عبر العديد من التجار والمهنيين ل«المساء» عن تخوفهم من وقوع مضاربات في أسعار المواد الغذائية الأكثر استهلاكا في رمضان خلال الأسبوع الأول من هذا الشهر وكذا الأيام القليلة التي تسبقه، بحيث يتم استغلال التهافت الكبير للمواطنين على شراء معظم حاجياتهم الغذائية في الأيام الأولى من رمضان للزيادة بشكل كبير في أسعار العديد من المواد الاستهلاكية، رغم وفرتها وعدم تسجيل السوق خصاصا في التزويد بها. شدد الوزير الأول عباس الفاسي، يوم الاثنين الماضي 26 يوليوز، في اجتماع للجنة الوزارية المكلفة بعملية التموين خلال شهر رمضان على ضرورة ضمان تموين عادي ومنتظم للأسواق المحلية بالمواد الأكثر استهلاكا خلال رمضان وتوفير ضمانات احترام الأسعار والجودة، وكذا مواجهة التلاعبات والمضاربات المحتمل وقوعها. وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن تموين السوق خلال رمضان سيتم بطريقة عادية بالنظر إلى وفرة الإنتاج المحلي أو تغطية الصادرات لمجمل الطلب، وهكذا قدر إنتاج الطماطم لفترة يونيو - شتنبر بحوالي 175 ألف طن، وهو ما يشكل 90 في المائة من الحاجيات، وتلبي النسبة المتبقية بواسطة الطماطم المعلبة سواء منها المحلية أو المستوردة، ويقدر مخزون البصل ب 700 ألف طن، والبطاطس الموسمية بمليون و300 ألف طن، وهو ما يكفي حاجيات المغاربة حسب الحكومة. ويصل الإنتاج الوطني من التمور للموسم الحالي إلى 94 ألف طن، ينضاف إليه المخزون المتبقي من الموسم السابق (12 ألف طن)، ولتعويض النقص الحاصل في المنتوج الوطني تستورد التمور من البلدان المجاورة كالجزائر وتونس، وتقدر الكميات التي سيجري استيرادها ب 45 ألف طن. وأما اللحوم الحمراء والبيضاء والبيض فيفوق العرض المتوفر منها الطلب، إذ سيصل الإنتاج من اللحوم الحمراء إلى 54 ألف طن شهريا خلال شهري يوليوز وغشت، و43 ألف طن من اللحوم البيضاء، و322 مليون وحدة من البيض. أما القطاني فسيبلغ المعروض منها 2,5 مليون طن، و779 ألف قنطار من الدقيق المدعم، و2400 ألف قنطار من الدقيق الحر، وهي مستويات ستغطي حجم الطلب الداخلي. وعد بمراقبة صارمة وبخصوص المراقبة، صرح وزير الشؤون الاقتصادية والعامة نزار بركة، الذي تنسق وزارته جهود السلطات العمومية لمراقبة الأسعار، أن التعديل الذي أدخله البرلمان آخر السنة الفارطة على قانون المنافسة والأسعار يعتبر الغش في الجودة و الوزن بمثابة رفع غير مشروع للأسعار، يقع تحت طائلة العقاب. وأبرز الوزير أنه سيتم تطبيق آلية فعالة للمراقبة خلال الشهر الكريم حرصا على تطبيق مقتضيات القانون المذكور، «حتى تعرف الأسواق تموينا كافيا وفي مستوى أسعار مقبول، ويتسنى للمواطنين اقتناء المواد الأساسية بأثمان مناسبة دون أي وساطات أو مضاربات» على حد قول نزار بركة. تخوف من المضاربة رغم أن العرض المتوفر من المواد الأكثر استهلاكا في رمضان يفوق الطلب، فإن رئيس رابطة الجمعيات التجارية بوجدة عبد الحليم مصباح يتخوف من وقوع تغير مفاجئ في أسعار هذه المواد مع بداية رمضان وبالضبط في الأسبوع الأول منه، حيث يتم الرفع في أسعار عدد من السلع نتيجة الإقبال الكبير عليها في وقت وجيز، ودعا مصباح إلى التدخل العاجل لمصالح المراقبة في الوقت المناسب. كما دعا رئيس الرابطة المصالح الاقتصادية والاجتماعية التابعة للولايات إلى أن تشرك جمعيات التجار والمهنيين في عمليات المراقبة، لكي تتزود منها بمعطيات قد تخفى عنها، مستدلا على ذلك بأن عملية المراقبة تتركز على التاجر النهائي الذي يمثل آخر حلقة من حلقات التوزيع، في حين لا تتم المراقبة في المراحل السابقة، وهو ما يؤدي إلى اختلالات تنتج عنها زيادات غير منطقية في أسعار عدد من السلع، وباختلاف واضح بين منطقة وأخرى. ونبه مصباح إلى تنامي السوق السوداء بمناسبة رمضان والتي تقف وراءها جهات محكومة بالربح السريع دون احترام للمقتضيات القانونية ومتطلبات الجودة