عندما أنهت لجنة التحريات التابعة لهيئة الانصاف والمصالحة عملها واستكملت الكشف عن ضحايا1965 وغيرها من الاحداث الدموية في مغرب الرصاص ، كان للجريدة لقاء مع صلاح الوديع ، باعتباره عضوا في اللجنة المذكورة وقد قدم التفاصيل التالية: ابتداء من 23 مارس استقبلت مصلحة حفظ الأموات أولى الجثث، وكانت الجثة الأولى حوالي الساعة العاشرة ليلا، وفي ما أذكر كانت لطفل لا يتعدى عمره 16 سنة، وإذا كانت الذاكرة تسعفني، فإسم هذا الطفل هو مساعيد ادريس، ثم تلاحقت الأحداث وتواصل وصول الجثث إلى مصلحة حفظ الأموات، وقد دام هذا الوصول أربعة أيام إلى حدود يوم 27 مارس، وخلال هذه الأيام الأربعة تم تسجيل 31 حالة من الأشخاص الذين أصيبوا أو توفوا برصاص، 31 حالة, أثبت اسم 19 حالة من هذه الحالات بالكامل مع السن، ويلاحظ مثلا بأن هناك رجالا ونساء وهناك أطفال، هناك على الأقل سبعة أطفال أصغرهم طفلة، رشيدة بلبشير التي لا يتعدى عمرها أربع سنوات. وفي الجدول هناك مكان سجل فيه سبب الوفاة ،وكان سبب الوفاة على العموم، هو إصابة بالرصاص في الجمجمة، إصابة بالرصاص في القفص الصدري، إصابة بالرصاص في عظم الفخذ ثم اختراق بالرصاص. لقد وجدنا 31 حالة واستطعنا ، طبقا لتسهيلات الولاية، أن نصور السجل ونرقن الأسماء، وقد صدرت في التقرير، وعددها 19 اسما من سجل حفظ الأموات. الملاحظ في سجل سنة 65 هو أنه كان أكثر ضبطا وأحسن من المنجز بالنسبة لما وقع في سنة 1981 ولربما، حسب المعلومات التي استقيناها ، تكون أحداث 1981 أعنف وضحاياها أكثر عددا من 1965 ، عكس ما نعتقده ويعتقده الكثيرون في هذا الصدد. إذن استقينا هذه المعلومات ثم بدأنا الاتصالات مع الإدارات الساهرة على المستشفيات وعلى رأسها مستشفى ابن رشد ومستشفى الصوفي، ونحن نعلم أن مستشفى ابن رشد كان يعمل آنذاك ، وهذه مسألة معروفة، وكذلك مستشفى الصوفي الموجود بالمدينة القديمة، هو الذي يرجع تاريخ انشائه ربما إلى الخمسينيات إذا لم يكن إلى الأربعينيات، وكان أساسا مستشفى للولادة تطور في ما بعد لكي يصبح مستشفى متعدد الاختصاصات. ورغم المساعدات الكبيرة التي تلقيناها من لدن إدارة مستشفى ابن رشد والعاملين والموظفين المشتغلين في الأرشيف، وجدنا صعوبة كبيرة في التوصل إلى الإطلاع على سجلات 1965 بالنظر إلى التلف الذي أصاب هذه الوثائق نتيجة الفيضانات المتعاقبة، ثانيا نتيجة الفوضى التي تعيشها هذه الأرشيفات ، بحيث يستحيل العثور على أرشيف معين في وقت معقول، ولكن مع ذلك ، بمجهود كبير، استطعنا الحصول على سجل القبول في مصلحة المستعجلات خلال مارس 1965 واستطعنا تسجيل تسع وفيات أثبتت أسماء ثمانية منها، إذا أضفناها إلى 19 اسما التي استقيناها من سجل الوفيات بمصلحة حفظ الأموات يكون العدد هو 27 اسما في المجموع. ثم بعد ذلك قمنا بتحريات في مقابر الدار البيضاء، أغلب أو كل المقابر التي كانت موجودة آنذاك: مقبرة الشهداء، مقبرة سباتة، مقابر الحي الحسني، مقبرة سيدي مومن، وقد لاحظنا أولا بأن المقبرة التي يوجد بها سجل معقول نسبيا هي مقبرة