ظاهرة جرائم الأحداث بالمغرب، وإن كان البعض يعتبرها أمرا عاديا بالمقارنة مع باقي الدول، إلا أنها تبقى ظاهرة جديرة بالمتابعة خاصة مع حجم الجرائم المسجلة خلال سنة واحدة فقط بمدينة الدارالبيضاء، والتي قارب عددها الألف حالة عرضت على أنظار محاكم البيضاء وصدرت أحكام قضائية في شأنها. هذه الجنح والجرائم، التي يتابع بها هؤلاء الأطفال الذين تتخذ في حقهم التدابير الوقائية، يمكن تصنيفهما كالتالي: السرقة العادية، السرقة الموصوفة، الضرب والجرح، العنف ضد الأصول، التشرد، تعاطي الدعارة والاتجار في المخدرات. لم يكن أحد يتصور أن محمد، الذي دل رجال الأمن على مكان جثة الطفلة رباب، وشارك في تشييع جثمانها، هو من أجهز عليها.. فقد كان يبدو هادئا ومتأثرا بهول الجريمة، ربما لإبعاد التهمة عنه. كان محمد، وهو ابن مدينة تازة، يقيم بمركز إعادة التربية بمؤسسة عبد العزيز بن ادريس بفاس قبل أن يفر ويعود إلى مدينته ليستقر مع أهله من دون أن تنتبه إليه السلطات المحلية. أقام محمد مع عائلته وكان يقوم في كل مرة بأعمال شغب بحسب تصريحات الجيران والأصدقاء، لكن تحرشه بالطفلة رباب وردة فعلها التي كانت قوية، بأن أهانته، جعلته يقرر الانتقام منها بأي شكل من الأشكال. صباح 26 دجنبر الماضي ، كانت رباب تلعب قرب منزل عائلتها، لمحها محمد فبدأ ينادي عليها لاستدراجها بحجة مشاهدة أخيها وهو يقوم بعملية تذويب الأسلاك النحاسية. بعفوية طفولية تامة، توجهت نحوه دون أن تدرك أنه يود الانتقام منها لإهانتها له، فقد كانت تظن أن شقيقها يوجد بعين المكان فتوجهت صوبه إلى نفق واد خال من المياه قريب من حائط المولى اسماعيل، وبينما هي تلقي نظرة إلى الأسفل، باغتها محمد و دفعها بقوة لتسقط من علو يزيد عن أربعة أمتار و استقرت في الأسفل، وبعدما شرعت في الصراخ والبكاء وطلب النجدة لحق بها و عندما صرخت في وجهه بأنها ستكشف أمره لشقيقها و والدها، خاف على نفسه وقام بجرها إلى الممر الموجود بالوادي لكي لايراها أحد، هناك لف رأسها بالعلم الوطني ،الذي كان يحمله معه، وبعد أن علا صراخها ضربها بحجرة كبيرة على رأسها تسببت لها في نزيف داخلي وانسحب في هدوء تاركا إياها ملقاة على بطنها و الدم ينزف منها فلم تكن قد ماتت بعد! ظلت تصارع الموت لوحدها ساعات قبل أن تسلم الروح لباريئها . توجه في هدوء إلى منزل والديه، حيث قضى الليلة هناك وفي صباح اليوم الموالي أراد معرفة مصيرها خاصة وأن الأسرة كانت قد جابت الشوارع بمكبر صوت وهي تبحث عنها. دعا أقرانه إلى الذهاب إلى مكان الجريمة للعب هناك وبعد وصولهم، بادر بالصراخ قائلا إنه عثر على جثة، تحول المكان إلى محج للمواطنين ليكتشفوا أن الضحية ليست إلا رباب التي كانت العائلة تبحث عنها. كان الجاني وسط الجمع يراقب عمل الشرطة، تم نقل الجثة لإجراء عملية التشريح. وبعد تشريح الجثة، تبين أن الضحية لم تغتصب ولم تتعرض للعنف، اللهم آثار السقطة من الأعلى والضربة على الرأس . استبعدت الشرطة فرضية الاعتداء الجنسي وتاهت وهي تبحث عن الجاني. شيع جثمان رباب وسط حشد من المواطنين ومن بينهم محمد الذي كان يستطلع مجريات التحقيق . ظن أنه لن يتعرف عليه أحد بالرغم من بصماته التي أخذت من مكان الجريمة، فهو لايتوفر على بطاقة وطنية، إذ لا يتجاوز عمره 16سنة. الصدفة وحدها كانت السبب في الوصول إلى الجاني، فبعد نقاش حاد بمنزل عائلة محمد حول سرقة الهاتف النقال لعمه وأمام استشاطة الوالد غضبا من سلوكات ابنه، قام بتسليمه للدائرة الأمنية وكان ذلك بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من وقوع الجريمة، ليكتشف رجال الأمن أنه فار من مركز إعادة التربية بفاس. لم يكن المحققون يعلمون بأن الماثل أمامهم هو قاتل الطفلة رباب، لكنه كان محل ارتياب، فلا شيء يمنعه من القيام بجريمته، حاصروه بمجموعة من الأسئلة قبل أن ينهار ويعترف بجريمته بحجة أن الضحية كانت تشير اليه بإيماءات بواسطة أصبعها تخل بالأخلاق. أودع محمد سجن الأحداث بتازة وتوبع بتهمة القتل مع سبق الإصرار و الترصد!