في سنة 1904، حل الصحفي الفرنسي كريستيان هويل، المزداد في الجزائر، بالمغرب، وظل يتجول في مدنه وقراه طوال سنوات مرتديا الزي المغربي، هو الذي كان يتكلم الدارجة بإتقان. وإذا كان الفرنسي هذا قد نشر كتابا بعنوان «مغامراتي المغربية»، فإنه نشر أيضا كتابا آخر سنة 1911 تحت عنوان «الحب في المغرب»، كتاب كان يفترض أن يشكل الجزء الأول من موسوعة حول الحب في دول العالم، لكن مشروع الموسوعة لم يكتمل. دار النشر المغربية «كازا إكبريس»، المتخصصة في إعادة طبع الكتب التاريخية القديمة، أعادت مؤخرا نشر «الحب في المغرب». ونحن إذ نقدم ترجمة لأحد فصول الكتاب، فإنه لا يفوتنا التذكير بأن صاحبه كريستيان هويل صاغه بأسلوب استعماري انتقائي، وأنه يتضمن العديد من أحكام القيمة المسبقة النابعة من نظرة متعالية، كما أنه لا يخلو من أخطاء معرفية، خاصة في الصفحات التي تتناول الموروث الإسلامي. يعود بنا كتاب «حب في المغرب» إلى مغرب لم يبق منه سوى القليل من الأعراف الغريبة. حول الحياة الجنسية والعاطفية للمغاربة في القرن التاسع عشر ونهايته... من غرائب ما يرويه الكتاب أن موليراس، وهو انتروبولوجي وجامعي فرنسي، عاش في وهران، وتجول ما بين المغرب والجزائر في الفترة ما بين 1872 و1893، يتحدث عن مغرب غير معروف، وفيه يحكي عن قبيلة «الزكارة» أنه يتم تزويج الطفل بعد ميلاده، لا سيما إذا كان يتيما أو اذا كانت الاعراف العائلية تقتضي ذلك.. وغالبا ما يكون عمر الزوجة ما بين 12 و15 سنة. وتتولى الزوجة دور الام .. ومن القصص أيضا ما يرويه عن عبدالله بن ياسين المرابطي، والذي كان المرشد والقائد للمرابطين، كان يتزوج كل شهر العديد من النساء، يبدو ان بعض أتباعه اتبعوا عرفه ، وشعارهم ان المغربي، عليه أن يقضي حياته فوق فرسه أو بين أفخاذ امرأة.. زواج القبول زواج الرفض وعن الزواج دائما، يقول صاحب الكتاب«في القبائل البربرية، هناك نوعان من الزواج: الزواج بالجدي ، اذا كان في الزواج صداق، والزواج الممنوح ، اذا كانت المرأة قد «منحت» كرهينة، إما لرد دين أو لرد دية (فدية) عن جريمة قام بهاأحد أفرادعائلتها، وإما زواج أرملة التي تصبح من نصيب أول قريب من أقربائها رمى فوق رأسها حجابا، بعد وفاة زوجها. في الحالة الأولى، يكون قبول السيدة المخطوبة إجباريا ويتوج بذبح شاة. وفي حالة رفضت ، يكون على طالب يدها أن يتسلل إلى باب بيتها ويذبح الشاة بدون أن يراه احد،ووقتها يصبح قبولها إجباريا! في غالب الأحيان، تكون والدة الشاب أو الخطابة هي التي تقترح على ابنها الزواج بهذه أوتلك من الفتيات اللواتي رأتهن أثناء زياراتها، وتعرض على الشاب الراغب في الزواج كل المحاسن التي رأتها، من لون العينين إلى الرمشين والبشرة البيضاء والاسنان الناصعة ، بل «يصل بها الأمر الى وضع يدها تحت الملابس وتحسس جسم المرأة والتأكد من أن الأعضاء الجنسية مكتنزة وحسنة الحلاقة! وبعد الاختبار، تصل لحظة التفاوض على المهر وتاريخ الاحتفالات. وعندما يكون الزوج متجها الى بيت زوجته المقبلة، ترافقه نساء العائلة ، وهن يطلقن الزغاريد، وكلما اقترب من دوار من الدواوير خرجت النساء لاستقباله بالهدايا من فول وتين وشعير ..