مدينة خريبكة من المدن الداخلية المعروفة بطقسها الحار صيفا، هذا ما تعلمه التلاميذ في المدارس، ولكن يجهلها او يتجاهلها المسؤولون. بل ان المستعمر الفرنسي الذي كشف خيراتها حاول ان يتأقلم مع مناخها ببناء سد واد زمرين ببني يخلف(18كلم عن مدينة خريبكة) والغابة المخزنية شمال المدينة، وذلك من اجل تلطيف الجو ومحاربة التلوث والاستجمام. لكن اليوم وخاصة خلال هذا الصيف ، فإن الامور زادت استفحالا واصبح المواطن يعاني من مخلفات الحرارة ومن غياب المسؤولين على حد سواء في هذه الظروف القاهرة. ففي كل صيف يقل الماء الصالح للشرب في اغلب الاحياء، وخاصة الاحياء الشرقية وانعدامه في اغلب الاوقات في العمارات والنقص في الصبيب، كلها أمور يتحكم فيها المكتب الوطني للماء الصالح للشرب ويبرر ذلك بإصلاح احدى القنوات! وللاشارة فإن مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط هي التي تحملت إيصال الماء من آبار سيدي عبد الله بالفقيه بن صالح الي مدينة خريبكة من الفرشة المائية لتادلة(اكبر فرشة في افريقيا) كما أن نفس المجموعة غيرت من سياستها المائية وأصبحت تغسل الفوسفاط بالمياه المعالجة وليس بالماء الصالح للشرب، كما كان سابقا، كل ذلك والمدينة تعاني من نقص كبير في الماء وخاصة في الصيف. ويتساءل الجميع حول الاسباب الحقيقية و خاصة ان المواطنين يؤدون فواتير الماء الشروب والماء العادم بأغلى وأعلى ثمن في المغرب؟ إن المسؤولين، وخاصة المجلس البلدي الذي فوت تدبير الماء العادم للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب ، لم يتدخل للرفع من معاناة المواطنين وغير مبال بها، كما انه لم يساهم في خلق فضاءات للاستجمام وخاصة للاطفال، بل هناك تراجع خطير ، بحيث أن المسبح البلدي الوحيد تم إغلاقه منذ سنتين وتم إتلاف كل تجهيزاته وتخريب مرافقه. وبالتالي فالملاذ الوحيد للسكان هو مسابح الفوسفاط والتي بناها من أجل أبناء الفوسفاطيين وعائلاتهم، وفي بعض الاحيان يفتحها لغيرهم. لقد أثارت احدى الصور في الفايسبوك ليوم الاحد 7 يوليوز الماضي والتي اخذت من المسبح الكبير للفوسفاط، عدة تعليقات صادمة وأحيانا جارحة في حق المدينة وفي حق المسؤولين الغائبين عن هموم المواطنين والذين يتوفرون على مسابح في منازلهم ومكيفات في أسرّتهم وغير مبالين بمعاناة الطبقات الفقيرة. تلك الصورة التي استفزت الغيورين على المدينة وسكانها وتترجم بالملموس الحالة التي اصبحت عليها المدينة. مدينة بخيراتها ومؤهلاتها و فوسفاطها وجاليتها بالخارج ، تعيش العوز والفقر والخصاص في الماء الصالح للشرب والبنيات التحتية للترفيه والاستجمام ؟ وهذا في غياب تام للمجلس البلدي وللوزارة الوصية والوزارات القطاعية. إن عدد سكان مدينة خريبكة لوحدها يتجاوز200 ألف نسمة احصائيات 2004 وبدون مسبح بلدي؟ وبمشاكل كبيرة في الماء الصالح للشرب في الصيف ومنذ سنوات. هل يمكن للفوسفاط ان ينوب عن المجلس البلدي، ويتحمل هذا العبء، اذا كان كذلك ، فعلى المجلس ان يقدم استقالته؟ هل من المعقول ان تعيش مدينة في حجم خريبكة هذه المأساة؟ وفي جهة تتوفر على 6 سدود كبرى وحوالي 60 سدا تليا؟ إن هذه السدود تستفيد منها أقاليم وجهات من خارج جهة الشاوية ورديغة؟. وان المدينة تدفع سنويا للجهة 30 مليون درهم من عائدات الفوسفاط وهي نصف ميزانية الجهة؟ ان تلك الصورة المعبرة والمستفزة ومعاناة السكان من الماء بإمكانها ان تستفز المسؤولين ويشمروا عن ذراعهم لرفع المأساة عن جزء من الوطن الذي اعطى للوطن ولم ينل الا الاحباط والاستفزاز والاهانة. متى يأتي دور هذه المدينة لتنعم بخيراتها وتركب قطار التنمية وتحل مشاكلها وتستريح من مصاصي دمائها الذين لا يتقنون الا لغة المال والعقار. للنبش في التاريخ القديم للمدينة ويعلم الجميع ان عاصمة الفوسفاط ، كانت عبارة عن خليج بحري يسميه الجغرافيون القدامى بخليج اولاد عبدون والذي يشبه الى حد ما شواطيء التاهيتي ، وذلك قبل 60 مليون سنة ! ذهب البحر وترك الفوسفاط وأنياب القرش التي لم تمت. وتحولت الجغرافيا واصبحت المدينة تعاني من الخصاص المهول في الماء والمسابح؟ . إنه مكر التاريخ .آه كم تمنى البعض وأنا ايضا، ان يعيد التاريخ نفسه وتسترجع المدينة جغرافيتها القديمة؟ . لكن التاريخ لا يعيد نفسه مع الاسف. وتبقى المدينة في معاناة دائمة ومشاكل قائمة ومجالس نائمة.