قبل أكثر من شهر، خرج محمد ساجد ، رئيس مجلس مدينة الدارالبيضاء، الذي أنهكه عجز ميزانية الجماعة، إلى الشوارع، وشرع في تفقد مختلف المؤسسات والمقاهي والمطاعم والمحلات التجارية التي تستغل الملك العمومي بدون موجب حق ولا تؤدي «ريالا واحداً» مقابل هذا الاستغلال لمصالحه الجبائية. المتتبعون للشأن المحلي اعتبروا الخطوة مفيدة، لأن رئيس جماعتهم سينهج نهج الوالي الأسبق إدريس بنهيمة ويعيد للشوارع البيضاوية بعضاً من توهجها. انطلاقة رئيس مجلس مدينة الدارالبيضاء كانت من أحد أهم الشوارع في العاصمة الاقتصادية، وهو شارع 2 مارس ، الذي تنتشر على طوله العديد من المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية ، حيث اكتشف أن مجموع المستحقات التي يجب أن يؤديها أرباب هذه المحلات يفوق المليار ونصف المليار من السنتيمات، وأن مجمل هذه المحلات لا تؤدي للدولة واجبات استغلال الملك العمومي ، أو أنها تلجأ للتلاعب والتواطؤ مع بعض الجهات، كي تؤدي أقل الواجبات، إذ هناك من بذمته 60 مليون سنتيم من المتأخرات، وهناك من بذمته أكثر أو أقل بقليل. قام ساجد بإغلاق إحدى المقاهي التي اضطر صاحبها في الأخير لأن يؤدي ما بذمته، وتابعت مصالحه وإدارته محلات أخرى مطالبة أصحابها بأداء ما بذمتهم ووقفت على اختلالات شتى لدى البعض منهم، إذ ضبطوا كميات من الأطعمة الفاسدة تقدم للمواطنين في أحد المطاعم و... انتظر الجميع بعد هذا الحزم، أن يطلع علينا المسؤولون بنتائج طيبة، لكن فجأة ظهر بعض «لعفيرتات»من داخل المجلس نفسه الذي يترأسه ساجد، لتتدخل كي يتم التغاضي عن بعض أرباب المطاعم والمقاهي، قبل أن يلوّح «عفاريت» آخرون من خارج المجلس، برفع «سيف» المجابهة أمام النهج الجديد لمجلس مدينة الدارالبيضاء. محمد ساجد ، رئيس المجلس ، الذي أحجم عن السير قدماً في هذه المهمة، لم يوضح للبيضاويين حقيقة الأمور. هل كان خروجه فقط للتسويق الإعلامي؟ أم مجرد «انتقام» ، كما تقول بعض المصادر ، من البعض، لأنه لا يمكن أن تحاسب هذا وتترك الآخر يفعل ما يشاء، أم أن الرجل وجد نفسه أمام لوبي يتحكم صراحة في سير الأمور بالعاصمة الاقتصادية، ولا يمكن هزمه ويصبح هو ضحية لهذا اللوبي، كما وقع للوالي بنهيمة؟ عموماً يظهر أن التحمس لإصلاحات تعود بالنفع على المدينة وساكنتها، هو ضرب من الوهم. إذ كلما فُتح ورش يهدف إلى إعادة الأمور إلى نصابها، إلا وصاحبته معاول الهدم ؟ معلوم أن مجلس مدينة الدارالبيضاء تضيع على خزينته ما بين سبعة وثمانية ملايير من السنتيمات سنوياً، جراء عدم استخلاص واجبات استغلال الملك العمومي، في الوقت الذي يلجأ المجلس إلى طلب دفوعات مالية من شركات خاصة، يفوض لها تدبير بعض القطاعات، كي يسد العجز الحاصل في الميزانية. ومن شأن الأموال الضائعة في شوارع الدارالبيضاء، أن تسد الخصاص المسجل على مستوى التجهيزات.