طرابلس: العلم اختتمت الأحد الماضي فعاليات معرض طرابلس الدولي الذي نظم بين 2 و 12 أبريل الجاري، وشهد مشاركة 2000 عارض من 38 بلدا، وكان الجناح المغربي الذي تطور فضاؤه من 120 متر مربع إلى 354 متر مربع عرف مشاركة ثلاثين شركة ومقاولة في عدد من القطاعات ذات الصلة أساسا بحاجيات السوق الليبية. الجناح المغربي في الدورة الثامنة والثلاثين للمعرض عرف دعما معنويا من خلال حضور وزير التجارة الخارجية الذي أجرى اتصالات ولقاءات مع عدد من المسؤولين من الجماهيرية الليبية وسفراء بلدان اتحاد المغرب العربي ورجال أعمال ليبيين ومغاربة. كما قام بزيارة جناح فلسطين وأروقة بلدان اتحاد المغرب العربي، إضافة الى تدشين مقر اتحاد المعارض المغاربي. في إطار هذه الأنشطة، وآفاق الشراكة بين المغرب والجماهيرية الليبية، التقيناه وأجرينا معه الحوار التالي: ****************** س: قمتهم خلال الأيام الأولى للمعرض الدولي لطرابلس بعقد عدد من اللقاءات مع مسؤولين ليبيين لرفع مستوى العلاقات الثنائية ودعم مشاركة الرواق المغربي في الدورة 38 للمعرض، فما هي حصيلة هذه اللقاءات؟ > ج: بداية لابد من الإشارة إلى أن حضورنا إلى الجماهيرية الليبية ينخرط وفق تصور وزارة التجارة الخارجية الذي يهدف إلى البحث المستمر عن منافذ للمنتجات المغربية وتوسيع وجهات التصدير نحو كل البلدان التي لها القابلية لاستقطاب منتجات المقاولات المغربية في أي مجال من المجالات. غير أن الحضور في الجماهيرية الليبية له ميزة خاصة بحكم العلاقات السياسية والتاريخية والجغرافية، والاقتصادية كذلك والتي لاتنفصم عن هذا المسار الذي يستشرف مستقبل التقارب والتعاون والتكامل، وهذا ما عبرنا عنه في كل اللقاءات مع الأشقاء الليبيين أو خلال افتتاح الرواق المغربي الذي شهد تطورا نوعيا يستحق التنويه، وقد أكدنا في كل المناسبات التي أتيحت عن التطور الذي تشهده المقاولة المغربية الكبرى أو المتوسطة أو الصغرى، مما يجعلها مؤهلة لتغطية احتياجات السوق الليبية سواء فيما يخص البناء والأشغال العمومية أو الوحدات السكنية والمنشآت الفنية أو الهندسة أو الترصيص والكهربة أو الخدمات. فالمنتوج المغربي قطع أشواط هامة فيما يخص احترام المعايير الدولية، لذلك أؤكد أنه سيلقى الإقبال الواسع في السوق الليبية. س: كيف تلقى الطرف الليبي هذه التوضيحات؟ > ج: في ظل الإرادة لمد جسور التواصل والتعاون، أبدى الإخوة الليبيون كل الترحيب، وطالبوا في الوقت نفسه بالالتزام من طرف الفاعلين المغاربة وخاصة في المشاريع السياحية ذات الحجم الكبير، وحتى يكون اتصال مكثف بين المغاربة والليبيين اتفقنا على المدى القصير على رفع حجم التوافد السياحي الليبي، وسنعمل من جانبنا على تنظيم زيارات قطاعية للتعريف أكثر بكل مجال على حدة وتوضيح آفاقه وفرصه الاستثمارية. وقد تكون البداية من القطاع السياحي لسببين، الأول أن الطلب كبير، والثاني لكون السياحة الليبية تتميز بخصائص ومواصفات معينة، فهي تتنوع بين السياحة الطبية والثقافية والروحية إضافة إلى طابعها العائلي وليس الفردي، وهذا يمكن أن يثمر نتائج مهمة، ويجب على وكالات الأسفار المغربية أن تتعبأ لتمنح أسفارا جماعية وعائلية، فالملاحظ أن القدرة الشرائية للمواطن الليبي وحجم الإنفاق في تطور مستمر. س: وماذا عن جانب التصدير وتنمية المبادلات التجارية بين المغرب والجماهيرية الليبية؟ > ج: كما سبق وقلت، الزيارات القطاعية كفيلة بأن توطد أكثر العلاقات التجارية والاقتصادية وتقدم التوضيحات المناسبة والمطلوبة من رجال الأعمال المغاربة ونظرائهم اللليبيين، وقد رصدنا بعض القطاعات التي تحتل أولوية بالنسبة للمقاولات المغربية، ويجب في هذا الإطار بلورة مخطط مع المركز المغربي لإنعاش الصادرات، وقبل أن نأتي إلى هنا، قمنا بدراسة رصدنا من خلالها سوقا كبيرة في حاجة إلى تجهيزات الكهرباء سواء ذات التوتر العالي أو المنخفض، وكذا التجهيزات المنزلية، والمغرب له خبرة وكفاءة بفضل برامج الكهربة والسكن الاجتماعي، ويمكن للمقاولات المغربية أن تحصل على فرص في هذه السوق، والأهم هو مناخ الثقة السائد حاليا، لأن الأمور تتطور والجانب الدبلوماسي يلعب دوره في هذا الباب، ونحن مع الاستفادة البناءة وليس مع اقتناص الفرص كما تفعل بعض الدول، فالهدف هو البناء على المدى المتوسط، وأن تحركنا العقلية التجارية الجادة الهادفة إلى البناء المغاربي والتي تجعلنا زبناء دائمين، وليس تجارا عابرين. وعموما هناك أكثر من تسهيلات واتفاقيات للتبادل بين البلدين، وكل البضائع والخدمات يمكن أن تتنقل دون موانع جمركية، إذا الآليات موجودة، وتكثيف المعارض يبقى إحدى الوسائل لبحث الفرص والإمكانيات، في أفق توحيد السعر الجمركي والقوانين وقواعد المنشأ ليس فقط مع الجماهيرية الليبية بل مع كل بلدان اتحاد المغرب العربي. وأؤكد أن وزارة التجارة الخارجية شباك مفتوح وأينما برز مشكل فنحن مستعدون للتدخل، والمساعدة على مستوى الدعاية والتسويق والتمويل أيضا. س: من خلال المعاينات والاتصالات التي أجريناها مع رجال أعمال مغاربة ومشاركين في الجناح المغربي، يتضح أن هناك احتياجا محليا كبيرا على مستوى المنتجات الغذائية والأسماك، كما أكد لنا السيد محمد الحويج الاتجاه الليبي في دعم مشاريع إنتاج اللحوم البيضاء والحمراء، فما هو تعليقكم؟ > ج إذا كنا نحن مهتمين بالجانب السياحي، فلاشك أن الجانب الليبي مهتم كثيرا بالجانب الفلاحي لدينا، بفعل تطور القدرة الشرائية وانفتاح السوق، والقطاع الفلاحي الليبي له احتياجاته التي يجدها لدى المهنيين المغاربة، ويعكس ذلك حجم الصادرات الفلاحية، والسمكية أيضا، والملاحظ أن الليبيين يطالبون بمشاريع جاهزة وليس بتمويلات، وعلى هذا المستوى أود أن أركز على دور الإعلام في التحسيس والدعاية والترويج لدى المقاولات المغربية حتى تعي هذه الآفاق والفرص، فالإخوة الليبيون حدثونا عن مخطط خماسي تفوق كلفته 100 مليار دولار، يهم البناء والأشغال العمومية والسياحة