الشهداء التي يعود تاريخ انشائها إلى 1949، وقد استطعنا الاطلاع كذلك على الوثيقة الثالثة، وهي سجل تقييد الدفن، وفعلا مرة أخرى استطعنا الإطلاع على هذا السجل الذي لا يبدو عليه كسابقه من السجلات، تلاعب أو إتلاف متعمد للمعطيات الواردة فيه، وتمكنا على مدى المدة المعنية، مارس 65، تسجيل 50 قبرا، على امتداد ست صفحات، وكذلك سجل في تربة هذه الوفيات بأن هذه الحالات تم دفنها بأمر من العامل، عامل الدار البيضاء آنذاك. الملاحظ أنه لم يتم إثبات أي اسم في هذا السجل، ما أثبت أنه تم دفن ضحايا أحداث مارس1965 بأمر من عامل الدار البيضاء. ويبدو أن كاتب هذه المعلومات كان قد ارتكب خطأ، فكتب خلال أحداث 18 مارس 1965 ! بمعنى أسبوع الرفيق جبيهة رحال . ولد الرفيق جبيهة رحال سنة 1948 بقلعة السراغنة، وبها تلقى تعليمه الابتدائي، ثم انتقل إلى سيدي رحال ليتابع دراسته بالإعدادي. وفي مدينة الدار البيضاء التحق بشعبة المكانيك العام بثانوية جابر بن حيان. اعتقل رحال لأول مرة لمدة 15 يوما إثر أحداث انتفاضة 23 مارس 1965، وكانت المرة الثانية سنة 1968 إثر إضرابات التلاميذ. وبعد حصوله على دبلوم تقني، التحق سنة 1970 بمعمل «كارنو»، حيث انخرط في النضال العمالي في إطار نقابة الإتحاد المغربي للشغل. وساهم في تنظيم العمال وتعبئتهم، في سنة 1973 تعرض لمحاولة اعتقال بمعمل «كارنو» في إطار حملة الاعتقالات التي مست المنظمات الماركسية اللينينية. انتمى جبيهة رحال إلى منظمة 23 مارس وكان من أبرز مناضليها، تحمل عدة مسؤوليات نضالية بعزيمة وإخلاص وظل متمسكا بروابطه مع الطبقة العاملة. اعتقل مرة أخرى في نونبر 1974، في إطار حملة القمع الواسعة التي شملت العديد من المناضلين التقدميين، وقضى بالمعتقل السري درب مولاي الشريف السيئ الذكر أزيد من سنة، حيث تعرض هو ورفاقه لشتى أنواع التعذيب في ظروف اعتقال لا إنسانية. وبعد سنة ونصف أحيل هو ورفاقه على السجن المدني بالدار البيضاء، وبعد شهور من العزلة، قدموا لمحاكمة يناير 1977 المطبوخة، وصدرت في حقهم أحكاماً قاسية كان نصيب رحال منها 32 سنة نافذة. خاض رحال ورفاقه في السجن عدة إضرابات عن الطعام من أجل الحق في محاكمة عادلة ولتحسين وضعيتهم في السجن، بلغت مدة إحدى هذه الإضرابات 45 يوما استشهدت على إثرها المناضلة سعيدة المنبهي. في 13 أكتوبر 1979 استشهد رحال أثناء محاولته التخلص من قبضة القمع والاعتقال. علال الأزهر أستاذ، كاتب ،مفكر و فاعل سياسي مغربي ، ولد سنة 1944 ب المنابهة ،إقليممراكش. درس بمدرسة الاتحاد (الوطنية) بدرب مولاي الشريف بالبيضاء، و مدرسة محمد الخامس بمراكش ثم معهد الأزهر بالدار البيصاء, حيث شارك في الحركة التلاميذية في إطار الحركة الطلابية و الإتحاد الوطني للقوات الشعبية. انتقل إلى كلية الاداب بفاس و تحمل مسؤولية كاتب الفرع للاتحاد الوطني لطلبة المغرب بفاس سنة 1968 - 1969. حاصل على: * دبلوم المدرسة العليا سنة 1970 * شهادة الإجازة سنة 1980 * الأهلية لممارسة مهنة المحاماة سنة 1992. ساهم في تأسيس كل من : * حلقة