذي حثت فيه الاحاديث المريد على ذكر النبي والصلاة عليه، ذلك ان تصليات الثلاثاء المذكورة قصيرة ومركزة على اسماء الرسول، ولا تتجاوز في اغلبها اربع كلمات: صيغة الدعاء - فعل الصلاة - اسم الرسول مفردا او مضافا او مركبا.