2 - احمد داخل السيارة، بدأت ابكي. بالكاد كنت اسمع احمد. كان يردد أوتوماتيكيا نفس الكلمات. - ماذا فعلوا بك؟ ماذا فعلوا بك؟ لاشيء، لا شيء وبينما كنا نبتعد، كانت كلمات خطيبي تدور في رأسي، توقظ ألما آخر. اولا، وكما لو كنت مخدرة، احسست بألم الجسد، والان أحس بعذاب العار الذي يغمرني. جسدي تعرض للانتهاك، ولكنني ادركت ان ذلك ليس كل شيء. الاسوأ هو أنني لست وحدي من يحمل الاهانة. وهذه الحقيقة تؤرقني. لو علم اقاربي بذلك سيطالهم ايضا ذلك الاغتصاب تلطيخ سمعة عائلتي، سمعة والدي وأخي وسمعة صديقي.. هم كذلك تلطخوا لا أعرف ماذا اقول. لا اعرف ماذا أفعل. في تلك اللحظة، كنت ما أزال بعيدة تماما عن اعتبار نفسي كضحية. ومع ذلك لم أكن أحس انني مذنبة ولكنني مسؤولة بكل تأكيد. انا امرأة. لقد خرجت مع رجل لم يكن زوجي في وقت متأخر من الليل. انا امرأة مستخفة، لان لباسي الصيفي من شأنه ان يثير هذه الكائنات الكاسرة خاصة وأنها تتوفر على إحساس بالقوة. حسرتي لن تفارقني ابدا. مهما جعل سأحمل دائما بداخلي الشتيمة التي لحقت بالرجال الذين لهم مكانة في حياتي. فقط استطيع اخفاء الإهانة عن ا ثنين منهم ابي وأخي. بالنسبة لاحمد فات الاوان. هل ستصمد قصة حبنا بعد هذا؟ كنت تائهة. اعصابي بدأت تنهار. كنت اريد أن أنتزع نفسي مني، من هذا الجسد. الذي أوجه له الضربات لإسكاته. لكن دون جدوى. في البداية كانت تخرج صرخات غير مفهومة. تم تحولت الى كلمات، كنت اود اخفاءها. لكن الأمر كان أقوى مني. كنت بحاجة للقول والتعبير عن ما عشته. لا أفهم حتى الان لماذا. لقد اغتصبوني اغتصبوني. اعطي كل شيء كي أكون رجلا. كل شيء هل تسمعني. اعطي كل شيء لكي لا أكون امرأة. اريد ان أكون رجلا، اريد ان اصبح رجلا! كنت أدور في حلقة مفرغة. لم أتوقف عن ترديد هذه الجملة، كما لو ان صوتي له قدرة الاستجابة لرغبتي، وألا أحس أبدا بأنني ضعيفة، مراقبة مدانة لأدنى لباس البسه او تجميل اضعه على وجهي ويتحدثون في كل مكان عن النساء التونسيات كأكثر نساء العالم العربي تحررا! آه لو يعرفوا. لو يعلموا الاكراهات والممنوعات والالتزامات المفروضة علينا. كنت و اعية بأن وضع المرأة ليس سهلا. هذا المساء، فهمت الى أي احد وضعيتي لا تحتمل ملاءمة لكل التجاوزات. احمد ظل صامتا، لم يقم بأي رد فعل، اصابع يديه متسمرة على المقود. يبدو كما لو انه تلقى ضربة قاضية. مصاب، مجروح هو ايضا لم يعد ذلك الرجل الصلب الواثق من نفسه الذي كانه قبل ساعات كان عبارة عن قصر من ورق جاهز للانهيار والانا صبحت اخاف من رد فعله لانه بمجرد ما صدرت كلمة اغتصاب تحول نظره. اصبح يتحاشاني خشيت ان اتصور السبب. وفكرة ان يتخلى عني تغمرني. في وضعيتي هناك العديد من النساء اللواتي تخلى عنهن ازواجهن. لان الضحية الجانبية للاعتداء الجنسي في حضارتنا هم الرجال بالضرورة. سمعة الرجل تتعرض للعار. الشرف مرة أخرى. هذا العلم الذي يحمله الانسان من الجنس القوي شيء اساسي هنا. ليس من حقنا المساس به. انظر مجددا لكل الاضرار التي يمكن ان يخلفها اغتصابي من حولي. حالتي الشخصية ليست مهمة. أبي وأخي و أحمد.. انهاء الامر هنا، الان ربما هو المخرج الوحيد الممكن او على الاقل الابسط. عندما افكر في الامر مرة أخرى، ادرك الجانب المتناقض والمثير في رد الفعل هذا. منذ مراهقتي كنت دائما اريد اظهار حقي في الحرية. البس كما أريد، درست حتى لا أكون تابعة ماديا لاي رجل. وهنا فجأة. كل ثقل التقاليد سقط على كتفي: احسست بالذنب بالاهانة خاضعة تماما، الاملاءات ومجتمع ذكوري ومتخلف. كانت السيارة تسير على الطريق. لمن كن نعرف اين نسير، فقط فكرة الرحيل هي الاهم. فتحت باب السيارة في كل الاحوال من الافضل إنهاء معاناتي هنا حيث بدأت: على الطريق. الموت، لم أكن افكر الا في الموت أحسست بالهواء يتسلل الى داخل السيارة. هذه الانفاس الرطبة تعلن خلاصي. في الوقت المناسب، شد احمد بيده جسدي، احتكاك جسده بجسدي لا احتمله كنت اصرخ. لا تلمسني! اطلقني! اتركني أموت! كنت خارج السيطرة، ومنفعلة بسبب الصراخ كنت اريد ان