فاس الماركسية اللينينية سنة 1967 - 1968. * منظمة 23 مارس سنة 1970. * منظمة العمل الديمقراطي الشعبي سنة 1983. * الحزب الاشتراكي الديمقراطي سنة 1996. ثم استعاد عضويته داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من مؤلفاته * المسألة القومية والنزعة الأمازيغية وبناء المغرب العربي (دار الخطابي، الدارالبيضاء، 1984 ). * الصحراء المغربية وبناء المغرب العربي (دار الخطابي، الدارالبيضاء، 1988). * الوحدة والتجزئة في المغرب العربي (دار الخطابي، 1988). * الماركسيون في المغرب، حوارات وأسئلة (منشورات الزمن ،سلسلة شرفات 8،الدار البيضاء،2002). * المسألة الدستورية و الإصلاح الدستوري في المغرب (مركز حقوق الناس ، 2005). * الإتحاد الاشتراكي من الاختيار الثوري إلى الاختيار الديمقراطي (دار النشر المغربية ، 2007) ولد السيد محمد البردوزي عام 1948. حاصل على شهادة دكتوراه الدولة في القانون العام والعلوم السياسية. يعمل حالياً أستاذاً جامعياً ومستشاراً متخصصا في نظم التكوين، والسياسات العمومية، واستراتيجيات التنمية المؤسساتية. عضو في المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان، وعضو في جمعية مغرب 2020 ، ومستشار سابق لدى وزارات الأشغال العمومية، والفلاحة والتنمية القروية، والتكوين المهني وتكوين الأطر. ترأس السيد محمد البردوزي فريق الخبراء في اللجنة الخاصة بالتربية والتكوين التي وضعت الميثاق الوطني لسنة 1999. كما أنجز العديد من الدراسات والأبحاث من بينها كتابين: «تحديث التعليم بالمغرب، من أجل تفعيل حقيقي للميثاق الوطني»و»مآلات ديمقراطية تحليل المغرب السياسي وآفاقه المستقبلية» باللغة الفرنسية. لا يذكر اسم الأستاذ عبد السلام حيمر ؛ إلا و تذكر جامعة المولى إسماعيل بمكناس ؛ و خصوصا كلية الآداب و العلوم الإنسانية ؛ التي تعرفنا بين مدرجاتها على الأستاذ مناضلا و مفكرا ؛ يحمل على عاتقه حملا ثقيلا ؛ يرتبط بسؤال التحديث في المجتمع المغربي . و هو سؤال أخذ من حياة الفقيد قسطا كبيرا ؛ سواء من خلال شهادة الدكتوراه ؛ التي أنجزها تحت إشراف المفكر المغربي محمد سبيلا في موضوع التحديث الاجتماعي في مغرب القرن التاسع عشر ؛ أو من خلال وظيفته كأستاذ بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بمكناس لمادة تاريخ الفكر في شعبة الأدب العربي ؛ حيث تخرج على يديه جيل من الطلبة التنويريين ؛ الذين ظلوا أوفياء لروح الأستاذ الفقيد ؛ و حملوا على عاتقهم نفس المهمة الصعبة ؛ التي طالما حملها الأستاذ بروح متفتحة ؛ أساسها الوفاء للوطن ؛ و خدمته في منأى عن أية مزايدات. و يضاف إلى هذا المجهود الكبير ؛ انشغال الأستاذ المتواصل بسؤال التحديث الاجتماعي في المغرب من خلال مجموعة من المؤلفات الرائدة ؛ التي قارب من خلالها إشكالية التحديث في المجتمع المغربي ؛ باعتبار أن التحديث الاجتماعي هو أساس أي تحديث منشود ؛ فلا يمكن لأية دولة أن تفكر في التحديث السياسي و الاقتصادي ؛ مع وجود مجتمع تربطه علاقات اجتماعية ؛ تقوم على