نظمت وزارة الخارجية الليبية الأحد الماضي، حفل تأبين المناضل التقدمي الليبي، منصور الكيخيا، المعارض للقذافي، والذي اختطف في بداية التسعينات من القاهرة، بتواطؤ مع بعض من مخابرات نظام مبارك، أثناء مشاركته في مؤتمر للمنظمة العربية لحقوق الإنسان هناك. ولقد عثر على جثته في ثلاجة بفيلا تابعة لجهاز الاستخبارات العسكرية السابق بالعاصمة طرابلس، وذلك بعد اختفائه منذ 1993. وأعلنت وزارة الخارجية الليبية، في بيان لها عمم يوم تأبينه، أن "نظام الطغيان اختطف المعارض منصور الكيخيا، ثم قتله وأخفى جثمانه ولم يدفنه، مما يدل على أنه كان يخشاه ميتا أكثر مما كان يخشاه حيا". وكانت السلطات الليبية الجديدة قد أكدت أنها عثرت على رفات الكيخيا في منزل بالعاصمة طرابلس بناء على معلومات قدمها رئيس جهاز مخابرات النظام السابق عبد الله السنوسي. وحسب مصادر ليبية خاصة اتصلت بها جريدتنا، فإنه نظمت أمس الاثنين جنازة وطنية مهيبة للشهيد الليبي، في مسقط رأسه ببنغازي شرق ليبيا بمشاركة أسرته ومسؤولين من مختلف مؤسسات السلطة في ليبيا وحشد من المواطنين ومنظمات المجتمع المدني. وكذا عدد من الضيوف العرب والأجانب، كان من المنتظر أن يكون بينهم صديقه الحميم بالمغرب، ورفيقه في المنظمات الدولية والعربية لحقوق الإنسان، الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، لكن التزامات سابقة له في باريس حالت دون حضوره، وبعث رسالة إلى عائلته الصغيرة والكبيرة، كما أكد لنا في اتصال معه. ولقد أكد محمود الكيخيا، شقيق المعارض الليبي المختطف، أنهم عثروا على جثة شقيقه في ثلاجة بفيلا تابعة لجهاز الاستخبارات العسكرية في العهد السابق بطرابلس قبل حوالي شهر ونصف الشهر. وأضاف أن تحليل الحمض النووي (دي أن أي) أثبت أن الجثة التي تم العثور عليها تتطابق مع أشقاء وأبناء منصور الكيخيا جميعهم. مما يعزز قانونيا وعلميا أنها جثته رحمه الله.. فيما أكد صهر الراحل الكبير، الأستاذ محمد المفتي أنه تعرف على الجثة من الوهلة الأولى، وأضاف قائلا: "على الرغم من أن طول فترة وجود الجثة بالثلاجة غيرت ملامح وجهه وتفاصيلها، إلا أن طوله وقامته وتجاعيد جمجمته أرجعت إليّ صورة منصور على الفور". أما بخصوص تفاصيل تصفية منصور الكيخيا، من قبل القذافي وعصابته، فقد أكد شقيقه محمود الكيخيا وجود طعنة في صدر منصور، مؤكدا أنه ينتظر تقريرا شرعيا جديدا لتوضيح ظروف الوفاة بشكل دقيق. فيما رجح محمد المفتي (وهو جراح ومؤرخ)، أن تكون الوفاة طبيعية كون أن منصور دخل مريضا للسجن ووضع في زنزانة صغيرة، ولم يكن قادرا على التحمل على مدى أربع سنوات، خاصة وأن نظره كان ضعيفا، لكنه أشار إلى شكوك بقتله بطريقة ما من قبل النظام السابق. وأشار المفتي إلى أنه زار الزنزانة التي وضع بها منصور قائلا إنه "وضع في تلك الزنزانة الصغيرة الحاوية على مرحاض بداخلها بمنطقة المربعات بأطراف مزرعة القذافي في طريق المطار في مبنى يسع 12 زنزانة فقط خصصت على ما يبدو لأكثر الشخصيات أهمية في تلك الفترة". وكان منصور الكيخيا، قد اختطف واختفى أثره في العاصمة المصرية القاهرة في دجنبر 1993 أثناء مشاركته في اجتماع مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان بالقاهرة، واتُهمت أجهزة الاستخبارات الليبية بخطفه، كما اتهم النظام المصري السابق بالتورط في ذلك، لكن هذا الاختفاء ظل لغزا لقلة الأدلة. ولقد ولد الكيخيا عام 1931 في مدينة بنغازي، وكان سياسيا ودبلوماسيا محنكا ومعارضا بارزا لنظام القذافي، وقد تدرج في مناصب رسمية مهمة في السلك الدبلوماسي، بينها سفير في فرنسا والجزائر، وعيّن في منصب الممثل الدائم لليبيا في الأممالمتحدة بين أعوام 1975 و1980، ثم استقال بعد ذلك وانضم إلى صفوف المعارضة الليبية.