كما النهر الذي يجري / محكيات 1998 ذ 2005 مجموعة نصوص قصيرة ( 101) نشرها باولو كويلهو ما بين 1998 و2005، وهو يفتح لنا من خلالها أبواب عوالمه ككاتب؛ إنها مقطوعات قصيرة جدا من الحياة اليومية ومن نصوص حكاها له آخرون، وأعطاها هو بُعد حكايات فلسفية أو بيداغوجية بالغة الأهمية لمن يرغبون في العيش في تناغم مع العالم المحيط بهم. ونحن نقترح ترجمة لبعض هذه النصوص، اعتمادا على الترجمة الفرنسية التي أجزتها فوانسواز مارشان سوفاغنارغ، ضمن منشورات فلاماريون، باريس، 2006. هناك تعاريف كثيرة: شيء خارج عن قوانين الطبيعة، شفاعات خلال أوقات أزمة عميقة، أمور مستحيلة علميا، إلخ. لي تعريفي الخاص: المعجزة هي ما يفعم قلبنا بالأمان. وهي تتجلى أحيانا على شكل شفاء، على شكل رغبة تم إرضاؤها، لا أهمية لذلك ? النتيجة: هي أننا نشعر حين تحدث المعجزة بإجلال عميق للنعمة التي حبانا الرب بها. منذ حوالي ثلاثين سنة، وأنا أعيش مرحلة الهيبي، دعتني أختي لأكون عراب ابنتها الأولى. أسرني الاقتراح، كنت سعيدا أنها لم تطلب مني أن أحلق شعري ( الذي كان بطول قامتي آنذاك )، وأنها لم تفرض علي تقديم هدية لابنتي بالتعميد ( لم يكن لدي مال لاقتنائها ). وُلدت الفتاة، مرت السنة الأولى ولم يتم التعميد. اعتقدت أن أختي غيرت رأيها، سألتها ما حدث، فردت علي: « إنك لا تزال عرابا. الذي حدث هو أنني قدمت وعدا لنها شيكا، وأنني أريد تعميد الصغيرة في بايبيندي لأنها منحتني نعمتها». لم أكن أعرف أين توجد بايبينديي، ولم يسبق لي أن سمعت بنها شيكا. انتهت مرحلة الهيبي، أصبحت إطارا في دار للأسطوانات، أنجبت أختي فتاة ثانية، دون أن يكون هناك تعميد. أخيرا، سنة 1978، تم اتخاذ القرار واتجهت الأسرتان ? أسرة أختي وأسرة زوجها السابق ? إلى بايبيندي. هناك اكتشفت أن نها شيكا، التي لم يكن لديها مال لتوفير قوتها اليومي الخاص، قضت ثلاثين سنة في بناء كنيسة وفي مساعدة الفقراء. كنت أخرج من مرحلة صاخبة من مراحل حياتي. ولم أعد أومن بالرب. أو بدقة أكثر، لم أعد أولي اهتماما كبيرا للعالم الروحي. ما كان يهم هو أمور هذا العالم، والنتائج التي يمكنني تحصيلها. كنت قد تخليت عن أحلام شبابي الخرقاء ? من بينها الحلم بأن أصبح كاتبا - ولم يكن في نيتي تحصيل أوهام جديدة. كنت داخل تلك الكنيسة لأداء واجب اجتماعي لا غير؛ في انتظار لحظة التعميد، قمت بجولة في النواحي ودخلت، في النهاية، البيت المتواضع لنها شيكا، الموجود بجانب الكنيسة. صوانان وهيكل صغير، صور قليلة لبعض القديسين ومزهرية بها وردتين حمرا وتين وواحدة بيضاء. على نحو حاد، وخلافا لكل ما كنت اعتقده آنذاك، كانت لي أمنية: إذا تمكنت يوما ما من أن أصبح الكاتب الذي كنت أريد أن أكونه والذي لم أعد أرغب في أن أكونه، فإنني سأعود إلى هذا المكان حين أبلغ الخمسين سنة من عمري، وسأحمل معي وردتين حمراوتين وواحدة بيضاء. كذكرى للتعميد، اقتنيت صورة شخصية لنها شيكا. أثناء العودة إلى ريو ودي جانيرو، حلت الكارثة: توقفت أمامي حافلة بشكل مباغت. أبعدتُ سيارتي خلال جزء من الثانية، وتمكن أخو زوجتي هو الآخر من إبعاد سيارته، اصطدمت السيارة القادمة بالحافلة. كان هناك انفجار وموتى كثر. توقفنا على جانب الطريق ونحن لا ندري ما ينبغي أن نفعله. أخرجت سيجارة من جيبي، كما أخرجت صورة نها شيكا. كانت الصورة صامتة، وكانت تبعث خطابها الحامي. عندها انطلق سفر عودتي نحو الأحلام، انطلق البحث الروحاني، وعندها انطلق الأدب؛ وذات يوم وجدتني أخوض المعركة الخالصة، المعركة التي نخوضها والقلب مفعم بالأمان، لأن المعجزة تترتب عن تلك المعركة. لم أنس الوردات الثلاث أبدا. وأخيرا، بلغت الخمسين سنة ? التي كانت تبدو بعيدة جدا. قريبا جدا ستمضي الخمسون سنة. أثناء كأس العالم، توجهت إلى بايبيندي لكي أفي بأمنيتي. رآني شخص وأنا أصل كاكسامبو ( حيث قضيت الليلة )، ثم جاء صحافي لإجراء حوار معي. حين رويت له ما جاء بي إلى المكان، قال لي: « تتحدث عن نها شيكا. لقد اُحرق جسدها هذا الأسبوع و إجراءات التطويب تجري بالفاتيكان. إن المطلوب هو أن يقدم الناس شهاداتهم. - لا، أجبت. إنها مسألة حميمية جدا. لن أتحدث إلا إذا بلغتني أمارة». ثم فكرت بداخلي: « ما الذي يمكنه أن يمثل أمارة؟ فقط شخص يتكلم باسم نها شيكا ! خلال اليوم التالي، ركبت سيارتي، أخذت الوردات الثلاث واتجهت نحو بايبيندي. توقفت بعيدا عن الكنيسة بعض الشيء، وأنا أتذكر إطار دار الأسطوانات الذي كان جاء إلى هنا منذ مدة، وكل الدوافع التي قادتني إلى العودة. ثم، وأنا أدخل البيت، خرجت شابة من متجر لبيع الملابس: « لاحظت أنك أهديت كتابك الأخير « مكتوب « لنها شيكا، قالت لي. أؤكد لك أن ذلك أسعدها «. لم تطلب مني الشابة أي شيء. لكنها كانت الأمارة التي كنت في انتظارها. وهذه هي الشهادة العمومية التي كان علي أن أقدمها.