ميز مولاي المهدي العلوي سفير المغرب بطرابلس, بين الخيارات التي تقوم عليها الإستراتيجية المغربية في مجال تقوية العلاقات مع ليبيا وبين خيارات باقي الدول, ووقف بشكل خاص عند كون باقي الدول ترى في ليبيا كعكة على كل طرف أن يفوز بالقسط الأوفر منها, بينما المغرب ينطلق من كون العلاقات السياسية بين البلدين لا يشوبها أي غموض, بينما العلاقات الاقتصادية تقوم على إرادته القوية في دعم ليبيا في هذا الظرف الحساس دون أن يكون ذلك على حساب وضعها الحالي، وتبعا لذلك فإنه يتجنب أن يكون ممن يرون في ليبيا فريسة، ويسعى إلى إعطاء الليبيين الوقت الكافي لترتيب بيتهم الداخلي حتى يكون لجوءهم إلى المغرب مبنيا على القناعة بأن التعاون الثنائي سيكون مربحا لكلا الطرفين. يتتبع المغاربة عن كثب تطورات الأوضاع في ليبيا ويراهنون على أن تشهد العلاقات الثنائية قفزة نوعية بعد ظهور نتائج الانتخابات الليبية التي تأجلت الى يوم 7 يوليوز المقبل. من موقعكم كسفير للمغرب في طرابلس منذ حوالي 7 سنوات هل تتوقعون نفس الشيء؟ لي اليقين أن مستقبل العلاقات المغربية الليبية سيكون إن شاء الله مزدهرا, لأن الليبيين والمغاربة شعوب متقاربة، وهذا تأكد من خلال عدد من المبادرات الثنائية، يبقى انه أصبح من الضروري التفكير في أسلوب جديد لتثمين هذه العلاقات، أسلوب مبني على الشفافية، لأن العالم يعرف الآن ما يسمى بالربيع العربي، وسواء تعلق الأمر بليبيا أو بالمغرب فإن كليهما يعرف قفزة نوعية في تسيير الشأن العام، ويجب أن نركز على أسلوب جديد يجعل الطرفين رابحين، يجب التخلي بشكل نهائي عن التفكير بمنطق «الهمزة» الذي كان سائدا من قبل في العلاقات الاقتصادية، حيث كان البعض ينتهز الفرص المتاحة بدون رؤيا بعيدة المدى، وتبعا لذلك كانت الأمور تستقر في مبادلات ظرفية، وهذا كان له الأثر الكبير على العلاقات الاقتصادية بين الدولتين. أدت الجالية المغربية المقيمة بليبيا غاليا ثمن تدهور الأوضاع الأمنية طيلة مرحلة الثورة. هل تحسنت الآن أوضاع هذه الجالية؟ وهل بإمكان من التحقوا بالمغرب أن يبنوا حياة جديدة في ليبيا؟ وهل بإمكان الكفاءات المغربية أن تلتحق بليبيا التي تفتقر إلى اليد العاملة؟ وفي أية شروط؟ يجب أن تبنى الأمور على أسس جديدة، فالجالية المغربية التي كانت تعيش في ليبيا كانت تعيش في ظروف لم تعطها وسائل الدفاع عن حقوقها، لأنها لم تصحح موقعها كما كنت أتمنى منذ تعييني في ليبيا، باندماج حقيقي في النسيج الاقتصادي الليبي، والآفاق تبشر الآن بالخير لأن الليبيين يعبرون عن رغبتهم في التعامل مع اليد العاملة المغربية بشروط جديدة تضمن حقوق العاملين في ليبيا، أما فيما يخص الجانب الأمني فأنتم تعرفون أن ليبيا توجد في فترة تحول مع ما يتبع ذلك من مشاكل أمنية حقيقية، لا أظن أن تكون الجالية المغربية مقصودة في ما يقع، ولكن يمكن أن تصادف ضررا بحكم أنها تعيش وسط أحداث تؤثر في بعض الأوقات على العيش اليومي، وبالنسبة للمستقبل أنا جد متفائل ، ولي اليقين بأن للشعب الليبي كل القدرات على التغلب على المشاكل الحالية وأن ليبيا ستعرف استقرارا يستفيد منه