هناك أساتذة تجاوز بهم الأمر إلى الدخول في أمور تعتبرها النقابة خطيرة وبعيدة كل البعد عن المسؤولية الحقة الملقاة على عاتق الأستاذ وعن الحكمة في المواقف، إذ أصبح التهور والاندفاع هو الأسلوب اليومي للبعض، والغريب في الأمر أنهم لا يستحضرون أسئلة هامة منها أن صراعا من هذا النوع لا يخدم أحدا، بل سيعقد الأمور أكثر وستكون له بدون شك انعكاسات سلبية، تساهم بالدرجة الأولى في تقويض جميع المجهودات المبذولة من طرف الوزارة الوصية وكل الفاعلين. عقد المكتب الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية اجتماعا تدارس من خلاله مستجدات الدخول الاجتماعي وتطورات الساحة السياسية في ظل السياق العام الذي نعرفه بلادنا من الحراك الذي انطلق في العالم العربي، وقد أدرج في جدول الأعمال الأوضاع العامة التي تعرفها المراكز الاستشفائية الجامعية الأربعة وخاصة المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد (قسم الجراحة) الذي عرف مؤخرا توترات بين بعض الأساتذة التابعين للمكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي والكاتب العام للنقابة الوطنية للصحة العمومية (ف.د.ش) بالمركز الاستشفائي ابن رشد، على اثر مضمون البيان الصادر باسم النقابة الوطنية للتعليم العالي بتاريخ 12 يوليوز 2011 وطريقة صياغته التي تتضمن خلفيات مبطنة بعيدة كل البعد عن المستوى الأكاديمي الذي تزخر به النقابة الوطنية للتعليم العالي كما عهدنا مند السبعينات. إذ تبين لنا- يقول بيان النقابة- أننا أمام وضع خطير لا يدعو إلى الارتياح خصوصا عندما تتخذ قرارات ارتجالية متسرعة باسم الأساتذة الباحثين مع التهديد بإضراب مفتوح ضاربين بعرض الحائط كل المواثيق والأدبيات النضالية الهادفة. وبعد تدارس كل التداعيات في ظل الوضع السياسي والاجتماعي الذين تعرفهما بلادنا مؤخرا والتحديات التي تنتظرنا جميعا والمحطات القادمة التي نحن مقبلون عليها، كانت سياسية، اجتماعية أو اقتصادية، وكذلك تحديات المنظومة الصحية التي هي أمل المغاربة جميعا، بعيدا عن المزايدات وحرب المواقع والخلفيات بكل أنواعها التي نعي جيدا أبعادها. وللتذكير فتاريخنا لم يسجل أدنى صراع بين النقابتين الحليفتين منذ أكثر من 25 سنة، بل كانتا يشكلان قوة اقتراحية متكاملة عبر جميع المحطات النضالية، ولعل التاريخ شاهد على ذلك وإن كان يجهله البعض، بل أكثر من هذا لم تؤثر فيه لا الإيديولوجيات السياسية ولا الخلفيات الذاتية ولا تصفية الحسابات الضيقة. لم تشهد يوما أيا من النقابتين تدخلتا في التعيين أو الإعفاء من المناصب، بل شهدنا قوتهم الاقتراحية ومبادراتهم الجليلة في التأطير والتكوين والبحث العلمي والمنظومة الصحية لما فيه مصلحة الموظفين بدون استثناء ومصلحة المواطنين بالخصوص، كانت الحكمة والتبصر أساس كل المبادرات، وكانت النقاشات مستفيضة والكل يخدم الصالح العام بكل تفان ونكران ذات بعيدين كل البعد عن الشخصنة والداتية وتصفية الحسابات. إن تاريخ المركز عرف نخبة من الأساتذة الشرفاء، النزهاء الوطنيين إلى حد الآن يعدون مفخرة لبلادنا منهم من وصلوا إلى مراكز القرار ومناصب عليا في الحكومات المتعاقبة. 1- وعليه فإننا نسجل وبكل أسف أن بعض الأساتذة الباحثين أصبحوا يصولون بالمركز دون احترام للمؤسسة خدمة لأجندات معينة، بل تجاوز بهم الأمر إلى الدخول في أمور نعتبرها خطيرة وبعيدة كل البعد عن المسؤولية الحقة الملقاة على عاتق الأستاذ وعن الحكمة في المواقف، أصبح التهور والاندفاع هو الأسلوب اليومي للبعض، والغريب في الأمر أنهم لا يستحضرون أسئلة هامة منها أن صراعا من هذا النوع لا يخدم أحدا، بل سيعقد الأمور أكثر وستكون له بدون شك انعكاسات سلبية، تساهم بالدرجة الأولى في تقويض جميع المجهودات المبذولة من طرف الوزارة الوصية وكل الفاعلين. 2- إن كل من أراد أن يعلنها حربا كما جاء في البيان السالف الذكر، نذكره أننا كنقابة ليست وليدة اليوم ولا تهاب وعيدا من أحد، وتاريخ نضالنا شاهد على ذلك لأكثر من 30 سنة،بل نشجع كل الطاقات الشريفة الوطنية وهي كثيرة بهذا المركز أجلاء يقام لهم ويقعد ومن ممرضين، إداريين، مهندسين، متصرفين، تقنيين، أعوان وغيرهم من الأطر التي تعد العمود الفقري للمركز وتساهم في الرفع من جودة الخدمات الطبية، العلاجية والإدارية ومن مردودية المركز المادية والمعنوية. كما نؤكد أننا نتبادل الاحترام التام بين جميع الفرقاء الاجتماعيين ونحترم كل المجهودات الجادة والتطور الملحوظ الذي يعرفه المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد في كل مصالحه، وخير دليل على ذلك ما عرفه البحث العلمي المتمثل مؤخرا في زرع الكلي والذي كانت له متابعة إعلامية وعلمية جادة، ولاقت نجاحا ملفتا لأول مرة في المغرب، فمثل هذه الأطر تعد مفخرة علمية للمركز وللبلاد بصفة عام، فعلى البعض أن يسلكوا نفس النهج ونفس التحدي العلمي، وأن تحترم المؤسسات وكل الفرقاء الاجتماعيين: فمناضلو نقابتنا لا يبحثون عن المناصب وليست لهم امتيازات ولا خلفيات تصفية الحسابات. كما نؤكد أننا لن نفرط في مناضلينا الشرفاء ولا في الأساتذة الأجلاء ولا في أي موظف بالمركز، ولا في مصير ومصلحة المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد. إن الكل يعلم عبر التاريخ أن نقابتنا تحارب كل أنواع الفساد والتسيب وتشجع كل المبادرات والمشاريع التي تخدم منضومتنا الصحية لما فيه مصلحة المواطنين. وفي الأخير نؤكد دوما أن فلسفة نقابتنا تكمن في الحوار الجاد والمسئول وأن التوتر من هذا النوع وهذا القبيل لا يخدم المصلحة النقابية بقدر ما له عواقب وخيمة على جميع المستويات، لدا ندعو إلى استحضار التاريخ المشترك المليء بالايجابيات وتجنب كل الصراعات الهامشية الضيقة.