لعل من عناصر قوة « درس التاريخ « نزوعه المستمر نحو تطوير منطلقاته المعرفية وتجديد رصيده الإبستمولوجي وتوسيع دوائر أدواته الإجرائية في البحث وفي التنقيب، في التحليل وفي التركيب، في النقد والاستخلاص. وبهذه الصفة، أضحى علم التاريخ أقرب إلى مجال اشتغال العلوم الإنسانية، ليس فقط على مستوى الأدوات المنهجية المعتمدة، ولكن -أساسا - على مستوى طبيعة الأسئلة المتجددة والتي يؤدي تناسلها اللامتناهي إلى تحويل « التاريخ « إلى درس متجدد باستمرار، لا يمكن قول الكلمة الأخيرة فيه، ولا تقييد رحابة السؤال داخله، ولا النزوع نحو التوظيفات الموجهة لمنطلقاته، ولا الاطمئنان إلى الأجوبة « السهلة « المتوارثة بين ثنايا الإسطوغرافيات التقليدية والمجددة. فالتاريخ بهذا الأفق، لا يقبل عن السؤال المتجدد بديلا، كما أنه لا يطمئن إلى اليقينيات العاطفية التي تفرزها « الذاكرة الجماعية « في سياق مختلف تداعيات التدافع البشري التي يحبل بها المجتمع في سياق تطوراته التاريخية الطويلة المدى. وبالنسبة لواقع البحث التاريخي المغربي المعاصر، فقد استطاع التكيف مع رصيد التحولات الهائلة التي عرفها هذا المجال على الصعيد العالمي، فنجح في استيعاب أهم الخلاصات المرتبطة بهذه التجديدات وإدماجها داخل نسق اشتغال المؤرخ، بالانفتاح على التحولات المنهجية الحديثة وكذا بإعادة طرح الأسئلة المغيبة في سياق نمط التدوين التقليدي، بل وفي إعادة توسيع مفهوم الوثائق والمظان الضرورية للكتابة التاريخية وفي تجاوز حقل الطابوهات التي أنتجت بياضات هائلة في رصيد مدونات التاريخ الرسمي أو النزوعي أو الوظيفي.والكتاب موضوع هذا التقديم، يندرج في إطار هذا التصور العام الذي تسعى من خلاله تيارات باحثي المغرب ومؤرخيه المعاصرين، إلى تجديد مقارباتها لسؤال « علم التاريخ « ولشروط التخصيب العلمي لعطاء « صنعة المؤرخ «، سواء على مستوى جهود تجاوز عطاء إرث « المدرسة المنهجية «، أو على مستوى إعادة النظر في هوية علم التاريخ نفسه وحدود الفعل والجرأة في اختراق وفي تجاوز مسلماته الصارمة. والكتاب، في الأصل، والصادر باللغتين العربية والفرنسية سنة 2009، في ما مجموعه 245 صفحة من الحجم الكبير ضمن منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، يعتبر تجميعا لأعمال ندوة « تاريخ الحاضر ومهام المؤرخ « التي نظمتها الكلية المذكورة بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيسها، وذلك خلال شهر نونبر من سنة 2007. وقد استطاعت مجمل المضامين تقديم نتائج آخر الاجتهادات المرتبطة بتبلور حقل ما أصبح يعرف اليوم ب « تاريخ الحاضر « أو « التاريخ الآني « أو « تاريخ الراهن «، باعتباره تجسيدا علميا رفيعا للمنحى العلمي الأصيل الذي أضحى يؤطر مجال الكتابة التاريخية الأكاديمية عالميا. فالعمل إنصات عميق لنبض هذه الطفرة العلمية، من خلال إعادة النظر في إواليات ما كان يعرف - سابقا - بالتحقيب التاريخي، وتجاوز لمسلماته التصنيفية التي أطرت البحث التاريخي في تقسيماته النمطية