الخ. ويأخذ هو من كل هدية حفنة ويقبلها ويزرعها في عين المكان لكي يجني الرفاهية من بعد. وعادة ما يكون الوصول ليلا إلى بيت الزوج ، في العودة. وتقوم نساء أخريات من القريبات بمرافقته مع الأهازيج ويقدمن له إناء فيه زبدة فيغمس يده فيها، وفيه رمزيا تمن للخصوبة ، لكن فيه أيضا دهاء، إذ تأخذ منه الزوجة قليلا تدهن به جهازها التناسلي لليلة الدخلة!. في بعض قبائل كلاوة (جنوبمراكش) لا بد من تكسير بيضة على جبهة البغل من أجل رد العين الحاسدة وإبطال السحر الأسود عند الدخول الى غرفة الدخلة، ولا بد أيضا من وضع قمح وملح في صحن به حليب.. بعدها تنسحب النساء ويتقدم الزوج وهو يحمل بندقية ( مكحلة ) ويطلق النار أمام الباب لكي يطرد الأرواح الشريرة. وخلال الخطوبة تذهب الخاطبة إلى حد وضع يدها تحت ملابس العروس حتى تتأكد من خلال الملامسة بأن الأعضاء التناسلية للعروس ناضجة وجاهزة. بعد انتهاء هذا الامتحان، يتم إخبار الشاب بالنتيجة هذا الأخير يطلب من أمه تسريع المفاوضات مع الوالدين ويتم التفاوض بشراسة حول المهر ويتم في النهاية تحديد تاريخ العرس. لدى الأمازيغيين عندما تذهب العروس إلى بيت الزوج تكون مصحوبة بنساء أخريات يطلقن على طوال الطريق الزغاريد المدوية. وفي كل مرة يقترب الموكب من أحد الدواوير تخرج النساء للقاء الموكب وتقدمن له الهدايا، تين، فول، شعير... وتأخذ العروس حفنة من كل هذه الهدايا تقبلها وترميها في المكان كعربون على الرخاء. يتم الوصول عادة إلى منزل الزوج عند غروب الشمس وتستقبل العروس من طرف نسوة من أقرباء العريس بالغناء والزغاريد ويقدمن لها قدرا من الزبدة يضع فيه العريس يده، عربونا على الرخاء، وهي وسيلة ذكية تسمح للعروس بأخذ بعض منها ووضعه على أعضائها التناسلية قبل افتضاض بكارتها. وفي بعض قبائل كلاوة، يتم كسر بيضة على رأس بغل من أجل طرد النحس وعند الدخول إلى غرفة النوم يتم رمي حفنة من اللبن وبعض القمح والملح. يتم تنفيذ هذه الطقوس حرفيا وينسب أي سوء قد يحل بالأسرة فيما بعد لأي نسيان من هذه الطقوس وبينما تنسحب النساء الى غرفة مجاورة، يدخل الزوج ويطلق طلقة من بندقيته عند الباب من اجل طرد الارواح الشريرة. منشطات اللحظة الحاسمة وتحل اللحظة الحاسمة غرفة العرس يتم طلاؤها بالجير، وعلى الارض يتم بسط الزرابي اذا كانت العائلة غنية ويتم وضع ارائك على الارض ومجامر عطور وبخور وحلويات وسرير من الصوف والاغطية المزركشة. واذا كانت العائلة فقيرة يتم اعداد غرفة بفراش بسيط واغطية نظيفة بيضاء. في الخارج تتعالى الزغاريد والاغاني من اجل تحويل انتباه الضيوف الذين يتحلقون حول موائد الكسكس. العريس والعروس قبل ان يلتقيا، تناولا بعض المنشطات مثل التمر والزبيب الاحمر واللوز، وفي بعض الاحيان يطلي العريس عضوه التناسلي بالحناء لاعطائه القوة والصلابة. العروس لاتزال تضع الغطاء على وجهها، جالسة على ارائك وتفوح من جسدها رائحة العنبر والعود وهي روائح لاثارة الاحاسيس، وببطء يقوم العريس بالكشف عن ملامحها وينزع ملابسها بعد ان ينزع هو كذلك ملابسه ثم يبدأ في مداعبتها وتزداد الرغبة بين الجسدين ثم يحكم قبضته