ستحتضن مدينة الصويرة يومه الجمعة فاتح يونيو 2012،الدورة الأولى لمنتدى البيئة الذي تنظمه «جمعية منتدى أصدقاء النحلة والبيئة» بالمعهد المتخصص لتكنولوجيا الفندقة والسياحة. ويتضح من خلال البرنامج الذي وافانا به رئيس الجمعية الدكتور مصطفى بلعسري أن البعد البيئي ومكانته في خلق أنشطة مدرة للدخل، وفي الرفع من مستوى العيش حفز الكثير من مكونات المجتمع المدني ومن الأساتذة المتخصصين العاملين في عدة جامعات مغربية على المشاركة الفعلية في هذا المنتدى، خاصة أن تطور العمل التعاوني بالمنطقة يعود في جزء كبير منه إلى التعامل مع البيئة من منطلق أنها محور النجاح والديمومة. إن الصويرة التي تشتهر بمآثرها التاريخية وبشاطئها الجميل ومناظرها الطبيعية الخلابة تتوفر على أهم مقومات جلب السياح، وحتى الأنشطة الثقافية التي صارت تحتضنها، وخاصة منها مهرجان «كناوة» السنوي زادت من شهرتها على المستويين الوطني والدولي. فالحضور المتميز للبعد البيئي والمجالي في رسم معالم المنطقة، كان باستمرار خاضعا لنظام متعارف عليه، نظام يحدد حقوق وواجبات كل مكونات المجتمع في امتلاك واستغلال الثروات الطبيعية وخاصة منها الماء وأشجار الأركان. وإذا كانت عدة أجيال قد تعايشت بفضل هذا النظام، فإن تثمين المؤهلات السياحية التي تزخر بها المنطقة صار في أمس الحاجة إلى الحفاظ على التوازنات البيئية، وفي مقدماتها تلك التي تحد من ظاهرة الهجرة القروية في اتجاه المدن. من المحقق أن مدينة الصويرة مغرية، ولكنها محيطها الجغرافي يحمل في خباياه ما يحفز على الاستقرار بالوسط القروي، فمجرد الثروة النباتية والأنشطة الزراعية المتداولة بالمنطقة تجعل منها وجهة متميزة ومصدرا لإنتاج ثروات فريدة من نوعها، وهذه الميزة لا تقتصر على الأركان ومشتقاته، ولكنها تمتد لتشمل منتجات محلية أخرى منها الأعشاب والعسل والزيت. لاشك أن تنظيم منتدى بيئي ومجالي بالصويرة في هذه الظرفية بالذات، يساهم في ملء الفراغ الكبير المسجل على مستوى التوعية بالبعد البيئي، والتوعية ليست موجهة بالضرورة من جهة إلى أخرى، ولكنها تنبع من كل المصادر وتصب في كل الاتجاهات، وكيف لا وسكان المنطقة ورثوا عن آبائهم وأجدادهم العديد من السلوكات والقوانين والهياكل المنظمة لتعامل الأفراد والجماعات مع مكوناتهم البيئية، بينما الفاعلون الجمعويون والأساتذة الجامعيون ومختلف مكونات المجتمع المدني واكبوا تجارب وطنية ودولية تؤهلهم لمعالجة خصوصيات كل منطقة، اعتمادا على مرجعية متفتحة على النجاحات المحققة في العالم الخارجي، فالحفاظ على البيئة وجعلها مصدر التنمية البشرية المستدامة صار يتطلب من السلطات العمومية، أكثر من أي وقت مضى، العمل بجدية على مساعدة السكان المحليين على كسب رهان تحقيق التوازنات البيئية. وإذ نستحضر سلبيات إعطاء أولوية التمويل في مخطط المغرب الأخضر للدعامة الأولى الموجهة لكبار الفلاحين على حساب الدعامة الثانية الموجهة للفلاحين الصغار، فقد يكون من المفيد أن يتعرض المشاركون في منتدى الصويرة للجانب التشريعي الذي يوفق بين حماية الحق في الملكية وبين مستلزمات الرقي بالعمل التعاوني إلى المستوى الذي يؤمن تثمين المنتجات المحلية ليجعل منها محفزات جديدة على استقطاب المزيد من السياح، ووسيلة عملية لتحفيز سكان الوسط القروي على تطوير مهاراتهم وعلى الانخراط في علاقات تجارية تحميهم من جشع الوسطاء، ولعل أكثر المؤسسات العمومية ارتباطا بهذا الجانب هي المصالح التابعة لوزارة الفلاحة وللمياه الغابات، فضلا عن السلطات والجماعات المحلية.