يغمي علي تحت عجلات سيارة وانزع الى الابد هاجس العار الذي سببته لأقاربي، وان انسى هذا العار. يد احمد اوقفتني الاحتكاك به له عواقب لا يمكن ان يتصورها. احس بان رجلي الشرطة مازالا بجانبي. رائحتهم التي انغرست في 3) خياشيم أنفي، ترمي بي من جديد في هذا الكابوس. لم أعد أطيق أن يلمسني، لا هو ولا غيره. منعني أحمد من القفز من السيارة، ولكنه لم يجرأ بعد على مواجهة نظري، إحراجنا رهيب بعد دقائق طويلة من الحرج، نظر إليَّ. - كنت تحت مسؤوليتي، حتى وإن كنا غير متزوجين، أنت مثل زوجتي هذه الكلمات أصابتني بالدوار، كانت ترن بقوة أكبر من أجل إعلانات الحب. أكبر ما سمعت في حياتي، أكثر الكلمات إثارة تصرع رجل في بلدي رفعت عيني إلى السماء. شكرت الله بفضله، لم ألتق مع أي تونسي، هدأت وسكت. - كان يلح قائلا: أنا هناك إلى جانبك. لن أتخلى عنك وهم لن يفلتوا هكذا. غمرني هدوء غريب بعد كل هذه الفضاءات.. اغمضت عيني، أعتقد أنني أفقد وعيي... لا أدري كم من الوقت فقدت وعيي. عندما تفتح الأشرعة هكذا، نرى مثل لحظة الموت، كل حياتك تمر أمامك. ولكنني أتذكر أن عقلي عاد إلى الوراء. هل قوة إعلان الحب الذي صدر من خطيبي هو الذي أعاد أمامي لقاءنا الأول؟ أسرار الشبكة العنكبوتية والأنترنيت وعوالمه الفرنسية... والمعارف المشتركة وأصبحنا أصدقاء على الفيسبوك، دون ان نلتقي مباشرة. كنت أحب رؤية صور هذا الولد المبتسم في مدينته الجميلة صفاقس محاطا بأهله واصدقائه، على شاشة حاسوبي. مرت أسابيع كان هنا افتراضيا في ذهني، لم أفعل شيئا لتسريع لقائه لم أكن افكر في الأمر حتى. المكتوب هو من تكفل بالأمر ذات مساء أحد ايام غشت 2011 عندما ذهبت لشرب شاي في مقهى على الشاطئ رفقة اختي التوأم، أمال. المكان يوفر منظرا رائعا وغريبا بحيرة زرقاء ووردية كبيرة تفصل العاصمة عن البحر المتوسط. على ضفة بحيرة تونسي، سلسلة مقاهي على طول الشاطئ. الشقق التي تظل على هذا المنظر الخيالي راقية وغالية جدا. المكان محبوب من الشباب الذين يغزون تلك المقاهي المفتوحة على الأفق. كنت هنا، جالسة، أحتسي كأس شاي بالنعناع، عندما شد انتباهي ظل لم يسبق أن رأيته فعلا، ولكنني تعرفت عليه. أولا وجهه أملس وناصع. عيناه بنيتان تلمعان، ضاحكتان ضخمتين وقامة رياضية ولد جميل. تجرأت على القيام بإشارة باليد، وابتسامة خجولة، لم يتعرف علي على الفور، لكنه مع ذلك اقترب مني، كان رفقة شاب في سنه يبدو لبقا كذلك. بعد ثوان، تبادلنا بعض الكلمات العادية، كيف الحال؟ الحمد لله! الجو جميل اليوم. لم يجرؤعلى الجلوس معنا، ولم نقترح عليهما ذلك. أن تتقاسم المائدة مع غرباء، أمر ينظر إليه بسوء. حسب التقاليد اللقاءات الأولى يجب أن تسير وفق طقوس دقيقة وصارمة لا تتغير قواعدها. رغم أنني اعتبر نفسي إمرأة متحررة إلا أنه لا مجال لخرق تلك العادات. بخجل طلب مني أحمد رقم هاتفي. الأمر ليس ممنوعا ولكنه سريع بعض الشيء! ترددت فتشت في محفظتي كما لو أني أبحث عن ورقة أو قلم وأنا أتحرك على مقعدي. هل إعطاء معلومات خاصة هكذا لأجنبي امر مقبول؟ لاوقت للجواب عن هذا السؤال في الحقيقة لم أكن أرغب في الجواب. ابتسامته المضيئة أقنعتني جرأته قد تحرجني، لكنها في الحقيقة أعجبتني، تمالكت نفسي وأمليت عليه رقم هاتفي النقال. مع صديقه، غادرنا بعد تحيتنا بأدب، نظرت إليه وهو يبتعد وأنا حالمة، أعادتني حركة خفيفة إلى الواقع، كانت أختي التوأم أمال تمطرقني بالأسئلة. - من يكون هذا الرجل؟ إنه جميل! أين التقيت به؟ حكيت لها القليل عن حياته مما اكتشفته على الفيسبوك. لقد ولد الأمل في لقاء رائع، والباقي رهين برنة هاتفي عندما اساتيقظت في اليوم التالي، كانت حركتي الأولى هي أن أراجع هاتفي لأرى ما ان كنت قد توصلت بمكالمة أو رسالة نصية في الليل، لا شيئ، طيلة اليوم، بقيت أرصد هاتفي، وفي كل مرة يرن أحس بالإحباط عندما أرى اسم صديقه على الشاشة. في نهاية اليوم بدأ يرن لم أكن أعرف الرقم! وأخيرا!!. الهاتف بين اصابعي، ولكنني تركته يرن لبعض الوقت. لا يجب أن يظن أنني هنا أنتظر ايصاله!