الجاهزة، والتي ظلت تصر على حصر آفاق البحث داخل حدود الفترات القديمة والوسيطية والحديثة والمعاصرة، بما ارتبط بها من قيود « حديدية « فرضت انضباطا مطلقا لسياجات هذا التقسيم ولأدواته ولمفاهيمه ولسقف البحث والتنقيب داخله. فالاهتمام بمساءلة عطاء الانفتاح على « تاريخ الحاضر « يشكل علامة تحول فارقة في مسار الكتابة التاريخية الوطنية، باستثمارها لرصيد المنجز على امتداد عقود النصف الثاني من القرن الماضي داخل الجامعة المغربية، ثم بقدرتها على اقتحام « حقل ألغام « التاريخ الراهن وشروط البحث داخله والإنصات لأسئلته المقلقة، خاصة المرتبطة منها بطبيعة المادة المصدرية المعتمدة، وتداخل مشاكل الواقع الراهن مع سقف الأسئلة المؤطرة للبحث، وتعدد مظان البحث والتنقيب، وتوسع مفهوم الوثيقة، وبداية خوض باحثين ومهتمين وصحافيين غير متخصصين للكتابة في الموضوع، ونزوع قوى مجتمعية مختلفة لاستغلال نتائج البحث والتقصي بل ولتسييج المادة الوثائقية ومنع الوصول إليها وتكريس مبدأ الانتقائية في التعامل معها حسب ما يخدم المصالح الآنية والرؤى الضيقة، سواء بالنسبة للدولة أو لمختلف القوى الفاعلة داخل المجتمع. ومع ذلك، فالمؤكد أن تطور عطاء « درس التاريخ « بالمغرب، قد أعطى للأمر راهنيته، بعد أن تبلورت جهود متراتبة لتفعيل قيمة « السؤال « وتوجيهها وفق منطق استقرائي واستنباطي مجدد، لا ولاء له إلا للحقيقة العلمية ولثوابتها الإجرائية المعروفة. وقد أوضحت الكلمة التقديمية التي وضعها محمد كنبيب للكتاب، أفق هذا العمل عندما قالت : « طرحت الندوة تساؤلات توخت تقويم مدى تأثير هذه التحولات على فلسفة التاريخ والمحاولات التي يقوم بها المؤرخون للتكيف مع إكراهات العصر الجديد، من دون التخلي عن خصوصيات مقارباتهم ... حاول المتدخلون في الندوة طرح فرضيات وإيجاد أجوبة تتوخى المساهمة في بلورة صيغ من شأنها تمهيد السبيل من أجل « الخروج من الأزمة «، بما في ذلك إعادة التأكيد على قدرة التاريخ على عكس الحقائق العلمية، والدعوة لتعزيز وجود « واجب حقيقي للتاريخ «. وفيما يخص مسألة الذاكرة بالذات فلابد من التأكيد من جديد على أسبقية المهمة النقدية للتاريخ في مواجهة الصراعات السياسية والإيديولوجية، واستثمار الماضي من طرف ذاكرات متنافسة ومتضاربة ... ( اهتمامات ) تندرج كلها ضمن عملية واسعة تتوخى على المدى الطويل التفكير بشكل معمق ومنهجي في حاضر ومستقبل مادة التاريخ ووظائف المؤرخين « ( ص ص. 11 - 17 ). تتوزع مضامين الكتاب بين قسمين متكاملين، كتبت مواد أولهما باللغة العربية، وكتبت مواد ثانيهما باللغة الفرنسية. ففي القسم العربي نجد دراسة لعبد الواحد أكمير حول حضور الأندلس في المخيال الإسباني العربي الراهن بين منطقي التاريخ والإيديولوجيا، ودراسة لخالد عبيد حول بعض منسيي التاريخ التونسي المعاصر، وأخرى لصلاح شكاك رصد فيها إشكاليات الاستمرارية والتحول من المغرب المعاصر إلى المغرب الراهن. أما عبد الحميد الصنهاجي، فقد اهتم بموضوع المؤرخ والشاهد من خلال