ولد الرشيد: الحوارات البرلمانية البين - إقليمية آلية حقيقية لتعميق التعاون    متصرفو قطاع التربية الوطنية يطالبون بتدخل عاجل من أخنوش    عبد الله البقالي يترأس أشغال المجلس الاقليمي لحزب الاستقلال بالحسيمة    محكمة العدل الدولية تناقش التزامات إسرائيل الإنسانية تجاه الفلسطينيين في غزة بحضور 39 دولة    أسعار النفط تستقر مع بداية الأسبوع    كيم جونغ يقر بإرسال قوات إلى روسيا    مقتل 68 مهاجرا في قصف أمريكي    نزهة بدوان رئيسة لمنطقة شمال إفريقيا بالاتحاد الإفريقي للرياضة للجميع    أزيد من 403 آلاف زائر بمعرض الكتاب    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    بريطانيا .. آلاف الوفيات سنويا مرتبطة بتناول الأغذية فائقة المعالجة    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    تيزنيت : الوقاية المدنية و الهلال الاحمر درعا السلامة و الأمان ب"سباق النصر النسوي"    كيوسك الاثنين | قرار وزاري يضع حدا لتعقيدات إدارية دامت لسنوات    بنكيران وحزب العدالة والتنمية.. زعامة تتآكل وسط عزوف القيادات وهروب إلى المجهول    الصين: المغرب ضيف شرف النسخة ال11 لمؤتمر رواد الأعمال لمنتدى التعاون الصيني العربي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    رد حكيم من بوريطة.. إسكات استفزازات العالم الاخر ومسه بسيادة العراق    انخفاض الذهب بأكثر من 1 % وسط تراجع التوترات التجارية    لارام توسع شبكتها بإيطاليا لتربط مباشرة 7 مدن إيطالية مع المغرب    أجواء حارة في توقعات طقس الإثنين    المغرب يحل ضيف شرف على مؤتمر رواد الأعمال الصيني العربي بهاينان    المرزوقي يدعو التونسيين لإسقاط نظام قيس سعيد واستعادة مسار الثورة    المشتبه به في قتل مصلّ بمسجد في جنوب فرنسا يسلم نفسه للشرطة الإيطالية    ثروة معدنية هائلة ترى النور بسيروا بورزازات: اكتشاف ضخم يعزز آفاق الاقتصاد الوطني    فريق نهضة بركان يتأهل لنهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية    شهادات تبسط مسار الناقدة رشيدة بنمسعود بين الكتابة والنضالات الحقوقية    مي حريري تطلق " لا تغلط " بالتعاون مع وتري    "جرح صعيب".. صوت عماد التطواني يلامس وجدان عشاق الطرب الشعبي    التنسيقية الصحراوية للوديان الثلاث وادنون الساقية الحمراء واد الذهب للدفاع عن الارض والعرض تستنكر… ارض الصحراويين خط أحمر    "منتخب U20" يواصل التحضيرات    العرائش: عزفٌ جنائزي على أوتار الخراب !    المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الإولي والرياضة تحتضن الدورة الثانية للمهرجان الجهوي الإبداعي    فوزي لقجع يهنئ نهضة بركان بعد تأهله إلى نهائي كأس الكونفدرالية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    ابن كيران يشكل الأمانة العامة للبيجيدي من نفس الوجوه التي رافقته خلال سنوات صعوده وانحداره    أزروال يهنئ لقجع إثر تعيينه نائبا أولا لرئيس الكاف: "إنجاز مشرف ويعكس الكفاءة العالية والعمل المتواصل"    عزيز أخنوش يختتم فعاليات المعرض الدولي للفلاحة بزيارة ميدانية    الطالبي العلمي: "الأحرار" الحزب واعٍ بالضغوط السياسية والهجمات التي تستهدفه ويقود الحكومة بثقة    درجات الحرارة تسجل ارتفاعا ملحوظا غدا الإثنين    الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب يختتم فعالياته على وقع النجاح    اجتماع تنسيقي لتفعيل مخطط عمل استباقي للحد من حرائق الغابات بجهة الشمال    والد لامين يامال: كنت مدريديًا… لكن برشلونة وفر لي لقمة العيش    حقيقة هجوم على حافلة بالمحمدية    الأوغندي أبيل شيلانغات والمغربية رحمة الطاهري يتوجان بلقب ماراطون الرباط    منصة رقمية تواكب منتجي الحبوب    غاييل فاي يفوز بجائزة "غونكور اختيار المغرب" عن رواية "جاكاراندا"    بعد ارتفاع حالات الإصابة به .. السل القادم عبر «حليب لعبار» وباقي المشتقات غير المبسترة يقلق الأطباء    جريمة بن أحمد.. الأمن يوقف شخصا جديدا    9 صحفيين يحصدون الجائزة الكبرى للصحافة في المجال الفلاحي والقروي    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    كندا.. قتلى وجرحى إثر دهس سيارة لحشود في مهرجان بفانكوفر    "المرأة البامبارية" تُبرز قهر تندوف    الأمن يصيب جانحا بالرصاص بالسمارة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شاب في مقتبل العمر يلقى حتفه بقلعة امكونة بعد الاعتداء عليه ب «ماء النار»
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 18 - 11 - 2011

شيعت ساكنة قلعة امكونة يوم الاثنين 14 نونبر 2011 في جنازة مهيبة ومؤثرة ، سارت فيها حشود كثيفة ، جثمان الشاب اسماعيل الوردي (26 سنة) الذي راح ضحية اعتداء همجي من قبل شاب آخر بنفس المنطقة قبل ما يزيد عن شهرين. وقبل أن يوارى جثمان الضحية الثرى ، حملت الساكنة النعش وطافت به على مستوى الشارع الرئيسي بقلعة امكونة مرددة شعارات تدين الحادث، ولافتات تستنكر هذه الجريمة البشعة، كما تلوح بالأعلام الوطنية مطالبة بالعدالة والقصاص القانوني من الجاني، ثم توجهت الحشود بعد ذلك إلى المقبرة حيث صلت صلاة الجنازة على المرحوم، وأهالت التراب على جسده في جو تتفطّر له الأكباد ويدمع القلوب، وإن كان ينبئ هذا الاحتشاد وهذه المسيرة الشعبية بشيء، فأكيد أنّه يشي بحجم الحب والاحترام الذي تحمله ساكنة قلعة امكونة للهالك باعتباره مثالا للطيبة، ودماثة الأخلاق، والصدق، والأمانة، كما يبين من جهة أخرى عن مستوى التذمر والاستياء من أفعال لم تعتد عليها المنطقة من قبل، وهي أفعال استنكرتها عبر هذه الجنازة الشعبية التي شارك فيها عشرات المواطنين من رجال ونساء وتلاميذ المدارس، وفعاليات تربوية وجمعوية وحقوقية وسياسية، على درجة صادحة بالهتافات والشعارات وكلمات الله أكبر، واللهم إنّ هذا لمنكر، إلى درجة أنها غطّت بكثافتها على حملات انتخابية كانت تمّر بالجوار.
هذا، وقد وافت المنية الشاب بعد أن مكث بمستشفى ابن رشد بالدار البيضاء قرابة ثلاثة أشهر نتيجة تعرضه للحرق بماء النار(الما القاطع من النوع المركز والعالي)، على مستوى الوجه والرأس والأطراف من قبل المدعو (م.ش) حيث تسبب له بحروق خطيرة من الدرجة الثالثة أدت إلى تشويهه على مستوى الوجه بالكامل ، مما استدعى إجراء العديد من العمليات الجراحية لإنقاذه ومحاولة ترميم ما التهمه السائل الحارق،حيث كان الأطباء يقطعون اللحم من طرفيه السفليين لهذا الغرض، مما ضاعف آلامه العضوية ومعاناته النفسية.
ورغم كثرة ودقة التدخلات الجراحية إلاّ أنّ هذا الأمر لم ينج الهالك من مضاعفات هذا الاعتداء وآثاره، حيث صرّح الأطباء أنّ الشاب قد فقد بصره كليا، وفقد السمع بإحدى أذنيه، وهو ما وقع موقعا سيئا من نفسيته المكلومة أصلا.
وفي تصريح الطبيب الشرعي بمستشفى ابن رشد بالدار البيضاء أفاد هذا الأخير لأسرة الضحية أنّ سبب الوفاة ليس عاديا وطبيعيا، وإنما نجم أساسا عن تلك الحروق الخطيرة التي طالت جسد الشاب خصوصا على مستوى الرأس.
تعود تفاصيل الواقعة كما أفاد ل «الاتحاد الاشتراكي» السيد حسن أفوكال (أخ الضحية بالتبني الذي مكث بجانبه طيلة مدة العلاج بالمستشفى) إلى العاشر من رمضان بالضبط حيث ترصد المتهم بالشاب الهالك قبيل صلاة التراويح ، وكان مرتديا قفازا جلديا وحاملا سطلا صغيرا مملوءا بماء النار، وما إن اقترب من الضحية حتى أفرغه في وجهه وعلى رأسه، وقد حاول الشاب تفادي ذلك بيده مما جعل رشاشا من ماء النار يتطاير بوجه المتهم أيضا، الأمر الذي أصابه بحروق أيضا، وعزز فرضية ضلوعه في الجريمة. وقد ترك المتهم القفاز والسطل في عين المكان ولاذ بالفرار، متوجها إلى مصالح الدرك الملكي بالمنطقة للتبليغ عاملا بالمثل المغربي:«ضربني وبكا وسبقني وشكا»!
