عاشت مدينة خريبكة مرة أخرى أحداث دامية يوم الجمعة الماضي، بعد التدخل العنيف والمفرط للقوات العمومية من أمن ودرك وقوات مساعدة والقوات المسلحة الملكية في حق ضحايا المقاولات المناولة بخريبكة, والتي نجم عنها إصابات بليغة وخطيرة في صفوف الضحايا من الشباب وأفراد القوات واعتقالات تجاوزت الأربعين. وترجع أسباب الأحداث إلى إيقاف تصدير الفوسفاط وعرقلة القطارات من طرف ضحايا المقاولات المناولة الذين يتجاوز عددهم 200. فتدخلت القوات العمومية ابتداء من الساعة الرابعة والنصف زوالا لتفريق الإعتصام الذي كان وسط السكك الحديدية بجوار حي المسيرة. بعد محاولات عديدة من أجل فتح باب الحوار من طرف السلطات الإقليمية والأمنية، إلا أنها باءت بالفشل، وكانت مطالب الضحايا تتجسد في الحوار المباشر مع الرئيس العام لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (م.م.ش.ف) من أجل الإدماج المباشر والفوري في المجموعة.... استعملت في المواجهة الدموية الهروات وخراطيم المياه والأحجار وزجاجات حارقة وقنينات الغاز في المعتصم وفي مختلف حي لبيوت وأزقة وشوارع حي المسيرة وإقبال وحي سلام وأمام مركز التكوين (م.م.ش.ف). إن المعتقلين الذين وصل عددهم حوالي 40، ينحدر بعضهم من وادي زم ولهم سوابق عدلية ومنهم قاصرين. إن الشوط الثاني من الأحداث، بعد الأحداث الدموية الأولى التي وقعت يوم 15 مارس الماضي، يرجع أسبابها الحقيقية إلى إشكالية التشغيل والإدماج في (م.م.ش.ف). ومابين الحدثين كانت هناك إعتصامات ووقفات واحتجاجات, سواء أمام مقر العمالة أو البلدية أو الباشوية وأكثرها كان على خط السكك الحديدية لإيقاف تصدير الفوسفاط والقطارات، كما عقدت عدة اجتماعات بعمالة الإقليم ترأسها عامل الإقليم وممثلين عن (م.م.ش.ف)، من أجل إيجاد حلول لإشكالية التشغيل. ولما شاع خبر توظيف 5800 منصب في مختلف المراكز الفوسفاطية بالمغرب، وأن عدد الطلبات التي قدمها المعطلون بخريبكة فقط تجاوزت 30ألفا !!! شكك البعض في التزامات ووعود (م.م.ش.ف) ... ومما عمق المشكل هو دخول عمال وأعوان المقاولات المناولة على الخط ومطالبتهم بالإدماج وتحسين ظروف العمل. فمنذ أن فوتت مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (م.م.ش.ف) مجموعة من خدماتها ومهامها إلى مايسمى بالمقاولة المناولة، أغلقت أبواب التوظيف، وأصبحت تتعامل مع المقاولات وفق دفتر للتحملات... لكن المقاولات المناولة التي تشتغل للقيام بمجموعة من الخدمات، من نظافة، حراسة، مناطق خضراء ، صباغة، نجارة ، ترصيص، نقل الفوسفاط ,أستخراج الفوسفاط..إلخ, لها قوانين خاصة بدون مراقبة ولامحاسبة ولامتابعة. وحولت تلك المصالح إلى ضيعات خاصة وإلى «معتقلات سرية». يتم فيها خرق كل القوانين والأعراف والمس بكرامة الإنسان وتحويل الإنسان إلى عبيد وكأن عقارب التاريخ رجعت الوراء إلى عهد الجمر والرصاص.. وتم الوقوف على خروقات هذه المقاولات» المناورة» التي تتفنن في تعذيب عمالها وضربت كل الأرقام القياسية في الخروقات والتجاوزات والإهانات وأعطت نموذجا لما يسمى بالمقاولة المناولة !!!