حركة غير عادية تعرفها أسواق ومحلات المواد الغذائية على اختلاف أنواعها وأنماطها في جميع المدن المغربية تأهبا لاستقبال شهر رمضان المبارك. وهذه الحركة تكون مدعاة لارتفاع أسعار العديد من المواد الغذائية، بحجة وبدون حجة، وتفتح باب المضاربات واستغلال مثل هذه المناسبات. الجريدة عاينت بعض أسواق مدينة الدارالبيضاء بكل من عمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان ومقاطعة اسباتة ومقاطعة عين الشق، وسيدي عثمان مولاي رشيد ... وبين أسواق هذه المقاطعات، رصدت اختلافاً بينا بين أسعار بعض المواد، مما يؤشر على تباين في مراقبة الأسعار بجهة الدارالبيضاء الكبرى ، بين منطقة وأخرى، وبالتالي يترك «المجال» للعديد من التجار، لاستغلال مثل هذه المناسبات، والتصرف بدون وازع أو ضمير تجاه المستهلكين، دون اعتبار لأوضاعهم الاجتماعية أو أي شيء آخر، همهم الوحيد هو تحقيق الربح السريع ، حتى وإن كان ذلك بطرق غير سليمة ولا شرعية. حلويات ، فطائر وتمور .. من بين المواد التي عرفت بعض أنواعها ارتفاعاً مهولا، بعض المواد الأولية لإعداد بعض الحلويات التي تعتبر ضرورية في مائدة الإفطار خلال هذا الشهر المبارك ، وهذه المواد تطلبها النساء قبل موعد حلول شهر رمضان، لما يقارب العشرين يوماً أو أكثر، والتي تحضر بالبيوت للاستهلاك الشخصي أو التي تعرض للبيع خلال أيام هذا الشهر . لكن لا تردد ولا مساومة تنفع في خفض هذه الأثمنة. فالطلب كثير مهما كان حجم العرض. هذا بالإضافة إلى العد العكسي لاقتراب الموعد المنتظر. فيزداد ضيق الوقت وتزداد الطلبات، وكلها أمور في صالح هذه الفئة من التجار. بعض النساء المحيطة بأحد محلات بيع الفواكه الجافة والمواد الأولية لتحضير الحلويات، صرحن للجريدة أن أسعار بعض المواد الخاصة بالحلويات أو الفطائر جد مرتفعة، وهو ما لا يترك لنا سوى هامش ضعيف من الربح، إذ أن الزبون في شهر رمضان مثقل بالمصاريف، وهو ما تنتج عنه أحيانا مشادة في عملية البيع والشراء قبل موعد الإفطار. لكن ليس لنا سوى الخضوع لطلبات أصحاب هذه المحلات التي يستغل بعضهم هذه «العواشر»، ويفعلون بالزبناء ما يشاؤون، إلا أن هذا الشهر «معاه البركة». التمور هي الأخرى تعرف ارتفاعاً في أسعارها خصوصاً تلك المستوردة من الخارج وتأتي معلبة. فسوق التمور بالادريسية يعرف رواجاً منقطع النظير. فهو محج كل التجار بالتقسيط، وأيضاً العديد من المواطنين الذين يقتنون كميات مهمة من أنواع التمور، حيث تزين بها موائد الإفطار هي الأخرى التي تعتمد في مجملها على الحساء، كشُربة أساسية، لكنها تستلزم وجود التمور بجوارها. وتختلف أثمنة التمور حسب النوع والجودة، حيث تبدأ من 25 درهما إلى 60 درهماً للكيلوغرام الواحد من المحلي والمستورد من بعض الأقطار العربية كتونس والعراق. السمك..ارتفاع متوقع للأثمان، وأسر تلجأ إلى أسلوب «الوزيعة» أكد العديد من تجار السمك بسوق السمك للجملة بالدارالبيضاء، أن أسعار السمك خلال شهر رمضان تعرف، عادة ، زيادة تصل إلى 30 في المائة، وذلك لكثرة الطلب منذ اليوم الأول من الشهر الفضيل ، وتتراجع تدريجياً في الأسبوع الأخير من رمضان. ومن الأسباب الداعية إلى ذلك، هو أن عددا كبيرا من الأسر في بداية شهر رمضان، تقبل ، بشكل لافت، على أكل السمك، سواء بعد اقتنائه وتحضيره في البيوت أو في بعض المقاهي أو المحلات التجارية الصغيرة المنتشرة هنا وهناك. ومن خلال زيارة ميدانية قامت بها الجريدة الى سوق السمك بالجملة بالدارالبيضاء يوم الأحد 07 يوليوز 2013، تبين ارتفاع الوافدين على هذا السوق لاقتناء كميات مهمة من السمك لاستهلاكها في الأسبوع الأول من رمضان، وأكدت مجموعة من هؤلاء المواطنين للجريدة، أن السمك يعد من أفضل الوجبات الغذائية، وأن تناوله خلال هذا الشهر المبارك يزيد من القدرة على الصوم ويستفيد منه الجسم، إلى غير ذلك من الفوائد المعروفة عادة في السمك. إلا أننا تفاجأنا للأثمان المرتفعة ونفاد بعض الأنواع، نظراً للإقبال الكبير عليها، وهو ما اضطرنا للحضور في وقت مبكر، ورغم ذلك، لم نستطع اقتناء كل ما أردناه للأسباب الآنفة الذكر. هذا وقد اختار العديد من المواطنين، سواء الذين تجمعهم الروابط العائلية أو الصداقة، أن يشتروا بعض أنواع السمك في مجموعات، لاقتسام ثمن الصندوق، ثم يوزعون حمولته بينهم . فلا يمكن