وفي سؤال أخ الضحية عن الأسباب الكامنة وراء هذا الفعل الإجرامي والانتقامي بالأساس، أجاب أنّ الأمر يتعلق بحسابات في مجال عمل الطرفين، حيث كان المرحوم اسماعيل الوردي يشتغل لدى المتهم في محل لبيع العقاقير لمدة ثمان سنوات، لم يعرف عليه خلالها سوى التفاني والأمانة وكسب قلوب الزبائن قبل جيوبهم، وفي مرة طالبه بالزيادة ( كان يتقاضى 1000 درهم ويعيل بها أسرته) فرفض مما جعل اسماعيل ينهي التعاقد بينهما، ويهيم في بلاد الله باحثا عن رزقه (الدار البيضاء/أكادير...) ليعود إلى قلعة امكونة بإلحاح من والدته باعتباره وحيدها ومعيلها، حيث سيشتغل رفقة شخص آخر في نفس المجال، ليصبح مسؤولا عن محل للعقاقير في قلعة امكونة، الأمر الذي سوف «يهرب» إلى ساحته كل الزبائن القدامى الذين كسبهم في عمله السابق مع المتهم، ساحبا البساط من تحت قدميه في سياق منافسة تجارية شريفة وواردة لها منطقها، كما لها عواقبها في تأجيج النفوس بالكراهية، وإلهاب الصدور الحقد والحسد والغيرة.
يضيف حسن أفوكال:« قبل ثلاثة أشهر من واقعة الاعتداء بالضبط وفي صباح يوم باكر بينما اسماعيل الوردي واصل لتوّه من الدار البيضاء إلى قلعة امكونة محمّلا بالسلع والمواد على متن شاحنة، جاءه المتهم وأمام مرأى من صاحب الشاحنة، طلب منه النقود التي بقيت في حوزته نتيجة تعامل تجاري سابق بينهما، أخبره اسماعيل أنّ 300 درهم التي مازالت على ذمته سيوافيه بها في نهاية الشهر مباشرة، لم يستسغ المتهم الجواب، وألح بلهجة قوية ومهددة برغبته في استخلاص نقوده في تلك اللحظة بالذات، مما جعل اسماعيل يهدده مازحا بأنّه سيخبر عمّ المتهم (مالك المحلّ) بسرقته (أي المتهم) لمبلغ 25 ألف درهم أعطاها ل«حرّاك» تبين أنه نصاب محترف، وقتها جنّ جنون المتهم وتوعد الضحية أمام صاحب الشاحنة مهددا بأنه سوف يحرقه ويصفّيه، وهذا ما حدث بالفعل في العاشر من رمضان الماضي، بعد سبق إصرار وترصّد.
في سؤال الجريدة لبعض الفعاليات بالمنطقة، عبّر الأستاذ محمد أوراغ (مدير مدرسة القلعة) عن تنديده القوي بهذا الفعل الإجرامي غير المألوف ولا المعهود بالمنطقة، وتأسف لأنّ الفقيد كان شابا طيبا في أخلاقه ومعاملاته، لم يسبق أن ذكر أحدا بسوء، ولا ذكره أحد بسوء أيضا في المنطقة، متمنيا تطبيق القانون
من جهة أخرى أشار الأستاذ لحسن أزغاري (فاعل حقوقي بقلعة امكونة) إلى أنّ هذا النوع من الجرائم يعدّ سابقة خطيرة في تاريخ المنطقة المسالمة والهادئة والجميلة بناسها وطبيعتها، إذ يشكل منعطفا في مسار الأمن المدني الذي يمسّ الأشخاص في حقوقهم وحرياتهم، وعبّر عن ثقته في العدالة، حيث سيأخذ القانون مجراه، لاسيما بعدما تم فتح الملف من جديد باعتبار الأمر أصبح يتعلق بجريمة قتل.
الأم المكلومة والوحيدة (بعدما رحل معيلها ومؤنسها) التي تعذر على الجريدة لقاؤها والاستماع إليها لانهماكها في استقبال التعازي وصدمتها، قالت كلمة أمازيغية صادقة عبر مكبر الصوت في شكر سعي الضيوف من أهل المنطقة لتقديم التعازي ولمرافقة ابنها لمثواه الأخير، وأيضا لتضامنهم معها ومعه، حيث أجهشت قائلة: «الابن الوحيد الذي أكسبه في هذه الدنيا خطفوه منّي، فوضت أمري لله، وأتمنى أن ينال الجاني العقاب الذي يستحقه».
جدير بالذكر أنّ الملف لا يزال تحت أنظار العدالة لتقول كلمتها فيه، خصوصا بعد مستجد وفاة الشاب، حيث تمت إعادة فتح الملف وتكييفه من جريمة محاولة قتل إلى جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.