موضوع شائك، ويحتاج إلى مهارة خاصة من أجل الخروج من المطبات التي يطرحها بأقل خسارة ممكنة. ودليلنا على ذلك أنه ليس أرضا غير مطروقة، إذ كلما أثاره باحث أو تطرق إليه طالب كلما أدرك أنه يمشي في حقل ألغام هائج تصنعه توترات الصراع بين «العقل» والتعلق الشامل بالمقدس الديني. ذلك أن أي «شبهة حياد ديني» عادة ما يترجمها الغلاة إلى مسّ وانتهاك للانتماء الديني، وهو ما يطرح إشكالات أخرى ترتبط ب»التكفير» و»الارتداد» و»إهدار الدم» و»المحاكمات».. تضع أمامنا روايات عائشة حول الحياة الجنسية للنبي (ص) حتى الآن علامات استفهام وتعجب كثيرة، خاصة أن الأحاديث تتعارض مع النسق الأخلاقي الصارم للإسلام (المبني على الحلال والحرام)، كما أنها تتعارض مع مبادئ العقل؛ حتى إن صالح الورداني، صاحب كتاب «دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين»، لا يخفي حيرته بقوله: «إن عائشة بمثل هذه السلوكيات بدا وكأنها تؤكد أنها تعايش رجلا عاديا لا رسول خاتم. ومن جهة أخرى فقد صورت هذه الروايات الرسول وكأنه لا شغل له سوى النساء.. وكأن النساء هن عائشة، وعائشة هي النساء». ويتابع: «إن العقل لا يقبل أن تكون هناك امرأة تتحدث عن علاقتها بزوجها بمثل هذه الطريقة الفاضحة فضلا عن زوجة نبي. ونحن في مواجهة هذه الروايات بين أمرين: إما أن نرفضها.. وإما أن نتهم عائشة بالوضع على الرسول، والأمر الأول سوف تكون نتيجته هي راحة العقل واستقامة التصور، والأمر الثاني نتيجته تصحيح حركة التاريخ وثورة الإسلام والرسول.. هذه الأحاديث إما هي موضوعة أودست على عائشة بفعل السياسة». لنتأمل جيدا في ما نقلته عائشة عن «مضاجعة الحائض»، علما أن هناك آية قرآنية تبين موقف الإسلام الواضح من ذلك: «يسألونك عن المحيض؛ قل: هو أذى! فاعتزلوا النساء في المحيض، ولا تقربوهن حتى يطهرن، فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله». لقد حرَّم الإسلام، إذن، على الرجال نكاح أزواجهم إذا كن حُيَّضاً. فما السر وراء هذا الكم الوافر من الأحاديث التي ترويها عائشة حول الموضوع، والتي يتضح أنها مخالفة للآية القرآنية، والأغرب أنها أحاديث مدرجة في الصحاح التي يعتبرها عامة الفقهاء أصل من أصول التشريع الإسلامي؟ يُروى عن عائشة أنها قالت: «كانت إحدانا إذا كانت حائضاً، فأراد رسول الله (ص) أن يُباشرها، أمرها أن تتزر في فور حيضها، ثم يباشرها! قالت: وأيكم يملك إربه كما كان النبي (ص) يملك إربه!». وفي رواية أخرى: «سئلت عائشة: ما يحلّ للرجل من امرأته وهي حائض؟ قالت: ما فوق الإزار». وفي نص ثالث، «قالت: كان النبي (ص) يُباشرني وأنا حائض، ويدخل معي في لحافي وأنا حائض؛ ولكنه كان أملككم لإربه». قالت عائشة أيضاً: «حضت مع رسول الله (ص) على فراشه، فانسللت، فقال: أحضت؟ فقلت: نعم! قال: فشدّي عليك إزارك ثم عودي». وفي حديث آخر: قالت عائشة: «كان يأمرنا إذا حاضت إحدانا أن تتزر بإزار واسع، ثم يلتزم صدرها وثدييها». وفي ردها على شخص، سألها: »ما يحلّ للرجل من امرأته إذا كانت حائضاً؟ قالت: كلّ شيء إلا الجماع». وفي نص غيره يسألها أحدهم: «ما للرجل من أهله وهي حائض؟! فقالت: كلّ شيء إلا فرجها».