لشخص واحد اقتناء صندوق لنوع من السمك يصل ثمنه لما بين 800 إلى 1000 درهم. أما الحوت الكبير فلا يقدم على اقتنائه إلا القليل أو أصحاب المطاعم أو التجار الذين يتوفرون على زبناء لهذا النوع من السمك. لكن تبقى الأسواق الخاصة بالتقسيط هي الملاذ الأول والأخير للمواطنين الذين يقتنون حسب حاجاتهم وإمكانياتهم المادية، خصوصاً أن مجموعة كبيرة منهم يفضلون اقتناء السمك السطحي «السردين والشرن والسمطة»، والتي تبقى أثمنتها في المتناول. الطماطم «تشتعل» والبصل يُعرض بوفرة الخضر بدورها عرفت إقبالا كبيراً ، رغم أن الأسواق تبقى مفتوحة طيلة أيام رمضان. لكن نسبة كبيرة من المواطنين ، اعتادت أن تقصد محلات الخضر وكأنها ستنفد بعد حين! وهو ما يتيح لبعض التجار المضاربة في بعض الأنواع التي تستهلك بشكل كبير في هذه المناسبة، وعلى رأسها الطماطم التي فاق الإقبال عليها كل التصورات، وتبقى «الأسواق العشوائية» هي ملجأ العديد من المواطنين لوجود أثمنة أقل من تلك الموجودة في بعض الأسواق الحضرية / البلدية ، كالأسواق النموذجية الكائنة في تراب مقاطعة عين الشق وغيرها، ومنهم من يلجأ إلى أسواق الضواحي، حيث أن الثمن هناك أقل بكثير من ذاك المفروض بالأسواق السالفة الذكر، خصوصاً بالنسبة للطماطم، ليبقى البصل أرخص الخضر ، وذلك بالنظر لوفرته ، لدرجة أن الباعة الجائلين يطوفون عبر وسائل النقل المختلفة مختلف الأحياء البيضاوية عارضين كميات كبيرة من البصل بأثمنة في متناول الطبقات الاجتماعية ذات الدخل المحدود والضعيف . لحوم حمراء وبيضاء .. وتخوف غالبية الأسر بخصوص اللحوم الحمراء، تبقى أثمنتها مستقرة ، باستثناء بعض المحلات التي وضعت على واجهتها أثمنة ناقصة وصلت إلى فرق 20 أو 25 درهما عن الأثمنة المعروفة، وهو ما يجعل العديد من المواطنين يترددون في الإقبال عليها، خوفاً من فقدانها للجودة اللازمة، أو أن يكون مصدرها الذبيحة السرية غير الخاضعة للمراقبة البيطرية! لكن فئة غير قليلة لا خيار لها سوى التوجه نحو هذه المحلات وشراء ما تحتاجه من هذه اللحوم. أما اللحوم البيضاء، فتختلف أثمنتها ما بين 16 درهما بالأسواق البلدية وبعض المحلات الأخرى خصوصاً في مقاطعات الفداء مرس السلطان، إذ تنزل الأثمنة إلى 13 درهما، وهو ما يجعل المواطنين يطرحون أكثر من سؤال حول هذا التباين في الأثمنة، في غياب تفسير واضح من الجهات المسؤولة، وقد عبر العديد من المواطنين عن تخوفاتهم من أن يمتد لهيب الأسعار إلى اللحوم البيضاء التي تلجأ إليها غالبية الأسر التي أهنكتها ضغوطات المعيش اليومي الباهظة، طالبة تدخلا من قبل المعنيين بالأمر تفاديا للمضاربة التي لايهم أصحابها سوى الربح السريع! مهن مناسباتية و«انتعاش» لمظاهر احتلال الملك العام لابد من الإشارة إلى أن مع قدوم شهر رمضان، تضاف العديد من المهن وتكثر وينتشر الباعة الجائلون، خصوصاً لبعض المواد المستوردة أو المهربة ،التي تظهر في مثل هذه المناسبة، حيث تعود مظاهر احتلال الملك العام وعرقلة المرور في العديد من الشوارع الرئيسية للمدينة بجل مقاطعاتها ، إذ تعرض مختلف السلع والمواد، إلى جانب بعض الأواني التي تستعمل في هذه المناسبة . وهي جلبة أو رواج يتبعها تزايد عدد «حراس السيارات» بالقرب من كل سوق تجاري كبير، حيث كثيرا ما تنشب صراعات حول ركن هذه السيارة أو تلك بين شبان تطاولوا على هذه «المهنة» بشكل تعسفي ودون ترخيص، والتي قد تصل إلى حد المواجهة الدموية! إنها عناوين جولة بين العديد من الأسواق البيضاوية وفضاءاتها التجارية المختلفة ، التي تعيش على إيقاع «حركة غير اعتيادية» ، يبقى المأمول ألا تحكمها الفوضى وغض الطرف، تفاديا لكل ما من شأنه أن يشوب أيام الشهر الفضيل بما لا يليق وروحانيته الاستثنائية، مع الإشارة إلى أن العديد من أرباب الأسر( آباء وأمهات) عبروا لنا عن تخوفاتهم من أن تقع أثمان السلع والمواد المستهلكة في هذه المناسبة في «مخالب» المضاربين والمحتكرين ، الأمر الذي يستوجب تشديد المراقبة من قبل المصالح المعنية ، علما بأن الأوضاع الاجتماعية القاهرة حتمت على العديد من الأسر اللجوء إلى أسلوب «الوزيعة» لاقتناء اللحوم و الأسماك والخضر ... من خلال اقتسام التكلفة المالية في ما بينها ، تعلق الأمر باقتناء صندوق سمك أو خضر، أو شراء «بقرة» وتوزيعها بين أكثر من أسرة!