نموذج الكوم المغاربة في حرب الهند الصينية سنة 1954، وأنهى محمد أمطاط هذا القسم بدراسة حول الوجود العسكري « السنغالي « في الجيش الفرنسي بمغرب الحماية بين حقائق الواقع التاريخي وتراكمات الذاكرة الجماعية. أما في القسم الفرنسي من الكتاب، فنجد دراسة تشريحية لإدريس المغراوي حول الرهانات السياسية لعلاقة التاريخ بالذاكرة المعاصرة، وأخرى لمحمد حاتمي حول منطلقات الضرورة العلمية لبداية تعاطي المؤرخ المغربي مع كتابة تاريخ البلاد الراهن، وتحديدا مخاضات ما اصطلح عليه إعلاميا ب « سنوات الرصاص «. وفي سياق مختلف، اهتم محمد كنبيب بتحديد الوظائف « الجديدة « لكل من المؤرخ والصحافي والكاتب في عصر الأنترنيت، واستحضرت زكية داود - في مساهمتها -ظروف سنوات صدور مجلة « لاماليف « في علاقتها بتحولات الحاضر. ورصد مصطفى القادري أوجه العلاقة القائمة / أو المفترضة بين التاريخ الوطني والانسجام الوطني. وتتبع بيير فرمرين قضايا التاريخ الراهن والتاريخ المباشر، استنادا إلى عطاء الإسطوغرافيا الفرنسية المرتبطة بتاريخ المغرب الكبير. وختم فيصل الشريف مضامين الكتاب، بدراسة مجددة حول توظيف المصادر الإيكنوغرافية السمعية البصرية في الكتابة التاريخية الراهنة. وعموما، يمكن القول إن الكتاب قد نجح في إثارة الأسئلة الكبرى المؤطرة لجهود اقتحام « ألغام « التاريخ الراهن، ليس بهدف تجييش المواقف أو افتعال « الملفات «، ولكن - أساسا - من أجل تنظيم الإنصات النقدي لتفاصيل «اليومي « التي ينتظم في إطارها واقعنا الحالي. إنه تحدي صلب، يسير ضد تيار منطق التتبع الصحفي وهواجس الفعل السياسي وإكراهات الدولة، ليضع أسسا بديلة تخلص في الوفاء للمهام العلمية النبيلة لمؤرخي اليوم. وقبل ذلك، فالعمل يعيد طرح تساؤلات جوهرية حول الهوية العلمية لكتابة التاريخ اليوم، وحول شروط تفعيل « الثورة المنهجية « الضرورية للتخلص من سلطة الماضي الذي لايزال ممسكا برقابنا ويوجه الكثير من مرجعياتنا الفكرية والذهنية، ويبرر مواقفنا المتشعبة التي تنتظم في إطارها نظم الدولة والمجتمع الراهنين. واعتبر البيان حصول المرشح حمدين صباحي على النسبة التي حصل عليها مفاجأة، داعيًا إلى التأمل بحصوله على هذا العدد الكبير من الأصوات، بحيث اقترب بشدة من إمكان خوضه جولة الإعادة وهو ما أمله الكثيرون. وأضاف « الأهم والأجدى هو أن تكتشف هذه الكتلة الناخبة - التي صوتت للمرشحين المحسوبين على الثورة - تكتشف في نفسها صوت التغيير الحقيقي، ومن ثم ألا يرتبط تكتلها بلعبة الانتخابات التي نعرف مسبقا فسادها وبطلانها لأسباب نوردها» بحسب البيان. وشدد الموقعون على البيان، أن هذه الكتلة عليها الآن أن تتوحد ما أمكن ليس فقط لمقاطعة انتخابات الإعادة ولكن الأهم لتشكيل كيان سياسي يستثمر النجاح الذي حققه صباحي، معتبرين أن الاكتفاء بالنزول إلى الميدان الآن لتغيير النتائج قد لا يكون مجديًا بل قد يدفع إلى عنف وتشويه يجب تحاشيهما، ويكفي أن تكون هناك تظاهرات رمزية كإعلان موقف. لكن أن يتبع ذلك بشكل