علاقات الدم و القرابة ؛ و الارتباطات القبلية و الدينية و العرقية ... في غياب أي ارتباط بروح الحداثة ؛ التي استبدلت كل هذه العلاقات ببدائل اجتماعية ؛ تمنح الأولوية لروح المواطنة ؛ التي تقوم على الانتماء إلى المؤسسات و قد فكر الأستاذ عبد السلام حيمر في التحديث الاجتماعي في المغرب من منظور يتناول إشكالية التحديث ؛ كما أثيرت خلال مرحلة القرن التاسع عشر ؛ من طرف نخبة من المفكرين ؛ أمثال الناصري و الحجوي ؛ و غيرهما من رواد هذا القرن ؛ الذين عايشوا التحدي الغربي بشكل مباشر ؛مما دفعهم إلى طرح الكثير من الأسئلة ؛ التي ستفضي في الأخير إلى مشروع فكري كامل ؛ يتناول بعمق إشكالية التحديث في مغرب القرن التاسع عشر ؛ من منظور منفتح على الضفة الشمالية ؛ باعتبارها النموذج الذي يجب أن يحتدى ؛ للخروج من التردي الشامل الذي عرفه المغرب إبان هذه المرحلة و بالإضافة إلى ارتباط الأستاذ عبد السلام حيمر بمشروع التحديث في مغرب القرن التاسع عشر ؛ فهو في نفس الآن ينتمي إلى مشروع فكري مغربي معاصر ؛ يقوده كل من الأساتذة سعيد بنسعيد العلوي ؛ و محمد سبيلا ؛ و عبد الله العروي ؛ و محمد عابد الجابري ؛ و عبد الكبير الخطيبي و غيرهم من الأسماء ؛ التي حملت مسؤولية إتمام ما بدأه رواد التنوير خلال مرحلة القرن التاسع عشر ؛ و يعتبر كل هؤلاء استمرارا للرؤية الفكرية التي تأسست خلال هذه المرحلة ؛ و استمرت فيما بعد عبر دخول الثقافة المغربية في تثاقف لا محدود مع الثقافة الغربية ؛ لكن الابستمي المتحكم في المرحلتين معا هو مرتبط في العمق ؛ بإشكالية تحديث المجتمع المغربي من منظور الحداثة. بالضبط. وهذا كله موثق للتاريخ. فآنذاك طرح علينا السؤال أولا: هل هذه القبور معروفة المكان؟ فعلا هي معروفة، وقد سررنا أن نقف عليها ،والملاحظ من خلال الشهادات التي تم استيقاؤها من حفار القبور بمقبرة الشهداء، الذي زاول عمله منذ نهاية الخمسينات وإلى الآن واحتفظ بصحة جيدة وذاكرة أجود، صرح أنه تلقى من محافظ المقبرة آنذاك أمرا بحفر عدد من القبور، وتعمد الأمر الصادر أن تكون مشتتة على المقبرة وليست مجتمعة، غير أنه أثبت أمام كل قبر في السجل ما يمكن تسميته تجاوزا عنوان القبر داخل المقبرة، وهذه المسألة معروفة في المساطر المتبعة في هذه السجلات: هناك التربيع وهناك القطعة، وهناك الصف وهناك الرقم، بحيث يمكن العثور على القبر بطريقة سهلة، وطبعا استمعنا الى حفار القبور الذي أكد مباشرة وحتى خلال معاينتنا للسجلات، أن ضحايا أحداث 1965 دفنوا بمقبرة الشهداء، وأنه أمر بحفر هذه القبور وأن الدفن وقع ليلا، وأنه لم يحضر شخصيا عكس ما هو معمول به عادة، بحيث أنه هو الذي يحفر ويدفن بيده مع مساعديه، وأفاد الهيئة بأن مسؤولا إداريا يحمل آنذاك رتبة خليفة العامل، وأعتقد بأنه في سنة 1965 كانت هذه التسمية جار بها العمل، وطبعا، في الهيئة، اهتدينا في ما بعد إلى المسؤول السابق الذي أحيل على المعاش قبل سنوات، ومن خلال الاستماع إليه بمقر الهيئة أكد هذا الأمر والأشخاص الذين دفنوا بالمقبرة، وأكد