والسلامة، مضيفا أنه في وجدة وحدها تظهر في رمضان 950 مخبزة بين عشية وضحاها، رغم أن عدد المخابز المرخص لها لا يتجاوز 50 مخبزة. زيادات مطبقة وأخرى منتظرة يصف عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين أيت سليمان العربي وضعية السوق حاليا بالمستقرة وبأنها لا تعاني من أي خصاص في التزويد، غير أنه يشير إلى أن أسعار العديد من المواد الأكثر استهلاكا ستعرف زيادات خلال رمضان كاللحوم الحمراء التي يتراوح ثمنها حاليا بين 65 و67 درهما للكيلو، ويتوقع أن تواصل الارتفاع ليقترب السعر من 70 درهما. وأضاف أن الشاي بدوره عرف قبل مدة زيادة في مختلف الماركات المعروضة بما بين 5 إلى 10 في المائة، وهو أمر مرتبط بتقلبات العرض والطلب في الأسواق العالمية التي يستورد منها المغرب أغلب حاجياته، وأما السكر - الذي تحتكر كوزيمار إنتاجه - فذكر أكثر من مصدر في أوساط التجار أنه لا يباع بسعره الحقيقي للتجار، بحيث يشترى بسعر 5.80 دراهم عوض 5 دراهم للكيلو، كما أن القالب الذي يسجل تهافت عليه بمناسبة أفراح الصيف سعره هو 12 درهما للكيلو عوض 10 دراهم المحدد قانونيا. من جانب آخر، يشير أيت سليمان العربي إلى أن سعر السردين، الذي يعتبر أرخص أنواع السمك، مرتفع أصلا بحيث يتراوح الكيلوغرام منه بين 15 و20 درهما، وسيواصل الارتفاع في رمضان بفعل الزيادة الكبيرة في طلب الأسر المغربية عليه. المخابز تهدد بالزيادة مجددا مرة أخرى يعود أرباب المخابز إلى التهديد بالزيادة في سعر الخبز العادي، والمحدد في 1.20 درهم، ويوضح لحسين أزاز رئيس الجامعة الوطنية للمخابز أن سعر الدقيق المخصص للمطاحن ارتفع بعشرة سنتيمات لينتقل من 3.50 دراهم للكيلو إلى 3.60 دراهم حاليا، وهو ما يزيد من أعباء أرباب المخابز الذين لا يبيعون الخبزة الواحدة بثمن كلفة إنتاجها، والمحددة بما بين 1.42 و1.60 درهم حسب جهات المغرب، حسب الدراسة التي أجريت العام الماضي. غير أنه مقابل بيع المخابز الخبز بأقل من سعر إنتاجه مراعاة للقدرة الشرائية للمواطنين، فإن أرباب هذه المخابز لا يحترمون الوزن الحقيقي المفترض أن تزنه الخبزة الواحدة ألا وهو 200 غرام، وذلك باعتراف لحسين أزاز. وأضاف المتحدث أن أعضاء الجامعة التي يترأسها عقدوا عدة اجتماعات خلال الأسابيع الماضية للنظر في إمكانية الزيادة في سعر الخبز، والتي يرى أزاز أنه لا بد منها، ولكن سبق لأرباب المخابز أن هددوا في السابق بالزيادة ثم تراجعوا، وهو ما يفسره رئيس الجامعة بمراعاة مصلحة المواطن على حساب أرباب المخابز نظرا لحساسية مادة الخبز اجتماعيا وماديا. الخضر والفواكه: أسعار منخفضة بخلاف ما جرى في رمضان الماضي، يتفق مهنيو أسواق الجملة للخضر والفواكه والحكومة على حد سواء على أن أسعار هذه المنتجات في متناول المواطنين بفضل وفرة الإنتاج هذه السنة التي تميزت بهطول أمطار غزيرة وفرت الظروف لإنتاج جيد من الخضر والفواكه. وأوضح رئيس الفدرالية المغربية لأسواق الجملة للخضر والفواكه حميد لوعال أن أسعار الخضر ستكون منخفضة هذه السنة وكذلك الفواكه، سواء تعلق الأمر بالبصل أو البطاطس أو الطماطم، ولا يتوقع أن تعرف أسعارها أي زيادات خلال الشهر الكريم، والسبب هو أن ذروة موسم الإنتاج تزامن هذا العام مع حلول رمضان وبالتالي فالعرض أكثر من الطلب. الدجاج في انخفاض والبيض في ارتفاع يتوقع أن يعرف سعر الدجاج انخفاضا ملحوظا خلال الأسبوع الثاني من رمضان، ليستقر في حدود 17.5 إلى 18 درهما للكيلوغرام متراجعا عما سجله من ارتفاع خلال ما مضى من موسم الصيف، ويعزى ذلك إلى أن الطلب على الدجاج يقل في رمضان مقابل وفرة في الإنتاج فتنخفض الأسعار. وبخلاف ذلك ينتظر أن يرتفع سعر البيض الذي يكثر الإقبال عليه سواء للاستهلاك المباشر أو لتحضير الحلويات والفطائر قبل وأثناء رمضان، بحيث سيرتفع سعر البيض الكبير من 75 سنتيما حاليا إلى 100 سنتيم خلال شهر رمضان.