عاجل الدخول في تفاوض مع الأطراف الديمقراطية لجمع هذه الكتلة الانتخابية وذلك لإنشاء حزب جديد. وقد وقع على البيان عدد كبير من المثقفين المصريين، منهم: بسمة الحسيني، سيد محمود، دعاء زيادة، محمود عاطف، نسرين كشك، سامية بكري، مدحت صفوت، زين العابدين فؤاد، علا الساكت، حاتم حافظ، وسام سليمان، سوسن بشير، جهاد محمود، سمر سعد، منى برنس، شرين شريف، عزة رشاد، مصطفى محمود السيد، طه عبد المنعم، عمرو أسعد، عصام سلامة، إيهاب العزازي، مهاب نصر، وأحمد الفخراني. أصبحنا أصدقاء من بعيد ، وتركنا للصدفة اللقاء في ملتقى ، أو حين تجود الصدفة على الرصيف . هكذا إلى أن هاتفني في منتصف التسعينيات يخبرني بشأن مهم . كان قد هيأ مشروعا لفائدة القناة الرابعة . يتعلق الأمر ببرنامج «ياز»لتعليم الأمازيغة من خلال حروف تفيناغ. كانت أول مادة في هذا المشرع هو حكاية ترويها ممثلة ، وهذه الحكايات تولى كتابتها محمد قوتي نفسه ، وقد كان بارعا في صنيعه ، إذ هي حكايات بليغة كتبت بلغة مطرزة تضاهي مقامات بديع الزمان الهمداني في أناقتها وجمالها . يتناول في كل واحدة منها ظاهرة من الظواهر المتفشية في المجتمع ،وغالبا ما تنتهي بالدرس الذي ينبغي أن نستخلصه، أو الموعظة. ساهم آخرون فيما بعد في التأليف ، لكن تحت مراقبته لأنه يحرص دائما على الجودة والإتقان ، لذلك فهو صارم في العمل ، ولا يتنازل قيد أنملة. هذه الميزة جعلت منه إنسانا مقاولاتيا ناجحا . لا يقدم على الشيء إلا بعد طول تفكير ودراسة من كل الجوانب . لا شك أن شخصية الأستاذ علمته بيداغوجيا الأهداف ، وكفايات التواصل . عدا هذه الصرامة المطلوبة في العمل مع نفسه أولا ، ثم مع الآخرين، فهو إنسان منطلق خاصة في جلساته الحميمية التي تحضر فيها النكتة والشعر والذكريات الجميلة. كانت تلك الحكايات تنقل من الدارجة المغربية إلى لهجات اللغة الأمازيغية الثلاث : الريفية بقلم الكاتب أقضاض ، وتشلحيت تولى أمرها الكاتب والصحفي لعسيبي ، أما الأمازيغية فكانت من نصيبي . تعلمت من هذه التجربة مع سي محمد قوتي الانضباط في العمل ، والالتزام بالمواعيد . كيف لا وهو نموذج يحتدى به. ولعل أكره شيء إليه هو عدم الوفاء بالالتزامات . هذه الأخيرة التي يفي بها في السقف الزمني المحدد لها ،من ذلك على سبيل المثال رواتب كل المشتغلين معه ، وقد يستلف وهذا فعله مرات من أجل أن يكون في الموعد . هذه خصلة يعرفها عنه كل الذين اشتغلوا معه في برامج كثيرة أنتجها للتلفزيون . في الختام أهديه باقة شعر من قصيدة «وحيد المغنية» لابن الرومي . هذه القصيدة التي ظلت راسخة في ذهنه منذ زمن التلمذة الشيق ، وكم يحلو له في لحظات الصفاء مع الذات أن ينشد منها هذا المطلع الجميل : يا خليليَّ تيَّمتني وحيدُ ففؤادي بها مُعَنَّى عميدُ غادةٌ زانها من الغَصْنِ قدُّ ومن الظَّبْيِ مُقْلتانٍ وجيدُ وزهاها من فرعها ومن الخدْ دَيْنِ ذاك السوادُ والتوريدُ أوْقَدَ الحُسْنُ نارَهُ من وحيدٍ فوق خدٍّ ما شانهُ تخديدُ فَهْيَ بردٌ بخدها وسلامٌ وهي للعاشقين جهدٌ جهيدُ لم يَضِرْ قطُّ وجهها وهْوَ ماءٌ وتذيب القلوب وهْي حديدُ مع محبتي الخالصة دامت لك الصحة والسلامة . محمد بوجبيري .