عاشت مدينة خريبكة مرة أخرى أحداثا دامية يوم الجمعة 13 ماي 2011، بعد التدخل العنيف والمفرط للقوات العمومية من أمن ودرك وقوات مساعدة والقوات المسلحة الملكية في حق ضحايا المقاولات المناولة بخريبكة، والتي نجمت عنها إصابات بليغة وخطيرة في صفوف الضحايا من الشباب وأفراد القوات واعتقالات والتي تجاوزت الثلاثة والأربعين. وترجع أسباب الأحداث إلى إيقاف تصدير الفوسفاط وعرقلة القطارات من طرف ضحايا المقاولات المناولة الذي يتجاوز عددهم 200. تدخلت القوات العمومية ابتداء من الساعة الرابعة والنصف بعد الزوال لتفريق الإعتصام الذي كان وسط السكك الحديدية بجوار حي المسيرة. وبعد محاولات عديدة من أجل فتح باب الحوار من طرف السلطات الإقليمية والأمنية، إلا أنها باءت بالفشل، وكانت مطالب الضحايا تتجسد في الحوار المباشر مع الرئيس العام لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (م.م.ش.ف) من أجل الإدماج المباشر والفوري في المجموعة.... استعملت في المواجهة الدموية الهراوات وخراطيم المياه والأحجار وزجاجات حارقة وقنينات الغاز في المعتصم وفي مختلف حي البيوت وأزقة وشوارع حي المسيرة وإقبال وحي سلام وأمام مركز التكوين (م.م.ش.ف). إن المعتقلين والذين وصل عددهم حوالي 40، ينحدر بعضهم من وادي زم ولهم سوابق عدلية ومنهم قاصرون، مما يطرح أكثر من تساؤل حول خلفيات هذه الأحداث الدموية ؟ إن الشوط الثاني من الأحداث، بعد الأحداث الدموية الأولى التي وقعت يوم 15 مارس الماضي، ترجع أسبابه الحقيقية إلى إشكالية التشغيل والإدماج في (م.م.ش.ف). وما بين الحدثين كانت هناك اعتصامات ووقفات واحتجاجات سواء أمام مقر العمالة أو البلدية أو الباشوية وأكثرها كان على خط السكك الحديدية لإيقاف تصدير الفوسفاط والقطارات، كما عقدت عدة اجتماعات بعمالة الإقليم ترأسها عامل الإقليم وممثلون عن (م.م.ش.ف)، من أجل إيجاد حلول لإشكالية التشغيل. ولما شاع خبر توظيف 5800 منصب في مختلف المراكز الفوسفاطية بالمغرب، وأن عدد الطلبات التي قدمها المعطلون بخريبكة فقط تجاوزت 30ألف !!! مما شكك البعض في التزامات، ووعود (م.م.ش.ف) ... ومما زاد في المشكل هو دخول عمال وأعوان المقاولات المناولة على الخط ومطالبتهم بالإدماج وتحسين ظروف العمل. مند أن فوتت مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (م.م.ش.ف) مجموعة من خدماتها ومهامها إلى ما يسمى بالمقاولة المناولة، أغلقت أبواب التوظيف، وأصبحت تتعامل مع المقاولات وفق دفتر للتحملات... لكن المقاولات المناولة التي تشتغل للقيام بمجموعة من الخدمات، من نظافة، حراسة، مناطق خضراء، صباغة، نجارة، ترصيص، نقل الفوسفاط استخراج الفوسفاط.. إلخ لها قوانين خاصة بدون مراقبة ولا محاسبة ولا متابعة. وحولت تلك المصالح إلى ضيعات خاصة وإلى «معتقلات سرية» يتم فيها خرق كل القوانين والأعراف والمس بكرامة الإنسان، وتحويل الإنسان إلى عبيد وكأن عقارب التاريخ رجعت الوراء إلى عهد الجمر والرصاص.. وتم الوقوف على خروقات هذه المقاولات» المناورة» التي تتفنن في تعذيب عمالها وضربت كل الأرقام القياسية في الخروقات والتجاوزات والإهانات وأعطت نموذجا لما يسمى بالمقاولة المناولة !!! إن الحراك الاجتماعي بالمدينة فرض على إدارة الفوسفاط مراجعة سياستها في التشغيل والتوظيف ومراقبة المقاولات المناولة ، والتزمت أمام عامل الإقليم وأمام الهيئات السياسية والنقابية والجمعوية والإعلامية بتصحيح أخطائها بما فيها مراجعة تعاملها مع المقاولات المناولة. وبالتالي عليها تنفيذ وعودها والتزاماتها وإرجاع المطرودين وتحسين ظروف عملهم وصرف أجورهم وتعويضاتهم لتفادي الاحتقان الاجتماعي الذي بات يهدد الاقتصاد الوطني والاستقرار الأمني.