عليها وتحل لحظة فض البكارة. بعد انتهاء العملية، يقف العريس ويتأكد من قطرات الدم على سروالها واذا لاحظ وجود قطرات الدم يطلق من النافذة طلقة ثانية من بندقيته اعلانا باتمام العملية وينسحب مزهوا الى جناح الرجال كما لو انه كان في نزهة. يسرع أهل العروس والعريس الى الغرفة لاخذ السروال الملطخ بالدم الذي يجول بين النساء لرؤيته ولمسه تيمنا لتفادي العقم وتفادي الامراض. والويل كل الويل للعروس التي لا يسيل منها الدم، يتم تطليقها على الفور وتعاد الى بيت والديها اللذين يقتلونها أو يحتفظون بها مثل العبيد تقوم بكل الأعمال الشاقة. ويحكي مولييراس أنه في بعض القبائل لا يتأكد العريس من عذرية عروسه بنفسه. ومقدمات الزواج غريبة بعض الشيء، و البالغ الذي اختار عروسه يكلف شيخا من القبيلة بخطبتها وبعد أن يحصل على الموافقة، يتوجه السفير عند الوالدين ويطلب يد البنت لفلان. والأب بعد استشارة البنت، يوافق على تزويجها للشاب الذي يسارع بتجهيز زوجته. وبعد تحديد موعد الزفاف، لا يكون هناك احتفال أو وليمة ولا أغاني أو طلقات بندقية ولا حتى شهود. وفي الموعد، يذهب العريس الى بيت العروس ويقول لها سنذهب إلى بيتنا. ويذهب الزوجان لوحدهما في الحقول حتى غروب الشمس ويصل إلى بيته. (....) وهذه العادة كانت شائعة في فرنسا وأوربا في العهد الفيودالي، كان ذلك يسمى »حق السيد« ويلاحظ وجود هذه العادات كذلك لدى الزنوج في افريقيا والهنود في العالم الجديد. طقوس الزواج ويتبع العرب تقريبا نفس طقوس الزواج عند الأمازيغية ويتغير الشكل فقط، فالعريس هو الذي يطلب الزواج مباشرة من أهل العروس، وإذا ما تم القبول يعبر عن فرحته من خلال إعطاء العروس بعض الهدايا حتى قبل مناقشة الصداق. ويتم انتقال العروس إلى بيت العريس بنفس الطقوس ونفس الأهازيج الاحتفالية تقريبا. الرجال يغنون احتفالا بالزوج، ويرفعون الدعوات والصلاة على النبي. من جانبهن تغني النساء احتفالا بالعروس. وتختلف الطقوس لطرد النحس أو جلب السعادة من قبيلة إلى أخرى. وتجهيز العروس يتم بنفس الطريقة تقريبا، الحناء في اليدين والرجلين. والكحل في العينين. أما العريس، فيلبس ثيابا جديدة و يضع بعض الكحل على الحاجبين ويضع قليلا من الحناء على اليدين والرجلين وتتهيب العرائس لحظة فض البكرة التي تسبب لهن ألما حقيقيا خاصة إذا كان العضو التناسلي للعريس قويا، والعرب في هذ المجال لهم شهرة كبيرة. وغالبا ما تضع العروس بعضا من الزيت أو الزبدة على جهازها التناسلي لتسهيل عملية الإيلاج. والنساء اللواتي لسن عذراى ويردن مع ذلك الظهور وكأنهن عذارى يغتسلن بعصير الليمون من أجل تضييق جهازهن التناسلي وقبل ساعات من اللحظة الحاسمة يدخلن في جهازهن فوطة مبللة بخليط من الزيت والزجاج المدقوق الملفوف بقطعة من الحرير، وعند الإيلاج، يسحبن الفوطة بسرعة وينزل بعض الدم، وبذلك يتم حفظ الشرف. عند اليهود، يتم الزواج بنفس الطريقة، الدعوات والأغاني تختلف لكن السروال الملطخ بالدم موجود. وغالبا ما يتزوجون فتيات صغيرات في السن، من أجل التسلية. والتسلية تتمثل في اللمس. وتقوم الفتاة الصغيرة بحركات مشحونة باليدين وبالفم. وهذه