أنهم دفنوا ليلا كما أضاف بأن الشعائر الإسلامية قد روعيت في هذه العملية، بما في ذلك الكفن والصلاة على الموتى والاستثناءات حسبه التي يمكن تسجيلها، هي الدفن ليلا وعدم حضور العائلات، إضافة الى ذلك انتقلت الهيئة بعد ذلك الى النيابة العامة وطلبت بأن يتم البحث في الارشيفات التابعة لها بالدار البيضاء، عن الأوامر التي تكون قد صدرت بتشريح الجثث والأمر بدفنها بعد التأكد من سبب الوفاة، وقد أكدت لنا النيابة العامة بوثيقة مكتوبة ، هي ضمن وثائق الهيئة، بأنها أولا لم تحط علما بهذه الوفيات ولا بالدفن ولا بطريقته ولا بتوقيته ولا بالموافقة عليه، وقد سجلنا كذلك بأن أمر هذه الوفيات كان شيئا معروفا آنذاك . فإذا لم تعلم النيابة العامة بهذه الأحداث ، فقد كانت هذه الأخيرة شيئا معروفا، وقد كان بإمكان النيابة العامة أن تبادر إلى فتح تحقيق هي نفسها في الموضوع، الشيء الذي لم تقم به. إذن عند هذا الحد من عمل التحريات كانت تتلاقي خيوط المعلومات من أجل رسم صورة تقريبية للنتائج التي تم التوصل إليها، ويمكن القول إنه تم تسجيل 31 وفاة في مصلحة حفظ الأموات التي كانت موجودة بحي عين الشق، وكانت موروثة عن مرحلة الحماية، حيث ظلت غير كافية لأن تفي بحاجيات مدينة مثل الدار البيضاء ، كما تطورت في الستينات وكذلك أثبتت أسماء المتوفين في سجلات المستعجلات بمستشفى ابن رشد، لم نعثر، وهذا يجب تسجيله، على أية أرشيفات متعلقة بهذه الاحداث بمستشفى الصوفي الذي أكد لنا المسؤولون به بأن كل الوثائق وكل الارشيفات التي كانت فعلا موجودة في المستشفى قد تم إتلافها وإحراقها بعد تحويل هذا المستشفى نفسه إلى مستشفى أطلق عليه مستشفى الاختصاصات. إذن نكون هكذا قد استطعنا ان نستخرج حقائق متعلقة بهذه الاحداث وبضحايا من سجلات رسمية تابعة لمصلحة حفظ الاموات والمستشفى و المقبرة، بالاضافة إلى شهادة مباشرة من حفار القبور وشهادة مباشرة من مسؤول إداري آنذاك. 65 إنها مجزرة رهيبة (...) حينما انطلقت الهيئة في تحرياتها بالنسبة ل 65 لم تنطلق من فكرة مسبقة، وهذا ما وصلت إليه، وحتى في خلاصاتها نقول هذه هي المعطيات التي توصلنا إليها بالنسبة لاحداث 1965 ما يثير الانتباه كذلك هو أن عدد الطلبات التي تم تقديمها إلى الهيئة، وهذا مؤشر يجب طبعا تمحيصه واستخلاص العبرة منه، لم يتعد سبعة طلبات, وهو ما أثار انتباه العاملين في فريق التحريات، إذ كيف يمكن تصور عدد 1500 ضحية ولا يتقدم بالطلبات في شأنهم ولو حتى العشر, طبعا كنا مستعدين لتلقي الاسماء الممكنة أو الطلبات الممكنة لأناس فقدوا أقاربهم في هذه الفترة، وليس هناك اليوم مصدر قادر على أن يمد الهيئة أو أية جهة أخرى بلائحة مفترضة لهؤلاء الضحايا وبلائحة عائلات تطالب بها. « بما فيهم المنظمات الحقوقية سواء الداخلية منها أو الخارجية. فروح المسؤولية تتطلب أن نقول: هذا ما وجدناه، هذا هو العدد، هذه هي الاسماء، هذه هي المراكز التي مرت منها الجثث، وهذه هي القبور التي وجدناها. وطبعا يبقى هذا للتاريخ والمستقبل، لأنه، على كل حال، الهيئة طلبت في توصياتها أن تكون هناك آلية للتفعيل وللمتابعة. طبعا ستكون معنية، لم يتقدم أحد المدعين، كان شاهدا أم كان ضحية أم كان أسرة، بالقول إن هناك لائحة معينة. في ما يخص إعادة بناء الحدث ذاته ، كيف بدأ؟ كيف تطور؟ « هذا الحدث يعود إلى 40 سنة .بالنسبة ل 65، معروف أنه كانت هناك دورية متعلقة بالتعليم ولم تكن إلا سببا من الأسباب، لأن هناك جوا من الإحتقان السياسي وكانت ثمة اختيارات سياسية متباعدة، وطبعا، أي من الفرقاء لم يضع وزنه في الميزان من أجل تفادي مثل هذه الاحداث. وما لاحظناه هو ان الضحايا دائما من أبناء الشعب وأغلبهم من الاطفال والنساء. بمعنى من الفئات الاجتماعية الاكثر هشاشة والاقل قدرة على حماية نفسها خلال الازمات وخلال الاخطار المحدقة. فالرجال موجودون ولكنهم قليلون نسبة إلى الاطفال. وقد لاحظنا هذا في جميع الاحداث الاجتماعية، لأن الاطفال أولا لايفهمون الخطر المحدق، وبطبيعة الطفولة المتعطشة إلى المعرفة ولو كان هناك خطر، يخرج الاطفال إلى الشوارع ويعرضون أنفسهم للخطر. النساء في عدد من الحالات، اللائي سقطن ضحايا كان خروجهن من أجل إنقاذ أطفالهن. فإذن هذه لحظة لكي نصفي صورة تقريبية لفها طابو، لفها الصمت ولفتها الشائعات ، من أجل أن نرى الحقيقة كماهي. الأن، على كل حال، احداث 65 أحداث لها وزن كبير في مخيالنا السياسي، وهي الفترة التي أعقبت أو جاءت في سياق الاحتقان السياسي الذي عرفته الستينات. أعتقد بأن الخطوة التي قامت بها الهيئة بناء على هذه التحريات، بناء على جلسات الاستماع، بناء على هذا الامساك بالوثائق، تسلط الضوء على ما وقع وتضع النقاش في إطاره بصدد هذه الاحداث. فاطنة البيه مناضلة عاشت تجربة الاختطاف والتعذيب لمدة خمس سنوات، حيث أصرّ جلادها على تقويض وتدمير ذاتها وتعذيب جسدها و محو هويتها من خلال إخضاع روحها وجسدها لمختلف الصنوف الوحشية من دون رحمة أو تفكير إنساني. لطيفة اجبابدي عضوة مؤسسة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان ورئيسة اتحاد العمل النسائي. تولت مسؤولية رئاسة تحرير صحيفة 8 مارس ما بين 1983 و1994، ومنسقة المجلس الوطني لتغيير مدونة الأحوال الشخصية عام 1992 . عينت سنة 1998 سفيرة المجتمع المدني لدى لجنة حقوق الإنسان في الأممالمتحدة، ثم منسقة للمسيرة العالمية للنساء في المغرب والعالم العربي. كما انتخبت سنة 1993 منسقة للمؤتمر الإقليمي للمنظمات غير الحكومية النسائية الإفريقية التحضيري لمؤتمر فيينا حول حقوق الإنسان. السيدة اجبابدي عضوة بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وبالمرصد الوطني لحقوق الطفل. عائشة لخماس سيدة مناضلة مرموقة عددت طرق اشتغالها في أفق خدمة قضايا المرأة المغربية، اجتذبها العمل السياسي مبكرا، انخرطت في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب كمناضلة منذ سنة 1971، أسست بمعية فريق نسائي كفؤ جريدة 8 مارس سنة 1983، واشتغلت لاحقا ب«منظمة العمل الديمقراطي الشعبي» واكتسبت تجربة وخبرة، فكانت هذه المرحلة مدرسة كبرى في حياتها.