ظاهرة جرائم الأحداث بالمغرب، وإن كان البعض يعتبرها أمرا عاديا بالمقارنة مع باقي الدول، إلا أنها تبقى ظاهرة جديرة بالمتابعة خاصة مع حجم الجرائم المسجلة خلال سنة واحدة فقط بمدينة الدارالبيضاء، والتي قارب عددها الألف حالة عرضت على أنظار محاكم البيضاء وصدرت أحكام قضائية في شأنه. هذه الجنح والجرائم، التي يتابع بها هؤلاء الأطفال الذين تتخذ في حقهم التدابير الوقائية، يمكن تصنيف كالتالي: السرقة العادية، السرقة الموصوفة، الضرب والجرح، العنف ضد الأصول، التشرد، تعاطي الدعارة والاتجار في المخدرات. قليلة هي القضايا التي يتابع فيها أحداث بممارسة الدعارة أو الشذوذ الجنسي، فمن المتعارف عليه أن الأطفال غالبا ما يكونون هم ضحايا الاستغلال الجنسي . المثير للاستغراب أن هذه القضايا على قلتها إلا أنها تختزل حكايات لقاصرين وبمحض إرادتهم، قبلوا أن يصبحوا طعما لاصطياد الزبناء والإيقاع بهم وابتزازهم من دون الاعتداء عليهم، كيف ذلك؟ إذا كانت تلك السيدة من قصبة تادلة قد استغلت وضعية ابنتها، فقامت بتدبير خطة للإيقاع «بزبنائها » وابتزاز عائلاتهم بعد ممارسة الجنس معهم بمحض إرادتها وتحصل في الأخير على مبلغ مالي مقبول فتنصرف لحالها، فإن الأمر مختلف تماما بالنسبة لحسن، والذي لايبلغ من العمر سوى ست عشرة سنة. كان وسيما وبنيته الجسدية لاتدل على حقيقة سنه، مورس عليه الشذوذ الجنسي منذ وقت مبكر من طرف أبناء الحي إلى أن التقى بمصطفى ابن الجيران الذي اعتبره «غلامه» ووفر له الحماية . لم يكتف مصطفى بممارسة الجنس على حسن مرات ومرات، بل اهتدى إلى طريقة لجني المال من ورائه، لم لا وهو يملك من الوسامة مايجعله فخا سهلا للإيقاع بضحاياه بسهولة! اقترح مصطفى الفكرة على حسن فرحب بها أشد ترحاب وكانت تتلخص في شكلين من الإبتزاز، الأول أن يرافق حسن «زبونه» إلى منزل معد سلفا وقبل ممارسة الجنس معه يظهر مصطفى على اعتبار أنه الأخ الأكبر لحسن ويتم تجريد «الزبون» من حاجياته وطرده من المنزل وبطبيعة الحال لن يتم التبليغ عن الحادثة تفاديا للفضيحة . الشكل الثاني للابتزاز أن يمارس حسن الجنس مع ضحيته بمنزله على أن يرفض مغادرة المكان إلا بعد الحصول على مبلغ مالي محترم مهددا إياه «بالشوهة» أمام العائلة والجيران، وبالفعل يخضع «الزبون» للضغوطات لتفادي الفضيحة. استمر الحال على هذا الشكل مدة طويلة، لم ينكشف أمرهما بسبب عدم التبليغ، الأمر الذي ساعدهما على تكرار العملية ، وكانت الانترنيت الوسيلة المثلى لاصطياد الضحايا إلى أن كانت المفاجأة و حدث أن سقط حسن في فخ مجموعة أخرى تنهج نفس الطريقة. التقى حسن عبر الانترنيت بأحد الأشخاص، كان يقوم بانتقاء ضحاياه بإتقان، يشترط أن يكون «الزبون» من الميسورين ليكون الصيد ثمينا! ضربا موعدا في أحد شوارع المدينة، التقيا وتوجها إلى المنزل ليفاجأ حسن قبل الوصول إلى المنزل بأن «صيده» ليس سوى صديق أحد ضحاياه والذي أراد الانتقام منه. كان الضحية رفقة مجموعة تتكون من ثلاثة أشخاص تتربص به في مكان خال ، سلبوه هاتفه النقال والقليل من المال الذي كان بحوزته ونظارته الشمسية، ذكره الضحية بالحوار الذي دار بينهما في منزله عندما ابتزه، وبينما هم يشبعونه ضربا مرت دورية للشرطة فألقت القبض على حسن وشخصين من المجموعة وفر الثالث، أخبر حسن الشرطة بأنه تعرض للسرقة وأنهم سلبوه حاجياته، الأمر الذي استدعى نقل الجميع إلى مخفر الشرطة لإنجاز محضر في الموضوع . استدرج المحقق حسن في الكلام لمعرفة تفاصيل الحادثة، فالشخصان الماثلان أمامه لايبدو أنهما من قُطاع الطرق، خاصة بعد أن تعرف على طبيعة عملهما وتضارب تصريحاتهما حول الواقعة، فلابد أن في الأمر سرا. اعترف حسن ببلادة بسبب اعتدائهما عليه، هنا عدل الضابط من جلسته، فالأمر أكبر من مجرد اعتراض سبيل المارة، لقد أصبحت التهمة جاهزة: ممارسة الشذوذ والابتزاز. هذه القضية تحيلنا إلى قضية مماثلة عندما اتفق شخصان كانا نزيلين بسجن للأحداث على تصيد « الزبناء» بنفس هذه الطريقة لكن بمستوى آخر. الشخصان كانا يتصيدان الضحية في شوارع البيضاء ويستدرجانه إلى مكان مظلم ليسلبانه حاجياته، وقد لعبت الصدفة فقط ، دورا في عملية إلقاء القبض عليهما، لتعذر التبليغ خوفا من الفضيحة.