الممارسة غير معروفة لدى المسلمين. والنساء العربيات يمقتن مثل هذه الممارسات الجنسية. وقليل منهن يمارسنها وقد تعلمن ذلك من الأوربيين. أما المومسات الإسرائيليات في فاس، فغالبا ما يفضلن هذا الشكل من الممارسة الجنسية. ولاحظنا أن تعاليم الإسلام تنص على أنه يمكن للمسلم أن يتزوج من كتابية غير مسلمة أي اليهودية والمسيحية و من سلاطين المغرب جلبوا إلى حريتهم وتزوجهوا نساء أوربيات. كما أن بعض كبار القياد وبعض الشرفاء تزوجوا من مسيحيات ونذكر من بينهم سيدي أحمد التيزاني شريف زاوية أيت المهدي الذي تزوج من السيدة أميلي بيكار من بوردو. وعقد مولاي عبد السلام الطايبة قرانه على مدرسة إنجليزية ، وفي الجزائر تزوج سي حمزة ولد سيدي الشيخ الآنسة فيريت، وهي نجلة كوميسير في المراقبة بمسكرا. إن وضعية النساء في الزواج الإسلامي هي من الوضعيات الأقل استقرارا. إذ أنهن يعشن في سلام وهناء نسبيين ما دام حسنهن وشبابهن لم يذبلا. لكن بمجرد أن ينجبن، ويبهت جمالهن، يتعرضن للهجر من أزواجهن إلى زوجات أخريات، أو إلى جواري أومحظيات. فتصبح المرأة المغربية، تبعا لذلك، جارية لسيدها، فيسيئ معاملتها ويضربها ويعتبرها حملا ثقيلا إضافيا على العائلة. وإذا لم تنجب، فإن زوجها يتنكر لها، فلا تمكث طويلا حتى تسقط في أغوار الدعارة. وتبعا للشريعة، فإن لكل امرأة الحق في أن تطالب بوصال الزوج. الليالي الجنسية وتخصص للعذارى اللواتي تزوجن حديثا سبع ليال، أما الثيبات، فثلاث ليال. وفي بعض القبائل، لا يجب على الزوج الاقتراب من زوجته في الليلة الأولى. وفي الليلة الثانية، يقترب منها مرتين. ثم ثلاث مرات في الليلة الثالثة، وهكذا دواليك حتى لن يكون باستطاعته أن يتجاوز عدد الليلة السابقة. عند ذلك، تتنازل الزوجة عن دورها لصالح الزوجات الأخريات. وتنقل أغنية مغربية إنجازات قاض الذي بإمكانه الوصول إلى سبعة عشر ليلة في كل زواج جديد، حيث يرفع في كل ليلة عدد مرات الوصال. فانطازمات غلمانية...! ولا يطبق المغربي أبدا تعاليم الشريعة حرفيا(كذا). فهو ينام مع الزوجة التي يريدها، وأحيانا يتركهن جميعا ليقضي الليل مع محظياته أو غلمانه الذين يعيشون معه تماما كزوجاته. ففي بعض القبائل، يتكون الحريم من النساء والغلمان . وينجرف صاحب الحريم مع هذه الرذيلة إلى درجة أنه لا يشبع غريزته إلا مع الغلمان. ويرتدي هؤلاء قفاطين وردية أو خضراء، وقمصانا شفافة. وتكون رؤوسهم حليقة باستثناء قمة الرأس التي يرسلون منها ضفيرة طويلة تصل إلى العنق. وتعتبر طباع الغلمان هي نفسها طباع نساء الحريم، ولا ينزعجون أبدا عندما يشبعون غريزتهم مع النساء، فالزوج لا يشعر بأي غيرة منهم. وتتعرض النساء اللواتي يعبرن عن غيرتهن من الحظوة التي يتمتع بها الغلمان للضرب الشديد. ولهذا، فإنهن يعملن على التعايش معهم، وأيضا لاستغلالهم في فسوقهن الجنسي. هذه المشاهد، جديرة بالأساطير الجنسية، . إذ أن حياة النساء، المنعزلات تشكل إحدى الغرائب المجهولة في المغرب العربي. أسرار الحريم! هذا هو العنوان الذي بني حوله عدد لا ينضب من الروايات والأساطير، التي استوحت مضمونها من الخزان الجنسي لأمراء الإسلام. لكن كل