البيضاء 04 أبريل 2012 وأكد محمد بنطلحة، الذي كان يتحدث مساء أول أمس بنادي «الاتحاد الرياضي المغربي لكرة المضرب» أمام قلة من أصدقائه ومحبيه لا يتعدى عددهم عشرين نفرا، أنه بدأ مقلدا، و»بالتدريج أحسست بأن الأمر ليس سهلا.. وحين التحقت بالجامعة في سن الثامنة عشر وانفتحت على تجارب شعرية أخرى كانت تتيحها مجلة «الآداب البيروتية»، شعرت بالأزمة.. فمزقت حتى أتقدم، وما زلت أمزق إلى الآن، وأحاول أن أقشر البصل لأصل إلى اللب». وعن علاقته بالشاعرين الفذين، أحمد المجاطي ومحمد الخمار الكنوني، قال بنطلحة إنهما كانا يفهمان ما نفهم، ويقرآن ما نقرأ، ولم يكونا شعريا «أساتذة» لنا، بل ينحدران من التجربة نفسها التي ينتمي إليها شعراء مثل عبد الله راجع وأحمد بلبداوي وغيرهما. مضيفا: «لقد كان الخمار الكنوني يطلعني على ما يكتب، وكنت أدلي برأيي حول شعره، فمن سيصدقني الآن؟ حتما سيقولون إنه يكذب على الأموات..». أما المجاطي- يتابع- فلم يكن يتحدث عن الشعر.. وفي ما يشبه البوح، أوضح بنطلحة أن شعره ينتمي إلى «فيزياء الارتباك»، وأنه محاولة للتغلغل في كينونته. مؤكدا أنه يكتب، بعكس المعتاد، في الضجيج، وقال:»أول قصيدة نشرتها في جريدة العلم كانت بعنوان «دمعة أخيرة»، وكنت قد كتبتها دفعة واحدة في إحدى مقاهي فاس (مقهى المعمورة) سنة 1970. ولهذا أنا من الشعراء الذين يحتمون بالمقهى ويصرون على الكتابة داخل هذا المكان». ولفت الشاعر الانتباه إلى المقهى كمجال خصب للنقد. وقال: « لا ينبغي الاستهانة بنقد المقاهي، فهذا الفضاء ساعد كثيرا على تعميق النظر في التجربة الأدبية المغربية، وينبغي فعلا الالتفات إلى هذا النوع من النقد». وألقت المطربة والشاعرة الفلسطينية شادية حامد وابلا من الحب على مسامع محمد بنطلحة الذي وصفته بالشاعر الألمعي والإنسان النبيل والأنيق الذي يظهر لها كأن الريح تحته. وتحدثت بإسهاب على مطعم «بوتي بوسي» بالدار البيضاء كمكان تاريخي ارتاده العديد من المشاهير كإيديث بياف وأزنافور وتشرشل. واعترفت بأنها مبهورة بالرجل، شاعر الأعماق الذي جعلها تؤجل اللقاء بالأهل والشغل بحيفا.. من جهته، قدم محمد علوط توصيفا نقديا لشعر محمد بنطلحه، وقال «إن الدهشة كما تتجسد في قصائد بنطلحة تنشأ من احتفال الشاعر، لا بيقين اللغة، ولكن باشتغاله على الصدى (ففي الصدى يتكرر الصوت حاملا معنى أخر). وقال: «بين الوجود والعدم يشتغل الشاعر على الأثر/ الآثار، وهو ما يجعل قصيدته (طرسا) لتصادي غوريات النصوص والطبقات الأركيولوجية للمعنى في العبور المداوم والمراوحة بين تنسيب المعنى ومطلقيته، بين القصيدة وشجرة أنساب الشعر الكبرى». اللقاء أداره الناقد محمد البكري الذي أوضح القلق الأنطولوجي الذي يعتري الشاعر حول هويته كشاعر، وحول إنتاجه الشعري، مع كل المسافة التي يقيمها الشاعر مع ما يكتب، وما يطمح إليه من وراء ذلك.