الليبيون والجاليات التي تعيش في ليبيا، وأريد كذلك أن أؤكد أنه منذ اندلاع الأحداث سهرت مع القنصليتين على ترحيل المغاربة الراغبين في السفر ولم يبق مغربي واحد يرغب في السفر ولم تتح له فرص العودة إلى المغرب، فنحن لم نطمئن إلا بعد أن أصبحت الطائرات والبواخر تعود فارغة من ليبيا، لكن ما يستحق التنبيه إليه والاعتزاز به هو أن عددا كبيرا أراد أن يبقى في ليبيا اعترافا للشعب الليبي بما كان يكن له من تقدير ورفضوا المغادرة في ظرف صعب بالنسبة لليبيين وحرصوا على البقاء بجانبهم إلى أن تنتهي محنتهم مهما كلف ذلك من ثمن. من المقرر أن تشهد مرحلة ما بعد استكمال إعادة بناء المؤسسات انطلاق أوراش كبيرة لإعادة الإعمار ولتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، هل المغرب جاهز للقيام بالدور المنوط به في المرحلة المقبلة؟وهل من مكان حقيقي للمقاولة المغربية في سوق ليبية تستقطب أنظار قوى اقتصادية من قبيل تركيا وفرنسا والصين والولايات المتحدة الأمريكية؟ ستكون المنافسة صعبة في ليبيا, لأن عدة دول لها أطماع في إعادة بناء ليبيا، والفرق الذي يميز المغاربة، هو أنهم لم يأتوا إلى ليبيا بهدف استغلال هذا الظرف ، وإنما يعودون بنية بناء جسور قوية بين المغرب وليبيا يمكن أن تعطي دفعة قوية للعلاقات الاقتصادية بين البلدين وهذا ما لمسه الليبيون من خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الصناعة والتجارة لليبيا, حيث كان واضحا في خطابه وأكد أن المغرب يريد إقامة علاقات «رابح - رابح» التي تخدم مصلحة الطرفين. فالمغرب لا يطمع في استغلال ضعف ليبيا وإنما يطمح إلى بناء علاقات متوازنة، وهذا التوجه تجلى في التعليمات التي توصلت بها السفارة منذ أن اندلعت الأحداث في ليبيا والتي كانت تحث على العمل في اتجاه لم الشمل وتفادي إسالة الدماء شكل إغلاق الحدود البرية المغربية الجزائرية عائقا أمام مبادلات السياح والسلع بين المغرب وليبيا. ما هي الخطوات المرتقبة لتفادي هذا العائق الذي يبدو أن التغلب عليه يحتاج إلى وقت طويل؟ لا أظن أن ما يحدث في المنطقة سيساعد على تمديد إغلاق الحدود بين المغرب والجزائر وإلا سنكون لم نفهم ما هو الربيع العربي وما ينتظره منا شباب المنطقة. فيما يخص التبادل المغربي الليبي فإننا نطمح على فتح خط أو خطوط بحرية تسهل التبادل, كما أننا نتمنى أن تضع شركة الطيران سياسة تجارية تلائم حاجيات التبادل بين المغرب وليبيا، إذ بإمكان النقل الجوي للسلع أن يلعب دورا في هذا المجال وفي هذه الظرفية بالذات. فيما يخص رغبة تقوية التبادل التجاري بين البلدين فهي مؤكدة وبمجرد ما تتوفر لهم وسائل النقل الملائم ستتحقق قفزة نوعية في المبادلات شكل فرض تأشيرة الدخول على المواطنين المغاربة إجراء صادما لكل من يسعون إلى تقوية العلاقات مع ليبيا. ما هي في رأيكم دوافع هذا القرار؟ وهل لنا أن ننتظر التراجع عنه في الأمد القريب؟ هذا القرار لم يعن الجالية المغربية بمفردها, بل يعني كل الجاليات العربية، وهذا مفهوم في هذا الظرف الحساس الذي تعيشه ليبيا, ولي اليقين بأن التغير سيحصل بمجرد ما تستقر الأمور.