احتضنت مدينة شفشاون المنتدى الدولي الثالث «الفضاء المجالي» الذي تنظمه بمساهمة منظمة اليونيسكو, جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية و»مجالات وثقافات».. وقد انعقد المنتدى, المنظم تحت شعار «التنوع, الاستمرارية, المجال والتنمية», لأول مرة خارج فرنسا. وسيجمع أزيد من 450 مشاركا من 26 بلدا.. وأوضح المنظمون أن ختيار مدينة شفشاون لاحتضان هذا الحدث, يعزى الى كون هذا الاقليم يعتبر مثالا جيدا لانبثاق ديناميات جديدة ل»المجال» على الرغم من الظرفية الصعبة. . فالعديد من المنتجين والتعاونيات المسنودة من طرف الادارة والجمعيات المحلية, انخرطت خلال السنوات الاخيرة في تثمين منتجات محلية ذات جودة (زيت الزيتون, الجبن المستخرج من حليب الماعز والفواكه الجافة...), كما أن السياحة القروية والبيئية تعرف, موازاة مع ذلك, تطورا كبيرا.. ومن جهة اخرى, يشكل هذا المجال الترابي جزءا من محمية «المجال الحيوي البيقاري للبحر الأبيض المتوسط», المعترف بها من طرف اليونسكو في أكتوبر من سنة 2006, كما استفادت المنطقة من احداث منتزه جديد «منتزه تلاسمطان», ومن مشروع «فضاء الاستقبال السياحي لشفشاون», ومشروع تجريبي «المنتزه الجهوي بوهاشم» بشراكة مع المنتزه الوطني لليبيران وجهة باكا. . وتعد هذه نماذج فقط للمؤهلات التي تجعل من شفشاون, المكان الامثل لاحتضان حدث من هذا الحجم. وبخصوص أهداف الدورة الحالية للمنتدى, والتي تعقب دورتي «أوبراك» و»دونتيل دو مونت ميراي» بفرنسا, اوضح المنظمون, انها تتمثل في تحسين التحليل الجماعي والمعرفة المشتركة, وكذا صياغة مقترحات على المستوى الدولي والاقليمي (حوض البحر الابيض المتوسط), وكذا تعزيز خلق شبكات دولية واقليمية على مستوى المنطقة المتوسطية, تضم مختلف الفاعلين في مقاربة «المجال», ومواكبة دينامية تطور المجال بمنطقة شفشاون وعلى المستوى الاشمل لجهة طنجة تطوان, في اطار تنفيد الدعامة الثانية لمخطط المغرب الاخضر. . واكد المنظمون ان معظم بلدان الجنوب تواجه تحديات كبيرة في مجال التنمية الفلاحية والقروية المستدامة (الامن الغذائي, تنويع الاقتصاد القروي, خلق مناصب الشغل والمحافظة على التوازنات الحضرية والقروية والمحافظة على التنوع الطبيعي والثقفاي...), معتبرين ان مقاربة «المجال», تقدم عناصر الحل في مواجهة هذه التحديات, على اعتبار ان العديد من البلدان تتوفر على مؤهلات محلية وفرصا للاسواق. حوض البحر الابيض المتوسط.. إحدى أغنى المناطق البيئية في العالم يبدو رهان «المجال» ملائما بشكل خاص لبلدان جنوب وشرق المتوسط ولتحقيق تنمية مستدامة في كلتا ضفتي المتوسط, وتعد منطقة حوض البحر الابيض المتوسط من أغنى المناطق على المستوى العالمي من حيث التنوع البيئي (بما فيه الفلاحي) والثقافي. .واذ اكانت الضفة الشمالية للمتوسط قد شرعت في تثمين مؤهلات مجالاتها, وخاصة ببلدان (فرنسا, البرتغال, اسبانيا, ايطاليا واليونان) وكذا تطوير, موازاة مع ذلك, السياحة القروية, فإن تثمين هذه المؤهلات, مايزال محدودا بالضفة الجنوبية, نظرا لوجود مشاكل كبيرة تتعلق بالتدبير البيئي وبمخاطر فقدان التنوع, وهي المشاكل التي يمكن ل»مقاربة المجال» ان تعين على تجاوزها. المغرب حالة نموذجية يشكل المغرب حالة نمودجية لإبراز هذه الرهانات والتفكير في سبل تنفيذ مقاربات «المجال» في بلدان جنوب حوض المتوسط. . فالمملكة, التي تعد ثاني اغنى بلد من حيث التنوع الايكولوجي بالمنطقة المتوسطية بعد تركيا, انخرطت في تثمين المنتجات المحلية, وفي هذا الاطار انبنت الاستراتيجية الفلاحية الجديدة «مخطط المغرب الاخضر», الذي اطلق في شهر ابريل سنة 2008, على دعامتين خصصت احداهما (الدعامة الثانية) بشكل خاص للتنمية المتضامنة للزراعات الصغيرة مع التشديد على المنتجات ذات الجودة. ويندرج تنفيد هذه الدعامة في اطار رؤية للتنمية القروية المندمجة التي تعبئ كل الطاقات, وخاصة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وخلق فضاءات محمية والوكالات الجهوية للتنمية واحداث فضاءات للاستقبال السياحي.. إن تنفيذ الدعامة الثانية يعد رهانا كبيرا, نظرا لكون الجبال والواحات والسهول والهضاب بالمناطق الشبه جافة, تضم 80 بالمائة من الساكنة التي تعمل في المجال الفلاحي (أي 7 ملايين شخص و70 بالمائة من الاستغلاليات بالبلد), كما ان الهدف المسطر والمتمثل في تحسين دخل مابين 500 الف و600 الف استغلالية فلاحية خلال عشر سنوات, يفترض ولوج مئات الآلاف من الفلاحين الى اقتصاد السوق في الآجال المحددة, وخلق قيمة مضافة مع ضمان تدبير مستدام للموارد الطبيعية. . ان المنتدى الثالث, حسب المنظمين, يطرح تحديات كبرى من قبيل المساعدة على تأمين الغداء للناس في مختلف ارجاء المعمور, وتطوير الهويات المحلية والمحافظة على كل اشكال التنوع التي تزخر بها البسيطة.