ما قيل بعيد كثيرا عن الحقيقة. إن الوحوش الضارية التي تعيش في الأقفاص تحظى بمعاملة وتغذية أفضل من هذه الكائنات المنحطة التي تعيش في انحدار الأكثر عارا وفزعا. ومع الاحتياطات المتخذة والمراقبة الصارمة حولهن، فلا شيء يجدي نفعا. ذلك أن عدد نساء الحريم المغربي يصل إلى الآلاف. حيث لا توجد فيه نساء الرجل الجديد وخليلاته فقط، بل زوجات من سبقوه وبناتهن وإماؤهم، فضلا عن الخادمات الكثيرات . وتكون أفنية الحريم واسعة وممتلئة بالحدائق والماء المتدفق والمسابح في كل الأركان، لتسهيل الوضوء. أما الغرف العلوية، فإنها مزينة بالزخارف والفسيفساء، وأرضيتها مفروشة بالزرابي القادمة من الهند، ومؤثثة بالأرائك الوثيرة.. غراميات الدوباج قديمة إن المغاربة برمتهم يستعملون بعض المواد المهيجة جنسيا، ومنها اللوز والمستحلب والعنب الأحمر وعدة مستحضرات كيميائية يزوده بها الأطباء الأوربيون.، كما أن النساء المهجورات ينتقمن من أزواجهن عبر تقديم مستحضرات غريبة لهم تولد العجز الجنسي. وتتمثل إحدى هذه المستحضرات في مزيج من مخ ضبع أو قط ومن الدم وخصلات شعر إنسان وقطع قماش لمستها يد ميت. الأطفال يتلقنون، حين بلوغ سن الرشد، أسرار العلاقات الأسرية، كما يحدث لهم أحيانا أن يخضعوا للتدريب الجنسي من طرف خليلات يجذبهن صغر سنهم وجمالهم الرجولي. كان ابن أحد القواد يلتحق كل صباح بغرفة تقطنها إحدى إماء والده لكي يتلقن القرآن. وكان التلاميذ مجبرين على وضع ألواحهم أمام وجوههم حتى لا يفقدوا تركيزهم. لكن الفتى أحدث ثقبا في لوحته لكي يتلصص من خلاله على معشوقته التي اكتشفت الأمر وأصبحت ترد عليه بالغمز. ذات يوم، وبفضل إلهام نظرات الأمة، قام الشاب بنظم قصيدة يبدأ بيتها الأول بحرف الألف وبقية الأبيات بحروف الأبجدية المتتالية الأخرى، وشرع ينشدها للفتاة(...). وحين أوشك الفتى على ختم قصيدته، سمع صوت وصدى خطوات والده، فتملكه الخوف والارتباك وبدأ يبحث عن مواصلة الإنشاد لكن بنص يطابق وفود الأب: جعفر، الخالق، الرسول أحمد وداوود باسمهم جميعا وباسم الله اصفح عن أبي وأمي يا إلهي، إني أتوسل آثار وعدك ورحمتك. حين سماع الوالد لهذه الأبيات، ظن أن ابنه يقيم الصلاة، فتركه وشأنه. لكن الابن عاد ينشد أبيات الغزل في معشوقته بمجرد انصراف الأب: التقيت، أنا الطفل، غزالة عيناها نفاذتان مثل الرماح وتشعان مثل النجوم في العتمة حيت تتلألأ ضمن نجوم الكون. وكلما كان الشاب يتقدم في الإنشاد، كلما كانت الفتاة تدنو منه ليلتصق جسداهما في النهاية. تداخلت الأرجل والتصق البطن بالبطن، لكن اللوحة ظلت تفصل بين وجهيهما. بفعل ذلك، صمت الابن، ليخال والده أنه انتهى من الصلاة ويقدم إلى الغرفة ليعثر عليهما في وضعية لا تدع مجالا للشك حول ما يقومان به. غضب الأب إلى حد لا يطاق جراء ما رآه فأمر بقتل الاثنين معا. دفن الشابان جنبا إلى جنب، وفوق قبر كل واحد منهما نبتت شجرة. وقد تداخلت أغصان الشجرتين حتى أصبحتا شجرة واحدة. ويقع في المغرب أنه وحين تخلف قبيلة وعدها بتزويج إحدى بناتها لرجل من قبيلة ثانية وتعقد قران الفتاة مع سليل قبيلة ثالثة، فإن القبائل الثلاثة تدخل في حرب بينها.