ظاهرة جرائم الأحداث بالمغرب، وإن كان البعض يعتبرها أمرا عاديا بالمقارنة مع باقي الدول، إلا أنها تبقى ظاهرة جديرة بالمتابعة خاصة مع حجم الجرائم المسجلة خلال سنة واحدة فقط بمدينة الدارالبيضاء، والتي قارب عددها الألف حالة عرضت على أنظار محاكم البيضاء وصدرت أحكام قضائية في شأنها. هذه الجنح والجرائم، التي يتابع بها هؤلاء الأطفال الذين تتخذ في حقهم التدابير الوقائية، يمكن تصنيفهما كالتالي: السرقة العادية، السرقة الموصوفة، الضرب والجرح، العنف ضد الأصول، التشرد، تعاطي الدعارة والاتجار في المخدرات. الفتاة «ن» إحدى التلميذات التي وقعت ضحية الإدمان بواسطة الأقراص المهلوسة بعدما تناولتها من عند أحد الشبان الذي كان يزور المؤسسة لتوزيع سمومه على التلاميذ ، فكان أن انقطعت «ن» عن الدراسة وغادرت المنزل ليستقر بها الحال في آخر المطاف وراء القضبان بالسجن . فكيف وقع كل هذا؟ وما الذي اقترفته لتسجن ؟ ....؟ السقوط في شباك أحد مروجي المخدرات لم تكن الفتاة «ن» وهي لاتزال في ريعان شبابها تعرف شيئا عن الحب ، ولم يطرق باب قلبها أحد من قبل ، ولم تكن تعرف عن هذا الإحساس القوي غير ما تسمعه على لسان بعض صديقاتها في المؤسسة وجليساتها، لقد كان الوقت مبكرا لانغماسها في أحاديث لن تفقه فيها شيئا وقد تدخلها في متاهات تجهل نتائجها ... لم تكن تتخيل يوما أنها ستصبح فتاة مدمنة على تناول الأقراص المهلوسة ولا أن تغادر المؤسسة ، خصوصا وأن أسرتها ميسورة الحال لا ترفض لها طلب ، غير أن هذا لم يمنع الفتاة «ن» من السقوط في شباك أحد مروجي المخدرات الذي كان يزور المؤسسة بين الفينة والأخرى قصد توزيع سمومه بين التلاميذ ، فكان أن اقترب منها محاولا استمالة قلبها بعدما أعجب بها وصار يوجه لها كلمات الغزل ونظرات الغرام ، بل دفع بها إلى استعمال قليلا من " القرقوبي " لتعيش وقتا ممتعا في أجواء غير الأجواء الواقعية ... وهكذا ومع مرور الأيام ، بدأت " ن " تطلب منه جزءا قليلا إلى أن أصبحت مدمنة عليه ولا تستطيع مفارقته حيث اتصلت ذات يوم بالشاب هاتفيا لكي يحضر لها المخدر الذي هي في حاجة ماسة إليه ، حينها تأكد الشاب من وقوعها في شباكه السامة ، فما كان عليه إلا أن ذهب عندها حيث كان الموعد وسلمها المطلوب تم غادرت وهي في قمة الفرح ، بعدها تعددت اللقاءات بينهما لدرجة أصبحت معها تفكر في البقاء معه على طول ، لقد خربت المخدرات عقلها البريء وخدشت جسدها الفاتن. الانقطاع عن الدراسة ومغادرة بيت الأسرة لم تعد تقوى على التفكير ولا على أي شيء الأمر الذي دفع بها إلى مغادرة القسم ثم الانقطاع عن الدراسة بصفة نهائية والتوجه رفقة مروج المخدرات إلى حيث يسكن مع أسرته ، استقرت معه هناك، فأهدته عذريتها وجمال جسدها الفتي ... كل شيء أصبح مباحا بينهما، بينما أهداها بالمقابل سموما مخربة، أضعفت من قواها وشوهت من ملامح وجهها. ظلت عائلة " ن " تبحث عنها في كل مكان دون ملل ولا كلل ، ففلذة كبدهم التي صارت مدمنة على تناول المخدرات لم تستطع العودة إلى بيت أهلها ، مفضلة البقاء مختفية في وضع يدمي القلب ويغضب كل ذي ضمير حي، فتاة في مقتبل العمر تذمر حياتها بشكل خطير بعدما كانت محط ثقة لدى أسرتها التي سوف لن تصدق ما حدث لها ، لقد فضلت العيش في بيت كئيب تاركة كل ما تحتاجه في بيت أهلها ، لقد تحولت حياة " ن " مع الأيام إلى عاشقة " القرقوبي " لا حياة لها ولا هدوء ولا سكينة ولا فرحة ... بدون هذه المادة السامة التي غيرت من كل محاسنها، وأضعفت من جسدها... كل هذا جعل من والد الشاب أن يتدخل وينصح ابنه بالبحث عن حل ووضع حد لهذا الوضع الغير مشرف ، غير أنه حين علم بإدمانها على تناول المخدرات تركها لأمرها وقد ألح على ابنه بعدم تزويدها بتلك السموم ، فما كان عليه سوى أن انتقل رفقتها إلى منزل آخر ليعيشا فيه معا . التلميذة تحاول الانتقام و المحكمة تدينها و عشيقها اتصل الشاب بوالد الفتاة و أخبره بالواقع حيث طلب الوالد منه مساعدتها في الخروج من محنتها ، وذلك بعدم إعطائها المخدر حتى تشفى ثم منحه قدرا من المال كعربون اتفاق بينهما ، وبالفعل فقد أصبح الشاب يتغيب عن المنزل بين الفينة والأخرى ليتركها تعاني لوحدها آلامها مع " القرقوبي " وتأثيره على عقلها فكانت تقاوم وتصارع بعدما توقف عشيقها من مدها بما تريد من الأقراص المهلوسة ، فكانت تثور عليه كلما رأته وتهدده ، مسببة له في حياة مزعجة قد تؤدي به إلى السجن ، فما كان عليه إلا أن غاب عن المنزل أياما ثم عاد ليرق قلبه عليها ويمدها بقليل من " القرقوبي " وهو في حيرة من أمره هل ينفذ طلب الفتاة الضائعة ؟ أم طلب والدها المكلوم في كبده ؟ وبعد تفكير طويل قرر مغادرة البيت وتركها بعدما أن حمل متاعه واختفى ليلا ليعود بعد أسبوع ، وجد فيه " ن " في حالة صعبة بسبب فقدانها للمخدر ، توجهت إليه وطلبت منه أن يمدها بالقليل مستعملة جميع أساليب التوسل لكن الشاب رفض كل ذلك ، فما كان عليها سوى أن أخدت سكينا ووجهت له بواسطته طعنة أصابته بجروح خطيرة نقل على إثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج الذي دام عدة أيام تحمل والد الفتاة مصاريف العلاج على أساس عدم افتضاح الأمر ، غير أن الضابطة القضائية وبعد شفاء الشاب فتحت تحقيقا في الموضوع بعدما علمت بالخبر ، خلال البحث اعترفت " ن " بكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة لعلاقتها مع الشاب الذي اعترف هو الآخر بكل شيء ، وبعد إتمام البحث تم تقديمهما أمام النيابة العامة التي أحالتهما على المحكمة لتقول العدالة كلمتها في النازلة ، وهكذا وبعد رواج الملف في عدة جلسات أصدرت المحكمة حكما قضى بإدانة الشاب بسنتين سجنا نافذا وبإدانة الفتاة «ن» بأربع سنوات سجنا نافذا ...