وقطاعات أخرى سبق أن ذكرتها، مع ملاحظة أساسية، وهي سعي مستثمرين أجانب وعرب إلى الاستثمار في المجالات ذاتها ، مما يجعل منافسة المغرب شديدة، ورغم تجربتنا وإرادتنا في المسير جنبا إلى جنب مع الأشقاء الليبيين لابد من الدراسات وعمليات الرصد والاستهداف (Ciblage et repairage) هكذا سننمي الشراكات الأفقية التي تدفع بالتنمية في جنوب المتوسط. س: هل تتوقعون أن تكون منافسة المغرب في السوق الليبية أكثر شراسة من طرف المقاولات الغربية في ظل الأزمة الاقتصادية والبحث عن متنفس لتعويض الخسائر؟ > ج: المقاولات الغربية تبحث عن فرص استثمار في البلدان العربية بالرساميل العربية لأنها فقدت رساميلها أو بعضا من رساميلها، وقد لاحظ الجميع الحضور القوي لإيطاليا وبيلاروسيا والبرتغال وتركيا، هؤلاء جاؤوا بمشاريع وليس بأموال، واهتمامهم بالسوق الليبية ليس اعتباطيا، فكل الدول تبحث على غرار المغرب عن منافذ لتنمية الصادرات والمبادلات، وهذا لاعلاقة له بالأزمة الاقتصادية، بل هي مسألة حياة وبقاء وتدبير أزمة، ولكن الأهم من جهتنا هو ألا يحركنا منطق «البيزنس»، بل البناء الثنائي والدائم. س: ماذا عن عدم انعقاد اللجنة العليا المشتركة وانعكاس ذلك على المستوى الاقتصادي؟ > (ج: عدم انعقاد اللجنة العليا المشتركة بين المغرب والجماهيرية الليبية منذ 2005 لم يعطل المسيرة الاقتصادية بين البلدين بدليل توقيع اتفاقية في مجال الفوسفاط، وارتفاع المبادلات التجارية سنة 2008 مقارنة مع سنة 2007 وزيادة الاستثمارات الليبية في المغرب وخاصة في المجال الفندقي، وهو ما يؤكد القرب الاقتصادي بيننا، فالبحث دؤوب ومتواصل لاستغلال كل الفرص التجارية وفق التوجهات السامية لقائدي البلدين. واستنادا إلى مسلسل الانفتاح، فهناك قطاع خاص ناشىء بالجماهيرية الليبية، وقد تأكد من خلال اللقاءات التي أجريتها هنا أن الإخوة الليبيين يشتغلون على أجندة، وعلى سياسة قطاعية شاملة، وقريبا سيتم عقد اللجنة العليا المشتركة للارتقاء بالعلاقات إلى مستوى أعلى. س: في ضوء هذه الإرادات، ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الجالية المغربية المقيمة في الديار الليبية؟ > ج: الجالية المغربية في ليبيا مهمة تقدر ب 100 ألف نسمة وتأتي في الرتبة الثالثة أو الرابعة، ولها دور بالتأكيد إن لم نقل أدوار، أولا عليهم أن يكونوا سفراء تجاريين، فعدد كبير من المغاربة يمتهنون التجارة، وعليهم أن يروجوا المنتجات المغربية بفخر واعتزاز، والمطلوب منهم في هذا الباب الممارسة المهنية وإذا ما كان أشخاص يودون فتح متاجر فيمكن أن نساعدهم على مستوى اللوجستيك والاستسواق والتمويل أيضا لترويج المنتجات المغربية، إذ سيتم التعامل معهم كمصدرين، لذلك فهم مدعوون للانتظام في مقاولات صغرى ومتوسطة. ثانيا، العمل على الدعاية السياحية لفائدة المغرب، بما أن لهم امتياز معرفة المجتمعين المغربي والليبي، في هذا الإطار يمكن أن يشكلوا حلقة وصل ويكونوا وسطاء بين الجانبين.